مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 399

(50)
جلسة 16 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني - المستشارين.

القضية رقم 124 لسنة 11 القضائية

موظف. تعليم حر "ضم مدد الخدمة السابقة"
مناط تقدير خضوع أو عدم خضوع إحدى المدارس لتفتيش وزارة التربية والتعليم هو ما تقرره الوزارة ذاتها حسبما هو وارد بسجلاتها - ضم مدة الخدمة التي قضيت بالمدارس الحرة وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 152 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 يستلزم أن تكون هذه المدد قد قضيت بالمدارس الحرة الخاضعة لتفتيش الوزارة.
إن المناط في تقرير خضوع أو عدم خضوع إحدى المدارس لتفتيش الوزارة هو ما تقرره وزارة التربية والتعليم ذاتها في هذا الصدد حسبما هو ثابت بسجلاتها، فإذا ما أهدرت المحكمة رأي الوزارة في هذا الخصوص اعتماداً منها على مستندات غير رسمية كانت تحت يد المدعي وشككت الوزارة في صحتها بالدليل المقنع، فإنها تكون بذلك قد جانبت الصواب، وتكون قد أضفت على المدرسة المذكورة - بغير دليل سائغ من الأوراق - صفة الخضوع لتفتيش وزارة التربية والتعليم على غير أساس، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك ضم ثلاثة أرباع مدة الخدمة التي يزعم المدعي قضاءها بالمدرسة المذكورة إعمالاً لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، ورقم 942 لسنة 1962 اللذين يستلزمان في المدة المضمومة أن تكون قد قضت بالمدارس الحرة الخاضعة لتفتيش الوزراء، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 61 لسنة 10 القضائية ضد السيد وزير التعليم بصفته، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 11 من نوفمبر سنة 1962، طلب فيها "الحكم بتسوية حالة المدعي وضم مدة خدمته السابقة من أكتوبر سنة 1945 إلى 15 من إبريل سنة 1960 في الدرجة والمرتب والمعاش" ثم عدل طلباته بالمذكرة المؤرخة 18 من مايو سنة 1962 المقدمة بجلسة 20 من مايو سنة 1963 إلى طلب الحكم "بضم مدة خدمته السابقة من 10 من سبتمبر سنة 1936 حتى 27 من يونيه سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار في الدرجة والمرتب والمعاش وبصرف الفروق المالية مع إلزام الوزارة بالمصروفات والأتعاب" وقال بياناً لدعواه أنه كان مدرساً بالتعليم الحر بمدرسة نهضة القداسة للبنين بأسيوط منذ سنة 1936 حتى سنة 1944 ثم نقل منها إلى مدرسة نهضة القداسة للبنات بأسيوط وظل بها إلى أن عين بالحكومة في 4 من أكتوبر سنة 1952 على بند الإعانات بمرتب شهري قدره خمسة جنيهات، وفي 16 من إبريل سنة 1960 صدر قرار بتعيينه في الدرجة التاسعة اعتباراً من 20 من يونيه سنة 1959، وقد تقدم بعدة طلبات لحساب مدة خدمته السابقة في الدرجة والمرتب والمعاش كان آخرها الطلب الذي تقدم به في 28 من مارس سنة 1962 إثر صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962، إلا أن الوزارة لم تستجب لطلبه مع أن المدارس التي قضى بها مدة التعليم الحر كانت خاضعة لتفتيش وزارة المعارف طبقاً لما يبين من سجلات هذه المدارس التي قدمها والثابت بها تقرير السادة المفتشين. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بمذكرة مؤرخة 29 من ديسمبر سنة 1962 جاء بها أن المدة التي يطالب المدعي بضمها تنقسم إلى قسمين أولهما المدة من أول سبتمبر سنة 1936 إلى 3 من أكتوبر سنة 1952 التي قضاها المدعي بمدرسة نهضة القداسة بأسيوط، وهي مدرسة لم تكن خاضعة للتفتيش الفني بوزارة التربية والتعليم، ومن ثم فلا يجوز النظر في ضمها، وثانيهما المدة من 4 من أكتوبر سنة 1952 إلى 27 من يونيه سنة 1959 التي قضاها المذكور على بند الإعانات الحكومي بمرتب قدره خمسة جنيهات، وإذ كان هذا المرتب أقل من بداية مربوط الدرجة التاسعة التي عين عليها اعتباراً من 28 من يونيه سنة 1959 فإن هذه المدة بدورها لا يجوز النظر في ضمها. كما قدمت الجهة الإدارية مذكرة أخرى مؤرخة 3 من يونيه سنة 1964 ضمنتها تقرير مفتش التحقيقات الذي ندبته مديرية التربية والتعليم بأسيوط لفحص المستندات المرفقة بملف الدعوى والمقدمة من المدعي، وقد انتهى المفتش في هذا التقرير إلى عدم اطمئنانه إلى سجلات مدرسة القداسة الكندرية بأسيوط المقدمة من المدعي لأنها تفتقد