مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 421

(53)
جلسة 22 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عزيز زخاري، وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح السعيد وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 775 لسنة 13 القضائية

( أ ) - موظف "تأديب". "تحقيق - سماع شهود".
عدم سماع أقوال شاهد ليس من شأنها أن تغير وجه الرأي فيما انتهى إليه التحقيق - لا يرتب بطلان قرار الجزاء الذي استند إلى هذا التحقيق.
(ب) - قرار إداري "سببه". موظف "تأديب".
القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سبب يبرره - سببه بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه.
1 - وإن كان المدعي قد استشهد بشاهدين لم تسمع أقوالهما غير أن أقوال هذين الشاهدين حتى مع التسليم جدلاً بأنها ستجيء في صالح المدعي فلا يجوز أن تؤدي إلى ترجيح دفاع المدعي أو الأخذ بها بعد أن وقع ستة من رؤساء المدعي على المذكرة التي قدمها رئيس لجنة تقدير الدرجات والتي أثبتت فيها الألفاظ التي صدرت عن المدعي. وعلى ذلك فإن عدم سماع أقوال هذين الشاهدين ليس من شأنه أن يغير وجه الرأي فيما انتهى إليه التحقيق، ويكون الجزاء قد صدر مستنداً إلى أصول ثابتة في الأوراق.
2 - إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره وسبب القرار التأديبي بوجه عام، هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو اللوائح، ويخرج على مقتضى الواجب في إعمال وظيفته المنوط به تأديتها، أو سلك سلوكاً ينطوي على إهمال أو تقصير في القيام بواجباته أو خروج على مقتضيات الوظيفة أو إخلال بكرامتها، إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ لجهة الإدارة المختصة تأديبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1112 لسنة 20 القضائية ضد وزير التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في يوم 24 من مارس سنة 1966 طالباً الحكم بإلغاء قرار وكيل الوزارة الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1965 رقم 8/ 14 إداري بمجازاته بخصم ما يعادل يوم من مرتبه، واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه، أنه كان يقوم بتصحيح أوراق امتحان الثانوية العامة سنة 1965 فلاحظ وجود خطأ في الإجابة النموذجية التي يتم على أساسها التصحيح، وحرصاً على مستقبل الطلبة، أبدى تلك الملاحظة إلى السيد/ أحمد شلبي المفتش العام والمشرف على تصحيح اللغة العربية، فما كان من سيادته إلا أن ثار واعتبر ذلك إهانة لا تغتفر، وطرده من العمل في التصحيح مع حرمانه من المكافأة عن الأيام الأربعة التي قام فيها بالعمل ولم يكتف بذلك وإنما تقدم سيادته بشكوى إلى إدارة الامتحانات ضمنها أموراً غير صحيحة نسبها إليه وهي أنه وجه إليه ألفاظاً غير مهذبة، وكان ذلك بقصد الانتقام لوجود نزاع سابق بينهما يرجع إلى سنة 1961، وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1965 أخطر بأن وكيلة الوزارة أوقعت عليه في يوم 16 من نوفمبر سنة 1965 جزاء بخصم يوم من مرتبه، فتظلم من هذا القرار في 28 من نوفمبر سنة 1965، ثم أخطر في يوم 7 من فبراير سنة 1966 برفض تظلمه فأقام الدعوى بطلب إلغائه، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك لأنه اعتمد على التحقيق القاصر المبتور الذي أجرته منطقة شبين الكوم التعليمية، وهو تحقيق لم يسأل فيه عما هو منسوب إليه، ولم يحقق الدفاع الذي أبداه بسؤال بعض زملائه من المصححين الذين كانوا موجودين بغرفة التصحيح عندما أبدى الملاحظة للمفتش العام، ولم يوقع ذلك الجزاء إلا بسبب الضغينة الموجودة بينه وبين المفتش العام، وآية ذلك أن المنطقة التعليمية وجهت إليه ذات الاتهام ووقعت عليه جزاء بخصم يوم من مرتبه ثم سحب القرار عندما تظلم منه، ولكن إدارة الامتحانات عادت تحت تأثير المفتش العام وأوقعت عليه الجزاء من جديد، دون أن تتأكد من صحة الملاحظة التي أبداها في شأن الخطأ الواقع في الإجابة النموذجية.
وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن السيد/ أحمد شلبي رئيس لجنة تقدير درجات اللغة العربية بامتحان الثانوية العامة بلجنة الخديوية لعام سنة 1965 قدم مذكرة إلى الرئيس العام للجان تقدير الدرجات شكا فيها المدعي، وذكر فيها أنه في يوم 27 من يونيه سنة 1965 وجه إليه المدعي ألفاظاً نابية وغير لائقة عندما واجهه بالأخطاء التي وجدت في أعمال اللجنة التي يعمل المدعي مراجعاً لها، وقد وقع بعض الشهود على الشكوى بما يفيد صحتها، وإذا كان المدعي قد استشهد بشاهدين لم تسمع أقوالهما في التحقيق، إلا أن سماع أقوال هذين الشاهدين لم يكن له محل لأنه حتى مع التسليم جدلاً بأن أقوالهما ستجيء في صالح المدعي فإنه مع ذلك لا يمكن الأخذ بها، أو ترجيحها على أقوال ستة من رؤساء المدعي وقعوا جميعاً على المذكرة المقدمة من الشاكي، وبذلك يكون المدعي قد ارتكب ما يستوجب توقيع الجزاء عليه.
ومن حيث إنه بجلسة 8 من مارس سنة 1967 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على التحقيق الذي أجرته مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية أن المحقق لم يسأل سوى المدعي، وأنه نسب إليه عدم الدقة في عمله في لجنة تقدير الدرجات بالثانوية العامة اعتداءه بالألفاظ وإثارته القلق باللجنة مما يعد مخالفة للتعليمات، وقد أنكر المدعي الواقعة وطلب سماع شاهدي نفي وهما السيدان عبد المنعم محمد يوسف الدرسي المدرس بمدرسة السويس الثانوية، وأحمد فتحي الجوهري المدرس بمدرسة النصر الثانوية ببور سعيد، وقد خلا التحقيق من سماع شهادتهما، كما أن المحقق لم يستمع إلى أقوال رئيس اللجنة أو شهود الإثبات مكتفياً بالمذكرة التي وقع عليها الثاني وشهود الإثبات، ولما كان التحقيق قد خلا من تحقيق دفاع المدعي الأمر المخالف للمادة 60 من قانون العاملين المدنيين بالدولة التي توجب التحقيق مع الموظف وسماع أقواله وتحقيق دفاعه قبل توقيع الجزاء عليه، فمن ثم فإن التحقيقات يكون قد شابها عيب جوهري ويكون القرار الصادر بالاستناد إليها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن هناك قصوراً شاب التحقيق الذي بني عليه الجزاء، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك لأنه وإن كان المدعي قد استشهد بشاهدين لم تسمع أقوالهما غير أن أقوال هذين الشاهدين حتى مع التسليم جدلاً بأنها ستجيء في صالح المدعي فلا يجوز أن تؤدي إلى ترجيح دفاع المدعي أو الأخذ بها بعد أن وقع ستة من رؤساء المدعي على المذكرة التي قدمها رئيس لجنة تقدير الدرجات والتي أثبتت فيها الألفاظ التي صدرت عن المدعي. وعلى ذلك فإن عدم سماع أقوال هذين الشاهدين ليس من شأنه أن يغير وجه الرأي فيما انتهى إليه التحقيق، ويكون الجزاء قد صدر مستنداً إلى أصول ثابتة في الأوراق وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره وسبب القرار التأديبي بوجه عام، هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو اللوائح أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها، أو يسلك سلوكاً ينطوي على إهمال أو تقصير في القيام بواجباته