مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 403

(51)
جلسة 17 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.

القضية رقم 1238 لسنة 9 القضائية

( أ ) - عامل "كادر العمال" - تطبيق الكادر ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية - الطائفة الأولى: هي طائفة العمال الدائمين الموجودين وقت تنفيذه وتحققت فيهم شروطه - والطائفة الثانية تتناول من عداهم من العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً.
(ب) - عامل "تعيين". عامل مؤقت.
المركز القانوني للعامل يتحدد طبقاً للقرار الصادر بتعيينه وفق أوضاع الميزانية - استطالة الخدمة لا تقلب صفته المؤقتة إلى دائمة.
1 - إن كان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن تطبيق كادر العمال ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع مغاير عن الأخرى، الطائفة الأولى وهي طائفة العمال الموجودين بالخدمة فعلاً وقت تنفيذه وتحققت فيهم شروطه وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي مقتضاه أن تحسب لهم ترقيات اعتبارية في مواعيدها في الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مالية، وأما الطائفة الثانية فتتناول من عداهم من العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً وهؤلاء يخضعون لأحكامه بما أورده على الترقية من قيود كما يخضعون للقواعد العامة للترقية، إلا أن قضاء هذه المحكمة لم يذهب إلى أن الطائفة الأولى وهي طائفة العمال الموجودين في الخدمة وقت صدور الكادر تسرى عليهم أحكامه سواء كانوا دائمين أو مؤقتين.
2 - إن العامل متى عين بصفة مؤقتة وتخصصت طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني في علاقته بالحكومة عند تعيينه على هذا النحو بالقرار الصادر بهذا التعيين وفق أوضاع الميزانية فإن استطالة خدمته لا تقلب صفته المؤقتة إلى دائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 331 لسنة 10 قضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بموجب صحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 31/ 1/ 1963 بعد أن صدر بتاريخ 8/ 1/ 1963 قرار بقبول طلب معافاته من الرسوم وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بخدمة مصلحة الميكانيكا والكهرباء (طلمبات المكس) في 1/ 5/ 1919 بوظيفة صبي، وفي 1/ 5/ 1924 تغيرت مهنته إلى صانع غير دقيق وفي سنة 1949 رقى إلى درجة صانع دقيق، وفي سنة 1957 رقى إلى درجة صانع دقيق ممتاز، وعقب على ذلك بقوله أن أحكام كادر العمال تقضي بتسوية حالته على نحو أفضل يحقق المساواة بينه وبين أقرانه، وطلب في ختام صحيفة دعواه الحكم باستحقاقه تسوية حالته طبقاً لأحكام هذا الكادر مع تدرج حالته ابتداء من درجة صبي التي يستحقها من تاريخ التحاقه بالخدمة وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بقولها إن المدعي عين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بمهنة صبي في 19/ 10/ 1918 ثم تدرج أجره بالزيادات حتى وصل إلى 100 مليم ورقى إلى مساعد سمكري في 1/ 4/ 1930 ثم توقفت الزيادات والتعديلات بالنسبة إليه وإلى جميع عمال المصلحة حتى عام 44/1945 (حيث كان يجرى إعداد كادر العمال)، وعندما صدر هذا الكادر قامت المصلحة بتشكيل لجنة سميت بلجنة الكادر للنظر في تسويات حالة عمال المصلحة ومن بينهم المدعي وقد سويت حالته على النحو الآتي: 30 مليماً في مهنة صبي اعتباراً من 19/ 10/ 1918 حتى وصل أجره إلى 85 مليماً، ثم رقى إلى سمكري غير دقيق 200/360 مليماً بأجر قدره 240 ملياً اعتباراً من 1/ 5/ 1924 وتدرج أجره بالزيادات حتى بلغ 360 مليماً في 1/ 5/ 1936 ورقى بعدها إلى درجة دقيق 300/500 اعتباراً من 1/ 5/ 1945 ومنح علاوة ترقية وصل بها أجره إلى 380 مليماً ثم تدرج بالزيادات حتى وصل إلى 460 مليماً في 1/ 5/ 1956، وقد رقى بعدها إلى درجة دقيق ممتاز 360/700 ومنح علاوة ترقية بلغ بها أجره 480 ملياً اعتباراً من 14/ 9/ 1957 وتدرج إلى أن وصل 540 مليماً، ونظراً لأن المدعي وغيره من عمال المصلحة كانوا يصرفون أجورهم على اعتماد إجمالي وارد بالميزانية غير مقسم إلى درجات وإنما يجرى تقسيمه داخلياً بمعرفة المصلحة فقد انتهى ديوان الموظفين إلى عدم تطبيق كادر العمال عليهم أخذاً بما استقر عليه الرأي من أن العامل متى عين بصفة مؤقتة وتخصصت طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني في علاقته بالحكومة عند تعيينه وفق أوضاع الميزانية فإنه يخرج بذلك عن نطاق أحكام كادر العمال، وقد أكد كتاب وزارة المالية رقم 78 - 31/29 الصادر في إبريل سنة 1947، ومن ثم فإن المدعي لا حق له في علاوات دورية