مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 597

(79)
جلسة 12 من إبريل سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسي - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح السعيد - المستشارين.

القضية رقم 424 لسنة 14 القضائية

( أ ) - تقادم "المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة".
الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها - مناط تطبيق ذلك رهين بأمرين - نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار - تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق رغم علم صاحب الشأن بقيامه علماً حقيقاً.
(ب) - دعوى. "ميعاد". تعويض. "تقادم".
ميعاد الطعن بالإلغاء لا يبدأ إلا من تاريخ العلم بالقرار - كذلك يسري من هذا التاريخ ميعاد التقادم الخمسي بالنسبة لدعوى التعويض عما فات بسبب هذا القرار - أساس ذلك.
1 - إن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها نهائياً في خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها - مناط تطبيق حكم هذه المادة رهين بأمرين - الأول: نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار فردي والثاني: تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة خمس سنوات من تاريخ نشوء هذا الحق رغم علم صاحب الشأن بقيامه علماً حقيقاً أو افتراضياً.
2 - ولئن جاز القول بأن حق المدعي في المطالبة بالتعويض عما فاته من فروق مالية بسبب تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة ثابت وقائم منذ تاريخ نفاذ القرار المنطوي على تخطيه والمستفاد من الأوراق أنه لم يعلم بهذا القرار من تاريخ سابق على تقدمه بتظلمه، وبناءً على ذلك فإنه من هذا التاريخ يبدأ ميعاد الطعن بالإلغاء في القرار المذكور وكذلك يسرى منه ميعاد التقادم الخمسي بالنسبة لدعوى التعويض ذلك أنه مما يتنافى مع طبائع الأشياء أن يبقى الحق في طلب الإلغاء قائماً بينما يكون الحق في طلب الفروق المالية وهو الأثر وطلب التعويض وهو المقابل للحرمان من هذه الفروق قد سقط بالتقادم الخمسي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 4 من أغسطس سنة 1964 أقام السيد محمود علي محمود السعدني الدعوى رقم 679 لسنة 11 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم طالباً الحكم بأحقيته في تعويض عما أصابه من ضرر وما فاته من كسب نتيجة تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه سبق أن رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بطلب تعديل أقدميته في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة الفنية حسب قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 الذي يقضي بخصم خمس سنوات من بدء التعيين يمنح بعدها الدرجة الثامنة الفنية المتوسطة وتطبيق قانون المنسيين الذي يقضي بمنحه الدرجة السابعة بعد مضي خمسة عشر عاماً ثم تطبيق القرار رقم 10290 الصادر بمنح الدرجة السادسة الفنية في أول أكتوبر سنة 1951 لكل من حصل على الدرجة السابعة قبل أول أكتوبر سنة 1947 - وأنه بجلسة 23 من مارس سنة 1961 قضت المحكمة بأحقيته في الدرجة الثامنة الفنية في 28 من مارس سنة 1932 بعد خصم خمس سنوات من بدء التعيين كقرار 9 من مارس سنة 1947 وبأحقيته في الدرجة السابعة في 28 من مارس سنة 1947 كقرار المنسيين وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للدرجة السادسة لرفعها بعد الميعاد القانوني. وذكر المدعي أنه قد لحقته أضرار مادية لعدم منحه تلك الدرجة في المدة من أول أكتوبر سنة 1951 بدلاً من أول مايو سنة 1956 وأن هذه الأضرار ناتجة عن خطأ جهة الإدارة في تخطيه في الترقية وهي ترقية بالأقدمية المطلقة إذ رقى من هو أحدث منه في الدرجة السابعة وكان المدعي قبل إقامة هذه الدعوى قد تقدم في 18 من ديسمبر سنة 1963 بطلب لإعفائه من رسومها قيد برقم 318 لسنة 11 القضائية.
