أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 48 - صـ 853

جلسة الأول من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، خيري فخري، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وفتحي محمد حنضل.

(166)
الطعن رقم 3669 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الخصوم في الطعن".
وجوب اختصام الطاعن لخصومه المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله ما لم يكن اختصام الأخيرين واجباً بنص القانون.
(2) عقد "تكييف العقد". محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف العقد".
التعرف على قصد المتعاقدين من سلطة محكمة الموضوع. تكييفه القانوني وإنزال حكم القانون عليه. مسألة قانونية. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
(3، 4) هبة. عقد.
(3) اشتراط المقابل في الهبة. أثره. التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام وتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع. لا يُعد هبة.
(4) التزام الطاعن بتمليك الجهة الإدارية الأرض موضوع التداعي لإقامة موقف للسيارات عليها وقبولها ذلك وإقامته للمشروع المتفق عليه. عقد معاوضة غير مسماة. لا تجب الرسمية لانعقاده ولا يجوز الرجوع فيه. لا ينال من ذلك ورود ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة فيه.
(5) أموال "أموال عامة". ملكية.
حق الجهة الإدارية في التصرف في العقارات التي دخلت في ملكها العام أو في المشروع ذي النفع العام وفقاً لما تراه محققاً للصالح العام.
(6) حكم "تسبيب الحكم". نقض "سلطة محكمة النقض". عقد "تكييف العقد".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. النعي عليه بخطئه في تكييف العقد. غير منتج.
لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ في التكييف القانوني طالما لم تعتمد في ذلك على غير ما حصله الحكم من وقائع ثابتة.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجب على الطاعن أن يقتصر عن توجيه طعنه على خصومة المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله ما لم يكن اختصام هؤلاء واجباً بنص القانون, وكان الحكم الابتدائي قد قضي بعدم قبول الدعوى فاستأنفه المطعون عليه الأول فقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقدين الصادرين من الطاعن ومورث باقي المطعون عليهم في موضوع يقبل التجزئة فإن اختصام الطاعن للمحكوم عليهم مثله يكون غير مقبول ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني للأخيرة.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان من العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصد المتعاقدان وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - وإذ كانت الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحصنة التي يجب أن توثق وبعقد رسمي وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة في القانون المدني من وجوب إفراغه في ورقة رسمية.
4 - لما كان الثابت من الأوراق - وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه - أنه بمقتضي العقد المؤرخ 11/ 11/ 1977 التزم الطاعن بتمليك الوحدة المحلية المذكورة الأرض موضوع التداعي لإقامة موقف للسيارات الأجرة عليها, وأن الجهة الإدارية قبلت ذلك منه وتسلمت هذه الأرض وأقامت بها المشروع المتفق عليه, فإن التعاقد الذي تم بين طرفيه هو عقد من عقود المعاوضة غير المسماة, ولا يعتبر عقد هبة فلا تجب الرسمية لانعقاده ولا يجوز الرجوع فيه, وذلك على الرغم مما يكون وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة, إذ أن هذه الألفاظ إنما تساق لبيان الباعث وراء التصرف دون أن تؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته سالفة البيان.
5 - وإذ كان للجهة الإدارية أن تتصرف في العقارات التي دخلت في ملكها العام أو في المشروع ذي النفع العام وفقاً لما تراه بمطلق تقديرها - محققاً للصالح العام طالما أنه لا يمنعها من ذلك ثمة قيد أو شرط, فإنه لا يجدي الطاعن ما تمسك به من أن الجهة الإدارية عرضت الأرض محل العقد للبيع بالمزاد العلني بما يجيز له الرجوع فيما قدم مساهمة منه في المشروع.
