مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 915

(122)
جلسة 30 من يونيه سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.

القضية رقم 697 لسنة 10 القضائية

( أ ) - موظف "معادلات دراسية" إعانة غلاء معيشة. النص بقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 على خصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذه من إعانة غلاء المعيشة المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه واستمرار هذا الخصم ولو رقي بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات من يليه في أقدمية الدرجة السابقة أو بغير ذلك من الأسباب.
(ب) - موظف "التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين أو العمال" مناط تطبيق القانون رقم 55 لسنة 1962 على ما يكون قد تم صرفه بناءً على قرارات بالترقية وتسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة لديوان الموظفين في النطاق الزمني الذي حدده هذا القانون.
1 - إن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والتي تنص على أن تخصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذ هذا القانون من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه قد جاءت بحكم صريح قاطع مطلق لم يرد عليه أي قيد يتوقف به خصم الزيادة في المرتب من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف، يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية، ولما كان المطلق يجري على إطلاقه فإنه لا وجه لأن يقف خصم الزيادة من إعانة الغلاء، سواء رقي بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لأحكام قانون المعادلات الدراسية من يليه في أقدمية الدرجة السابقة أم بغير ذلك من الأسباب، بل يتعين أن يجرى الخصم على سبيل الدوام والاستمرار.
2 - إن مناط تطبيق أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور أن يكون الصرف قد تم بناءً على قرارات بالترقية وتسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة لديوان الموظفين في النطاق الزمني الذي حدده القانون المشار إليه، في الفترة من أول يوليه سنة 1952 حتى تاريخ العمل بالقانون من تاريخ نشره في 5 من فبراير سنة 1962، وأن تلغى أو تسحب تلك القرارات أو التسويات، سواء كان هذا الإلغاء أو السحب، في حالة صدور القرار بالترقية أو التسوية تنفيذاً لفتوى، مرده إلى عدول الجهة مصدرة الفتوى عن الفتوى التي صدر القرار تنفيذاً لها، أو قامت الإدارة بهذا الإلغاء أو السحب من جانبها دون عدول عن الفتوى من الجهة التي أصدرتها طالما أن القرار أو التسوية التي تم بموجبها الصرف صدرت تنفيذاً لفتوى صادرة من إحدى الجهات التي حددها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 562 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الشئون الاجتماعية بموجب صحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لهذه الوزارة في 26 من مايو سنة 1962، بعد أن صدر في 21/ 5/ 1962 قرار بقبول طلب معافاته من الرسوم، طلب فيها الحكم برد مبلغ 1 جنيه و500 مليم قيمة الفرق الذي استقطعته الوزارة من إعانة غلاء المعيشة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال بياناً لدعواه أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية عام 1941 والتحق بالخدمة اعتباراً من 28/ 12/ 1942 بالدرجة الثامنة، ولما طبق عليه القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية اعتبر في الدرجة السابعة من بدء تعيينه وزادت ماهيته نتيجة لذلك مبلغ 2 جنيه و500 مليم شهرياً خصمت من إعانة الغلاء عملاً بالمادة الخامسة من القانون المذكور، وفي شهر أغسطس سنة 1959 صدر كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959 متضمناً أن خصم الزيادة يجب أن يقف عندما يرقى بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات الدراسية - الموظف الذي كان يليه في أقدمية الدرجة السابقة، ولما كان من يليه في أقدمية الدرجة الثامنة قد رقي إلى الدرجة السابعة فقد كان متعيناً على الوزارة طبقاً للكتاب الدوري - وقف خصم الزيادة التي حصل عليها المدعي من إعانة الغلاء وردها إليه، إلا أن الوزارة قصرت وقف الخصم على مبلغ 1 جنيه و500 مليم وردت له مبلغ 85 جنيهاً و807 مليم الفرق