أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 44 - صـ 271

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، عبد العال السمان نائبي رئيس المحكمة، علي شلتوت وأحمد عبد الرازق.

(338)
الطعن رقم 1851 لسنة 57 القضائية

(1) بيع. بطلان. تسجيل. إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام.
حظر المشرع على مالك المكان بيعه أو جزء منه لمشتر ثان بعقد لاحق بعد سبق بيعه لمشتر آخر. مخالفة هذا الحظر. أثرها. بطلان التصرف بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. لا يغير من ذلك شهر التصرف أو تسجيله. م 82/ 1 ق 49 لسنة 1977.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". قانون. بيع. شيوع.
الأماكن وأجزاء الأماكن التي استهدف المشرع إسباغ الحماية القانونية عليها بموجب تشريعات الأماكن الاستثنائية. المقصود بها. كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً. بيع الحصة الشائعة. عدم اعتباره بيعاً لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن. علة ذلك. مؤداه. بيع الحصة الشائعة في عقار مبنى وإن كان تالياً. لا يلحقه البطلان المنصوص عليه في المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
(3) بيع "التزامات البائع". ملكية "أسباب كسب الملكية". تسجيل. التزام.
انتقال الملكية من البائع إلى المشتري بمجرد التسجيل. تصرف البائع بالبيع إلى مشتر آخر بادر إلى تسجيل عقده. أثره. انتقال الملكية إليه ولو نسب إليه التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله.
(4) بيع "التزامات البائع". دعوى "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. المقصود بها. تنفيذ الالتزام بنقل الملكية تنفيذاًَ عينياً. عدم إجابة المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه ما زال ممكناً.
1- النص في المادة 82/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - أن المشرع حظر على مالك المكان بيعه أو جزء منه لمشتر ثان بعقد لاحق بعد سبق بيعه لمشتر آخر، ورتب على مخالفة هذا الحظر بطلان التصرف اللاحق بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته لأمر ناه دون أن يغير منه شهر ذلك التصرف أو تسجيله.
2- عبارة الأماكن وأجزاء الأماكن التي استهدف المشرع أن يبسط الحماية القانونية الخاصة عليها بموجب الأحكام التي حوتها نصوص تشريعات الأماكن الاستثنائية تحقيقاً لهدفه المنشود منها يقصد بها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً، وكان بيع الحصة الشائعة لا ترد على عين بذاتها وإنما يرد على كل ذرة من ذرات المبيع بقدر الحصة المبيعة فيه فلا تعتبر هذا البيع بيعاً لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن والتي استهدف المشرع إسباغ الحماية عليها، وبالتالي فإن بيع الحصة الشائعة في عقار مبنى وإن كان تالياً لا يلحقه البطلان المنصوص عليه في المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لتجرده من وصف المكان.
3- مفاد المادة التاسع من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بالتسجيل، فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه وتصرف البائع إلى شخص آخر سجل عقده خلصت له الملكية بمجرد التسجيل ولو نسب إليه التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله.
4- المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فلا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا ثبت أن المبيع لازال مملوكاً للبائع وأن انتقال الملكية، منه إلى المشتري ممكن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 6159 لسنة 1982 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون ضدهم بطلب الحكم أولاً - ببطلان عقد البيع الصادر من المطعون ضدهما الأول والخامس للمطعون ضدها الأخيرة المشهر تحت رقم 4816 لسنة 1980 عن حصة قدرها 714/ 1000 س، 13ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة ثانياً - بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 11/ 1977 الصادر من المطعون ضدهم والمتضمن بيعهم لها كامل أرض وبناء العقار السالف بيع حصة فيه للمطعون ضدها الأخيرة لقاء ثمن مقداره 6500 جنيه، وقالت بياناً لدعواها إن المطعون ضدهم باعوا لها بموجب عقد البيع المؤرخ 15/ 11/ 1977 كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 6500 جنيه واتفق فيه على حقها في تحصيل ريع العقار ابتداء من أول ديسمبر سنة 1977 على أن تسلم المطعون ضدهم ما يخصهم من الريع بالنسبة لباقي الثمن إلا أنها فوجئت عند نظر الدعوى المستعجلة رقم 3453 لسنة 1981 التي أقامتها ضد المستأجرين لتوقفهم عن سداد الإيجار بتدخل المطعون ضدها الأخيرة فيها طالبة رفضها بمقولة شرائها بموجب عقد البيع المؤرخ 13/ 4/ 1978 والمشهر تحت رقم 4816 لسنة 1980 شمال القاهرة من المطعون ضدها الأول والخامس حصة مقدارها 714/ 1000 س، 13 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار المبيع للطاعنة من المطعون ضدهم وإذ كان العقد الأخير باطلا بطلاناً مطلقاً استناداً لنص المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لسبق بيع المطعون ضدهم لها العقار المبيع فيه تلك الحصة، ويترتب على بطلانه صحة البيع الصادر لها فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بمطلبيها سالفي البيان ثم قصرت الطاعنة طلباتها في خصوص صحة عقدها على القدر المبيع لها من المطعون ضدهما الأول والخامس وبتاريخ 8 من يناير سنة 1985 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1533 لسنة 102 ق طالبة إلغاءه والحكم لها بطلبيها وبتاريخ 16 من أبريل سنة 1987 حكمت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعي بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والغموض، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة في القضيتين 1876 لسنة 1978، 2587 لسنة 1982 جنح روض الفرج في حين أنه لا حجية لهما في الدعوى المدنية المطروحة وانتهي لتأييد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى رغم أنه أقيم على دعامة وحيدة تتعارض مع أسبابه من غير أن يبين أخذه بها فضلاً عن خطئها لتأثيم البيع الثاني وتقرير بطلانه بنص المادة 82 من القانون 49 لسنة 1977 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان النص في المادة 82/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أجر مكاناً أو جزءاً منه أو باعه، ولو بعقد غير مشهر، أو مكن آخر منه وكان ذلك التأجير أو البيع أو التمكين على خلاف مقتضى عقد سابق، ولو غير مشهر، صادر منه أو من نائبه أو من أحد شركائه أو نائبيهم ويفترض علم هؤلاء بالعقد السابق الصادر من أيهم" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - أن المشرع حظر على مالك المكان بيعه أو جزء منه لمشتر ثان بعقد لاحق بعد سبق بيعه لمشتر آخر، ورتب على مخالفة هذا الحظر بطلان التصرف اللاحق بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته لأمر ناه دون أن يغير منه شهر ذلك التصرف أو تسجيله، وكانت عبارة الأماكن وأجزاء الأماكن التي استهدف المشرع أن يبسط الحماية القانونية الخاصة عليها بموجب الأحكام التي حوتها نصوص تشريعات الأماكن الاستثنائية تحقيقاً لهدفه المنشود منها يقصد بها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً، وكان بيع الحصة الشائعة لا يرد على عين بذاتها وإنما يرد على كل ذرة من ذرات المبيع بقدر الحصة المبيعة فيه فلا تعتبر هذا البيع بيعاً لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن والتي استهدف المشرع إسباغ الحماية عليها، وبالتالي فإن بيع الحصة الشائعة في عقار مبنى وإن كان تالياً لا يلحقه البطلان المنصوص عليه في المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لتجرده من وصف المكان، لما كان ذلك وكان الثابت أن عقد البيع اللاحق المؤرخ 13/ 4/ 1978 الصادر من المطعون ضدهما الأول والخامس إلى المطعون ضدها الأخيرة قد أنصب على حصة شائعة من عقار النزاع، فإن هذا البيع يكون بمنأى عن البطلان المنصوص عليه في المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإن خلص الحكم إلى رفض ما طلبته الطاعنة من بطلان هذا العقد يكون قد انتهي إلى نتيجة صحيحة ويكون ما نعته الطاعنة عليه بشأن اعتداده بحجية الحكم الجنائي - أياً كان وجه الرأي فيه، غير منتج، لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة التاسع من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بالتسجيل فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه وتصرف البائع إلى شخص آخر سجل عقده خلصت له الملكية بمجرد التسجيل ولو نسب إليه التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله، وأن المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فلا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا ثبت أن المبيع لازال مملوكاً للبائع وأن انتقال الملكية منه إلى المشتري ممكن، ولما كان الواقع الثابت في الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهما الأول والخامس باعا للطاعنة بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/ 11/ 1977 حصتهما الميراثية في كامل أرض وبناء عقار النزاع المملوك لهما وباقي المطعون ضدهم، ثم باعا ذات الحصة الشائعة ومقدارها 745/ 1000 س، 13 ط من عقار النزاع بالعقد المؤرخ 13/ 4/ 1978 إلى المطعون ضدها الأخيرة التي سجلت عقد شرائها برقم 4816 لسنة 1980 شمال القاهرة فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص بناء على ذلك في أسبابه التي أنشأها لقضائه إلى أن الملكية قد انتقلت من البائعين إلى المطعون ضدها الأخيرة ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنة في شأن طلب الحكم بصحة ونفاذ عقدها يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بباقي أسباب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.