مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 802

(106)
جلسة 16 من يونيه سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ محمد شلبي يوسف - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.

القضية رقم 781 لسنة 7 القضائية

عامل - الخدمة الخارجون عن الهيئة. "الصناع". "مرتب الصناعة".
كادر العمال يقرر مرتب صناعة للمعينين من الخدمة على درجات الصناع - حكم المادة 8 من كادر العمال فيما تضمنه بشأن بدل الصناع مقصور الأثر على المستخدمين الصناع الموجودين بالخدمة عند نفاذ كادر سنة 1939 ولا يسري على من يعين بعد ذلك في ظل أحكام كادر سنة 1939، أساس ذلك - كتاب وزارة المالية المؤرخ 7/ 10/ 1947 الذي قرر إيقاف صرف مرتب الصناعة لا يؤثر في هذا الشأن، أساس ذلك.
يبين من استقراء نصوص كادر العمال أنها تقرر مرتب صناعة بالنسبة للمستبقين من الخدمة على درجات الصناع، أما ما قضت به المادة (8) من أن بدل الصناع يستهلك عند منح الموظف أول علاوة دورية أو ترقية، فهو حسب مفهوم هذه المادة إنما هو بطبيعته نص مؤقت مقصور الأثر على المستخدمين الصناع الحاليين إذ نصت هذه المادة "الخدمة الصناع الحاليين.." أما الموجودون بالخدمة عند نفاذ كادر سنة 1939، فلا يسري هذا النص حسب صريح عبارته على من يعين بعد ذلك في ظل أحكام كادر سنة 1939، يؤيد ذلك ويدعمه ما ورد في الجدول المرافق لهذا القانون - كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال الصناع إذ بعد أن حدد المشرع درجاتهم - وعين المرتبات المقررة لكل درجة نص فيما يتعلق بالدرجات الرابعة والثالثة والثانية، على أن يزاد المرتب بمرتب صناعة قدره 2 جنيه و400 مليم سنوياً أي بعبارة أخرى يمنح المرتب في جميع الأحوال مزيداً بمرتب صناعة، بصرف النظر عن منح الموظف أول ترقية أو أول علاوة إذ لو أراد المشرع خلاف ذلك لأتى بنص مماثل للمادة الثامنة في نهاية الكادر وهو الأمر الذي لم يرده أو يقصده - وعلى هذا الأساس فإن المدعي يستحق بدل الصناعة وفق أحكام كادر سنة 1939، ولا يؤثر في هذا الاستحقاق صدور كتاب وزارة المالية المؤرخ 7 - 10 - 1947 سالف الذكر والذي قررت بمقتضاه وزارة المالية "إيقاف صرف مرتب الصناعة للخدمة الخارجين عن الهيئة الصناع الذين عينوا في الدرجة الرابعة "2 - 3 ج" بماهية قدرها 3 ج في الشهر بعد 30 من مايو سنة 1944 تاريخ تنفيذ قواعد الإنصاف - ذلك أن مرتب الصناعة للخدمة الخارجين عن الهيئة الصناع تقرر بكادر سنة 1939 الصادر من مجلس الوزراء حسبما أسلفت المحكمة ومتى كان هذا المرتب قد تقرر بقاعدة تنظيمية عامة وكما أداتها قرار مجلس الوزراء المذكور، فإن إلغاء هذه القاعدة أو تعديلها لا يكون إلا بنفس الأداة التي صدرت بها أو بأداة من درجة أعلى، وتأسيساً على ذلك فإن وزارة المالية لا تملك وحدها - باعتبارها سلطة أدنى من مجلس الوزراء - أن تلغي مرتب الصناعة أو تعديل في فئاته أو شروط استحقاقه على نحو يخالف ما جاء بكادر سنة 1939.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات النزاع تجمل حسبما يبين من أوراقها في أن المدعي أقام دعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة المذكورة في 26/ 12/ 1960 طالباً الحكم بصرف بدل صناعة للمدعي من سبتمبر سنة 1948 إلى الآن - وما يترتب على ذلك من آثار مالية مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب. وقال شرحاً لدعواه أنه عين في وظيفة طباخ بالمجموعة الصحية بالزرقا في 16/ 1/ 1947 في درجة صانع وكان يتقاضى راتب صناعة من بدء التعيين إلى نهاية سبتمبر سنة 1948، وقد أوقف صرفه من ذلك التاريخ إلى الآن، رغم تظلمه دون جدوى ودون أن يكون لوقف صرفه سبب قانوني.
