أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1022

جلسة 6 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة.

(199)
الطعن رقم 789 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش. "إذن التفتيش. الدفع ببطلانه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
( أ ) الدفع ببطلان إذن التفتيش. طبيعته: عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
(ب) الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة.
(ج، د) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
(ج) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(د) للمحكمة أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
(هـ) تحقيق. "إجراءات التحريز". إجراءات. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
إجراءات التحريز. تنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
(و) مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لا يلزم بالضرورة تخلف آثار من المخدر بمحتويات العلبة التي ضبط بها عارياً. مثال لتسبيب غير معيب.
1 - الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض.
2 - يجب إبداء الدفع ببطلان إذن التفتيش في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه. ومن ثم فإن مجرد قول المدافع عن الطاعن في مرافعته أن الدعوى خالية من التحريات لا يفيد الدفع ببطلان الإذن.
3 - إن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
4 - ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
5 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه. ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ما بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث.
6 - متى كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعن هو مادة الأفيون، فإن ما أورده من ذلك يكفي لتبرير قضائه بإدانة الطاعن، وبفرض أن التقرير أورد خلو العلبة ومحتوياتها من آثار الأفيون وإن المخدر المضبوط وجد مجرداً من التغليف بالعلبة فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بمحتوياتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 5 من أكتوبر سنة 1967 بدائرة قسم رأس غارب محافظة البحر الأحمر: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) في غير ألأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً لنص المواد 1 و2 و34/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات السويس قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37 و42 من القانون 182 لسنة 1960 والبند 1 من الجدول المرافق و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه قد أغفل الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات واكتفى بالقول بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش في حين أن تلك الأقوال باطلة كأثر من آثار بطلان إذن التفتيش وعلى الرغم من أن التحريات التي اطمأن الحكم إلى جديتها أسفرت عن توافر قصد الاتجار بالمخدر لدى الطاعن فإنه لم يسند هذا القصد إليه ثم إن الحكم لم يدلل على أن المخدر موضوع التحليل هو الذي أحرزه الطاعن إذ لم يبين الضابط الذي قام بالتفتيش صفة صاحب الختم الذي استعمله في التحريز أو مصير الختم بعد التحريز، وأخيراً فإن الحكم استظهر من أقوال الضابط التي عول عليها في إدانة الطاعن أنه كان يحتفظ بمادة الأفيون داخل علبة دون تغليف مع أن الثابت من الأوراق عدم وجود آثار الأفيون بمحتويات تلك العلبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال الضابط وتقرير التحليل. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ولا يقدح في ذلك أن تكون المدافعة عن الطاعن قد أيدت في مرافعتها أن "الدعوى خالية من التحريات" إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا القانون. لما كان ذلك، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ما بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث. ولما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعن هو مادة الأفيون، فإن ما أورده من ذلك يكفي لتبرير قضائه بإدانة الطاعن وبفرض أن التقرير أورد خلو العلبة ومحتوياتها من آثار الأفيون وإن المخدر المضبوط وجد مجرداً من التغليف بالعلبة فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بمحتوياتها.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.