أو خروج على مقتضيات الوظيفة أو إخلال بكرامتها، إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ لجهة الإدارة المختصة تأديبه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أرواق الطعن أن السيد/ أحمد شلبي رئيس لجنة تقديرات اللغة العربية في امتحان الشهادة الدراسية الثانوية العامة لعام 1965، أرسل كتاباً إلى الرئيس العام للامتحان في 27 من يونيه سنة 1965 ذكر فيه أن لجنة المراجعة لاحظت وقوع عدة أخطاء في أعمال اللجنة 31، وأنه باستدعاء السيد الأستاذ عبد العزيز محمد طلبة لمناقشته في هذه الأخطاء وتوجيه نظره إليها، ثار وألقى بكلمات نابية أساء بها إليه شخصياً وإلى زملائه في حجرة المراقبة، وأضاف أنه يرى أن في بقاء المدعي في عمله بالتصحيح إساءة إلى نظام العمل في اللجنة وقدوة سيئة لزملائه واقترح الاستغناء عنه وإخلاء طرفه، وقد وافق المدير العام على ذلك وأحال الموضوع إلى إدارة الامتحانات للتحقيق، وفي اليوم التالي قدم السيد/ أحمد شلبي مذكرة ورد فيها أن أحد السادة المراقبين لاحظ أثناء مراجعة أحد مظاريف الأجوبة الواردة من اللجنة 31 أن موضوع الإنشاء غير مصحح في أحد الأوراق، وعندما عرض عليه، طلب إلى الأستاذ عبد الفتاح الخضري المفتش بالثانوي أن يذهب إلى مقر اللجنة المشار إليها في الغرفة رقم 7 التي يعمل المدعي مراجعاً لأعمالها، فذهب إلى هناك وعرض ورقة الإجابة على المدعي غير أن سيادته رفض الاعتراف بالخطأ وألقى تبعته على مراجعي اللجنة، فأفهمه المفتش أنه المسئول الأول لأنه المراجع الفني، ويجب أن يطلع على كل ورقة ليتأكد من أن جميع الأجوبة الواردة بها قد صححت، ولكن المدعي تشبث برأيه وذكر أنه غير مسئول عن ذلك، ثم ظهر خطأ ثان في مظروف آخر ونبه المدعي إلى الخطأ إلا أنه لم يتقبل ذلك أيضاً، ولما ظهر خطأ ثالث في أعمال اللجنة، رأى السيد المراجع في حجرة المراقبين استدعاء المدعي لمناقشته بعيداً عن المصححين، وعندما حضر وأخذ الأستاذ هلال عبد الحميد المفتش الأول بالمنيا وعضو لجنة المراقبة في تنبيهه، ثار ومما قاله "ليه باعت لي أجي هنا، مش كانت الورقة تيجي هناك أنا اعتبر إن دي إهانة لي" ولما أفهمه الأستاذ هلال أن من واجبه الدقة في مراجعة الأوراق قال "أنا لا أستطيع أن أقوم بهذا العمل كله وأين المراقبون وماذا يعملون" وأضاف مقدم المذكرة أنه تدخل في المناقشة وأفهم المدعي أنه المراجع الرئيسي للجنة وأنه مسئول عن كل خطأ، فلم يتمثل فطلب منه الذهاب إلى لجنته فامتنع وقال "أنا حر ولن أذهب" فطلب منه أن يذهب إلى غرفته أو يترك العمل، فهاج وقال: "أنا لا أعمل عندكم أنا زيكم تمام مفيش فرق بيني وبينكم إلا أنكم أقدم مني أيه لجنتك دي طظ فيها أنا أدوسها تحت رجلي ولن أخرج إلا إذا صفتها أو زفتها زيادة" وقد وقع على المذكرة كل من السادة مختار عبده مفتش أول بالجيزة، ويوسف المحادي مفتش أول بنها، وعبد الفتاح الخضري مفتش ثانوي بجنوب القاهرة، وفريد رمضان مفتش ثانوي بالسويس، وهلال عبد الحميد مفتش أول بالمنيا، والسيد الشافعي مفتش أول سوهاج، وقد أرسل رئيس لجنة الإدارة للثانوية العامة كتاباً إلى مدير عام منطقة شبين الكوم التعليمية مرفقاً به المذكرة المشار إليها، وطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحالة المدعي إلى التحقيق لإهماله وعدم دقته في تقدير درجات اللغة العربية وتطاوله على رؤسائه وإحداث شغب وضوضاء مما أخل بنظام اللجنة. وبناءً على ذلك أحيل الموضوع إلى التحقيق، وسئل المدعي بتاريخ 15 من يوليه سنة 1965 فقال أنه كان يعمل مراجعاً للجنة تقدير درجات اللغة العربية، وفي اليوم الأول اكتشف خطأ فنياً في الإجابة النموذجية عن السؤال الرابع من الامتحان، ونبه إليه السيد/ أحمد شلبي فطلب إليه أن يلتزم بنموذج الإجابة، وفي اليوم الرابع استدعاه المفتش أحمد شلبي إلى غرفته وهناك أبدى المفتش هلال عبد الحميد ملاحظة في شأن إحدى أوراق الإجابة، فرد عليه بأن الواجب أن ترد الورقة إلى رئيس غرفة التصحيح لأنه هو المسئول عنها، ثم سأل عن سبب استدعائه إلى غرفة المراقبين في حين أن الواجب هو إبداء الملاحظات أمام السادة المصححين حتى يتلافوا الأخطاء التي قد تحدث عند التصحيح، ثم حصلت بينه وبين المفتشين الموجودين بالغرفة مشادة كلامية انتهت بعودته إلى غرفة التصحيح التي يعمل فيها، واستمر في عمله حتى فوجئ في نهاية اليوم باستدعائه إلى الرئيس العام للتصحيح الذي أعطاه خلو طرف بناءً على مذكرة تقدم بها الأستاذ أحمد شلبي، وقال إن ذلك كان على يد شهود هما الأستاذان عبد المنعم محمد يوسف وأحمد فتحي الجوهري، وأنكر المدعي أنه قال العبارات التي وردت في مذكرة الأستاذ أحمد شلبي، ثم ووجه بأن الأساتذة المفتشين وقعوا على المذكرة المشار إليها، فقال إنهم يجلسون جميعاً مع الأستاذ أحمد شلبي في حجرة واحدة وهي حجرة الرئاسة التي استدعوه إليها لمحاولة النيل منه نتيجة لملاحظته في شأن الإجابة النموذجية ولا بد أن يجاملوه، خصوصا وأنه لم يرقهم رده على الأستاذ يوسف الحمادي مفتش أول بنها عند المناقشة، وأضاف أنه إذا كان الأمر أمر شهود فلديه شهود على أن ذلك لم يحصل وهما الشاهدان اللذان ذكر أسماءهما، ثم واجهه المحقق بالتهمة المشار إليها في كتاب رئيس لجنة الإدارة للثانوية العامة "والمشار إليه فيما تقدم" فأنكرها وبعد ذلك حرر المحقق مذكرة رأى فيها إنذار المدعي نظير ما ارتكبه من مخالفات، وفي يوم 28 من يوليو سنة 1965 أشر المدير العام على الأوراق بأن ما نسب إلى المدعي يستوجب مساءلته مشدداً واقترح خصم يوم من راتبه ثم اعتمد المحافظ هذا الجزاء بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1965، وبتاريخ 9 من سبتمبر سنة 1965 أرسلت الإدارة العامة للامتحانات كتاباً إلى مديرة التربية والتعليم طلبت إليها فيه سحب قرار الجزاء لصدوره من غير مختص، لأن الواقعة حدثت أثناء ندب المدعي لأعمال الامتحانات وتكون الوزارة هي المختصة بتوقيع الجزاء، وبناءً على ذلك سحبت مديرية التربية والتعليم قرار الجزاء في 4 من أكتوبر سنة 1965 وأرسلت الأوراق إلى الوزارة فأصدرت السيدة وكيلة الوزارة قراراً بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1965 أوقعت به على المدعي ذات الجزاء.