مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 901

(120)
جلسة 29 من يونيه سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني - المستشارين.

القضية رقم 749 لسنة 11 القضائية

موظف. قرار إداري. قرار إعادة تعيين الموظفين الذين حكم عليهم من محكمة الشعب. القانون رقم 176 لسنة 1960 لم يتضمن أثراً رجعياً للإعادة من مقتضاه اعتبار القرارات الصادرة بفصل هؤلاء الموظفين كأن لم تكن - القرارات الصادرة بإعادة تعيينهم لا تعتبر سحباً للقرارات الصادرة بفصلهم من الخدمة - جواز حساب مدة فصلهم في أقدميتهم لا يترتب عليها الآثار القانونية التي تترتب على مدة الخدمة الفعلية - لا يسوغ التوسل بهذه الأقدمية للطعن في قرارات إدارية سابقة.
إن المشرع رغبة منه في إفساح مجال العمل لمن صدرت ضدهم أحكام من محكمة الشعب أجاز للجهة الإدارية أن تعيد تعيينهم إلى وظائفهم السابقة ذاتها التي كانوا يشغلونها قبل إنهاء خدمتهم أو إلى أية وظيفة أخرى مماثلة أو غير مماثلة، على أن يكون ذلك بناءً على طلبهم في الميعاد الذي حدده، وأن يوضعوا في الدرجة التي كانوا عليها وبأقدميتهم فيها قبل فصلهم أو أن يعينوا بمكافأة عند عدم وجود درجة خالية وذلك كله تحت الاختبار مدة خمس سنوات - ومفهوم هذا أن القانون لم يتضمن أثراً رجعياً للإعادة من مقتضاه اعتبار القرارات الصادرة بفصلهم كأن له تكن، بل إنه قد راعى في ذلك أنها قرارات صحيحة متفقة مع أحكام القانون ومنتجة لجميع آثارها والتي لم يمح أي منها، ومن ثم فليس بصحيح تكييف القرارات الصادرة بإعادة تعيين هؤلاء الموظفين بأنها سحب للقرارات الصادرة بفصلهم من الخدمة لخروج هذا على قصد الشارع من جهة ولتعارضه مع أوضاع السحب وآثاره من جهة أخرى.
ولما كان الأصل عند إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة لا تحتسب مدة الفصل في أقدمية الدرجة إلا أن المشرع - رعاية منه لحالة هؤلاء الموظفين لاعتبارات خاصة - أجاز حساب هذه المدة في أقدميتهم، وبهذه المثابة فإنها لا تعدو أن تكون مجرد مدة اعتبارية الأساس فيها ألا تترتب عليها الآثار القانونية ذاتها التي تترتب على مدة الخدمة الفعلية ومن ثم لا ينسحب أثرها على الماضي إلى ما يجاوز النطاق الذي حدده القانون، وعلى ذلك فإن الموظف المفصول عند إعادته إلى الخدمة لا يسوغ له التوسل بأقدميته الاعتبارية للطعن في قرارات إدارية سابقة وقعت صحيحة في حينها وتناولت غيره خلال مدة انسلاخه عن الوظيفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 256 لسنة 11 القضائية ضد وزارة الخزانة بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية للوزارة المذكورة في 26/ 12/ 1963 طالباً الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة السابعة الكتابية إلى 31/ 7/ 1958 تاريخ صدور القرار المطعون فيه مع إلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه عين في 8/ 9/ 1954 في الدرجة الثامنة الكتابية بديوان عام وزارة الخزانة، ثم فصل اعتباراً من 20/ 11/ 1954 تاريخ انقطاعه عن العمل للحكم عليه من محكمة الشعب، وفي 25/ 7/ 1961 صدر قرار بإعادته إلى الخدمة بدرجته السابقة اعتباراً من 11/ 11/ 