أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 44 - صـ 431

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي وعبد الجواد هاشم نواب رئيس المحكمة.

(363)
الطعن رقم 803 لسنة 57 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار" "ترك العين المؤجرة".
ترك العين المؤجرة. شرطه. هجر المستأجر الإقامة فيها على وجه نهائي بنية تخليه عن العلاقة الإيجارية طواعية واختياراً. تخلف ذلك. أثره. عدم تحققه في معنى المادة 29 ق 49 لسنة 1977. (مثال بشأن إيجار أجنبي).
نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن الترك الذي يجيز لهؤلاء المقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة وبالامتداد القانوني في مفهوم هذه المادة، هو الترك الفعلي من جانب  المستأجر مع بقاء من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك بشرط استمرار عقد إيجاره مع المؤجر قائما، ويجب أن يتوافر في الترك عنصران أولهما مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي والثاني معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة فيها عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية للغير مما لازمه أن يكون ترك المستأجر الإقامة بالعين المؤجرة وتخليه عنها لغيره بمحض إرادته عن طواعية واختيار، فإذا ما تخلف هذا الشرط بأن حيل بين المستأجر والإقامة بالعين لأي سبب كان لا دخل لإرادته فيه فلا تتحقق حالة الترك التي عناها المشرع بالمادة 29 سالفة البيان، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن قراراً وزارياً صدر بإنهاء إقامة المطعون ضده الأول المستأجر الأصلي لعين النزاع وإبعاده عن البلاد نفذ بتاريخ 12/ 5/ 1979 بمغادرتها نهائياً، فإن تخليه عن العين المؤجرة نفاذاً لهذا القرار يكون قد تم قسراً لسبب لا دخل لإرادته فيه مما يترتب عليه انحلال عقد إيجاره بقوة القانون لاستحالة تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه، وبالتالي فلا تقوم حالة ترك العين المؤجرة من جانبه لشقيقه المطعون ضده الثاني مما لا يخول الأخير حقاً في امتداد عقد إيجار تلك العين تطبيقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب قضاءه بامتداد عقد الإيجار محل النزاع إلى المطعون ضده الثاني على أن المطعون ضده الأول قد تركها له عند مغادرته البلاد نهائياً بتاريخ 12/ 5/ 1979 تنفيذاً للقرار الوزاري بإنهاء إقامته وإبعاده، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 8785 لسنة 1981 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على أولهما في مواجهة الثاني بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1969 وتسليمها الشقة المبينة بالصحيفة خالية، وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول الفلسطيني الجنسية يستأجر منها هذه الشقة بموجب ذلك العقد، وإذ انتهت إقامته بالبلاد وتنازل عنها لشقيقه المطعون ضده الثاني دون تصريح منها فقد أقامت الدعوى بمطلبيها سالفي البيان، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدي محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5100 لسنة 100 قضائية، فأحالت الدعوى إلي التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 5 من يناير سنة 1987 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه على أن انتهاء إقامة المطعون ضده الأول بالبلاد ومغادرته لها نفاذاً للقرار الوزاري بإبعاده بتاريخ 12/ 5/ 1979 لا يترتب عليها انتهاء عقد إيجاره للعين محل النزاع بقوة القانون به يعتبر تركاً لها بقصد التخلي عن العلاقة الإيجارية لصالح شقيقه المطعون ضده الثاني الذي كان يقيم معه فيمتد عقد الإيجار إليه وفقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في حين أن الترك المعول عليه في حكم هذا النص هو الترك الإرادي من جانب المستأجر مما لا ينطبق على إبعاد المطعون ضده الأول من البلاد وإنهاء إقامته بها بموجب القرار سالف الذكر إذ لا يصح القول في هذه الحالة بأنه قد تخلي عن عين النزاع وتركها للمطعون ضده الثاني بمحض إرادته، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلافاً لذلك فهذا مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن "مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجته أو أولاده أو أي من والديه الذين كانونا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك..........." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الترك الذي يجيز لهؤلاء المقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة وبالامتداد القانوني في مفهوم هذه المادة، هو الترك الفعلي من جاني المستأجر مع بقاء من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك بشرط استمرار عقد إ يجاره مع المؤجر قائما، ويجب أن يتوافر في الترك عنصران أولهما مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي والثاني معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة فيها عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية للغير مما لازمه أن يكون ترك المستأجر الإقامة بالعين المؤجرة وتخليه عنها لغيره بمحض إرادته عن طواعية واختيار، فإذا ما تخلف هذا الشرط بأن حيل بين المستأجر والإقامة بالعين لأي سبب كان لا دخل لإرادته فيه فلا تتحقق حالة الترك التي عناها المشرع بالمادة 29 سالفة البيان، لما كان ذل، وكان الثابت من الأوراق أن قراراً وزارياً صدر بإنهاء إقامة المطعون ضده الأول المستأجر الأصلي لعين النزاع وإبعاده عن البلاد نفذ بتاريخ 12/ 5/ 1979 بمغادرتها نهائياً، فإن تخليه عن العين المؤجرة نفاذاً لهذا القرار يكون قد تم قسراً لسبب لا دخل لإرادته فيه مما يترتب عليه انحلال عقد إيجاره بقوة القانون لاستحالة تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه، وبالتالي فلا تقوم حالة ترك العين المؤجرة من جانبه لشقيقه المطعون ضده الثاني مما لا يخول الأخير حقاً في امتداد عقد إيجار تلك العين إليه تطبيقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب قضاءه بامتداد عقد الإيجار محل النزاع إلى المطعون ضده الثاني على أن المطعون ضده الأول قد تركها له عند مغادرته البلاد نهائياً بتاريخ 12/ 5/ 1979 تنفيذاً للقرار الوزاري بإنهاء إقامته وإبعاده، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء للمستأنفة بطلباتها في الدعوى.