أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 12

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1950
(5)
القضية رقم 414 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن إسماعيل الهضيبى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد غنيم بك المستشارين.
قتل. نية القتل. وجوب إثبات توافرها. مثال في بيان هذه النية.
يكفي في إثبات توافر نية القتل لدى المتهمين بالشروع في القتل قول الحكم: إن نية القتل العمد ثابتة قبلهما من استعمال كل منهما بندقية محشوة بمقذوفات وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويب كل منهما البندقية نحو المجني عليه وإطلاقها عليه عقب المشادة فأصاب مقذوف كل منهما المجني عليه إصابة كادت تقضي على حياته لولا نقله إلى المستشفى وإسعافه بالعلاج.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين في قضية الجناية رقم 1450 سنة 1947 صدفا المقيدة بالجدول الكلي برقم 853 سنة 1947, بأنهما في يوم 26 من نوفمبر سنة 1947 الموافق 13 من محرم سنة 1367 بناحية بني فيز مركز صدفا مديرية أسيوط, الأول - شرع في قتل فهمي شبيب فرغلي عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج, والثاني - شرع في قتل منصور عبد الموجود عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه, وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و234 - 1 من قانون العقوبات, فقرر إحالتهما لمحاكمتهما بالمواد المذكورة. وقد ادعى منصور عبد الموجود بحق مدني قبل المتهم الثاني وطلب القضاء له عليه بمبلغ خمسين جنيهاً بصفة تعويض. ومحكمة جنايات أسيوط قضت عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من عبد الحكيم مهران ومحمد عثمان سالمان بالسجن مدة ثلاث سنوات وإلزام محمد عثمان سالمان بأن يدفع مبلغاً قدره ثلاثون جنيهاً تعويضاً مدنياً للمدعى المدني منصور عبد الموجود منصور مع جميع المصاريف المدنية وثلثمائة قرش أتعاب محاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض . . . الخ.


المحكمة

..... وحيث إن وجهي الطعن المقدم من الطاعن الأول يتحصلان في القول: أولا - بأن الحكم المطعون فيه لم يستظهر نية القتل لدى الطاعن بما يكفى لثبوتها في حقه, وثانيا - بأنه استند في إدانته إلى ما يتجافى مع الثابت في أوراق الدعوى, ذلك لأنه ذكر أن الطبيب الشرعي قطع في استحالة إصابة المجني عليهما من عيار واحد خلافا لما دفع به الطاعن في حين أن الثابت من مناقشة ذلك الطبيب أمام المحكمة هو احتمال إصابتهما من عيار واحد.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره هذا الطاعن فالحكم المطعون فيه حين دانه بالشروع في القتل العمد استدل على ثبوت نية القتل في حقه بقوله: " إن نية القتل العمد ثابتة قبل كل من المتهمين "الطاعنين" الأول والثاني من استعمال كل منهما بندقية محشوة بمقذوفات وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويب كل منهما البندقية نحو فريسته وإطلاقها عليه عقب المشادة التي سبق بيانها فأصاب مقذوف كل منهما المجني عليه إصابة كادت تقضى على حياته لولا نقله للمستشفى وإسعافه بالعلاج. وفى هذا الذي قاله الحكم ما يكفى لقيام نية القتل وثبوتها في حق الطاعن. ولما كان ذلك, وكان الحكم حين قال إن الطبيب الشرعي نفى احتمال إصابة المجني عليهما من عيار واحد قد استخلص هذه النتيجة استخلاصا سليما من أقوال الطبيب الشرعي على ما يبين من الاطلاع عليها, كما أثبتها محضر الجلسة والحكم - فإن ما يثيره الطاعن من الجدل في هذا الشأن لا يكون له محل.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن مما قام عليه دفاعه أمام المحكمة حين انطلق العيار من بندقيته فأصاب المجني عليه لم يكن ينتوى اعتداء عليه, بل وقع ذلك نتيجة تجاذب هذا السلاح بينه وبين آخرين. وإذن فقد كان في حالة ضرورة تبرر إعفاءه من العقاب, أو في حالة دفاع شرعي عن نفسه ومع أن المحكمة قد أوردت ما يفيد ذلك إلا أنها لم تأخذ بدفاعه واستندت إلى أسباب متناقضة.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه فقد تعرض الحكم المطعون فيه إلى دفاعه المشار إليه وفنده في منطق سليم بالأدلة التي أوردها. ولما كان الأمر كذلك وكان هذا الدفاع متعلقا بتقدير الأدلة في الدعوى مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع من غير معقب عليه فيه فإن إثارته أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
وحيث إن مبنى الوجه الآخر هو قصور الحكم في بيان نية القتل وقد سبق الرد على هذا فيما سبق بالنسبة إلى الطاعن الأول.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.