أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 133

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1951
(53)
القضية رقم 1056 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
(أ) حكم. تسبيبه. دفاع. دفع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي. نفى قيام هذه الحالة لديه. لا محل بعد ذلك للتعرض لاعتباره متجاوزا حدود الدفاع.
(ب) إثبات. تجزئة اعتراف المتهم. جوازها.
1 - متى كان ما قالته المحكمة في تفنيد دفاع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس من شأنه أن ينفى قيام تلك الحالة لديه فإن ذلك لا يدع مجالا لما يثيره في طعنه على الحكم من جهة اعتباره متجاوزا حدود الدفاع, إذ أن ذلك لا يكون له محل إلا عند ثبوت قيام تلك الحالة.
2 - للمحكمة في المواد الجنائية أن تجزئ اعتراف المتهم, فتأخذ منه بما تطمئن إليه دون أن تتقيد بالأخذ بباقية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن المذكور في قضية الجناية رقم 1456 سنة 1949 بنى مزار المقيدة بالجدول الكلى برقم 297 سنة 1949 بأنه في ليلة 16 من ديسمبر سنة 1949 الموافقة 25 من صفر سنة 1369 بناحية بنى على مركز بنى مزار مديرية المنيا - قتل عمدا عبد الحكيم على محمد بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وطلبت من قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234 فقرة أولى من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت عملا بمادة الاتهام بمعاقبة شريف عبد الكريم شريف بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن من أنه لم يقصد قتل المجني عليه وإنما كان يقصد إرهابه, وأنه لا دليل في الدعوى سوى اعترافه فكان يتعين على المحكمة ألا تأخذه إلا بقدر ما اعترف به, وأنه طلب من باب الاحتياط اعتباره متجاوزا حدود الدفاع الشرعي عن النفس والمال, إذ أنه كان في مكان الحادث يقوم بواجب الحراسة منفردا وقد وقع الحادث في وقت مظلم فكان له العذر وقد فاجأ المجني عليه وهو يرتكب جريمة سرقة أن يخشى وجود لصوص آخرين معه أو أن يكون معه سلاح فيعتدي عليه به وما كان له أن يتخلى عن أداء واجبه في تعقب اللص والقبض عليه كما يذهب إليه الحكم, ولذا فإن المحكمة تكون مخطئة فيما فندت به قيام حالة الدفاع الشرعي لديه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إن الطاعن كان يمر في ليلة 16 من ديسمبر سنة 1949 بزراعة الشامي المكلف بحراستها وفى الساعة الثالثة صباحا أبصر شخصا في وسط الزراعة يسرق منها فتقدم نحوه ولما شعر السارق بقدومه جرى محاولا الفرار فأمره شريف بالوقوف فلم يمتثل لأمره واستمر في عدوه حتى خرج من الزراعة واجتاز مجرى المياه المجاور لها من الجهة القبلية حاملا في جلبابه ما وصلت إليه يده من قناديل الشامي وكان المتهم في إثره فأطلق عليه عيارا ناريا من البندقية التي يحملها للحراسة فأصابه المقذوف بجرحين ناريين أحدهما في مؤخر رأسه والآخر أسفل يسار مؤخر صدره فمات لساعته, وذهب المتهم بنفسه إلى رجال الحفظ وأبلغ بالحادث واعترف بأنه القاتل وقدم بندقية بخرطوش رقم 12 ظهر أنها أطلقت حديثا ثم أصر على اعترافه أمام المحكمة, وعزا فعلته إلى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه". ثم تعرض إلى دفاع الطاعن ففنده تفصيلا بما محصله أنه معترف بأنه رأى القتيل بمفرده بداخل الزراعة وما أن ناداه وأمره بالوقوف حتى خرج يعدو لا يلوى على شيء وكان لا يقصد سوى النجاة بنفسه وأن المتهم ظل يجد في اللحاق به حتى ابتعد عن الزراعة التي كان يحرسها فتحقق في ضوء القمر من أنه كان وحيدا ولا يحمل سلاحا ولم تبد منه حركة أو التفاتة يخشى الطاعن منها أن تكون لديه نية الاعتداء عليه وأنه هو الذي كان يجد في متابعته ولو كان قد خاف منه لكف عن متابعته ولكنه مع كل هذا أطلق عليه مقذوفين ناريين أصاباه في رأسه وصدره فأردياه قتيلا في الحال. ثم انتهت المحكمة من ذلك إلى أنه "ليس في الظروف التي تقدم وصفها ما يشفع للمتهم أو يبرر ادعاءه بأنه خشي على حياته". ولما كان ما قالته المحكمة في تفنيد دفاع الطاعن الذي انحصر في الدفاع الشرعي عن النفس من شأنه أن ينفى قيام تلك الحالة لديه فإنه لا يدع مجالا لما يثيره بشأن اعتباره متجاوزا حدود ذلك الدفاع, إذ أن ذلك إنما يكون محله عند ثبوت قيام تلك الحالة. وأما باقي ما يثيره الطاعن فمردود بأن الواقعة التي أثبتها الحكم تتوافر فيها أركان الجريمة التي دانه بها وأن للمحكمة الجنائية أن تجزئ اعتراف المتهم فتأخذ منه بما تطمئن إليه دون أن تتقيد بالأخذ بباقية الذي لا تطمئن إليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.