6 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة قانوناً - بقضائه بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 11/ 11/ 1977 فإنه لا يعيبه ما وقع فيه الخطأ في تكييفه العقد بأنه هبة لو تفرغ في شكلها الرسمي وقام الواهب مختاراً بتنفيذها إذ لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ في التكييف القانوني للعقد وأن تصحح ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - دون نقض الحكم - طالما لم تعتمد في ذلك على غير ما حصله الحكم المطعون فيه من وقائع ثابتة به ومن ثم يكون النعي غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته أقام الدعوى رقم 332 سنة 1983 مدني الإسماعيلية الابتدائية ضد الطاعن ومورث باقي المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي التنازل المؤرخين 11/ 11/ 1977, 26/ 9/ 1979 وجعلهما في قوة السند التنفيذي الناقل للملكية, وقال بياناً لذلك إنه بموجب العقد المؤرخ 11/ 11/ 1977 تنازل له الطاعن عن مساحة 1000 م2 أرض فضاء مبينة بالصحيفة لإقامة مشروع موقف لسيارات الأجرة بالمدينة. وبموجب العقد الثاني تنازل له مورث المطعون عليهم المذكورين أيضاً عن مساحة 500 م2 أرض فضاء مبينة بالصحيفة وقد قبل ذلك التنازل منها وتسلم الأرض جميعها وقام بتنفيذ المشروع عليها, وإذ امتنعا عن تسجيل هذه الأرض بالشهر العقاري ونقل ملكيتها له فقد أقام الدعوى. بتاريخ 12/ 4/ 1987 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 228 سنة 12 ق, وبتاريخ 19/ 7/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقدي التنازل العرفيين المؤرخين 11/ 11/ 1977, 26/ 9/ 1979 موضوع التداعي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني حتى التاسعة وأبدت الرأي برفض الطعن. وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجب على الطاعن أن يقتصر عن توجيه طعنه على خصومة المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله ما لم يكن اختصام هؤلاء واجباً بنص القانون وكان الحكم الابتدائي قد قضي بعدم قبول الدعوى فاستأنفه المطعون عليه الأول فقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وصحة ونفاذ العقدين الصادرين من الطاعن ومورث باقي المطعون عليهم في موضوع يقبل التجزئة فإن اختصام الطاعن للمحكوم عليهم مثله يكون غير مقبول ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني للأخيرة.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن التكييف القانوني للعقد الصادر منه تبرعاً بأرض التداعي للوحدة المحلية أنه هبة مدنية لم تُفرغ في الشكل الرسمي اللازم لانعقاده مما يترتب عليه بطلانه والدعوى به غير مقبولة كما قضت بذلك محكمة أول درجة، وإذ كان ذلك التبرع مشروطاً بتخصيص هذه الأرض للمنفعة العامة بإقامة موقف لسيارات الأجرة عليها إلا أن المطعون عليه الأول بصفته خالف هذا الغرض، وعرض الأرض للبيع بالمزاد العلني بما يجيز له الرجوع فيما وهب، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري ولم يعن ببحثه أو تحقيقه وأقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد على ما ذهب إليه من تنفيذ الواهب عقد الهيئة الذي لم يستكمل شكله الرسمي وتسليم العين الموهوبة للمطعون عليه الأول مانع من استردادها أو الرجوع في الهبة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان من العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدين وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، وأن الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة التي يجب أن توثق وبعقد رسمي وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشرع لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة في القانون المدني من وجوب إفراغه في ورقة رسمية. لما كان الثابت من الأوراق - وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه - أنه بمقتضي العقد المؤرخ 11/ 11/ 1977 التزم الطاعن بتمليك الوحدة المحلية المذكورة الأرض موضوع التداعي لإقامة موقف للسيارات الأجرة عليها, وأن الجهة الإدارية قبلت ذلك منه وتسلمت هذه الأرض وأقامت بها المشروع المتفق عليه, فإن هذا التعاقد الذي تم بين طرفيه هو عقد من عقود المعاوضة غير المسماة, ولا يعتبر عقد هبة فلا تجب الرسمية لانعقاده ولا يجوز الرجوع فيه, وذلك على الرغم مما يكون وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة, إذ أن هذه الألفاظ إنما تساق لبيان الباعث وراء التصرف دون أن تؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته سالفة البيان، و كان للجهة الإدارية أن تتصرف في العقارات التي دخلت في ملكها العام أو في المشروع ذي النفع العام وفقاً لما تراه - بمنطق تقديرها - محققاً للصالح العام طالما أنه لا يمنعها من ذلك ثمة قيد أو شرط, فإنه لا يجدي الطاعن ما تمسك به من أن الجهة الإدارية عرضت الأرض محل العقد للبيع بالمزاد العلني بما يجيز له الرجوع فيما قدم مساهمة في المشروع. لما كان ما تقدم وكان البين أن الطاعن أسقط من ملكه ما قدمه للجهة الإدارية طواعية واختياراً وتلاقي ذلك بقبول الجهة الإدارية التي تسلمت منه الأرض ونفذت عليها المشروع المتفق عليه فإن العقد يكون قد انعقد صحيحاً بين طرفيه، نافذاً غير جائزاً الرجوع فيه من الطاعن، لما كان الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة قانوناً - بقضائه بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 11/ 11/ 1977 فإنه لا يعيبه ما وقع فيه الخطأ في تكييفه العقد بأنه هبة لو تفرغ في شكلها الرسمي وقام الواهب مختاراً بتنفيذها إذ لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ في التكييف القانوني للعقد وأن تصحح ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - دون نقض الحكم - طالما لم تعتمد في ذلك على غير ما حصله الحكم المطعون فيه من وقائع ثابتة به ومن ثم يكون النعي غير منتج ويتعين رفض الطعن.