المستحق له عن خمس سنوات سابقة، ثم استفسرت الوزارة من الديوان عن قيمة ما يرد إليه فأفاد الديوان بكتابه رقم 120 - 1/ 23 في 30 من يناير سنة 1961 برد جميع ما خصم من إعانة غلاء المعيشة تطبيقاً لقانون المعادلات الدراسية، وعملاً بذلك ردت إليه الوزارة مبلغ 40 جنيه و795 مليم قيمة باقي الزيادة التي خصمت من راتبه عن خمس سنوات، وتبعاً لذلك زاد مرتبه مبلغ 2 جنيهاً و500 مليماً قيمة الزيادة التي كانت تخصم من إعانة الغلاء وردت إليه تطبيقاً لكتاب ديوان الموظفين الدوري، وقد أكد الديوان هذه القاعدة أيضاً بكتابه الدوري رقم 7 لسنة 1961 الصادر في أول مارس 1961. وقد أصدرت الوزارة تفسيراً خاطئاً لهذا الكتاب أشارت فيه إلى أن مقدار ما يوقف خصمه من إعانة الغلاء للموظف الذي تطبق عليه أحكام الكتاب الدوري رقم 24 لسنة 1959 هو مبلغ 1 ج وهو ما يوازي مقدار علاوة الترقية للدرجة السابعة بالكادر القديم، وهذا التفسير لا يتفق مع ما انتهى إليه ديوان الموظفين في كتابيه الدوريين سالفي الذكر حيث نصا صراحة على رد جميع ما خصم من إعانة غلاء المعيشة نتيجة لتطبيق قانون المعادلات الدراسية، واستناداً إلى التفسير الذي قالت به الوزارة فقد قصرت رد الزيادة بالنسبة إليه على مبلغ 1 ج وطالبته برد ما تسلمه زائداً عن هذا القدر عن خمس السنوات السابقة، وقامت بإجراء خصمه من مرتبه في حدود الربع وظلت الوزارة تجري الخصم لمدة أربعة أشهر إلى أن أصدر ديوان الموظفين كتابه الدوري رقم 38 لسنة 1961 بشأن وقف استرداد ما صرف من مرتبات وأجور مؤقتاً لحين صدور التشريع الذي يعالج هذه الحالة، وقد تبع ذلك صدور القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور، وأنه وقد ورد إليه مبلغ 2.500 الذي سبق خصمه منه - استناداً إلى كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959، فإنه لا يجوز للوزارة استرداده طبقاً لما تقضي به أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور، وقد قصر طلباته بعد ذلك على عدم جواز استرداد ما صرف إليه من مبالغ بالتطبيق لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 آنف الذكر.
وقد ردت الوزارة على الدعوى بمذكرة ضمنتها أن المادة الخامسة من قانون المعادلات الدراسية تقضي بأن تخصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذه من إعانة غلاء المعيشة المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه، وهذا النص جاء مطلقاً من كل قيد والقاعدة التي قررها واجبه النفاذ على سبيل الدوام والاستمرار، ومن ثم فلا يجوز وقف الخصم عندما يرقى بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات الدراسية من كان يليه في أقدمية الدرجة السابقة ولا لغير ذلك من الأسباب، وأنها تحتفظ لذلك بحقها في الفروق المالية التي صرفت للمدعي على خلاف ذلك، وأنه بالنسبة إلى إفادة المدعي من أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 فإن الثابت أن جهة الإدارة قامت برد جملة ما خصم من المدعي عن خمس سنوات استناداً إلى كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959، ثم تبين لها أن هذا الرد كان بناءً على تفسير خاطئ لكتاب ديوان الموظفين الدوري آنف الذكر، وأن التفسير الصحيح لهذا الكتاب مقتضاه وقف الخصم بمقدار 1 ج فقط قيمة ما يفيده من يلي المدعي في أقدمية الدرجة الثامنة عند ترقيته إلى الدرجة السابعة وهي الدرجة التي منحت للمدعي طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، وهذا التفسير هو المستفاد من كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 7 لسنة 1961 الذي جاء مفسراً للكتاب رقم 24 لسنة 1959، وأن مجال إعمال حكم القانون رقم 55 لسنة 1962 أن يكون سحب أو إلغاء القرارات أو التسويات نتيجة عدول الجهة التي أصدرت الفتوى عن فتواها التي صدر قرار الترقية أو التسوية بناءً عليها أو إلغاء هذه التسويات قضاء، بحيث إذا لم تلغ التسوية التي أجرتها الإدارة قضاء أو لم يعدل عن الفتوى التي صدرت التسوية بناءً عليها، فإنه لا يكون هناك مجال لإعمال أحكام هذه القانون، ويكون من حق جهة الإدارة أن تسترد ما صرف دون وجه حق إذا ألغت التسوية تصحيحاً لخطئها وليس نتيجة عدول عن الفتوى التي فسرتها تفسيراً خاطئاً عندما أجرت التسوية الملغاة أو نتيجة لإلغاء