وأجابت محافظة القاهرة (منطقة شرق القاهرة التعليمية) على ما يدعيه المدعي بأنه قد عين في الدرجة الثامنة في 25 من فبراير سنة 1935 ثم رقى إلى الدرجة السابعة في أول أغسطس سنة 1950 وإلى الدرجة السادسة في 19 من أكتوبر سنة 1957 بقرار الوزارة رقم 960 في 10 من ديسمبر سنة 1957 ثم رقى إلى الدرجة الخامسة في 28 من مارس سنة 1960 وفي 26 من نوفمبر سنة 1961 صدر قرار محافظة القاهرة رقم 545 الخاص بتنفيذ حكم المحكمة الإدارية في القضية رقم 620 لسنة 7 القضائية وذلك بإرجاع أقدميته في الدرجة الثامنة إلى 28 من مارس سنة 1932 وفي الدرجة السابعة إلى 23 من مارس سنة 1947 - وفي 18 من ديسمبر سنة 1963 صدر قرار المنطقة رقم 743 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الشخصية في 28 من مارس سنة 1963 - وأودعت المنطقة مع ردها ملف خدمة المدعي.
وبتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1964 أمر رئيس المحكمة الإدارية بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وفقاً لأحكام القانون رقم 144 لسنة 1964 وقيدت برقم 1582 لسنة 19 القضائية.
وأودع المدعي مذكرة بدفاعه تضمنت جدولاً قال إنه يبين الفارق بين حالته منذ أول نوفمبر سنة 1951 إلى 31 من مارس سنة 1960 وبين حالة زملائه الذين رقوا بمقتضى القرار رقم 10290 وأن جملة الفروق التي حرم منها أول إبريل سنة 1960 تبلغ 384 جنيهاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أنه قد حكم للمدعي نهائياً باعتبار أقدميته في الدرجة السابعة الفنية من 28 من مارس سنة 1947 وأقرت الوزارة في أقوالها أمام المحكمة الإدارية عند نظر الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية أن القرار رقم 10290 قد شمل بالترقية إلى الدرجة السادسة الفنية من ترجع أقدميتهم في الدرجة السابعة الفنية إلى يوم أول أكتوبر سنة 1947 أي من يلون المدعي في الأقدمية في تلك الدرجة فتكون الوزارة قد أخطأت إذ تخطته في الترقية إلى تلك الدرجة من 31 من أكتوبر سنة 1951 وتكون قد فوتت عليه الفروق المالية المتمثلة في العلاوات التي كان يستحقها منذ ذلك التاريخ إلى أن رقى فعلاً إلى الدرجة السادسة الفنية اعتباراً من يوم 19 من أكتوبر سنة 1957 - وذكرت محكمة القضاء الإداري أنها تقدر للمدعي تعويضاً جزافياً عن الفترة من 31 من أكتوبر سنة 1951 إلى 19 من أكتوبر سنة 1957 مبلغ 250 جنيهاً لمواجهة الفروق المالية التي حرم منها في تلك الفترة بسبب تخطيه في الترقية وأنها تعتبر هذا المبلغ شاملاً الأضرار المباشرة المادية والأدبية على السواء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم المطعون فيه قد صدر على ذي صفة إذ يعمل المدعي مدرساً بمنطقة شرق القاهرة التعليمية التابعة لمحافظة القاهرة كما صدرت القرارات الإدارية موضوع النزاع من المحافظة التي يمثلها المحافظ لا وزير التربية وذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية - وإذ صدر الحكم ضد وزير التربية فإنه يكون قد صدر على غير ذي صفة.
