أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 139

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1951
(56)
القضية رقم 1059 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
(أ) تحقيق. استجواب المتهم المحظور. إجابة المتهم بمحض اختياره على ما توجهه إليه المحكمة من أسئلة دون اعتراض من المدافع عنه. لا يجوز له أن يدعى البطلان في الإجراءات بناءً على استجوابه.
(ب) سرقة. شروع فيها. ظرف الإكراه. مثال في بيان توفره.
(جـ) إثبات. تقدير الأدلة. سلطة المحكمة في الأخذ ببعض الأدلة دون بعض وفى الأخذ بدليل بالنسبة إلى متهم واطراحه بالنسبة إلى متهم آخر.
1 - أن القانون وان كان قد حظر استجواب المتهم إلا بناءً على طلبه فإن هذه القاعدة قد وضعت لمصلحته هو, فله أن يتنازل عنها إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه وإما بعدم اعتراضه على الاستجواب والإجابة على الأسئلة التي توجهها إليه. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن المتهم إذا ما أجاب بمحض اختياره على ما توجهه إليه المحكمة من أسئلة دون أن يعترض المدافع عنه فذلك منه يدل على أن مصلحته لم تضار بالاستجواب, وبالتالي لا يجوز له أن يدعى البطلان في الإجراءات. وإذن فإذا كان محضر الجلسة لم يثبت به أن المتهم أو المدافع عنه قد اعترض على الاستجواب بل كان الحكم - وهو يكمل محضر الجلسة - قد ذكر صراحة أن المتهم لم يعترض على الاستجواب, فلا يقبل من هذا المتهم أن يطعن على الحكم في خصوص ذلك.
2 - يكفى في بيان توفر ظرف الإكراه قول الحكم إن أحد الجناة قذف المجني عليه في وجهه بالرمال ومد يده يريد سرقة الحقيبة فأمسك بها المجني عليه ولم يتخل عنها وأخذ يستغيث حتى حضر أحد زملاء الجاني متظاهرا بالعمل على إنقاذ المجني عليه وأخذ يجذب الحقيبة إلا إنه ظل يقاوم ويستغيث حتى أقبل الجمهور على صياحه وعندها فر اللصان.
3 - إن تقرير أدلة الثبوت في الدعوى من شأن محكمة الموضوع, ولها أن تأخذ ببعض الأدلة وتطرح بعضها وأن تأخذ بدليل بالنسبة إلى متهم وتطرح هذا الدليل ذاته بالنسبة إلى متهم آخر مادامت الأدلة في جملتها سائغة مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجناية رقم 947 لبان سنة 1949 المقيدة بالجدول الكلى برقم 213 سنة 1949 (1) أنور عثمان السيد (الطاعن) و(2) فيليب بطرس عطا الله و(3) خميس محمد خيري, بأنهم في 21 من أبريل سنة 1949 الموافق 22 من جمادى الآخرة سنة 1368 بدائرة قسم اللبان محافظة إسكندرية شرعوا مع مجهول في سرقة حافظة بها مبلغ ألف جنيه لشركة ايلى ليفي بطريق الإكراه الواقع على محمد عثمان محمد الساعي بالشركة بأن استحضروا سيارة وتربصوا للمجني عليه أثناء عودته إلى مقر الشركة حاملا الحافظة واعترضه أحدهم وألقى بحفنة من الرمال في وجهه لتعطيل مقاومته وأمسك هو وآخر من بينهم بالحافظة محاولين انتزاعها منه وأوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو استغاثة المجني عليه واضطرارهم إلى الفرار بالسيارة التي كانت تنتظرهم. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و314/1 من قانون العقوبات. فقرر إحالتهم إليها لمعاقبتهم بالمواد المذكورة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت عملا بالمواد 40/2 - 3 و41, و45 و46 و314/1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. وبراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما وذلك عملا بالمادة 50 فقرة ثانية من قانون تشكيل محاكم الجنايات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن حاصل الوجه الأول أن المحكمة خالفت القانون إذ استجوبت الطاعن دون أن يطلب ذلك لأن المادة 137 من قانون تحقيق الجنايات لا تجيز استجواب المتهم إلا إذا طلب, وقد ترتب على هذا الاستجواب أن أدلى الطاعن بأقوال ضد مصلحته واتخذت منها المحكمة دعامة في القضاء عليه بالإدانة. ويضيف الطاعن أن الدفاع عنه اعترض على هذا الاستجواب وإن كان هذا الاعتراض لم يثبت صراحة في محضر الجلسة ولا ينفى ذلك ما ورد بالحكم من أن الطاعن نوقش بغير اعتراض.
وحيث إن القانون وإن كان قد حظر استجواب المتهم إلا بناءً على طلبه فإن هذه القاعدة قد وضعت لمصلحته فله أن يتنازل عنها إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه أو بعدم اعتراضه على الاستجواب والإجابة على الأسئلة التي توجهها إليه, وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن المتهم إذا أجاب بمحض اختياره على ما توجهه إليه المحكمة من أسئلة دون أن يعترض المدافع عنه فإن ذلك منه يدل على أن مصلحته لم تضار بالاستجواب, وبالتالي لا يجوز له أن يدعى البطلان في الإجراءات. لما كان ذلك وكان اعتراض ما, سواء أكان من الطاعن أم من المدافع عنه, لم يثبت بمحضر الجلسة بل على العكس - فإن الحكم - وهو يكمل محضر الجلسة - قد ذكر صراحة أن الطاعن لم يعترض على الاستجواب, لما كان ذلك كله فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه لم يستظهر ركن القصد الجنائي لدى الطاعن, إذ لا يكفى لاعتبار المتهم شريكا بالمساعدة أن يثبت مقارفته للأفعال المادية التي ساعدت على وقوع الجريمة بل يجب أن يكون قد ارتكبها بقصد المشاركة في الجريمة. كذلك قصر الحكم حين تحدث عن ظرف الإكراه بعبارة عابرة دون أن يعنى بإقامة الدليل على توافره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن ومن بينها توافر علمه بجريمة السرقة التي شرع في ارتكابها وقصده المساعدة في إتمامها, وكذلك تحدث في صراحة وتفصيل كاف عن ركن الإكراه بأن قال إن أحد الجناة قذف المجني عليه في وجهه بالرمال ومد يده يريد سرقة الحقيبة فأمسك بها المجني عليه ولم يتخل عنها وأخذ يستغيث حتى حضر أحد زملاء الجاني متظاهرا بالعمل على إنقاذ المجني عليه وأخذ يجذب الحقيبة إلا أنه ظل يقاوم ويستغيث حتى أقبل الجمهور على صياحه وعندها فر اللصان. وهذا الذي أورده الحكم كاف في إبراز ظرف الإكراه وتوافره.
وحيث إن الوجه الأخير يتحصل في القول بأن الأدلة التي بنيت عليها الإدانة قد شابها التناقض إذ اعتبر في ثبوت واقعة ما دليلا كافيا قبل الطاعن ولم يرفى ثبوت نفس الواقعة ما يكفى لإدانة متهمين آخرين, كما أنه اعتمد على شهادة أحد الشهود في إدانة الطاعن وأهدرها بالنسبة للآخرين.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن تقدير أدلة الثبوت في الدعوى من شأن محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ ببعض الأدلة وتطرح البعض الآخر, وأن تأخذ بدليل بالنسبة لمتهم وتطرح هذا الدليل ذاته بالنسبة لمتهم آخر ما دامت الأدلة في جملتها سائغة مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين الأدلة التي أخذ بها بالنسبة للطاعن في منطق سليم فإن ما يثيره لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.