مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 623

(83)
جلسة 26 من إبريل سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 191 لسنة 12 القضائية

( أ ) - موظف. "انتهاء خدمة" فصل - قانون "أثر رجعي".
ترتيب الفصل على الحكم الصادر على الموظف في جناية ولو بعقوبة الجنحة طبقاً لنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - صدور الحكم على الموظف في جناية وكذلك قرار فصله في ظل هذا القانون - لا تسرى على الموظف بعد ذلك أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي ألغى القانون رقم 210 لسنة 1951 المجال الزمني للقانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى ما سبق نفاذه من وقائع تمت وتحققت أثارها في ظل القانون الأول وإلا كان في ذلك تطبيق للقانون بأثر رجعي بغير نص يجيز ذلك.
(ب) - قانون "مبدأ القانون الأصلح للمتهم".
مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية - النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية لا تعد من هذا القبيل.
1 - إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية: (1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة. (2) الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف. (3) ..... ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائي يفضي وفقاً لأحكام هذا القانون إلى عزل الموظف العام إذا كان الحكم صادراً في جناية، فمتى قام هذا الوصف بالفعل المنسوب إلى الموظف العام، والذي جوزي من أجله فلا مفر من أن يؤدي الحكم الصادر بإدانته بسببه إلى عزله سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية أم تضمن توقيع عقوبة الجنحة في الحالات المعينة التي نص عليها القانون، ذلك أنه واضح أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه لم يفرق بين الأحكام الصادرة في جناية من حيث أثرها على مركز الموظف العام تبعاً لنوع العقوبة التي تتضمنها كما أنه كذلك لم يفرق بين جناية وجناية أخرى تبعاً لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به، فتتساوى في الأثر الأحكام الصادرة في جناية القتل العمد وجناية هتك العرض وجناية إحراز سلاح ناري بغير ترخيص أو غيرها، إذ جميعها أحكام صادرة في جنايات وكلها تنهي حتماً وبحكم القانون العلاقة بين الموظف والدولة.
ولما كان الحكم الذي قضى بإدانة المطعون عليه في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص قد صدر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة آنف الذكر.
وبذا لزم أن تترتب عليه الآثار القانونية التي استتبعها والتي نص عليها هذا القانون، ما دامت الواقعة التي انبنت عليها هذه الآثار، وهي صدور الحكم، قد تحققت بالفعل قبل إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، فليس من شأن صدور هذا القانون الأخير في أثناء نظر الدعوى أن ينقل الواقعة المذكورة من الماضي ليخضعها لسلطانه، كما لا ينسحب حكمه عليها بأثر رجعي دون نص فيه على ذلك، ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعمال القانون الجديد الذي اشترط لإنهاء الخدمة أن يكون الحكم على العامل بعقوبة جناية، لتعلق الأمر بواقعة لم تستجد من تاريخ نفاذه بل سابقة عليه وخاضعة لحكم القانون القديم وحده الذي يبقى بعد إلغائه سارياً في شأن الآثار التي تحققت بالفعل إبان نفاذه، ومتى استبعد تطبيق القانون الجديد سقط بالتالي الاستناد الذي قام عليه الحكم المطعون فيه لتطبيق أحكام هذا القانون.
2 - إن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية التي تتصل بالتجريم والعقاب، ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية، وهو إجراء لا ينطوي على أي جزاء جنائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 32 لسنة 8 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 22 من أكتوبر سنة 1960 ذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة مدرس بالمدارس الابتدائية بوزارة التربية والتعليم حين اتهم في الجناية رقم 2598 لسنة 1958 منفلوط بأنه أولاً: أحرز سلاحاً نارياً بغير ترخيص. ثانياً: تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل عبده حسن محمد. وعلى أثر صدور الحكم عليه في هذه الجناية بحبسه ستة أشهر مع الشغل والمصادرة تقرر في 31 من مايو سنة 1960 فصله من الخدمة طبقاً لأحكام المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولما كانت العقوبة المقضي بها عليه هي عقوبة جنحة وفي جريمة ليست مخلة بالشرف فإنه ما كان يجوز فصله ومن ثم يكون القرار الصادر بفصله مخالفاً للقانون وطلب لذلك إلغاءه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات، وقد ردت الإدارة على الدعوى بأن القرار المطعون فيه قد التزم القاعدة الواردة في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تقضي بإنهاء خدمة الموظف إذا حكم عليه في جناية، وطلبت رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات. وبجلسة 22 من نوفمبر سنة 1965 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة المصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه ولئن صدر مطابقاً لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي كانت تقضي بانتهاء خدمة الموظف إذا حكم عليه في جناية، إلا أن المدعي قد أدركه في أثناء نظر الدعوى القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، الذي اشترط لانتهاء خدمة الموظف في هذه الحالة أن يحكم عليه بعقوبة جناية فمن ثم يسري في شأنه الحكم المستحدث ويفيد منه باعتباره القانون الأصلح له، وإذ كان الثابت أنه قد حكم عليه في جناية إحراز السلاح التي اتهم فيها بحبسه مع الشغل لمدة ستة أشهر وهذه عقوبة جنحة، فإنه طبقاً لهذا القانون الجديد لا يعد الحكم الصادر ضده في هذه الجناية من الأسباب التي تنتهي بها خدمته، ويكون القرار الصادر بفصله قد انهارت بذلك مشروعيته وحق إلغاؤه.
وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وأقامت طعنها على أن مناط إعمال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هو أن يحكم على الموظف في جناية أو في أية جريمة مخلة بالشرف، ومن ثم فإن الحكم ضد موظف عام في جناية كاف بذاته لإنفاذ حكم هذه المادة، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده قد حكم عليه نهائياً في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص، فإن القرار الصادر بفصله اعتباراً من تاريخ الحكم عليه يكون قد صدر مطابقاً لأحكام القانون القائم وقت صدور هذا الحكم لما هو مقرر فقهاً وقضاءً من أن مشروعية القرار الإداري إنما تكون بالنظر إلى مدى مطابقته للقواعد القانونية التي صدر في ظلها. وإذ هب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية: (1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة. (2) الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف. (3)..... ومؤدى ذلك أن الحكم الجنائي يفضي وفقاً لأحكام هذا القانون إلى عزل الموظف العام إذا كان الحكم صادراً في جناية، فمتى قام هذا الوصف بالفعل المنسوب إلى الموظف العام، والذي جوزي من أجله فلا مفر من أن يؤدي الحكم الصادر بإدانته بسببه إلى عزله سواء تضمن الحكم توقيع عقوبة جناية أو تضمن توقيع عقوبة الجنحة في الحالات المعينة التي نص عليها القانون، ذلك أنه واضح أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه لم يفرق بين الأحكام الصادرة في جناية من حيث أثرها على مركز الموظف العام تبعاً لنوع العقوبة التي تتضمنها كما أنه كذلك لم يفرق بين جناية وجناية أخرى تبعاً لكونها مخلة بالشرف أو غير مخلة به، فتتساوى في الأثر الأحكام الصادرة في جناية القتل العمد وجناية هتك العرض وجناية إحراز سلاح ناري بغير ترخيص أو غيرها، إذ جميعها أحكام صادرة في جنايات وكلها تنهي حتماً وبحكم القانون العلاقة بين الموظف والدولة.
ومن حيث إن الحكم الذي قضى بإدانة المطعون عليه في جناية إحراز سلاح بغير ترخيص قد صدر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة آنف الذكر. وبذا لزم أن تترتب عليه الآثار القانونية التي استتبعها والتي نص عليها هذا القانون ما دامت الواقعة التي انبنت عليها هذه الآثار، وهي صدور الحكم، قد تحققت بالفعل قبل إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فليس من شأن صدور هذا القانون الأخير في أثناء نظر الدعوى أن ينقل الواقعة المذكورة من الماضي ليخضعها لسلطانه، كما لا ينسحب حكمه عليها بأثر رجعي دون نص فيه على ذلك، ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعمال القانون الجديد الذي اشترط لإنهاء الخدمة أن يكون الحكم على العامل بعقوبة جناية، لتعلق الأمر بواقعة لم تستجد من تاريخ نفاذه بل سابقة عليه وخاضعة لحكم القانون القديم وحده الذي يبقى بعد إلغائه سارياً في شأن الآثار التي تحققت بالفعل إبان نفاذه، ومتى استبعد تطبيق القانون الجديد سقط بالتالي الاستناد الذي قام عليه الحكم المطعون فيه لتطبيق أحكام هذا القانون.
ومن حيث إنه لا صحة كذلك لما استند إليه الحكم المطعون فيه لتطبيق القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على الحالة المعروضة من أنه هو القانون الأصلح للمدعي، ذلك أن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية التي تتصل بالتجريم والعقاب، ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية، وهو إجراء لا ينطوي على أي جزاء جنائي، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر في 31 من مايو سنة 1960، في ظل العمل بأحكام قانون نظام موظفي الدولة القديم رقم 210 لسنة 1951 بإنهاء خدمة المطعون عليه إعمالاً لأحكام هذا القانون على النحو سالف البيان قد صدر سليماً مبرأ من عيوب عدم المشروعية ويكون طلب المدعي إلغاءه غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون متعين الرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.