أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 48 - صـ 976

جلسة 24 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح علي أحمد السعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوي، د/ فتحي المصري نائبي رئيس المحكمة, محمد برهام عجيز وعبد الله عمر.

( 186)
الطعنان رقما 147، 186 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. قانون "بدء سريان القانون". وصية.
نفاذ القوانين بعد نشرها بثلاثين يوماً ما لم يحدد القانون ذاته ميعاداً آخر. م 26 دستور 1923. النص في المادة الثانية من مواد إصدار قانون الوصية رقم 71 لسنة 46 على أن يعمل به بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ليس مقصوداً به الخروج عن القاعدة العامة المذكورة. علة ذلك. مفهوم الشهر ثلاثين يوماً.
(2) أحوال شخصية. دعوى. دفوع "الدفع بالسقوط لمضي المدة".
الدفع بالسقوط لمضي المدة تدفع به دعوى المال لا دعوى الصفة. علة ذلك. لا تأثير لمضي المدة على من يدعي صفة الوارث مجردة عن المال.
(3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". حكم "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الحكم".
رأي النيابة. ليس من البيانات التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
1 - النص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من دستور سنة 1923 - الذي صدر في ظله قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 - مفاد أن القوانين تكون نافذة بعد نشرها بثلاثين يوماً ما لم يحدد القانون ذاته ميعاداً آخر أقصر أو أطول من ذلك لنفاذه وكان القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية قد صدر في 24 رجب سنة 1365 هـ الموافق 24 يونيو سنة 1946 ونصت المادة الثانية من مواد إصداره على أن يُعمل به بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وإذ نشر بالعدد رقم 65 منها في أول يوليو سنة 1946 وكان المشرع الدستوري قد أرسى قاعدة عامة - على هذا النحو - مؤداها نفاذ القوانين بعد نشرها في الجريدة الرسمية بثلاثين يوماً, فإن مدة الشهر المنصوص عليها بالمادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 لا تفصح عن رغبة المشرع آنذاك في الخروج عن هذه القاعدة, وتكون مدة الشهر في مفهومه ثلاثين يوماً إعمالاً للقاعدة العامة سالفة البيان, ويبدأ سريان هذه المدة اعتباراً من 2/ 7/ 1946 اليوم التالي لتاريخ نشر القانون وتنتهي في 31/ 7/ 1946 وبالتالي يكون القانون نافذاً اعتباراً من يوم 1/ 8/ 1946.
2 - المقرر شرعاً أنه لا تأثير لمضي المدة على من يدعي صفة الوارث مجردة عن المال, فالدفع بالسقوط لمضي المدة تدفع به دعوى المال ويكون سماعه عند سماع تلك الدعوى وإثباتها لا عند إثبات الصفة.
3 - إغفال بيان رأي النيابة لا يبطل الحكم, ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين الأول والثاني والسابعة في الطعن رقم 147 لسنة 63 ق "أحوال شخصية" أقاموا الدعوى رقم 262 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية قليوب ضد...... المطعون ضدها في هذا الطعن للحكم بعدم استحقاقها نصيباً بالوصية الواجبة في تركة جدها المرحوم/ ...., إبطال شهادة الوراثة رقم 117 لسنة 1986 وراثات القناطر الخيرية فيما تضمنه من استحقاقها تلك الوصية, وقالوا بياناً لدعواهم أن المطعون ضدها تحصلت على الإشهار سالف البيان الذي تضمن إثبات وفاة والدها المرحوم..... بتاريخ 23/ 10/ 1940 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته.... ولها الثمن ووالدته....... ولها السدس وابنته....... ولها النصف فرضا ووالده........
