مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 671

(89)
جلسة 3 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 1003 لسنة 13 القضائية

عقد الوكالة "انعقاده".
يشترط لصحة انعقاد الوكالة أن يكون الموكل أهلاً لأن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل غيره فيه - إذا كان الموكل قاصراً وقت الوكالة وإنما بالغاً سن التمييز وكان التصرف القانوني محل الوكالة من قبيل التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر فإن هذا التصرف يكون قابلاً للإبطال لمصلحة القاصر ويزول حق التمسك به إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد - إبداء الموكل دفاعه أمام المحكمة على أساس من قيام التصرف القانوني محل هذه الوكالة يعتبر اعترافاً منه به وإجازة له - مثال.
يشترط لصحة انعقاد الوكالة أن يكون الموكل أهلاً لأن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل غيره فيه، وكانت الموكلة وقت الوكالة قاصراً، إلا أنه طالما أنها كانت في السادسة عشرة من عمرها، وبلغت بذلك سن التمييز، وكان التصرف القانوني محل الوكالة ليس من قبيل التصرفات المالية الضارة ضرراً محضاً وإنما هو من قبيل التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر باعتبار أن محله مجرد استرداد لما أنفق على الطالبة من مصروفات في أثناء الدراسة فإن هذا التصرف يكون في حكم المادة 111 من القانون المدني قابلاً للإبطال لمصلحة القاصر ويزول حق التمسك به إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد. وإذ حضرت المدعى عليها الأولى أمام محكمة القضاء الإداري على ما سلف البيان، وأبدت دفاعها على أساس من قيام التصرف القانوني محل هذه الوكالة، فإن هذا يكون اعترافاً منها به وإجازة له، وإذ كان الأمر كذلك فإنه يتعين الاعتداد بهذه الوكالة وبموضوعها ومن ثم ينصرف أثر تصرف المدعى عليه الثاني إلى المدعى عليها الأولى مباشرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن السيدين وزير التربية والتعليم ومحافظ سوهاج بصفتيهما أقاما الدعوى رقم 660 لسنة 18 القضائية ضد السيدين: إبراهيم أحمد طه وإبراهيم محمد رشوان، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 4 من إبريل سنة 1964، وطلب المدعيان "الحكم بإلزام المدعى عليهما على وجه التضامن بأن يدفعا مبلغ ثلاثين جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد نظرت هذه الدعوى بجلسة 19 من إبريل سنة 1967 وفيها حضرت السيدة/ ليلى إبراهيم أحمد وقررت أنها بلغت سن الرشد، وعلى هذا صحح الحاضر عن الحكومة شكل الدعوى في مواجهتها وذلك بإدخالها في الخصومة بعد أن كانت مختصمة في شخص والدها السيد/ إبراهيم أحمد طه باعتباره ولياً طبيعياً عليها. وقال المدعيان بياناً للدعوى أن المدعى عليها الأولى التحقت بمعهد المعلمات الريفية بسوهاج ابتداء من العام الدراسي 1961/ 1962، وأن المدعى عليه الثاني وقع تعهداً باستمرارها في الدراسة حتى التخرج.... وإذا أخلت بالتزاماتها أو فصلت لأي عذر كان قبل إتمام الدراسة... فإنه يلزم بسداد كافة المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليها بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها، وقد أخلت المذكورة بهذا التعهد بأن انقطعت عن الدراسة ابتداء من 21 من سبتمبر سنة 1963 مما اضطر المدرسة إلى فصلها، وبالتالي يلتزم المدعى عليه الثاني بسداد جميع المصروفات التي أنفقتها الوزارة وقدرها ثلاثون جنيهاً بطريق التضامن وفقاً للتعهد الموقع منه.
وقد طلب المدعى عليهما بمحضر جلسة 19 من إبريل سنة 1967 سالفة الذكر أصلياً: برفض الدعوى واحتياطياً: التقسيط، وأوضحت المدعى عليها الأولى أنها انقطعت عن الدراسة بسبب الزواج.
وبجلسة 30 من إبريل سنة 1967 قضت المحكمة "برفض الدعوى وإلزام جهة الإدارة المدعية بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن المدعى عليه الثاني (إبراهيم محمد رشوان) لم تثبت صفته باعتباره ولياً طبيعياً على المدعى عليها الأولى لأنه ليس والدها، كما لم تثبت صفته أيضاً كوكيل عنها، وبناءً عليه فإن تعهده بأن تستمر المدعى عليها الأولى في الدراسة وأن تخدم الوزارة قد صدر من غير ذي صفة ووقع على غير محل وبالتالي لا يكون هناك التزام أصلي، وأضافت المحكمة أن المدعى عليه الثاني وقع أيضاً تعهداً خاصاً بضمان تنفيذ التزام المدعى عليها الأولى المذكور وهو عقد كفالة تابع لالتزام غير موجود فيكون باطلاً، وتصبح الدعوى على غير أساس من القانون متعينة الرفض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أقامت طعنها 28 من يونيه سنة 1967 طالبة القضاء "بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى والحكم بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا لمحافظة سوهاج مبلغ ثلاثين جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، فضلاً عن المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة" وبنت هذا الطعن على أن التعهد الصادر من المدعى عليه الثاني باستمرار المدعى عليها الأولى في الدراسة والأشغال مدة خمس السنوات التالية للتخرج هو تعهد صحيح وفقاً لحكم القانون وما كان يجوز إهداره كالتزام أصلي.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعى عليه الثاني السيد/ إبراهيم محمد رشوان وقع في 6 من أغسطس سنة 1961 إقراراً معداً لتوقيعه من الأب، تعهد فيه نيابة عن الطالبة القاصر ليلى إبراهيم طه المولودة في 3 من يوليه سنة 1945 بأنها إذا تخلفت عن الاستمرار في دراستها بدار المعلمات الريفية بسوهاج أو فصلت من المدرسة أو تركتها لأي عذر كان قبل إتمام دراستها، فإنه يقوم بصفته بسداد كافة المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليها بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها. وقد ذيل هذا القرار بإقرار آخر وقعه المذكور في التاريخ ذاته بصفته ولي أمر الطالبة بأن يكون ضامناً بصفته الشخصية تنفيذ التعهد المشار إليه وسداد كافة المبالغ المستحقة للوزارة نتيجة التعهد المذكور فور مطالبته بها. وقد التحقت الطالبة بدار المعلمات المذكورة في أكتوبر سنة 1961 ثم تغيبت عن الدراسة في 21 من سبتمبر سنة 1963 فأبلغت الدار ولي أمرها المدعى عليه الثاني بذلك في 30 من سبتمبر سنة 1963 ولفتت نظره إلى ما يقضي به القانون من فصل الطالب إذا تغيب خمسة عشر يوماً بدون عذر مقبول، فأجابها في 7 من أكتوبر سنة 1963 بأن الطالبة قد تزوجت وغادرت البلاد إلى المملكة السعودية. وفي 12 من أكتوبر سنة 1963 أصدرت الدار قراراً بفصل الطالبة المذكورة لغيابها أكثر من المدة القانونية بدون عذر مقبول.
ومن حيث إنه يبين من أوراق التحاق المدعى عليها الأولى كطالبة بدار المعلمات المشار إليها أن المدعى عليه الثاني السيد/ إبراهيم محمد رشوان هو ولي أمرها وليس والدها، وإذ تعهد نيابة عنها بأن يقوم بسداد جميع المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليها إذا هي تخلفت عن الاستمرار في دراستها، فإنما يكون قد التزم بذلك بصفته وكيلاً عنها، وهو الأمر الذي أيده حضورها أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 19 من إبريل سنة 1967 وطلبها تقسيط المبلغ المطالب به، بما يدل على رضاها السابق بهذه الوكالة واعترافها بقيامها وإقرارها لها.
ومن حيث إنه وإن كان يشترط لصحة انعقاد الوكالة أن يكون الموكل أهلاً لأن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل غيره فيه، وكانت الموكلة وقت الوكالة قاصراً، إلا أنه طالما أنها كانت في السادسة عشرة من عمرها، وبلغت بذلك سن التمييز، وكان التصرف القانوني محل الوكالة ليس من قبيل التصرفات المالية الضارة ضرراً محضاً وإنما هو من قبيل التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر باعتبار أن محله مجرد استرداد لما أنفق على الطالبة من مصروفات في أثناء الدراسة فإن هذا التصرف يكون في حكم المادة 111 من القانون المدني قابلاً للإبطال لمصلحة القاصر ويزول حق التمسك به إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد. وإذ حضرت المدعى عليها الأولى أمام محكمة القضاء الإداري على ما سلف البيان، وأبدت دفاعها على أساس من قيام التصرف القانوني محل هذه الوكالة، فإن هذا يكون اعترافاً منها به وإجازة له، وإذ كان الأمر كذلك فإنه يتعين الاعتداد بهذه الوكالة وبموضوعها، ومن ثم ينصرف أثر تصرف المدعى عليه الثاني إلى المدعى عليها الأولى مباشرة.
ومن حيث إن المدعى عليها الأولى، وقد تخلفت عن الاستمرار في دراستها بالمخالفة للإقرار المنوه عنه، بدون عذر مقبول والزواج لا يعد كذلك على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، فقد ترتب في ذمتها الالتزام بسداد جميع المصروفات التي أنفقتها عليها الوزارة خلال السنتين اللتين مكثتهما في الدراسة ومقدارها ثلاثون جنيهاً، كما يلتزم المدعى عليه الثاني بهذا المبلغ باعتباره كفيلاً طبقاً للإقرار الموقع منه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لما كان محل الالتزام هو دفع مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، محدد بقيمة المصروفات التي أنفقتها الوزارة على الطالبة خلال السنتين المشار إليهما، ومقداره ثلاثون جنيهاً، فإن المدعى عليهما يلتزمان طبقاً لحكم المادة 226 من القانون المدني بالفوائد المستحقة على هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4 من إبريل سنة 1964، والتي تمت بالنسبة إلى المدعى عليها الأولى قبل أن تبلغ سن الرشد، في مواجهة والدها باعتباره ولياً طبيعياً عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد خالف حكم القانون، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبإلزام المدعى عليها الأولى بصفتها مدينة أصلية، والمدعى عليه الثاني بصفته ضامناً، بأن يدفعا إلى محافظة سوهاج مبلغ ثلاثين جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4 من إبريل سنة 1964 حتى تمام الوفاء مع إلزامهما بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المدعى عليها الأولى بصفتها مدينة أصلية، والمدعى عليه الثاني بصفته ضامناً، بأن يدفعا إلى محافظة سوهاج مبلغ ثلاثين جنيهاً، وفوائده القانونية بواقع 4% (أربعة في المائة) سنوياً، من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4 من إبريل سنة 1964 حتى تمام الوفاء مع إلزامهما بالمصروفات.