قضائي، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن الوزارة طبقت كتاب ديوان الموظفين الدوري تطبيقاً خاطئاً، وترتب على ذلك أن تقاضي المدعي مبالغ دون وجه حق، وأن إلغاء هذه التسوية لم يكن نتيجة عدول ديوان الموظفين عن فتواه، وإنما ألغت الوزارة تلك التسوية عندما اتضح لها خطأ تطبيقها للفتوى المذكورة، لذلك فلا يكون هناك مجال لإعمال القانون رقم 55 لسنة 1962، ويكون للإدارة أن تسترد ما دفع إلى المدعي دون وجه حق، وانتهت الوزارة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 16 من يناير سنة 1964 قضت المحكمة ببطلان الخصم الذي يجري من إعانة غلاء المعيشة المستحقة للمدعي تطبيقاً للمادة الخامسة من قانون المعادلات الدراسية من تاريخ ترقية من كان يليه في أقدمية الدرجة السابقة بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها المدعي، وبرد ما سبق خصمه اعتباراً من هذا التاريخ على الوجه المبين بالأسباب وإلزام المدعى عليها بالمصروفات وأقامت قضاءها على أنه ليس من شأن تسوية حالة الموظفين الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 أن يمتنع عليهم الإفادة في الوقت ذاته من مزايا الترقية العادية إن كانوا يستحقونها ويفيدون منها مزايا أخرى، وأن المحكمة الإدارية العليا أخذت بهذا النظر في الطعن رقم 1834 لسنة 2 القضائية، ومرد ذلك إلى أن الترقية العادية والتسوية طبقاً للقانون رقم 371 لسنة 1953 قد لا تتساويان في آثارها وإنما قد تتميز إحداهما عن الأخرى، وكما أن الترقية العادية تمنح الموظف ميزة لا تسعفه بها أحكام قانون المعادلات، فبينما تصرف علاوة الترقية كاملة في حالة الترقية العادية، فإنها تخصم من إعانة الغلاء المقررة في الحالة الثانية بالتطبيق للمادة الخامسة من القانون المذكور، فالتسوية والحالة هذه بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات لا تغني عن الترقية العادية، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إخلال بالموازنة بين مراكز الموظفين، وفي ضوء ذلك يتعين وقف خصم الزيادة التي نالها الموظف في مرتبه نتيجة لتسوية حالته طبقاً لقانون المعادلات الدراسية من تاريخ ترقية من كان يليه في أقدمية الدرجة السابعة بالأقدمية إلى الدرجة التي منحت للأول طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، والقول بغير ذلك علاوة عما فيه من مجافاة لمبادئ العدالة، إذ من شأنه أن يصبح الأحدث أحسن حالاً من الأقدم، فإنه يؤدي إلى الإضرار بالطائفة التي أراد المشرع إنصافها بإصدار قانون المعادلات الدراسية، ولذلك يتعين وقف خصم الزيادة التي نالها المدعي نتيجة تسوية حالته طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، من إعانة غلاء المعيشة مع مراعاة التقادم الخمسي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الخامسة من قانون المعادلات الدراسية تقضي بأن تخصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذه من إعانة غلاء المعيشة المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه، وأن هذا النص جاء مطلقاً من كل قيد، ولم يحدد الخصم بفترة زمنية معينة، لذلك فإن كل موظف يفيد من قانون المعادلات الدراسية يجب أن تخصم من إعانة الغلاء المقررة له، كل زيادة في الماهية ترتبت على تنفيذه، ولا يجوز وقفه عندما يرقى ترقية عادية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات الدراسية أو لأي سبب، من كان يليه في أقدمية الدرجة السابقة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والتي تنص على أن "تخصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذ هذا القانون من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه قد جاءت بحكم صريح قاطع مطلق لم يرد عليه أي قيد يتوقف به خصم الزيادة في المرتب من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف، يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية، ولما كان المطلق يجري على إطلاقه فإنه لا وجه لأن يقف خصم الزيادة من إعانة الغلاء، سواء رقي بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لأحكام قانون المعادلات الدراسية من يليه في أقدمية الدرجة السابقة أم بغير ذلك من الأسباب، بل يتعين أن يجرى الخصم على سبيل الدوام والاستمرار. أما القول بأن الخصم يقف بانقضاء حكمته