إلزامية أو في الترقية إلى الدرجات المقررة في كادر العمال وأما ما صرف له على سبيل العلاوة أو الترقية فيعتبر من قبيل الزيادات التي تترخص الإدارة في منحها وفقاً لما يسمح به البند الذي عين عليه، وعندما قامت المصلحة بتقسيم الاعتماد الإجمالي المنوه عنه إلى درجات في ميزانية سنة 1960/ 1961 وضعت المدعي وزملاءه على درجات بالميزانية مع الاحتفاظ لهم بالأجور التي وصلوا إليها والأقدميات التي اكتسبوها في حرفهم وذلك بالتطبيق لأحكام قرار - رئيس الجمهورية رقم 258 لسنة 61 بشأن وضع عمال المصلحة المؤقتين على درجات بالميزانية، وقد سويت حالة المدعي وفقاً لهذا القرار وصدر الأمر الإداري رقم 142 بتاريخ 5/ 2/ 1962 بنقله إلى درجة عامل دقيق ممتاز مع الاحتفاظ له بالأجر الذي وصل إليه وبالأقدمية التي اكتسبها في حرفته واعتبر شاغلاً لدرجة دقيق ممتاز اعتباراً من 14/ 9/ 1957، وعندما قامت المصلحة بإجراء ترقيات بين عمالها في 1/ 7/ 1962 لم يرق المدعي إلى درجة ممتاز نظراً لأنه لم يكن قد أمضى في درجة دقيق ممتاز ست سنوات. وبجلسة 24/ 6/ 1963 قضت المحكمة باستحقاق المدعي تسوية حالته وفقاً لأحكام كادر العمال في درجة صبي اعتباراً من تاريخ التحاقه بالخدمة في 19/ 10/ 1918 وفي درجة صانع دقيق ببداية قدرها 300 مليم يومياً اعتباراً من 19/ 10/ 1926 وفي درجة صانع دقيق ممتاز اعتباراً من 19/ 10/ 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس سنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 23/ 8/ 1963 وألزمت الإدارة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة مؤسسة قضاءها على أنه لا خلاف - في أن أحكام كادر العمال تسرى بأثر رجعي في حق عمال اليومية الموجودين بالخدمة فعلاً وقت تنفيذه في 1/ 5/ 1945 وقامت بهم شروطه وهؤلاء يطبق في حقهم بأثر رجعي، ومقتضى هذا الأثر أن تحسب لهم ترقيات اعتبارية في مواعيدها في الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مقررة وذلك لقيام التسوية على أسس افتراضية محضة ولأن الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية قد وجهت باعتمادات مالية خاصة، أما إذا حل موعد ترقيتهم بعد 1/ 5/ 1945 ولو كانوا معينين بالخدمة قبل ذلك فإنهم يخضعون في ترقيتهم لأحكام كادر العمال بما أورده على الترقية من حيث ارتباطها بوجود درجات خالية والتزام حدود اعتماد مالي معين وأداء الامتحان المقرر وما إلى ذلك من الشروط، ولا اعتداد بما ساقته الإدارة من أن عمالها كانوا يعينون على اعتماد إجمال غير مقسم إلى درجات، ولا أساس لما رتبته على هذا النظر من عدم استحقاقهم الترقية والعلاوات الدورية طبقاً لكادر العمال، لأن تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال عن مدة خدمته منذ التحاقه بالخدمة وحتى 1/ 5/ 1945 هي - تسوية تقوم على أسس افتراضية محضة، سببها أن كادر العمال صادفه يوم نفاذه في 1/ 5/ 1945 وهو في خدمة الحكومة وقامت به شروط الإفادة من أحكامه، ومن ثم يجب تسوية حالته وفقاً لذلك الكادر بأثر رجعي يرجع إلى تاريخ دخوله الحكومة لأول مرة، ولا تتوقف هذه التسوية على وجود درجات خالية تسمح بترقية العامل عليها لأنها تتناول الفترة السابقة على نفاذ كادر العمال في 1/ 5/ 1945 التي تقوم التسوية فيها على أسس افتراضية غير واقعية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون عليه بني على نظرية مؤداها أن الاستمرار في الخدمة بالنسبة إلى العمال الذين دخلوا الخدمة قبل 1/ 5/ 1945 يسمح بإفادة العامل من أحكام الكادر، والواقع أن هذه النظرية خاطئة ولا تتفق مع أحكام هذا الكادر إذ أن المشرع قد خاطب بهذه الأحكام العمال الدائمين سواء من كان منهم موجوداً بالخدمة عند صدوره وسويت حالته بأثر رجعي وبطريقة حتمية على أسس افتراضية أو من عين بعد صدوره والتزم بالأحكام الواردة به عند التعيين أو الترقية وارتبط بوجود درجات بالميزانية، وبذلك يخرج من نطاق تطبيق هذا الكادر العمال المؤقتون سواء من يندرج منهم ضمن الطائفة الأولى أو من يلتزم بالأحكام المطبقة على الطائفة الثانية، تأسيساً على ما تقدم، وإذا كان الثابت أن المدعي كان يصرف أجره من اعتماد إجمالي منذ التحاقه بالخدمة وأنه لم يعين على درجة بالميزانية إلا في ميزانية سنة 60/ 61 حيث سويت حالته طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 268 لسنة 1961 فإن دعواه - تكون غير مستندة إلى أساس سليم ويكون الحكم المطعون عليه إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ومن حيث إنه لا خلاف في أن كادر عمال اليومية إنما يخاطب عمال اليومية الدائمين وأن عمال اليومية المؤقتين يخرجون عن نطاق تطبيقه.