ثانياً: أنه مع التسليم جدلاً باستحقاق المدعي للتعويض الذي يطالب به فإن حقه فيه قد سقط بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات إذ المستفاد من نص هذه المادة أن الماهيات وما في حكمها كالتعويض عن المرتب أو المعاش تصبح حقاً مكتسباً للحكومة إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً أو إدارياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها ولما كان التعويض المطالب به هو مقابل حرمان المدعي من الفروق المالية المستحقة عن المدة من أول نوفمبر سنة 1951 إلى 31 من مارس سنة 1960 بسبب تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى له مبلغ 250 جنيهاً تعويضاً عن الفترة من أول أكتوبر سنة 1951 إلى 19 من أكتوبر سنة 1957 لمواجهة الفروق المالية التي حرم منها في تلك الفترة بسبب تخطيه في الترقية وإذ كان قد أقام دعواه بإيداع صحيفتها في 4 من أغسطس سنة 1964 أي بعد الفترة المذكورة بحوالي سبع سنوات فإن حقه في المطالبة بتلك الفروق يكون قد سقط بمضي المدة المسقطة للمرتب.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على الطعن بمذكرة قال فيها إن القرارات المطعون فيها قد صدرت من وزارة التربية والتعليم قبل صدور قانون الإدارة المحلية ولم تصدر من محافظة القاهرة حتى يمكن توجيه الطعن إليها - وأن حقه في اقتضاء التعويض لم ينكشف إلا بعد صدور الحكم في القضية الأولى رقم 620 لسنة 7 القضائية الذي قضى بأنه رغم أحقيته في الترقية في هذا التاريخ فإن طلبه مرفوض شكلاً ولما كان هذا الحكم لم يصدر إلا في 23 من مارس سنة 1961 فإنه من هذا التاريخ فقط كان يحق له المطالبة بالتعويض فأقام الدعوى في 4 من أغسطس سنة 1964 وذلك فضلاً عن أن أساس التعويض المحكوم به هو خطأ جهة الإدارة في تخطيه في الترقية الذي ترتب عليه ضرر هو حرمانه من المزايا المادية للترقية والعلاوات والتعويض عن هذا الضرر لا يسقط إلا بالتقادم الطويل ولا يصدق عليه وصف الماهيات والأجور وقد اتخذت المحكمة أساساً لتقدير التعويض الأضرار المادية التي أصابته نتيجة تخطيه وهي تتمثل في حرمانه من مبالغ كان سيحصل عليها كزيادة من مرتبه لو لم يتخط في الترقية في حين أن الأضرار التي أصابته من هذا الخطأ لا تتمثل فقط في الأضرار المادية بل ألحقت به أضراراً أدبية تتمثل في عدم شغله للوظيفة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1951 وحتى 9 من نوفمبر سنة 1957 فالمبلغ المحكوم به ليس في حقيقته فروقاً مالية عن مدة التخطي بل هو مبلغ قدرته المحكمة كتعويض عن التخطي.
وأودعت الوزارة مذكرة بدفاعها أضافت فيها إلى ما ورد بتقرير الطعن أنه لا وجه للمحاجة بما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية في الشق الخاص بتسوية حالة المدعي عند مناقشة دعوى التعويض الماثلة وإنما يتعين مناقشة هذه الدعوى وعناصرها وأسباب صحة القرار المطلوب التعويض عنه من واقع القواعد القانونية التي كانت سارية في تاريخ صدوره وبمراعاة الملابسات والظروف التي أحاطت به. وإذ كانت تسوية حالة المدعي على النحو الذي أورده الحكم المذكور قد جاءت تالية لتاريخ صدور القرار رقم 10290 في 31 من أكتوبر سنة 1951 بعشر سنوات فإنه لا يجوز أن تتخذ تلك التسوية سنداً للقضاء بالتعويض إذ لم تكن تحت نظر جهة الإدارة عند إصدار ذلك القرار - وأضافت الوزارة أن ما ذهب إليه الحكم الصادر في الدعوى 620 لسنة 7 القضائية في شأن الأساس الذي اتخذه لتسوية حالة المدعي محل نظر إذ لا يتفق والتطبيق السليم لأحكام القانون ومن ثم فإن جهة الإدارة لا تكون قد ارتكبت خطأ يستوجب مسئوليتها عن التعويض عن عدم ترقية المدعي إلى الدرجة السادسة بالقرار رقم 10290 لسنة 1951 وتكون دعواه في هذا الشأن على غير أساس من الواقع وسند من القانون متعينة الرفض.
ومن حيث إن الوزارة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب طعنها أنه قد خالف القانون إذ لم يقض بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مستندة في ذلك إلى أن المدعي وقد أصبح بعد العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1960 في شأن نظام الإدارة المحلية من موظفي محافظة القاهرة فإنه كان يجب عليه أن يقيم دعواه ضد تلك المحافظة التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويمثلها المحافظ وفقاً لما تقضي به المادة 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية وإذ أقام الدعوى ضد وزارة التربية والتعليم فإنه يكون أقامها على غير ذي صفة.
ومن حيث إنه ولئن كان المدعي لم يختصم محافظة القاهرة - إلا أن منطقة شرق القاهرة التعليمية - وهي الجهة المختصة بالمحافظة - هي التي تولت الرد على الدعوى وإبداء الدفاع فيها وأودعت ملف خدمة المدعي وما كان الأمر ليختلف لو أقيمت الدعوى ضد محافظة القاهرة - وإذ قبلت الجهة المختصة في الدعوى وأبدت دفاعها فيها الأمر الذي لا يقبل معه الدفع بعدم قبولها - فإن الوجه الأول من أوجه الطعن يكون غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي حصل على الشهادة الابتدائية في سنة 1924 وعين مدرساً للتربية البدنية في أول مايو سنة 1926 ثم فصل في إبريل سنة 1929 وأعيد إلى الخدمة في 25 من فبراير سنة 1930 في الدرجة التاسعة - ورقى إلى الدرجة الثامنة اعتباراً من أول مايو سنة 1944 وذلك بمقتضى القرار رقم 6282 الصادر في 6 من يناير سنة 1945 - وطبق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 فاعتبر في الدرجة الثامنة الفنية المتوسطة من 25 من فبراير سنة 1935 وذلك بالإذن رقم 1088 في 3 من مارس سنة 1948 ورقى إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 - وإلى الدرجة السادسة اعتباراً من 9 أكتوبر سنة 1956 وذلك بالقرار رقم 1960 الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1957 - ثم في 25 من يناير سنة 1959 صدر القرار رقم 139 بضم مدة خدمته السابقة على فصله وبتحديد أقدميته في الدرجة التاسعة اعتباراً من 28 من مارس سنة 1927 وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 - وفي 5 من مارس سنة 1959 تقدم المدعي بتظلم أشار فيه إلى مدة خدمته السابقة على تاريخ فصله وقدرها سنتان وعشرة أشهر وثمانية وعشرون يوماً - وذكر أنه تقدم بشكوى طالباً ضم هذه المدة مع ترتيب الآثار القانونية لهذا الضم إلا أن الوزارة استجابت للشق الأول من هذا الطلب دون أن ترتب على الضم أثره القانوني وذلك بمقتضى القرار رقم 139 الصادر في 25 من يناير سنة 1959 الذي رد تاريخ تعيينه إلى 28 من مارس سنة 1927 وبذلك أصبحت أقدميته في الدرجة الثامنة اعتباراً من ذلك التاريخ وفي الدرجة السابعة اعتباراً من 28 من مارس سنة 1947 طبقاً لقانون المنسيين وفي الدرجة السادسة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1951 طبقاً لقانون التيسير وانتهى المدعي في تظلمه إلى أنه يطعن في قرار ضم خدمته السابقة الذي اقتصر على هذا الضم دون أن تقوم الوزارة بالتسوية طبقاً للقانون وطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلغاء القرار المذكور - وعرض هذا التظلم على مفوض الدولة للوزارة الذي رأى في أول يوليه سنة 1959 حفظه تأسيساً على أن النزاع القائم بين الوزارة والمتظلم لا يعدو أن يكون طلب تسوية لحالته مما يخرج عن اختصاص مكتب التظلمات الإدارية.
وبصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 10 من يوليه سنة 1960 أقام المدعي الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية طالباً الحكم أولاً: بتسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 وذلك بإرجاع أقدميته في الدرجة الثامنة الفنية اعتباراً من 28 من مارس سنة 1932 والدرجة السابعة الفنية اعتباراً من 28 من مارس سنة 1947 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وثانياً: إلغاء القرار الوزاري رقم 10290 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 23 من فبراير سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى: أولاً بأحقية المدعي في تسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 باعتباره في الدرجة الثامنة الفنية من 28 من مارس سنة 1932 وفي الدرجة السابعة الفنية من 28 من مارس سنة 1947 مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب - وثانياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار رقم 10290 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 بالترقية إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة - وأقمت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى التسوية على أنه وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن تسوية حالة معلمي التربية البدنية بمنحهم الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في الخدمة والدرجة السابعة بعد مضي خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة فإن المدعي وقد ضمت مدة خدمته السابقة واعتبر في الدرجة التاسعة من 28 من مارس سنة 1927 يكون مستحقاً للدرجة الثامنة الفنية من 28 من مارس سنة 1932 وللدرجة السابعة اعتباراً من 28 من مارس سنة 1947 - وعلى أنه لا حجة فيما تثيره الوزارة من أن المدعي لا يفيد من المدة المضمومة لأن قرار مجلس الوزراء المشار إليه يستلزم اتصال المدد التي تخضع لأحكامه لأن القرار المذكور لم يتضمن نصاً صريحاً بوجوب هذا الاتصال وأنه لذلك يكون طلب المدعي تسوية حالته على الوجه المبين بطلباته وبالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 قد قام على أساس سليم من القانون ويتعين إجابته إليه - كما أقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار رقم 10290 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 على أن هذا القرار لم ينشر ولم يعلن إلى المدعي وأنه تظلم منه إلى الجهة الإدارية المختصة في 30 من إبريل سنة 1959 ولم يتقدم بطلب إعفائه من رسوم الدعوى إلا في 24 من يناير سنة 1960 وإذ كان ميعاد الطعن فيه ينتهي في 28 من أغسطس سنة 1959 فإن الدعوى تكون قد أقيمت بعد الميعاد.
ومن حيث إن المدعي قد أقام دعواه الماثلة طالباً الحكم بأحقيته في التعويض عما أصابه من ضرر وما فاته من كسب نتيجة تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة من أول أكتوبر سنة 1951 وما يترتب على ذلك من آثار وذلك بمقتضى القرار رقم 10290 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 بناءً على قرار لجنة الترقيات المعتمد من الوزير - وبالرجوع إلى قرار لجنة الترقيات المشار إليه يبين أن الترقية قد شملت من ترجع أقدميتهم في الدرجة السابعة إلى أول أكتوبر سنة 1947 وأن ترقيتهم قد تمت بالأقدمية المطلقة.
ومن حيث إن أقدمية المدعي في الدرجة السابعة - وفقاً للتسوية المقضي بها - ترجع إلى 28 من مارس سنة 1947 - وإذ كانت هذه التسوية تستند إلى القواعد التنظيمية التي تضمنها قراراً مجلس الوزراء الصادران في 9 من مارس سنة 1947 و15 من أكتوبر سنة 1950 فإنه يكون من حق المدعي الطعن في قرارات الترقية - الصادرة بعد العمل بتلك القواعد - والتي تخطته في الترقية بسبب عدم صدور القرار التنفيذي بضم مدة خدمته السابقة قبل إجراء الترقية - ولما كان القرار رقم 10290 قد صدر في 31 من أكتوبر سنة 1951 متضمناً تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة فإنه كان من حقه أن يطعن فيه طالباً إلغاءه فيما تضمنه هذا التخطي مع ما يترتب على ذلك من آثار - وأنه ولئن كان قد فوت على نفسه ميعاد الطعن فيه بالإلغاء على الوجه الذي انتهى إليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية إلا أن ذلك لا يحول دون مطالبته بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب هذا التخطي ما لم يكن حقه في هذا التعويض قد انقضى بالتقادم.