فلا حجة فيه ذلك أن من الأصول المسلمة أن الحكم بعلته ولا يرتبط بحكمته أياً كانت هذه الحكمة، وعلة حكم الخصم كما وردت في نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون المعادلات الدراسية هي تحقق الإفادة من أحكام هذا القانون ومتى تحققت هذه العلة وجب إجراء الخصم على سبيل الدوام... والاستمرار دون ما نظر إلى الحكمة ما دام حكم الخصم لم يتخصص بالنص بهذه الحكمة أو بغير مخصص آخر، ومن ثم يكون الحكم الطعوه عليه إذ أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعين الإلغاء في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى تطبيق أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور، على هذه المنازعة، فإن ديوان الموظفين كان قد أصدر كتابين دوريين موقعين من رئيسه في شأن الزيادة، في المرتبات الواجب خصمها من إعانة غلاء المعيشة طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، الأول صدر برقم 24 لسنة 1959 في 22 من أغسطس سنة 1959، والثاني برقم 7 لسنة 1961 في أول مارس سنة 1961، وقد تضمن الكتاب الأول أن خصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذ قانون المعادلات الدراسية يجب أن يقف عندما يرقى بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات الموظفون الذي يلونه في أقدمية الدرجة السابقة، وتضمن الكتاب الثاني الإشارة إلى القاعدة التي وردت في الكتاب الأول وذكر أنها تسري على أصحاب المؤهلات التي تم تقديرها في قانون المعادلات الدراسية على مرحلتين، كما تسري أيضاً على أصحاب المؤهلات المقررة لها درجة أعلى من بدء التعيين، وأن مقدار ما يقف خصمه من إعانة غلاء المعيشة في جميع الأحوال هو ما سبق خصمه من الموظف بسبب حصوله على درجة أعلى طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، أما المبالغ التي خصمت من إعانة الغلاء بسبب آخر فلا يقف خصمها، وأنه بالنسبة إلى ما استفسرت عنه بعض الوزارات بشأن ضرورة وجود عدد من الموظفين المرقين إلى درجة أعلى طبقاً للقواعد العامة يوازي عدد الموظفين الذين حصلوا على هذه الدرجة طبقاً لقانون المعادلات، كشرط لتطبيق القاعدة المتقدمة، فإن الديوان يرى أن من كان ترتيبه قبل تطبيق قانون المعادلات التاسع فإنه يستحق المعاملة بالكتاب الدوري رقم 24 لسنة 1959 متى رقي من كان ترتيبه في تلك الدرجة وقت ذلك العاشر أو بعد ذلك ومن نفس التاريخ الذي رقي فيه هذا الأخير، وتنفيذاً لما جاء بكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959 آنف الذكر قامت الوزارة برد الزيادة السابق خصمها من إعانة الغلاء الخاصة بالمدعي والتي لم يمض على خصمها خمس سنوات ثم عادت فقصرت الخصم على جنيه واحد بحجة أن ذلك هو ما يقتضيه التفسير الصحيح لكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959 على ما وضح من كتاب ديوان الموظفين رقم 7 لسنة 1961، واحتفظت الوزارة في تقرير الطعن بحقها في استرداد المبالغ التي سبق ردها إلى المدعي جميعها باعتبار أنه ليس له ثمة حق فيها.
ومن حيث إن كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 24 لسنة 1959 تضمن فتوى صادرة من ديوان الموظفين موقعة من رئيس الديوان مفادها أن خصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذ قانون المعادلات الدراسية يجب أن يقف عندما يرقى بالأقدمية إلى الدرجة التي حصل عليها الموظف طبقاً لقانون المعادلات الموظفين الذين كانوا يلونه في أقدمية الدرجة السابقة، وقد وردت عبارة هذه الفتوى في خصوص وقف خصم الزيادة في الماهية المترتبة على تنفيذ قانون المعادلات مطلقة، ثم جاءت فتوى ديوان الموظفين التي ضمنها كتابه الدوري رقم 7 لسنة 1961 مؤيدة لفتواه السابقة في هذا الإطلاق، لذلك فإن وقف الوزارة خصم الزيادة المترتبة على تنفيذ قانون المعادلات الدراسية كاملة اعتباراً من تاريخ ترقية من كان يلي المدعي في أقدمية الدرجة السابقة إلى الدرجة التي رقي إليها المدعي نتيجة إفادته من قانون المعادلات الدراسية، وما ترتب عليه من رد مبالغ إلى المدعي نتيجة لوقف خصم الزيادة المشار إليها اعتباراً من التاريخ المذكور، هو تنفيذ لما تضمنته فتوى ديوان الموظفين الصادر بكتابه الدوري رقم 24 لسنة 1959 المؤيدة لفتواه الصادرة بالكتاب الدوري رقم 7 لسنة 1961 وفي حدود ما تقضي به أحكامها.