ويستحق باقي التركة تعصيباً, ثم وفاة الخيرة بتاريخ 1/ 8/ 1946 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته....... وتستحق ثمن تركته فرضاً, وفي أولاده البُلغ...... و...... و..... و....... ويستحقون باقي التركة تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك بعد استخراج نصيب صاحبة الوصية الواجبة (المطعون ضدها) بنت ابنه المتوفى قبله. لما كان القانون رقم 71 لسنة 1946 الذي استحدث الوصية الواجبة قد جرى تنفيذه اعتباراً من 2/ 8/ 1946 ومن ثم فلا تطبق أحكامه في تركة المرحوم/ .......... المتوفى بتاريخ 1/ 8/ 1946 فقد أقاموا الدعوى, وبتاريخ 30/ 5/ 1991 حكمت المحكمة برفضها. استأنف الطاعنون في الطعن رقم 147 لسنة 63 ق أحوال شخصية ومن تدعى...... هذا الحكم بالاستئناف رقم 93 لسنة 24 ق طنطا "مأمورية استئناف بنها"، كما استأنفه الطاعنون الأول والثاني والسابعة في الطعن المذكور بالاستئناف رقم 100 لسنة 24 ق طنطا "مأمورية استئناف بنها". وبعد ضم الاستئنافين قضت المحكمة بتاريخ 14/ 3/ 1993 برفضهما. وبتاريخ 15/ 4/ 1993 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 147 لسنة 63 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 11/ 5/ 1993 طعن الطاعنون أنفسهم - عدا الأخيرتين - على ذات الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 186 لسنة 63 ق "أحوال شخصية" وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت الرأي فيهما برفض الطعنين. عُرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فقررت ضمهما، وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن كلاً من الطعنين أُقيم على سببين ينعي الطاعنون بالسبب الأول في كل منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى على أن القانون رقم 71 لسنة 1946 الذي فرض الوصية الواجبة نشر في 1/ 7/ 1946 وجرى تنفيذه بعد شهر من تاريخ نشره وفقاً للمادة الثانية من مواد إصداره, وأن مدة الشهر ثلاثون يوماً من اليوم التالي لتاريخ نشره وتنتهي في 31/ 7/ 1946 وخلص إلى سريان أحكام هذا القانون اعتباراً من 1/ 8/ 1946 وبالتالي استحقاق المطعون ضدها........ نصيباً بالوصية الواجبة في تركة جدها المرحوم/ ...... وإذ كان التطبيق الصحيح لنص المادة 15 من قانون المرافعات هو انتهاء ميعاد الشهر بانتهاء يوم 1/ 8/ 1946 المقابل لتاريخ النشر ونفاذ القانون سالف البيان اعتباراً من 2/ 8/ 1946، ومن ثم لا تستفيد من أحكامه لوفاة الجد بتاريخ 1/ 8/ 1946 قبل نفاذه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من دستور سنة 1923 - الذي صدر في ظله قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 - مفاد أن القوانين تكون نافذة بعد نشرها بثلاثين يوماً ما لم يحدد القانون ذاته ميعاداً آخر أقصر أو أطول من ذلك لنفاذه. وكان القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية قد صدر في 24 رجب سنة 1365 هـ الموافق 24 يونيو سنة 1946 ونصت المادة الثانية من مواد إصداره على أن يُعمل به بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. وإذ نُشر بالعديد رقم 65 منها في أول يوليو سنة 1946 وكان المشرع الدستوري قد أرسى قاعدة عامة - على هذا النحو - مؤداها نفاذ القوانين بعد نشرها في الجريدة الرسمية بثلاثين يوماً, فإن مدة الشهر المنصوص عليه بالمادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 لا تفصح عن رغبة المشرع آنذاك في الخروج عن هذه القاعدة, وتكون مدة الشهر في مفهومه ثلاثين يوماً إعمالاً للقاعدة العامة سالفة البيان, ويبدأ سريان هذه المدة اعتباراً من 2/ 7/ 1946 اليوم التالي لتاريخ نشر القانون وتنتهي في 31/ 7/ 1946 وبالتالي يكون القانون نافذاً اعتباراً من يوم 1/ 8/ 1946. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 147 لسنة 63 ق مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه اعتبر ثبوت الوفاة والورثة من دعاوي الصفة التي لا تسقط بمضي المدة وأن الدفع بالسقوط إنما يوجه إلى دعوى المال لا دعوى الصفة غافلاً عن أن غاية دعوى ثبوت الوفاة والورثة هي المال بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا مردود، ذلك أن المقرر شرعاً أنه لا تأثير لمضي المدة على من يدعي صفة الوارث مجردة عن المال, فالدفع بالسقوط لمضي المدة تدفع به دعوى المال ويكون سماعه عند سماع تلك الدعوى وإثباتها لا عند إثبات الصفة. وإذ كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى قد ادعت ثبوت صفتها كمستحقة للوصية الواجبة وصدر لها القرار بذلك فتمخض عن صفة فقط، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض الدفع بسقوط دعواها بمضي المدة فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثاني في الطعن رقم 147 لسنة 63 ق وبالسبب الثاني في الطعن رقم 186 لسنة 63 ق البطلان ومخالفة القانون, وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه لم يثبت رأي النيابة، وأغفل القضاء ببطلان حكم أول درجة لعدم تدخل النيابة وإبداء رأيها في الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة كانت ممثلة في الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتها، وفوضت الرأي للمحكمة، كما أن إغفال بيان رأي النيابة لا يبطل الحكم، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.