وقد ردت المدعى عليها على الدعوى بأنه صدر قرار في 16/ 1/ 1947 بتعيين المدعي في وظيفة طباخ بالمجموعة الصحية بالزرقا بماهية شهرية قدرها ثلاثة جنيهات بالدرجة الرابعة بكادر غير الصناع ثم نقل إلى الدرجة الثانية خارج الهيئة كادر غير الصناع اعتباراً من 1/ 7/ 1952 وقد صدرت تعليمات الوزارة بفحص الطباخين وأخذ من المدعي عينات دم وبول وبراز ووردت نتيجة الدم إيجابية وعقب ثبوت عدم صلاحية المدعي طبياً للعمل بوظيفة طباخ أبعد عن الطباخة وألحق بالعمل طبقاً لكتاب دوري المالية في 7/ 10/ 1947 وكتاب ديوان الموظفين رقم 80 - 12/ 11 في عام 1958 فإن المدعي لا يستحق هذا المرتب وطلبت المدعى عليها رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد قدم المدعي مذكرة بدفاعه تعقيباً على رد الجهة الإدارية بأن أوراق ملف خدمته تقطع بأنه طباخ وأنه لم يفصل من هذه الوظيفة وقدم شهادتين من مفتش صحة الزرقا إحداهما مؤرخة 23/ 2/ 1960 والأخرى مؤرخة 9/ 11/ 1960 ثابتاً بهما أن المدعي قائم بعمل طباخ في المجموعة الصحية بالزرقا للآن.
وبجلسة 10 من ديسمبر سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في صرف بدل الصناعة المقرر لمهنة طباخ بواقع 200 مليم شهرياً اعتباراً من 15/ 11/ 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأسست قضاءها على أن المدعي قدم مذكرة من السيد مفتش صحة الزرقا مؤرخة 23/ 2/ 1960، ورد بها أن المدعي طباخ بالمجموعة الصحية بالزرقا، وأنه عين بوظيفة طباخ بالمجموعة منذ 16/ 9/ 1947 بمرتب ثلاثة جنيهات شهرياً وتقاضى مرتب بدل صناعة 200 مليم من بدء التعيين حتى آخر سبتمبر سنة 1948 وأوقف بعد ذلك حتى تاريخ تحرير المذكرة، كما قدم شهادة مؤرخة في 6/ 11/ 1960 وصادرة أيضاً من المفتش المذكور ورد بها أن المدعي مستمر في عمله طباخاً في المجموعة من بدء تعيينه حتى الآن وأنه قائم بعمله على أكمل وجه - وعقبت المحكمة على ذلك بأنها ترى الأخذ بما بهاتين الشهادتين وتطمئن إلى البيانات الواردة فيهما، وبالتالي فإنها تصلح دليلاً كافياً على أن المدعي كان يشغل وظيفة طباخ - ومن ثم فإن المدعي يكون محقاً في صرف بدل الصناعة المقرر له قانوناً باعتباره قائماً بعمل طباخ خارج الهيئة - ثم أردفت المحكمة بقولها بأنه ثابت أن الجهة الإدارية أوقفت بدل الصناعة المستحق للمدعي اعتباراً من آخر سبتمبر سنة 1948، كما أن الثابت بملف خدمته أنه قد تظلم بتاريخ 15/ 11/ 1958 إلى السيد وزير الصحة يطالب فيه بصرف بدل مرتب الصناعة المستحق له، وأن هذا التظلم ينتج أثره في قطع التقادم الخمسي، وأنه عن المدة السابقة على ذلك التاريخ بأكثر من خمس سنوات فقد سقط حق المدعي في المطالبة بهذا الراتب المستحق له خلالها وذلك طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات - وانتهت المحكمة إلى حكمها السالف بيانه.
ولقد طعنت إدارة قضايا الحكومة على هذا الحكم بأنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ انتهى إلى أحقية المطعون ضده في مرتب الصناعة المقرر للخدمة للخارجين عن الهيئة الصناع ذلك أن كتاب وزارة المالية الدوري الصادر في 7/ 10/ 1947 قد نص على إيقاف صرف مرتب الصناعة للخدمة الخارجين عن هيئة الصناع الذين عينوا في الدرجة الرابعة (2 - 3 ج) بماهية مقدارها 3 ج في الشهر بعد 30 من يناير سنة 1944 تاريخ تنفيذ قواعد الإنصاف وأنه متى كان الثابت أن المدعي عين في 16/ 1/ 1947 في وظيفة طباخ بمرتب قدره 3 ج بالدرجة الرابعة كادر غير الصناع فمن ثم فإنه لا يستحق مرتب الصناعة ويكون إيقاف صرف هذا المرتب للمطعون ضده على أساس سليم من القانون.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة أمام هذه المحكمة تقريراً بردها على الطعن ضمنته أن المدعي عين في الدرجة الرابعة خارج الهيئة بوظيفة طباخ وهي إحدى وظائف الخدمة الخارجين عن الهيئة الصناع بدليل ما قامت به جهة الإدارة من صرف بدل الصناعة إليه وقيامها بتسوية حالته طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1960 باعتباره من الخدمة الصناع بوضعه في درجة صانع غير دقيق المقررة لحرفة طباخ طبقاً لأحكام كادر العمال، ومن ثم فإنه يكون من حق المدعي الإفادة من الأحكام الخاصة بمرتب بدل الصناعة الوارد بكادر سنة 1939 ولا يغير من ذلك ما قام عليه الطعن من عدم أحقيته لمرتب الصناعة استناداً إلى كتاب وزارة المالية الدوري الصادر في 7/ 10/ 1947 الذي نص على عدم استحقاق الخدمة الصناع الذين عينوا في الدرجة الرابعة (2 - 3) بماهية قدرها ثلاثة جنيهات في الشهر بعد 30 من يناير سنة 1944 تاريخ تنفيذ قواعد الإنصاف، ذلك أن الكتاب الدوري سالف الذكر بصدوره من وزارة المالية وهي سلطة أدنى من مجلس الوزارة ليس من شأنه أن يعدل في شروط استحقاق مرتب بدل الصناعة المقرر بقاعدة تنظيمية صادرة من مجلس الوزراء.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة شارحة بوجهة نظرها رداً على تقرير هيئة مفوضي الدولة ضمنتها بأن الحكم المطعون فيه لم يحقق ادعاء جهة الإدارة بأن المدعي عين بكادر غير الصناع، وأنه إذ كان تقرير بدل الصناعة رهناً بتعيين المدعي في درجة من درجات كادر الصناع وذكرت جهة الإدارة وهي العليمة بحال مستخدميها أنه من غير الصناع، ولم يقم دليل من واقع الأوراق على نفي هذا القول، فمن ثم لا يستحق المدعي بدل صناعة ولا حجة فيما سبق صرفه إليه إذ أنه قد صرف هذا البدل بدون وجه حق، وأنه لا حجة في تسوية حالة المدعي طبقاً للقانون رقم 111 لسنة 1960 في الدرجة 200/ 360 لتباعد الزمن بين التعيين والتسوية المذكورة ومع ذلك فإن هناك ورقة بالملف بأن التسوية على درجة 200/ 320 - وأضافت الإدارة المذكورة أن مفاد نص المادة (8) من هذا الكادر أن بدل الصناعة يستهلك عند منح المستخدم أول علاوة دورية، وأن كتاب وزارة المالية في 7/ 10/ 1947 لا يعدو أن يكون تطبيقاً لحكم المادة (8) من كادر سنة 1939 سالف الذكر هذا إلى أن قرار مجلس الوزراء في 12/ 8/ 1952 قد أوجب العمل بقرارات وزارة المالية.
ومن حيث إنه للفصل في النزاع المعروض يتعين استظهار أمرين أولهما: حالة المدعي الوظيفية وهل هو يعتبر في كادر المستخدمين خارج الهيئة صناع، أم يعتبر من غير الصناع - ثانياً: على ضوء ما يسفر عنه بحث هذه الحالة يثور التساؤل في مدى استحقاق المدعي لبدل الصناعة المقرر وفقاً لأحكام كادر سنة 1939، وأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إنه باستظهار حالة المدعي من واقع أوراق الدعوى وملف خدمته يبين أنه التحق بالخدمة في 16/ 1/ 1947 في وظيفة طباخ بالمجموعة الصحية بالزرقا في الدرجة الرابعة خارج الهيئة (2 - 3 ج) وذلك براتب شهري قدره 3 ج ومنح راتب الصناعة المقرر لدرجته وقدره 200 مليم شهرياً وذلك من بدء التعيين حتى آخر سبتمبر سنة 1948 حيث أوقف صرف هذا البدل، وإعمالاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 نقل المطعون ضده إلى الدرجة الثانية خارج الهيئة وقد ظل يشغل وظيفة طباخ التي عين عليها أصلاً، وعند صدور القانون رقم 111 لسنة 1960 بسريان أحكام كادر العمال على المستخدمين خارج الهيئة صدر القرار رقم 25 في 21/ 5/ 1960.. بنقل المدعي بوظيفته الحالية إلى الدرجة 200/ 360 بأجر يومي قدره 200 مليم اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 مع الاحتفاظ بموعد علاوته التالية في 1/ 5/ 1961 وهي درجة صانع غير دقيق المقررة لحرفته (طباخ).
ومن حيث إنه فيما ذهبت إليه جهة الإدارة بمقولة أن المدعي قد أقصى عن مهنة الطباخة من سنة 1952 لعدم صلاحيته، فإن واقع الحال المستند على ملف الخدمة ينفي هذه الواقعة إذ أثبت في العديد من الأوراق أن مهنة المدعي طباخ لا سيما في القرارات الصادرة بمنحه علاواته الدورية منذ دخوله الخدمة وبهذه المهنة وصف المدعي بالقرار رقم 25 في 21/ 5/ 1960 - والمرافق منه صورة خطية بملف الخدمة ومؤشر عليها بأنها صورة طبق الأصل - والمتضمن نقله بوظيفته الحالية (طباخ) إلى الدرجة 200/ 360 بأجر يومي قدره 200 مليم اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 وكذلك الحال بالنسبة لقرار إنهاء مدة خدمته يضاف إلى ما سلف أنه لا يوجد بالملف أي قرار يفيد نقل المدعي إلى مهنة أو وظيفة أخرى، وأنه سبق للمدعي أن تقدم أمام المحكمة الإدارية بشهادتين تفيد كل منهما بأنه كان مستمراً في عمله كطباخ أما ما ذهبت إليه جهة الإدارة من أن المدعي لم يعين في كادر الخدمة الخارجين عن الهيئة صناع، فإنه يبين من مطالعة ميزانية وزارة الصحة عن عام 46/ 1947 أو ميزانية هذه الوزارة عن عام 57/ 1958 أنها جمعت في صعيد واحد المستخدمين خارج الهيئة سواء منهم من كانت طبيعة عمله صانعاً كالطباخ الميكانيكي، أم كانت طبيعة عمله غير صانع، فمن ثم فطبيعة وظيفة كل مستخدم وما إذا كان أريد معاملته كصانع أو غير ذلك إنما تتحدد وفقاً لما هو ثابت بملف خدمته من أوراق تفصح عن نية الإدارة في الصلة المراد معاملته على أساسها - فإذا كان الثابت من ملف المدعي أنه عين طباخاً في 16/ 1/ 1947 ولا دليل من الأوراق أن هذه الوظيفة (المدرجة في كادر العمال بالكشف رقم 4 عامل غير دقيق) كانت درجة غير صناع بالميزانية، بل إن العكس - وهو تعيين المدعي كان على درجة صانع - هو المستفاد من تقصي مراحل حياة المدعي الوظيفية إذ أنه منح بدل صناعة منذ تعيينه سنة 1947 وظل يمنح هذا البدل إلى سنة 1948 ويبدو من رد جهة الإدارة أن السبب في قطع هذا البدل هو كتاب وزارة المالية ف 234 - 9/ 64 بتاريخ 7/ 10/ 1947 المشار إليه، وظل المدعي يعمل في مهنته كطباخ إلى أن صدر القانون رقم 111 لسنة 1960 بسريان أحكام كادر العمال على المستخدمين خارج الهيئة وتحسين حالتهم فطبق في شأنه وسويت حالته طبقاً للمادة الثالثة من ذلك القانون الخاص بنقل المستخدمين خارج الهيئة الصناع على الدرجات المقررة لحرفهم في كادر العمال فوضع في درجة صانع غير دقيق 200/ 360 مليماً المقررة لحرفته (طباخ) وأنه وإن كان المرافق للأوراق هي صورة خطية من هذا القرار إلا أن وجود هذه الصورة بملف خدمة المدعي وضمن مرفقاته يقطع بصحة هذا القرار، الأمر الذي لم تستطع الجهة الإدارية أن تنفيه في دفاعها الذي ساقته، أما ما ورد في ملف خدمته من كشف مؤرخ 17/ 12/ 1963 بأسماء شاغلين لوظائف طباخ بالدرجة 200/ 320 مليماً، فإنه فضلاً عن أن هذا الكشف لا يعتبر قراراً إدارياً بالمعنى المعروف، فإنه لم يثبت من الأوراق أن القرار الصادر في 21/ 5/ 1960 برقم 25 قد سحب أو ألغي، وكان جديراً بجهة الإدارة وهي العليمة بحالة المدعي أن توضح حقيقة الموقف بالنسبة إليه، لا أن تتخذ من وجود هذا الكشف في الملف ذريعة للتشكيك في حالة المدعي وهي التي يمكنها إبراز الحقيقة واضحة جلية، ومن ثم فلا يمكن التعويل على مثل هذا الكشف في بيان حالة المدعي الوظيفية، كما لا يدحض صريح قرار 21/ 5/ 1960 المذكور ما ورد في المستخرج من القرار رقم 52 لسنة 1964 بالنسبة للعاملين المنقولين من كادر العمال طبقاً للقانون 46 لسنة 1964 والمذكور أنه صدر سنة 1964 - من غير بيان الشهر واليوم - من أن أحمد محمد حشيش طباخ وأن درجته الحالية 200/ 360 وأن تاريخ الحصول عليها هو 1/ 7/ 1963 - ذلك أنه فضلاً عن أن هذا المستخرج حسبما هو مستفاد من قراءته أنه موقع عليه من رئيس شئون العاملين بمنطقة دمياط - فإن مثل هذا المستخرج لا يمكن التعويل عليه في تحديد درجة المطعون عليه أو تاريخ الحصول عليها خصوصاً وأن كشف مدة خدمة عمال اليومية الدائمين استمارة رقم 97 (مالية) ع - ح والمرافق لملف خدمة المدعي "الجزء الخاص بالمعاش" واضح بيد أن المدعي أحمد محمد حشيش عين طباخاً من 16/ 1/ 1947 وأنه في 1/ 4/ 1960 نقل طبقاً لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1960 - وهو ذات التاريخ المدون بالصورة الخطية للقرار الصادر في 21/ 5/ 1960 المشار إليه - إلى الدرجة 200/ 360 بأجر قدره 200 مليم -، ثم تدرج أجره بالعلاوات إلى 260 مليماً - ويخلص مما سلف جميعه أن المدعي، حسبما تيقنته المحكمة من ظروف هذه الدعوى وأوراقها أنه يعتبر من المستخدمين الصناع وأنه ظل على هذا الحال إلى أن طبق عليه القانون رقم 111 لسنة 1960 المشار إليه فوضع في الدرجة 200/ 360 المخصصة لمهنته في كادر العمال باعتباره صانعاً غير دقيق.
ومن حيث إنه فيما يتعلق باستحقاق المدعي لمرتب الصناعة المقرر فإنه يتعين تقصي المراحل التشريعية الخاصة بهذا المرتب سواء في ظل أحكام كادر سنة 1939 التي عين المدعي في ظلها أو وفق أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة.
ومن حيث إنه بمطالعة أحكام كادر سنة 1939 - وهو صادر بمقتضى قرارات من مجلس الوزراء في 1، 29 من يناير، 5 من مارس 8 من مايو سنة 1939 - يبين أنه قد أفرد للخدمة الخارجين عن هيئة العمال أحكاماً خاصة وقسم وظائفها إلى قسمين خدمة صناع وآخرين غير صناع... ونص في المادة (8) - على أن الخدمة الصناع الحاليين عند منحهم أول ترقية أو أول علاوة، تحسب قيمة العلاوة كأنها مرتب صناعة لفصل هذا المرتب عن الماهية - وقد ورد ذكر مرتب الصناعة في كادر سنة 1939 في الجدول المعنون كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال الذين جعلهم قسمين ( أ ) الصناع (ب) غير الصناع وقد قسمة وظائف الصناع إلى ست درجات "الرابعة - الثالثة - الثانية - الأولى - العالية (ب) العالية ( أ ) وقد جعلت العلاوة الدورية لكل من الدرجات الثلاثة الأولى 2 جنيه و400 مليم في السنة كل سنتين ويزاد مرتب صناعة قدره 2 جنيه و400 مليم - سنوياً وقد قسمت وظائف غير الصناع إلى خمس درجات الرابعة - الثالثة - الثانية - الأولى - العالية.. ويبين من استقراء هذه النصوص من كادر العمال أنها تقرر مرتب صناعة بالنسبة للمعينين من الخدمة على درجات الصناع، أما ما قضت به المادة (8) من أن بدل الصناع يستهلك عند منح الموظف أول علاوة دورية أو ترقية، فهو حسب مفهوم هذه المادة إنما هو بطبيعته نص مؤقت مقصور الأثر على المستخدمين الصناع الحاليين، إذ نصت هذه المادة "الخدمة الصناع الحاليين.." أن الموجودين بالخدمة عند نفاذ كادر سنة 1939، فلا يسري هذا النص حسب صريح عبارته على من يعين بعد ذلك في ظل أحكام كادر سنة 1939، يؤيد ذلك ويدعمه ما ورد في الجدول المرافق لهذا القانون - كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال الصناع إذ بعد أن حدد المشرع درجاتهم - وعين المرتبات المقررة لكل درجة نص فيما يتعلق بالدرجات الرابعة والثالثة والثانية، على أن يزاد المرتب بمرتب صناعة قدره 2 جنيه و400 مليم سنوياً أي بعبارة أخرى يمنح المرتب في جميع الأحوال مزيداً بمرتب صناعة، بصرف النظر عن منح الموظف أول ترقية أو علاوة إذ لو أراد المشرع خلاف ذلك لأتى بنص مماثل للمادة الثامنة في نهاية الكادر وهو الأمر الذي لم يرده أو يقصده - وعلى هذا الأساس فإن المدعي يستحق بدل الصناعة وفق أحكام كادر سنة 1939، ولا يؤثر في هذا الاستحقاق صدور كتاب وزارة المالية المؤرخ 7/ 10/ 1947 سالف الذكر والذي قررت بمقتضاه وزارة المالية" إيقاف صرف مرتب الصناعة للخدمة الخارجين عن الهيئة الصناع الذين عينوا في الدرجة الرابعة (2 - 3 ج) بماهية قدرها 3 ج في الشهر بعد 30 من مايو سنة 1944 تاريخ تنفيذ قواعد الإنصاف - ذلك أن مرتب الصناعة للخدمة الخارجين عن هيئة الصناع تقرر بكادر سنة 1939 الصادر من مجلس الوزراء حسبما أسلفت المحكمة، ومتى كان هذا المرتب قد تقرر بقاعدة تنظيمية عامة وكما أداتها قرار مجلس الوزراء المذكور، فإن إلغاء هذه القاعدة أو تعديلها لا يكون إلا بنفس الأداة التي صدرت بها أو بأداة من درجة أعلى، وتأسيساً على ذلك فإن وزارة المالية لا تملك وحدها - باعتبارها سلطة أدنى من مجلس الوزراء - أن تلغي مرتب الصناعة أو تعدل في فئاته أو شروط استحقاقه على نحو يخالف ما جاء بكادر سنة 1939.
ومن حيث إنه صدر بعد ذلك القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة بمقتضاه ألغي كادر سنة 1939 إذ نصت المادة الأولى منه على أن يعمل في المسائل المتعلقة بنظام موظفي الدولة بالأحكام المرافقة لهذا القانون وقد نظم الجدول الملحق بالقانون 210 لسنة 1951 سالف الذكر درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة غير الصناع، والمستخدمين الخارجين عن الهيئة الصناع والمستخدمات الخارجات عن الهيئة، وقسمت درجات المستخدمين خارج الهيئة الصناع إلى ثلاث (ثانية - أولى - عالية) وقسمت درجات المستخدمات الخارجات عن الهيئة إلى درجتين والثانية والأولى ووفقاً لحكم المادة 135 من القانون المذكور نقل مستخدموا الدرجات الثانية والثالثة والرابعة إلى الدرجة الثانية الجديدة كل منهم بمرتبه الحالي، وقد ورد في الجدول الإشارة إلى أن مرتب الصناعة تحدد بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء وقد رفعت مذكرة إلى المجلس المذكور جاء بها "نصت المادة (45) من القانون رقم 120 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المعدلة بالقانون رقم 79 لسنة 52 بأنه يجوز أن يمنح الموظف مكافأة عن الأعمال التي يطلب إليه تأديتها علاوة على عمله ويحدد مجلس الوزراء قواعد منح هذه المكافآت كما يحدد الرواتب الإضافية وشروط منحها وذلك بناءً على ما يقترحه وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين، كما نص في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون بأن مرتب الصناعة تجدد بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ويقترح ديوان الموظفين وضع القواعد الآتية فيما يتعلق بالمكافآت.. أما فيما يتعلق بالرواتب الإضافية وشروط منحها فتقترح الوزارة استمرار العمل بالقواعد الحالية الصادر بها قرارات مجلس الوزراء واللجنة المالية ووزارة المالية على أن يشكل في ديوان الموظفين لجنة للنظر في الرواتب التي تصرف لموظفي كل وزارة على حدة على أن يضم وكيل الوزارة المختص إلى تلك اللجنة عند الاقتضاء.. وقد وافق مجلس الوزراء على ما جاء بهذه المذكرة في 11/ 8/ 1957 (يراجع أيضاً في هذا الصدد قرار مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1952 التي نص على استمرار العمل بالقواعد التي قررها مجلس الوزراء بجلسة 11/ 8/ 1952 - وتقضي أحكام قرار مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1952 الذي نص على استمرار العمل بالقواعد التي بمرتب بدل الصناعة على التفصيل السابق إيضاحه.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المطعون ضده وقد اعتبر في الدرجة الرابعة خارج الهيئة صناع - طباخ - فإنه يستحق المرتب المقرر للصناعة المقررة طبقاً لأحكام كادر سنة 1939، والذي استمر العمل بأحكامه في هذا الشأن في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 بمقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء في 11/ 8/ 1951.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها من أحقية المطعون ضده في مرتب الصناعة المقررة بكادر سنة 1939 مع مراعاة التقادم الخمسي بما لم يسقط من حق المدعي في هذا المرتب - ويكون بالتالي الطعن على هذا الحكم لا يستند على أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من أصابه الخسر في دعواه يلزم بمصروفاتها ومن ثم يتعين إلزام الحكومة بها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.