ومن حيث إن الوزارة تستند في دفعها بتقادم حق المدعي في المطالبة بالتعويض إلى أن هذا التعويض هو مقابل حرمانه من الفروق التي فاته الحصول عليها بسبب تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة وذلك في المدة من أول نوفمبر سنة 1951 تاريخ نفاذ القرار الذي تخطاه إلى (19 من أكتوبر سنة 1957) تاريخ ترقيته إلى تلك الدرجة - وإلى أن الحق في المطالبة بتلك الفروق قد انقضى بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ومن حيث إن المادة 50 المشار إليه تقضي بأن (الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة) ومفاد هذا النص حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها - ومناط تطبيق حكم هذه المادة رهين بأمرين - الأول: نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار فردي والثاني: تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة خمس سنوات من تاريخ نشوء هذا الحق رغم علم صاحب الشأن بقيامه علماً حقيقاً أو افتراضياً.
ومن حيث إنه ولئن جاز القول بأن حق المدعي في المطالبة بالتعويض عما فاته من فروق مالية بسبب تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة ثابت وقائم منذ تاريخ نفاذ القرار رقم 10290 المذكور بما انطوى عليه من تخطيه والمستفاد من الأوراق، وما ورد بأسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية أنه لم يعلم بهذا القرار من تاريخ سابق على تقدمه بتظلمه منه في 30 من إبريل سنة 1959 وبناءً على ذلك فإنه من هذا التاريخ يبدأ ميعاد الطعن بالإلغاء في القرار المذكور وكذلك يسرى منه ميعاد التقادم الخمسي بالنسبة لدعوى التعويض - ذلك أنه مما يتنافى مع طبائع الأشياء أن يبقى الحق في طلب الإلغاء قائماً بينما يكون الحق في طلب الفروق المالية وهو الأثر وطلب التعويض وهو المقابل للحرمان من هذه الفروق قد سقط بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن المدعي تقدم بطلب إعفائه من رسوم دعوى التعويض الماثلة في 18 من ديسمبر سنة 1963 ثم أقام الدعوى بعد قبول هذا الطلب الذي قدم قبل مضي خمس سنوات من تاريخ علمه بالقرار المطلوب التعويض عنه - وإذ كان طلب الإعفاء من الرسوم حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم فإن الدعوى تكون قد أقيمت قبل مضي المدة المسقطة للحق في المطالبة بالتعويض ويكون الوجه الثاني من أوجه الطعن المبني على سقوط حق المدعي بالتقادم غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث إن ما تثيره الوزارة في مذكرتها في هذا الطعن في شأن عدم سلامة تسوية حالة المدعي المقضي بها في الدعوى رقم 620 لسنة 7 القضائية وفي شأن عدم جواز اتخاذ هذه التسوية التي تمت بعد صدور القرار المطلوب التعويض عنه بمدة طويلة سنداً للقضاء بالتعويض - ما تثيره الوزارة في هذا الشأن مردود بأنه إذا صدر بالتسوية المشار إليها حكم من المحكمة المختصة فإنه وقد حاز هذا الحكم حجية الشيء المقضى تمتنع إثارة أي نزاع في شأن ما قضى به - وإذ كانت التسوية المذكورة تستند إلى قواعد تنظيمية سابقة على القرار سالف الذكر فإنه يكون من حق المدعي - حسبما سبق البيان - الطعن على ذلك القرار الصادر بعد العمل بتلك القواعد والذي تخطاه لعدم صدور القرار التنفيذي بضم مدة خدمته السابقة قبل إجراء الترقية.
ومن حيث إن أقدمية المدعي في الدرجة السابعة وفقاً للتسوية المقضي له بها ترجع إلى 28 من مارس سنة 1947 - والثابت من الأوراق أن القرار رقم 10290 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1951 بالترقية إلى الدرجة السادسة بالأقدمية المطلقة قد تضمن ترقية من ترجع أقدميتهم في الدرجة السابعة إلى أول أكتوبر سنة 1947 - وإذ كان هذا القرار قد تخطى المدعي في الترقية إلى تلك الدرجة فإنه يكون مخالفاً للقانون - ويكون من حق المدعي المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذا الخطي.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمدعي بالتعويض يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.