أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 45 - صـ 412

جلسة 23 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري - نواب رئيس المحكمة، وسعيد فهيم.

(86)
الطعن رقم 595 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام المطعون ضدها أمام محكمة الموضوع دون توجيه طلبات إليها. وقوفها من الخصومة موقفاً سلبياً وعدم الحكم عليها بشيء. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لها.
(2) حكم "حجية الحكم" "الطعن في الحكم". صلح. عقد.
تصديق القاضي على عقد الصلح. ماهيته. لا يعد قضاءً له حجية الشيء المحكوم فيه. أثره. عدم جواز الطعن فيه.
(3) صلح. دعوى "التدخل في الدعوى". بطلان. وقوع.
إضرار الصلح بالغير عن طريق الغش. جواز رفع دعوى أصلية ببطلانه أو إبداء الدفع بالبطلان بالتدخل في الدعوى التي حصل فيها الصلح.
(4) التماس إعادة النظر. حكم "الطعن فيه".
التماس إعادة النظر من طرق الطعن غير العادية في الأحكام. ما يصدر من القاضي بموجب سلطته الولائية. عدم جواز الطعن فيه بهذا الطريق. (مثال بشأن عدم جواز الالتماس في تصديق القاضي على عقد الصلح).
1 - لا يكفي فيمن يختصم فى الطعن بالنقض أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيه الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنتان قد اختصمتا المطعون ضدها الثالثة أمام محكمة الموضوع ولم توجه إليها ثمة طلبات ووقفت من الخصومة موقفاً سلبياً ولم تبد دفاعاً فيها ولم يحكم بشيء ضدها وكانت الطاعنتان قد أسستا طعنهما على أسباب خاصة بالمطعون ضدهما الأول والثاني ومن ثم يكون اختصامها في الطعن غير مقبول.
2 - القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة بل تكون مهمته مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق وتوثيقه بمقتضى سلطته الولائية وليس بمقتضى سلطته القضائية ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً وليس حكماً له حجية الشيء المحكوم به وإن أعطى شكل الأحكام عند إثباته ومن ثم لا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام وإنما يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه إلى المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة.
3 - للغير الذي أضر الصلح بحقوقه عن طريق الغش أن يرفع دعوى أصلية ببطلانه أو يبدي الدفع بالبطلان بالتدخل في الدعوى التي حصل فيها الصلح.
4 - إذ كان التماس إعادة النظر من طرق الطعن غير العادية في الأحكام فإن ما يصدر من القاضي بموجب سلطته الولائية لا يجوز الطعن فيه بهذا الطريق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا دعوى التماس إعادة النظر رقم 657 لسنة 1986 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين الملتمس فيهما رقمي 833، 6406 لسنة 1979 مدني كلي الجيزة وقالتا بياناً لذلك إن كل من المطعون ضدهما الأولين أقاما على مورثهم جميعاً الدعويين الصادر فيهما الحكمين محل الالتماس بصحة ونفاذ عقدي بيع صادرين لصالحهما وانتهت صلحاً بالحكمين سالفي البيان، وإذ كان الغش أساساً لهما فقد أقامتا الدعوى، حكمت المحكمة بعدم جواز الالتماس. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 11624 لسنة 104 ق وبتاريخ 20/ 12/ 1988 قضت المحكمة بالتأييد، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة وأبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأخيرة أنها قد اختصمت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها دون أن توجه لها الطاعنتان ثمة طلبات ولم تنازعهما في طلباتهما كما لم يحكم لها أو عليها بشيء فيها.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم فى الطعن بالنقض أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنتان قد اختصمتا المطعون ضدها الثالثة أمام محكمة الموضوع ولم توجه إليها ثمة طلبات ووقفت من الخصومة موقفاً سلبياً ولم تبد دفاعاً فيها ولم يحكم بشيء ضدها وكانت الطاعنتان قد أسستا طعنهما على أسباب خاصة بالمطعون ضدهما الأول والثاني ومن ثم يكون اختصامها في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي بها الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال وبياناً لذلك تقولان إن الحكم إذ لم يناقش شروط انطباق الفقرة الثامنة من المادة 241 من قانون المرافعات ولم يتنبه إلى تمسكهما ببطلان صحيفتي افتتاح الدعويين اللتين صدر فيهما الحكمين الملتمس فيهما لعدم توقيعهما من محام قام الدليل عليه من الإقرار المقدم من المحامي الذي نسب إليه التوقيع عليهما بمحضر الجلسة في الدعوى 11379 لسنة 1983 مدني كلي شمال القاهرة المقدمة منهما ببطلان هذين الحكمين لتوثيقهما الصلح في الدعويين الصادرين فيهما هذا إلى مخالفة هذا الاتفاق للنظام العام لانطوائه على الإضرار بحقهما في الإرث بعد أن أدخل المطعون ضدهما الأول والثاني الغش والتواطؤ على المورث مستغلين كبر سنه وتمكنا من الحصول على الحكمين محل الالتماس، ولم تتح لهما فرصة التدخل فيهما لإثبات ذلك كما لم يناقش الأدلة والقرائن المطروحة على الغش والتواطؤ والتفت عن طلبهما إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وكذا إدخال المحامي الذي نسب إليه التوقيع على صحيفتي الدعويين فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقصه.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أنه لما كان القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة بل تكون مهمته مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق وتوثيقه بمقتضى سلطته الولائية وليس بمقتضى سلطته القضائية ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً وليس حكماً له حجية الشيء المحكوم به وإن أعطي شكل الأحكام عند إثباته ومن ثم لا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام وإنما يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه إلى المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة وللغير الذي أضر الصلح بحقوقه عن طريق الغش أن يرفع دعوى أصلية ببطلانه أو يبدي الدفع بالبطلان بالتدخل في الدعوى التي حصل فيها الصلح وإذ كان التماس إعادة النظر من طرق الطعن غير العادية في الأحكام فإن ما يصدر من القاضي بموجب سلطته الولائية لا يجوز الطعن فيه بهذا الطريق. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.