ومن حيث إنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تطبيق كادر العمال ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع مغاير عن الأخرى، الطائفة الأولى وهي طائفة العمال الموجودين بالخدمة فعلاً وقت تنفيذه وتحققت فيهم شروطه وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي مقتضاه أن تحسب لهم ترقيات اعتبارية في مواعيدها في الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مالية، وأما الطائفة الثانية فتتناول من عداهم من العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً وهؤلاء يخضعون لأحكامه بما أورده على الترقية من قيود كما يخضعون للقواعد العامة للترقية، إلا أن قضاء هذه المحكمة لم يذهب إلى أن الطائفة الأولى وهي طائفة العمال الموجودين في الخدمة وقت صدور الكادر تسرى عليهم أحكامه سواء كانوا دائمين أو مؤقتين.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العامل متى عين بصفة مؤقتة وتخصصت طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني في علاقته بالحكومة عند تعيينه على هذا النحو بالقرار الصادر بهذا التعيين وفق أوضاع الميزانية فإن استطالة خدمته لا تقلب صفته المؤقتة إلى دائمة.
ومن حيث إن المدعي كان وقت صدور كادر العمال من العمال المؤقتين إذ أنه كان يصرف أجره من البند 12 أجور فرع 3 بميزانية المصلحة وهو بند غير مقسم إلى درجات، والعمال الذين يصرفون أجورهم من هذا البند هم حسب أوضاع الميزانية عمال مؤقتون.
ومن حيث إنه تأكيداً لذلك فقد صدر في يناير سنة 1962 قرار رئيس الجمهورية رقم 268 في شأن وضع عمال مصلحة الميكانيكا والكهرباء المؤقتين على درجات وقد نص فيه على ما يأتي: "ينقل العمال المؤقتون بمصلحة الميكانيكا والكهرباء الذين كانوا يصرفون أجورهم من البند 12 أجور فرع 3 إلى الدرجات المقسم إليها هذا البند في ميزانيتي 59/ 60، 60/ 61 ويكون نقل كل منهم إلى الدرجة المقررة للحرفة التي يقوم بعملها فعلاً مع الاحتفاظ له بالأجر الذي وصل إليه وبالأقدمية التي اكتسبها في هذه الحرفة دون أن تصرف إليه فروق عن المدة السابقة على تقسيم الاعتماد المشار إليه، ويسري هذا الحكم على من سبق نقله من هؤلاء العمال إلى الدرجات المنشأة في الميزانيتين المشار إليهما".
ومن حيث إن الجهة الإدارية طبقت هذا القرار على المدعي باعتباره من العمال المؤقتين وقد أصدرت تنفيذاً لأحكامه الأمر الإداري رقم 142 بتاريخ 5/ 2/ 1962 بنقل المدعي إلى درجة دقيق ممتاز وبهذا النقل نشأ له مركز قانوني باعتباره من عداد العمال الدائمين المقيدين على درجات بميزانية الجهة الإدارية التي يعمل بها، وما كانت هذه الجهة في حاجة إلى تقرير ذلك لو كان المدعي قد وضع على درجة بميزانيتها قبل صدور الأمر الإداري المشار إليه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون عليه وقد خالف هذا النظر وقضى بأحقية المدعي في تسوية حالته طبقاً لأحكام كادر العمال لمجرد أنه كان موجوداً في الخدمة وقت صدوره وبالرغم من أنه كان من العمال المؤقتين الذين لا يستفيدون من أحكام هذا الكادر وظل كذلك حتى صدر في شأنه القرار الإداري رقم 142 في 5/ 2/ 1962 تطبيقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 268 لسنة 1962 بنقل عمال المصلحة المؤقتين على درجات قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه مما يتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.