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المخالفة التي جوزي المدعي من أجلها ثابتة في حقه ثبوتاً لا شك فيه، وذلك من واقع أقوال الأستاذ أحمد شلبي مفتش عام اللغة العربية والتي أثبتها في المذكرة المقدمة منه وقد أيد المفتشون الستة الذين حضروا تلك الواقعة صحة أقوال الأستاذ أحمد شلبي ووقعوا على تلك المذكرة بما يفيد ذلك، ومن ثم يكون المدعي قد خرج على مقتضى الواجب وسلك سلوكاً معيباً يسوغ لجهة الإدارة المختصة مساءلته تأديبياً عما وقع منه.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره المدعي في دفاعه وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن المحقق أغفل تحقيق دفاعه ولم يسأل الشاهدين الذي أشهدهما على صحة أقواله، وبذلك يكون التحقيق قد شابه عيب جوهري يستتبع بطلان قرار الجزاء الذي استند إليه، لا وجه لذلك لأن الثابت من الاطلاع على أوراق التحقيقات أن المدعي سئل في التحقيق ووجه بالتهمة وبالأدلة عليها وأدلى في شأنها بدفاعه كاملاً، وإذا كان قد أشهد شاهدين طلب سماع أقوالهما غير أنه يتضح من مراجعة أقواله أنه ذكر في أكثر من موضع منها أن المشادة التي حصلت بينه وبين المفتش العام وباقي المفتشين وقعت في غرفة المفتش العام وكان قد استدعى إليها بعيداً عن المصححين الأخرين كما أضاف المدعي صراحة في نهاية الصفحة الثانية من أقواله أنه "فوجئ في نهاية اليوم باستدعائه إلى الرئيس العام للتصحيح في لجنة الخديوية بوساطة المفتش رئيس الحجرة - أعطاني الرئيس خلو طرف من العمل بناءً على المذكرة التي تقدم بها الأستاذ أحمد شلبي يقول فيها أنه لا يستطيع العمل معي وكان ذلك على يد شهود هم الأساتذة المدرسون عبد المنعم محمد يوسف بمدرسة السويس الثانوية وأحمد فتحي الجوهري بمدرسة النصر الثانوية ببور سعيد" ومؤدى ذلك أن الواقعة التي نسبت إلى المدعي لم تحدث في حضور أحد من زملائه المصححين بل بعيداً عنهم، أما موضوع تسليمه خلو الطرف عن أعمال الامتحان فهي واقعة مسلم بها ولا تؤثر في إثبات ونفي المخالفة التي نسبت إلى المدعي، ومن ثم فلم يكن هناك ثمة حاجة أو لزوم لسماع أقوال الشاهدين ولا يكون ثمة عيب شاب التحقيق بإغفال سماع أقوالهما.
ومن حيث إنه لا اعتداد كذلك بما أثاره المدعي من أن منطقة شبين التعليمية اقتنعت بعدم صحة الأسباب التي قام عليها قرار الجزاء فسحبته، ثم أوقعت إدارة الامتحانات الجزاء من جديد نتيجة سعي المفتش العام، ذلك لأن الواضح من الوقائع السابق سردها أن السبب في سحب القرار لم يكن لاقتناع المنطقة التعليمية بعدم صحة الأسباب التي قام عليها القرار بل بسبب صدوره من غير مختص بعد أن بينت الوزارة في كتبها المرسلة إلى المنطقة أن المخالفة وقعت من المدعي خلال مدة ندبه للعمل بها في تصحيح أوراق الامتحان.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن القرار المطعون فيه قام على سبب صحيح مستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه ومن ثم فهو مطابق القانون، وتكون دعوى المدعي على غير أساس حقيقة بالرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.