أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 40

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1950
(17)
القضية رقم 442 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك المستشارين.
إثبات. إقامة الإدانة على الظن. لا يجوز. شهادة لها أثرها في ثبوت التهمة. إدانة المتهم دون القطع برأي في صحة هذه الشهادة. حكم معيب.
لا يصح أن تقام الإدانة على الشك والظن, بل يجب أن تؤسس على الجزم واليقين. فإذا كان المتهم قد تمسك في دفاعه بأنه لم يحضر الحادث الذي أصيب فيه المجني عليه إذ كان وقتئذ بنقطة البوليس وأشهد على ذلك شاهدا فلم تأخذ المحكمة بهذا الدفاع دون أن تقطع برأي في صحة شهادة ذلك الشاهد أو كذبها مع ما لهذه الشهادة من أثر في ثبوت التهمة المسندة إلى المتهم لتعلقها بما إذا كان موجودا بمكان الحادث وقت وقوعه أو لم يكن - فإن حكمها يكون معيبا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجناية رقم 1455 نجع حمادي 1949 المقيدة بالجدول الكلى برقم 161 سنة 1949 كلا من: 1 - مهران محمد عثمان (الطاعن) و2 - مصطفى صالح عبد الرحيم و3 - أبو زيد على محمد بطران بأنهم في يوم 25 من يونيه سنة 1949 الموافق 29 من رمضان سنة 1368 بناحية فرشوط مركز نجع حمادي مديرية قنا: الأول - ضرب توفيق مصطفى معوض عمدا بعصاً على رأسه فأحدث به الإصابة الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد مساحة من العظم الجبهى الجدراى على الناحية اليسرى مما يجعل المصاب أقل احتمالا للمؤثرات الخارجية ويعرض حياته لخطر التهابات المخ وحدوث نوبات شلل وجنون تقلل من كفاءته على العمل وقوة احتماله للتقلبات الجوية مما يتعذر معه تحديد مدى العاهة لجسامة مضاعفاتها التي تحدث مستقبلا. والثاني - ضرب أحمد عبد الرازق بدوى عمداً بعصاً على عضده الأيمن فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوماً. والثالث - ضرب أبو زيد محمود مرزوق فأحدث به الإصابة الموضحة بالتقرير الطبي والتي تقررت لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم: الأول بالمادة 240/1 والثاني بالمادة 241/1 والثالث بالمادة 242/1 من قانون العقوبات, فقرر إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة جنايات قنا قضت عملا بمواد الاتهام بمعاقبة مهران محمد عثمان بالسجن مدة ثلاث سنين وبمعاقبة مصطفى صالح عبد الرحيم بالحبس مع الشغل مدة ثلاثة أشهر, وبمعاقبة أبو زيد على محمد بطران بالحبس مع الشغل مدة شهر واحد. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بالضرب الذي نشأت عنه العاهة جاء قاصراً وأقيم على الشك والاحتمال دون الجزم واليقين. وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه بأنه لم يحضر الحادث وأنه كان بنقطة البوليس وقت وقوعه وأشهد شيخ البلدة وآخرين وافقوه على ذلك ولكن المحكمة دانته من غير أن تجزم بكذب الشهاد بل قالت إنها لا تقطع بصحتها وإنه يحتمل أن تكون قد صدرت منهم مجاملة, وهذا مما يعيب الاستدلال ويبطل الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة تعرض لدفاع الطاعن فقال "إنه ذكر أنه لم يحضر الحادث الذي أصيب فيه المجني عليه توفيق مصطفى الذي لم يره حيث كان بنقطة فرشوط وأشهد على ذلك عبد الحميد صادق الذي وافقه من أنه أرسله ضمن أشخاص آخرين للنقطة وتمسك الدفاع عنه بجلسة المحاكمة بهذا الدفاع. وترى المحكمة أن هذا الدفاع الذي ذكره المتهم لم يثبت بطريق قاطع, إذ يحتمل كثيراً أن يكون شاهد النفي قد جامله خصوصاً بعد ما قرر كل من ضابط النقطة والجاويش أنه لا يعرف إن كان المتهم من بين من أرسلوا أو عدمه". ولما كانت الشهادة التي شهد بها الشاهد مؤثرة في ثبوت التهمة المسندة إلى الطاعن لتعلقها بما إذا كان أو لم يكن موجوداً بمكان الحادث وقت وقوعه وكانت المحكمة لم تقطع برأي في صحة هذه الشهادة أو كذبها فإن الحكم يكون معيباً متعيناً نقضه, إذ لا يصح أن تقام الإدانة على الشك والظن بل يجب أن تؤسس على الجزم واليقين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.