ومن حيث إن القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور ينص في المادة الأولى منه على أن يتجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بناءً على قرارات الترقية أو تسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة بديوان الموظفين وذلك إذا ألغيت أو سحبت تلك القرارات أو التسويات، وتنص المادة الثانية من القانون على أن يعتبر صحيحاً ما سبق صرفه إلى الموظفين والعمال بالتطبيق لتلك القرارات أو التسويات الملغاة، وحددت المادة الثالثة من القانون النطاق الزمني لسريان أحكامه فجعلته مقصوراً على القرارات والتسويات التي تمت تنفيذاً للأحكام والفتاوى التي صدرت من أول يوليه سنة 1952 حتى تاريخ العمل بالقانون من تاريخ نشره في 5 من فبراير سنة 1952، وقد كشفت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن نطاق تطبيقه إذ جاء بها، أنه لما كان استرداد المبالغ التي صرفت إلى الموظف أو العامل بغير حق مما ينوء بكاهله ويؤدي إلى اضطراب حالته النفسية، لذلك رؤى أن يتم التجاوز عن استرداد هذه المبالغ فأعد مشروع القانون، وتضمنت المادة الأولى منه أن يتجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بناءً على قرارات بالترقية أو تسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري بمجلس الدولة وكذلك الإدارات العامة بديوان الموظفين ولو أنها غير مختصة بالفتوى قانوناً، إلا أنه رؤى تحقيقاً للعدالة أن يشملها النص لمواجهة الحالات التي تصدى فيها الديوان بالفتوى، كما قصد بقصر النص على الإدارات العامة بديوان الموظفين أن يستبعد من نطاق تطبيق هذا القانون التسويات التي يجريها موظفو إدارات المستخدمين التابعون للديوان دون استناد إلى رأي صادر من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مناط تطبيق أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور أن يكون الصرف قد تم بناءً على قرارات بالترقية وتسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة لديوان الموظفين في النطاق الزمني الذي حدده القانون المشار إليه، في الفترة من أول يوليه سنة 1952 حتى تاريخ العمل بالقانون من تاريخ نشره في 5 من فبراير سنة 1962، وأن تلغى أو تسحب تلك القرارات أو التسويات، سواء كان هذا الإلغاء أو السحب، في حالة صدور القرار بالترقية أو التسوية تنفيذاً لفتوى، مرده إلى عدول الجهة مصدرة الفتوى عن الفتوى التي صدر القرار تنفيذاً لها، أو قامت الإدارة بهذا الإلغاء أو السحب من جانبها دون عدول عن الفتوى من الجهة التي أصدرتها طالما أن القرار أو التسوية التي تم بموجبها الصرف صدرت تنفيذاً لفتوى صادرة من إحدى الجهات التي حددها القانون.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان ما سبق أن صرف إلى المدعي من مرتبات نتيجة وقف خصم الزيادة في ماهيته المترتبة على تنفيذ قانون المعادلات الدراسية اعتباراً من تاريخ ترقية من كان يليه في أقدمية الدرجة السابقة إلى الدرجة التي حصل عليها المدعي طبقاً لقانون المعادلات الدراسية - كان تنفيذاً لفتوى ديوان الموظفين الصادرة من إدارته العامة والتي تضمنها كتابه الدوري رقم 24 لسنة 1959 من رئيس الديوان، وقد تم هذا الصرف في النطاق الزمني الذي حدده القانون رقم 55 لسنة 1962 لسريان أحكامه، لذلك فإن هذا الصرف يعتبر صحيحاً ويتجاوز عن استرداده بعد إلغاء الجهة الإدارية للتسوية التي أجرتها تنفيذاً للفتوى المشار إليها، وهو ما يقتضي الحكم بعدم جواز استرداد جميع ما صرف إلى المدعي من مبالغ تنفيذاً للفتوى الصادرة من ديوان الموظفين التي تضمنها كتابه الدوري رقم 24 لسنة 1959 وما يستتبعه ذلك من رد ما استردته الحكومة من مبالغ سبق صرفها إليه تنفيذاً للفتوى المشار إليها مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعد جواز استرداد جميع ما صرف إلى المدعي من مبالغ تنفيذاً للفتوى الصادرة من ديوان الموظفين في كتابه الدوري رقم 14 لسنة 1959 وبرد ما خصم منه من تلك المبالغ على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات.