مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 693

(93)
جلسة 10 من مايو سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد - المستشارين.

القضية رقم 449 لسنة 13 القضائية

موظف "انتهاء خدمة - الاستقالة".
تضمين الاستقالة طلب تطبيق قانون المعاشات لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدى فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 314 لسنة 10 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة العدل بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 17 من يونيه سنة 1963 ذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة مراجع حسابي بالدرجة الرابعة الفنية بمصلحة الشهر العقاري، وإذ صدر قانون المعاشات الجديد بادر في 4 من يناير سنة 1963 بتقديم طلب لإحالته إلى المعاش وقد كانت دهشته بالغة بعد أن قبلت استقالته إذ تبين له أنه لا يستحق معاشاً بل يستحق مكافأة فقط، فبادر بتقديم طلب لإعادته إلى الخدمة ما دامت الإدارة لم تحقق له الشرط الذي قرن به استقالته، غير أنها لم تعر طلبه هذا التفاتاً مما اضطره إلى إقامة هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في العودة إلى العمل وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن القرار الصادر بقبول استقالة المدعي إنما صدر بناءً على طلب صريح منه غير معلق على أي شرط، ومن ثم يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون وطلبت من أجل ذلك رفض الدعوى، وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها تحت رقم 531 لسنة 19 القضائية، وبعد نظرها أمام هذه المحكمة المذكورة على الوجه الموضح بمحاضر جلساتها أصدرت بجلستها المنعقدة في 6 من فبراير سنة 1967 حكمها فيها قاضياً "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على ما تبين لها من أن الإدارة قد قبلت استقالة المدعي بناءً على الطلب المقدم منه في 10 من يناير سنة 1963 بقبول استقالته وهو طلب غير معلق على أي شرط ومن ثم يكون القرار الصادر بقبول الاستقالة سليماً ولا وجه للطعن عليه وقد طعن المدعي في هذا الحكم وأقام طعنه على أن طلب الاستقالة الذي استند إليه القرار الصادر بقبولها وإن خلا من أي شرط إلا أنه لا يمكن فصله عن طلبه السابق الذي قرنه بشرط استحقاقه للمعاش اعتقاداً منه خطأ باستحقاقه معاشاً، وهذا الشرط يجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة النافذ وقتذاك، وعلى ذلك يكون القرار الصادر بقبول استقالته استناداً إلى طلب شابه غلط وقع فيه ودون أن تحقق له الإدارة الشرط الوارد به قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي تقدم في 3 من يناير سنة 1963 بطلب إلى السيد أمين عام الشهر العقاري أبدى فيه رغبته في استقالته من الخدمة مع تسوية حالته طبقاً لقانون المعاشات وفي 10 من يناير سنة 1963 شفع هذا الطلب بطلب آخر التمس فيه الموافقة على قبول استقالته من الخدمة، وبناءً على هذا الطلب الأخير وبعد موافقة السيد وزير العدل عليه في 22 من يناير سنة 1963 وعملاً بأحكام المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أصدر السيد وكيل الوزارة بمقتضى التفويض الصادر له قراراً بقبول الاستقالة المذكورة اعتباراً من 22 من يناير سنة 1963 تاريخ موافقة السيد وزير العدل على قبولها.
ومن حيث إن الطلبين اللذين تقدم بهما المدعي يبدي فيهما رغبته في الاستقالة كما هو واضح من سياق عباراتهما غير معلقين على أي شرط، ذلك أن طلب تطبيق قانون المعاشات في حقه، وهو ما كان سيجري حكمه عليه دون حاجة إلى التنبيه إليه لو كان له وجه حق في ذلك لا يعد من قبيل الشروط التي تجعل الاستقالة كأن لم تكن طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليه، على أنه أياً كان وجه الرأي في مضمون الطلب الأول الذي أشار فيه المدعي إلى قانون المعاشات، فإن الطلب الثاني المقدم منه بعد ذلك الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أي شرط مما ينفي أية مظنة يمكن أن تساند المدعي فيما يتحمل فيه الآن، وقد كان عليه أن يتدبر أمره في ضوء حكم القانون في شأن تسوية حالته قبل أن يقدم على الاستقالة، أما وقد تقدم بها وألح في قبولها بطلب آخر لم يذكر به أكثر من أنه يطلب الموافقة على قبول استقالته من الخدمة فلا تثريب على الوزارة إن هي قبلت الاستقالة ورتبت عليها أثرها القانوني، ومن ثم يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد جاء مطابقاً لأحكام القانون ويكون طلب المدعي إلغاءه غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون متعين الرفض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد صادف الحق في قضائه، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن، مع إلزام الطاعن بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بمصروفاته.