أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثامن
من أول يوليو 1996 حتى آخر يونيو 1998 - صـ 849

جلسة 15 سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

قاعدة رقم (56)
القضية رقم 6 لسنة 18 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "شرطة المصلحة الشخصية المباشرة: مفهومه".
هذا الشرط يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية - تحديد مفهومه باجتماع عنصرين هما: ثبوت الضرر، ارتداد هذا الضرر إلى النص المطعون فيه.
شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية. وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعي وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص المطعون فيه - الدليل على أن ضرراً واقعياً - اقتصادياً أو غيره - قد لحق به، سواء أكان مهدداً بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعى به مباشراً، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية، تسوية لآثاره.
ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً عن من أدعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتقاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.


الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من يناير سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية ما تضمنته المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من تحريم وتجريم تقاضي المؤجر مقدم إيجار يزيد على سنتين من القيمة الإيجارية الشهرية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو التالي بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة اتهمت المدعي بأنه في غضون سنة 1993 بدائرة قسم الخليفة بصفته مؤجراً تقاضى من المستأجرين لديه المبالغ المبينة قدراً بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل، وقدمته للمحاكمة الجنائية في قضية الجنحة رقم 268 لسنة 1995 جنح أمن دولة الخليفة، طالبة عقابه بالمواد 1/ 1، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وكذلك المواد 24/ 1، 25/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. وأثناء نظر هذه الجنحة، دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المشار إليه - وقد قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامها.
وحيث إن المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المطعون فيها - تنص على أنه:
"يجوز لمالك المبنى المنشأ اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين، وذلك بالشروط الآتية:
1 - أن تكون الأعمال الأساسية للبناء قد تمت ولم يتبق إلا مرحلة التشطيب.
2 - أن يتم الاتفاق كتابة على مقدار مقدم الإيجار وكيفية خصمه من الأجرة المستحقة في مدة لا تجاوز ضعف المدة المدفوع عنها المقدم وموعد إتمام البناء وتسليم الوحدة صالحة للاستعمال.
ويصدر قرار من الوزير المختص بالإسكان بتنظيم تقاضي مقدم الإيجار، والحد الأقصى لمقدار المقدم بالنسبة لكل مستوى من مستويات البناء.
ولا يسري حكم الفقرة الأخيرة من المادة 36 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على مقدم الإيجار الذي يتقاضاه المالك وفقاً لأحكام هذه المادة.
وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية. وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعي - وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص المطعون فيه - الدليل على أن ضرراً واقعياً - اقتصادياً أو غيره - قد لحق به، سواء أكان مهدداً بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعى به مباشراً، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية، تسوية لآثاره.
ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً عن من أدعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتقاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن البين من الأوراق أن المدعي قد قدم للمحاكمة الجنائية في جريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار (خلو الرجل)، وكانت المادتان 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، قد نظمتا هذه الجريمة ذاتها: أولاهما بحظرها تقاضي هذا الخلو، وثانيتهما بتقريرها لجزاء جنائي على مخالفة هذا الحظر، فإن التنظيم التشريعي لهذه الجريمة - وباعتبارها تمثل مبالغ تقاضاها المؤجر خارج نطاق عقد الإيجار - يشتمل على هذين الأمرين معاً.
ولا شأن للدعوى الجنائية - وبالتالي - بحظر تقاضي المؤجر مقدم إيجار لأكثر من سنتين المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أنفة الذكر - ومن ثم لا تكون دعواه الدستورية الراهنة جائزاً قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة