أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثامن
من أول يوليو 1996 حتى آخر يونيو 1998 - صـ 901

جلسة 4 أكتوبر 1997

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

قاعدة رقم (61)
القضية رقم 12 لسنة 18 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "ميعاد: غايته".
مهلة الثلاثة أشهر المقررة لرفع الدعوى الدستورية غايتها النزول بكل ميعاد يزيد عليها إلى ما لا يجاوزها.
2 - دعوى دستورية "ميعاد".
اعتبار مهلة الثلاثة أشهر المقررة لرفع الدعوى الدستورية حداً زمنياً نهائياً تقرر بقاعدة آمرة لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعداه.
3 - دعوى دستورية "ميعاد".
مؤدى فوات الميعاد الذي عينته محكمة الموضوع لإقامة الدعوى الدستورية بما لا يجاوز مدة الأشهر الثلاثة: اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن - امتناع قبول الدعوى الدستورية.
4 - دعوى دستورية "ميعاد: مهلة جديدة".
معيار الاعتداد بالمهلة الجديدة أو إطراحها هو اتصالها بالمدة الأصلية أو انفصالها عنها.
5 - دعوى دستورية "ميعاد - مهلة جديدة - رقابة".
ضرورة إفصاح الأوراق عن اتجاه إرادة محكمة الموضوع اتجاهاً جازماً إلى منح الخصم مهلة جديدة - خضوع ذلك لرقابة المحكمة الدستورية العليا.
1، 2، 3 - البند (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد نص على أنه إذا دفع أحد الخصوم أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة؛ وقدرت المحكمة أو الهيئة جدية هذا الدفع أجلت نظر الدعوى المنظورة أمامها؛ وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر يرفع خلالها دعواه الدستورية للفصل في المسائل التي تعلق بها هذا الدفع.
إن مهلة الأشهر الثلاثة المنصوص عليها في البند المشار إليه، غايتها النزول بكل ميعاد يزيد عليها إلى ما لا يجاوزه باعتبارها حداً زمنياً نهائياً تقرر بقاعدة آمرة فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعداه. فإن هي فعلت؛ ما كان للخصم أن يقيم دعواه الدستورية بعد فواتها؛ ذلك أن قانون هذه المحكمة لا يطرح خيارين يفاضل بينهما المدعي في الدعوى الدستورية؛ أحدهما الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع لرفعها، وثانيهما المهلة الزمنية النهائية التي لا يجوز لها أن تتخطاها في تحديدها لهذا الميعاد؛ إنما هو ميعاد واحد يتعين أن يتقيد به المدعي في الدعوى الدستورية؛ هو ذلك الذي عينته محكمة الموضوع لإقامتها بما لا يجاوز عدة الأشهر الثلاثة المشار إليها. يؤيد حتمية هذا الميعاد، أن فواته مؤداه، اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن؛ وامتناع قبول الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها بما يحول دون مضيها في نظرها.
4، 5 - لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداءً لرفع الدعوى الدستورية؛ ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول؛ فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به؛ ومجرداً قانوناً من أي أثر. بما مؤداه، أن معيار الاعتداد بالمهلة الجديدة أو إطراحها؛ هو اتصالها بالمدة الأصلية؛ أو انفصالها عنها، فكلما تقررت المهلة الجديدة قبل انقضاء المدة الأصلية؛ فإنها تتداخل معها وتصبح جزءاً منها وامتداداً لها؛ وعلى نقيض ذلك أن يتم تحديد هذه المهلة بعد انتهاء المدة الأصلية؛ إذ تغدو عندئذ منبتة الصلة بها؛ وغير مندمجة فيها، وغريبة عنها؛ ولا يجوز - بالتالي - التعويل على القرار الصادر بها، وذلك كله شريطة أن تفصح الأوراق عن اتجاه إرادة محكمة الموضوع اتجاهاً قاطعاً وجازماً إلى منح الخصم تلك المهلة؛ وبما يخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا.


الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من فبراير سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (11 مكرراً ثانياً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الثانية كانت قد أقامت الدعوى رقم 425 لسنة 1995 أحوال شخصية جزئي كوم حمادة ضد المدعي بطلب الحكم بتقرير نفقة شهرية لها ولولديه منها مع أمره بالأداء، قولاً منها بأنها زوجته بصحيح العقد الشرعي؛ وأنها ما زالت في عصمته وطاعته، وأنها قد رزقت منه بطفلين هما يمنى ومحمد وقد تركهم جميعاً بلا نفقة ولا منفق. وبجلسة 25/ 12/ 1995 - المحددة لنظر الدعوى - دفع المدعي بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع. فقد صرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية خلال أجل غايته 16/ 1/ 1996؛ فأقامها.
وحيث إن البند (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد نص على أنه إذا دفع أحد الخصوم أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة؛ وقدرت المحكمة أو الهيئة جدية هذا الدفع أجلت نظر الدعوى المنظورة أمامها؛ وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر يرفع خلالها دعواه الدستورية للفصل في المسائل التي تعلق بها هذا الدفع.
وحيث إن مهلة الأشهر الثلاثة المنصوص عليها في البند المشار إليه، غايتها النزول بكل ميعاد يزيد عليها إلى ما لا يجاوزه باعتبارها حداً زمنياً نهائياً تقرر بقاعدة آمرة فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعداه. فإن هي فعلت؛ ما كان للخصم أن يقيم دعواه الدستورية بعد فواتها؛ ذلك أن قانون هذه المحكمة لا يطرح خيارين يفاضل بينهما المدعي في الدعوى الدستورية؛ أحدهما الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع لرفعها، وثانيهما المهلة الزمنية النهائية التي لا يجوز لها أن تتخطاها في تحديدها لهذا الميعاد؛ إنما هو ميعاد واحد يتعين أن يتقيد به المدعي في الدعوى الدستورية؛ هو ذلك الذي عينته محكمة الموضوع لإقامتها بما لا يجاوز عدة الأشهر الثلاثة المشار إليها. يؤيد حتمية هذا الميعاد، أن فواته مؤداه، اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن؛ وامتناع قبول الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها بما يحول دون مضيها في نظرها. ويتفرع على ما تقدم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداءً لرفع الدعوى الدستورية؛ ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول؛ فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به؛ ومجرداً قانوناً من أي أثر. بما مؤداه، أن معيار الاعتداد بالمهلة الجديدة أو إطراحها؛ هو اتصالها بالمدة الأصلية؛ أو انفصالها عنها، فكلما تقررت المهلة الجديدة قبل انقضاء المدة الأصلية؛ فإنها تتداخل معها وتصبح جزءاً منها وامتداداً لها؛ وعلى نقيض ذلك أن يتم تحديد هذه المهلة بعد انتهاء المدة الأصلية؛ إذ تغدو عندئذ منبتة الصلة بها؛ وغير مندمجة فيها، وغريبة عنها؛ ولا يجوز - بالتالي - التعويل على القرار الصادر بها، وذلك كله شريطة أن تفصح الأوراق عن اتجاه إرادة محكمة الموضوع اتجاهاً قاطعاً وجازماً إلى منح الخصم تلك المهلة؛ وبما يخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه متى كان ذلك؛ وكان محكمة الموضوع بعد تقديرها جدية الدفع المبدي من المدعي، حددت لرفع دعواه الدستورية، ميعاداً ينتهي في 16 يناير سنة 1996؛ وكان المدعي لم يودع صحيفة الدعوى الماثلة خلال هذا الميعاد؛ فإن هذا الدفع يعتبر كأن لم يكن بما يحول بين المحكمة الدستورية العليا ومضيها في نظر الدعوى الماثلة؛ وكان لا يغير من ذلك صدور قرار من محكمة الموضوع بتاريخ 23 من يناير سنة 1996 بالتصريح للمدعي مجدداً برفع الدعوى الدستورية خلال أجل غايته 27 من فبراير 1996، إذ لا يسعها - وعلى ما تقدم - أن تفتح للدعوى الدستورية ميعاداً جديداً بعد انقضاء الميعاد الأول المحدد ابتداء لرفعها، فلا تقبل دعواه الدستورية بالتالي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.