الشروط الأساسية الواجب توافرها في السجلات عامة لإمكان الوثوق بصحة البيانات التي تضمنتها، وذلك لعدة أسباب أفاض التقرير في سردها من بينها عدم ختمها بخاتم المدرسة على كل صحيفة فيها طبقاً للتعليمات، وعدم تسلسل تواريخ التقارير المدونة بها، واختلاف الحبر المدونة به ودرجة حداثته، واحتفاظ المدعي بها مدة طويلة، وبجلسة 29 من أكتوبر سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية "بقبول الدعوى شكلاً، وفي موضوعها بأحقية المدعي في ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته بالتعليم الحر من أول سبتمبر سنة 1936 حتى 3 من أكتوبر سنة 1952 إلى مدة خدمته الحالية، وفي حسابها في المعاش وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وألزمت طرفي الدعوى المصروفات مناصفة". وأقامت قضاءها على أن الجهة الإدارية لم تنازع المدعي في صحة ثبوت خدمته بالتعليم الحر بمدرسة القداسة بأسيوط التي تبدأ من أول سبتمبر سنة 1936 وتنتهي في 3 من أكتوبر سنة 1952، بل إن كل ما ذهبت إليه في شأنها هو أن هذه المدة قد قضيت في مدرسة لم تكن خاضعة لتفتيش الوزارة الفني الأمر الذي يتنافى مع الثابت من الاطلاع على دفتري التفتيش الفني على مدرسة القداسة بأسيوط عن السنوات الدراسية 1941، 1942، 1945، 1946، 1947 اللذين أودعهما المدعي والمدونة بهما تقارير المفتشين الفنيين في جميع المواد الدراسية وهي التقارير الموقعة من هؤلاء المفتشين بما يثبت خضوع هذه المدرسة لتفتيش الوزارة، دون أن تؤثر في ذلك الاعتراضات الشكلية التي أثارتها الوزارة للتشكيك في الاطمئنان إلى صحة ما تضمنه هذان الدفتران. أما عن المدة التالية التي قضيت على بند الإعانات فإنه لا يجوز ضمها لأن مرتب المدعي خلالها كان خمسة جنيهات، وهو يقل عن أول مربوط الدرجة التاسعة التي عين عليها اعتباراً من 28 من يونيه سنة 1959.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدرسة التي يزعم المدعي قضاء مدة خدمته السابقة بها لم تكن خاضعة لتفتيش وزارة التربية والتعليم، وأنه عندما تقدم المذكور بسجلات المدرسة التي كانت تحت يده للتدليل على عكس ذلك نازعت الوزارة في صحة هذه المستندات ولم تسلم بها أو بما تضمنته وقدمت الأدلة التي تؤيد شكوكها فيها، ومن ثم فإن الوزارة تنازع في المدة التي يزعم المدعي قضاءها في هذه المدرسة، كما تنازع في خضوع المدرسة المذكورة لتفتيش وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق، أن وزارة التربية والتعليم قد أصرت في جميع مراحل الدعوى على أن مدرسة نهضة القداسة التي يطالب المدعي بضم ثلاثة أرباع مدة خدمته فيها - لم تكن خاضعة لتفتيش الوزارة، ولما كانت الوزارة قد ندبت أحد مفتشيها لفحص السجلات والمستندات التي قدمها المدعي إلى المحكمة الإدارية نظراً إلى تشككها في هذه الواقعة وكان هذا المفتش قد انتهى إلى عدم الاعتداد بهذه المستندات لافتقادها الشروط الأساسية الواجب توفرها في السجلات حتى يمكن الوثوق بصحة البيانات التي تضمنتها ودلل على ذلك بأدلة مقنعة ضمنها تقريره، فإنه ما كان يسوغ للمحكمة الإدارية أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى الوزارة وما كونت فيه عقيدتها واقتناعها من دلائل وشواهد وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص صحة أو عدم صحة هذه الواقعة، ذلك أن المناط في تقرير خضوع أو عدم خضوع أحد المدارس لتفتيش الوزارة هو ما تقرره وزارة التربية والتعليم ذاتها في هذا الصدد حسبما هو ثابت بسجلاتها، فإذا ما أهدرت المحكمة رأى الوزارة في هذا الخصوص اعتماداً منها على مستندات غير رسمية كانت تحت يد المدعي وشككت الوزارة في صحتها بالدليل المقنع، فإنها تكون بذلك قد جانبت الصواب، وتكون قد أضفت على المدرسة المذكورة - بغير دليل سائغ من الأوراق - صفة الخضوع لتفتيش وزارة التربية والتعليم على غير أساس، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك ضم ثلاثة أرباع مدة الخدمة التي يزعم المدعي قضاءها بالمدرسة المذكورة إعمالاً لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، ورقم 942 لسنة 1962 اللذين يستلزمان في المدة المضمومة أن تكون قد قضيت بالمدارس الحرة الخاضعة لتفتيش الوزارة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.