أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 45 - صـ 934

جلسة 30 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ إلهام نجيب نوار - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، لطف الله ياسين جزر - نائبي رئيس المحكمة، أحمد محمود كامل ويوسف عبد الحليم.

(178)
الطعن رقم 232 لسنة 60 القضائية

(1 - 3) إثبات "طرق الإثبات" "اليمين: اليمين الحاسمة: حجيتها". استئناف "جواز الاستئناف". إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة: توقي الإخلاء". حكم "عيوب التدليل. القصور، الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
(1) عدم جواز استئناف الحكم الصادر بناء على اليمين. شرطه. أن تحسم النزاع وينتهي موضوعه بها. ورود اليمين على جزء من النزاع أو على مسألة أولية فيه أو التمسك بدفاع موضوعي منتج لم يشمله الحلف. أثره. جواز الاستئناف. لازمه. وجوب الالتزام بحجيتها فيما انصبت عليه وحسمته. علة ذلك.
(2) سداد المستأجر الأجرة المستحقة وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى قفل باب المرافعة في الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف. مسقط لحق المؤجر في الإخلاء. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981.
(3) تمسك الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بحقها في توقي الحكم بالإخلاء بإيداعها الأجرة المستحقة وملحقاتها وتقديمها المستندات المؤيدة لذلك. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن الحكم المستأنف صادر بناء على يمين حاسمة. خطأ وقصور.
1 - الحكم الصادر بناء على اليمين لا يجوز استئنافه إلا أن شرط ذلك أن تكون اليمين وحدها فاصلة في النزاع وحاسمة له بحيث ينتهي بها حتماً موضوعه، أما إذا انصبت اليمين على جزء من النزاع أو مسألة أولية فيه دون أن تؤدي إلى حسمه كله أو تمسك الخصم أمام محكمة الاستئناف بدفاع موضوعي منتج في الدعوى لم يشمله الحلف، فإن الاستئناف يكون جائزاً، غاية ما فى الأمر أنه يتعين الالتزام بحجية تلك اليمين بحيث يمتنع على الخصوم أن يعودوا إلى المنازعة فيما انصبت عليه وحسمته، ويقوم مضمونها حجة ملزمة لمحكمة الاستئناف لا تملك الخروج عليه أو مخالفته.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن - يدل على أن المشرع رغبة في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ قفل باب المرافعة في الدعوى، ولو أمام محكمة الاستئناف بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء.
3 - لما كان الثابت بالأوراق أن اليمين التي حلفها المطعون ضده أمام محكمة أول درجة كانت بالصيغة الآتية "أحلف بالله العظيم بأنني لم أتقاضى أجرة من المدعى عليها عن الشقة بالدور الأول فوق الأرضي بالعقار المملوك لي عن الفترة من أول يناير سنة 1982 حتى أول أغسطس سنة 1985" وهي يمين وإن قطع حلفها بعدم وفاء الطاعنة بأجرة العين مثار النزاع عن المدة المبينة فيها، إلا أنها لا تؤدي حتماً إلى القضاء بالإخلاء، إذ يظل للطاعنة رغم ثبوت عدم وفائها بالأجرة على الوجه المتقدم أن تتوقى حكم الإخلاء إذا ما بادرت إلى الوفاء بما استحق عليها منها وبكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى، ولو أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فإن الحكم الابتدائي الذي قضى بالإخلاء لهذا السبب يكون جائزاً استئنافه طالما تغيت الطاعنة أن تتدارك أمام محكمة الاستئناف ما فاتها أمام محكمة الدرجة الأولى، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف رغم تمسك الطاعنة في صحيفته بحقها في توقي الإخلاء بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المطعون ضده من مصاريف ونفقات، ودون أن يمحص ما قدمته تأييداً لهذا الدفاع من إنذارات عرض ومحاضر إيداع مما قد يتغير به وجه الرأي في جواز الاستئناف فإنه فضلاً عن مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه، يكون قد عاره قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 1114 لسنة 1986 أمام محكمة الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وقال بياناً لها إن الطاعنة تستأجر منه تلك العين نظير أجرة شهرية مقدارها أحد عشر جنيهاً، وإذ لم تسدد الأجرة المستحقة عليها منذ أول يناير 1982 حتى أغسطس 1985 رغم تكليفها بالوفاء بها فقد أقام الدعوى. أجابت الطاعنة على الدعوى بأنها سددت أجرة تلك المدة إلى المطعون ضده وركنت في إثبات ذلك إلى اليمين الحاسمة، وفي 3/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده بالصيغة المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن حلفها حكمت بالإخلاء، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 7545 لسنة 105 ق القاهرة وتمسكت بحقها في توقي الإخلال بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المطعون ضده من مصاريف ونفقات، وبتاريخ 6/ 12/ 1989 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن اليمين التي حلفها المطعون ضده أمام محكمة أول درجة كانت تتعلق بوفائها بأجرة العين محل النزاع عن المدة من يناير 1982 حتى أغسطس 1985، وإذ اعتبر الحكم تلك اليمين حاسمة في النزاع ورتب على ذلك قضاءه بعدم جواز استئناف حكم الإخلاء الذي بني عليها، حال أن ثبوت عدم وفائها بأجرة المدة المشار إليها لا يحرمها من الحق الذي كفله لها القانون في أن تتوقى الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة التي تستحق عليها وما تكبده المطعون ضده من مصاريف ونفقات فعلية حتى تاريخ قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف، فإن الحكم يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان الحكم الصادر بناء على اليمين لا يجوز استئنافه إلا أن شرط ذلك أن تكون اليمين وحدها فاصلة في النزاع وحاسمة له بحيث ينتهي بها حتماً موضوعه، أما إذا انصبت اليمين على جزء من النزاع أو مسألة أولية فيه دون أن تؤدي إلى حسمه كله أو تمسك الخصم أمام محكمة الاستئناف بدفاع موضوعي منتج في الدعوى لم يشمله الحلف، فإن الاستئناف يكون جائزاً، غاية ما فى الأمر أنه يتعين الالتزام بحجية تلك اليمين بحيث يمتنع على الخصوم أن يعودوا إلى المنازعة فيما انصبت عليه وحسمته، ويقوم مضمونها حجة ملزمة لمحكمة الاستئناف لا تملك الخروج عليه أو مخالفته وإذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية....... (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية......." يدل على أن المشرع رغبة في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ قفل باب المرافعة في الدعوى، ولو أمام محكمة الاستئناف بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء، وكان الثابت بالأوراق أن اليمين التي حلفها المطعون ضده أمام محكمة أول درجة كانت بالصيغة الآتية "أحلف بالله العظيم بأنني لم أتقاضى أجرة من المدعى عليها عن الشقة بالدور الأول فوق الأرضي بالعقار المملوك لي عن الفترة من أول يناير سنة 1982 حتى أول أغسطس سنة 1985" وهي يمين وإن قطع حلفها بعدم وفاء الطاعنة بأجرة العين مثار النزاع عن المدة المبينة فيها، إلا أنها لا تؤدي حتماً إلى القضاء بالإخلاء، إذ يظل للطاعنة رغم ثبوت عدم وفائها بالأجرة على الوجه المتقدم أن تتوقى حكم الإخلاء إذا ما بادرت إلى الوفاء بما استحق عليها منها وبكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى، ولو أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فإن الحكم الابتدائي الذي قضى بالإخلاء لهذا السبب يكون جائزاً استئنافه طالما تغيت الطاعنة أن تتدارك أمام محكمة الاستئناف ما فاتها أمام محكمة الدرجة الأولى، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف رغم تمسك الطاعنة في صحيفته بحقها في توقي الإخلاء بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المطعون ضده من مصاريف ونفقات، ودون أن يمحص ما قدمته تأييداً لهذا الدفاع من إنذارات عرض ومحاضر إيداع مما قد يتغير به وجه الرأي في جواز الاستئناف، فإنه فضلاً عن مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه، يكون قد عاره قصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.