1961 تاريخ استلامه العمل مع احتساب أقدميته في الدرجة الثامنة من 8/ 9/ 1954 تطبيقاً للقانون رقم 176 لسنة 1960 ثم رقي إلى الدرجة السابعة الكتابية من 29/ 11/ 1962، وقد علم مصادفة بترقية بعض زملائه إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 31/ 7/ 1958، وهذا القرار لم ينشر ولم يعلم به كما لم يعلن به وقد تظلم في 17/ 6/ 1963 طالباً إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى التاريخ المشار إليه ولما لم يتلق رداً على تظلمه تقدم للجنة المساعدة القضائية بطلب إعفائه من الرسوم القضائية بالطلب رقم 1200 لسنة 10 القضائية وقد قبل هذا الطلب في 17/ 11/ 1963 ثم أقام دعواه الحالية.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى قائلة أن المدعي أعيد إلى الخدمة اعتباراً من 11/ 11/ 1961 تحت الاختبار لمدة خمس سنوات مع احتساب أقدميته في الدرجة الثامنة من 8/ 9/ 1954، وذلك تطبيقاً للقانون رقم 176 لسنة 1960، وأنهت الوزارة فترة اختباره اعتباراً من 24/ 9/ 1962 وتمت ترقيته إلى الدرجة السابعة من 26/ 11/ 1962. ولما كانت حركة الترقيات المطعون فيها والمعتمدة في 31/ 7/ 1958 قد وقعت خلال فترة الاختبار فإنه لا يجوز ترقيته خلالها.
وبجلسة 24/ 4/ 1965 أجابت المحكمة الإدارية المدعي إلى طلبه بحكمها المطعون فيه على النحو المشار إليه سابقاً، وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بإعادة المدعي إلى الخدمة لا يعتبر قرار تعيين مبتدأ وإنما هو قرار بسحب قرار فصله من الخدمة، ويترتب على هذا السحب إعادة المذكور إلى وضعه القانوني الذي كان يشغله وقت فصله، وبالتالي يحق له أن يطعن في القرار المطعون فيه والذي تخطاه في الترقية في دوره بالأقدمية.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن إعادة الموظف المفصول تنفيذاً لأحكام القانون رقم 176 لسنة 1960 ليس سحباً لقرار فصله بل هو قرار تعيين جديد، ذلك أن هذا القانون لم يستلزم إعادته إلى الوظيفة التي كان يشغلها بل إلى أية وظيفة أخرى سواء كانت مماثلة أو غير مماثلة لوظيفته السابقة، بل يجوز عند عدم وجود درجة خالية تعيينه بمكافأة، ولا يجوز الطعن في قرار إعادة الموظف، وقد نص القانون المذكور على أن إعادته للخدمة يكون تحت الاختبار لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ إعادته، وأن وضع الموظف تحت الاختبار - فضلاً عن أنه يعتبر مانعاً من الترقية فإنه ينفي الفكرة القائلة بأن قرار الإعادة يعتبر سحباً لقرار الفصل، لأن سحب القرار يلغي جميع آثاره، كما أن مدة الفصل لا تعتبر مدة خدمة بل مدة انقطاع، ومن ثم لا يكون للمدعي الحق في الطعن في القرار الصادر بالترقية في 31/ 7/ 1958 لأنه وقت صدوره لم يكن موظفاً بالوزارة.
ومن حيث إن مثار النزاع في الخصوصية المعروضة هو ما إذا كان القرار رقم 56 لسنة 1961 الصادر بإعادة المدعي إلى الخدمة - طبقاً لأحكام القانون رقم 176 لسنة 1960 بالعفو عن بعض العقوبات وإجازة إعادة بعض الموظفين المحكوم عليهم من محكمة الشعب إلى الخدمة - يعتبر سحباً للقرار الصادر في عام 1954 بفصله من الخدمة اعتباراً من 20/ 11/ 1954 أم أنه تعيين مبتدأ.
ومن حيث إن القانون رقم 176 لسنة 1960 ينص في المادة الثانية منه على أنه:
"يجوز أن يعاد الموظف العمومي إلى الوظيفة التي كان يشغلها قبل الحكم عليه من محكمة الشعب أو إلى أية وظيفة أخرى مماثلة أو غير مماثلة إذا كان الحكم عليه مع وقف تنفيذ العقوبة أو كان ممن يدخل في حكم المادة السابقة أو كان قد استوفى العقوبة المحكوم عليه بها وذلك بالشرطين الآتيين:
( أ ) أن يقدم طلباً بذلك إلى الجهة التي كان يتبعها قبل فصله خلال ثلاثين يوماً من صدور هذا القانون.
(ب) أن يوضع في الدرجة التي كان عليها قبل فصله وفي أقدميته فيها، كما يجوز عند عدم وجود درجة خالية تعيينه بمكافأة ولا يجوز الطعن في قرار إعادة الموظف...".
كما ينص في مادته الثالثة على أن يكون الموظف تحت الاختبار مدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ إعادته إلى الخدمة ويجوز فصله خلالها لأسباب تتعلق بالأمن.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن المشرع رغبة منه في إفساح مجال العمل لمن صدرت ضدهم أحكام من محكمة الشعب أجاز للجهة الإدارية أن تعيد تعيينهم إلى وظائفهم السابقة ذاتها التي كانوا يشغلونها قبل إنهاء خدمتهم أو إلى أية وظيفة أخرى مماثلة أو غير مماثلة، على أن يكون ذلك بناءً على طلبهم في الميعاد الذي حدده، وأن يوضعوا في الدرجة التي كانوا عليها وبأقدميتهم فيها قبل فصلهم أو أن يعينوا بمكافأة عند عدم وجود درجة خالية وذلك كله تحت الاختبار مدة خمس سنوات - ومفهوم هذا أن القانون لم يتضمن أثراً رجعياً للإعادة من مقتضاه اعتبار القرارات الصادرة بفصلهم كأن لم تكن، بل إنه قد راعى في ذلك أنها قرارات صحيحة متفقة على أحكام القانون ومنتجة لجميع آثارها والتي لم يمح أي منها، ومن ثم فليس بصحيح تكييف القرارات الصادرة بإعادة تعيين هؤلاء الموظفين بأنها سحب للقرارات الصادرة بفصلهم من الخدمة لخروج هذا على قصد الشارع من جهة ولتعارضه مع أوضاع السحب وآثاره من جهة أخرى.
ومن حيث إن الأصل عند إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة ألا تحسب مدة الفصل في أقدمية الدرجة إلا أن المشرع - رعاية منه لحالة هؤلاء الموظفين لاعتبارات خاصة - أجاز حساب هذه المدة في أقدميتهم وبهذه المثابة فإنها لا تعدو أن تكون مجرد مدة اعتبارية الأساس فيها ألا تترتب عليها الآثار القانونية ذاتها التي تترتب على مدة الخدمة الفعلية ومن ثم لا ينسحب أثرها على الماضي إلى ما يجاوز النطاق الذي حدده القانون، وعلى ذلك فإن الموظف المفصول عند إعادته إلى الخدمة لا يسوغ له التوسل بأقدميته الاعتبارية للطعن في قرارات إدارية سابقة وقعت صحيحة في حينها وتناولت غيره خلال مدة انسلاخه عن الوظيفة، ولا سيما وأنه لم يطعن في قرار فصله من الخدمة ولم يحصل على حكم نهائي بإلغائه، وغني عن البيان أنه ليس ثمة تلازم بين إباحة الرجعية في خصوص حساب مدة الخدمة السابقة على الفصل وبين إنفاذ أثر ذلك من حيث إباحة الطعن في قرارات الترقية الصادرة قبل العمل بالقانون الذي أجاز إعادة الموظف المحكوم عليه من محكمة الشعب إلى الخدمة.
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في وقت كان فيه المدعي بعيداً عن الوظيفة العامة غير متمتع بمزاياها التي تخوله الترقية إلى درجات أعلى فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي المذكور في الترقية إلى الدرجة السابعة الكتابية، يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.