أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 186

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1950
(73)
القضية رقم 1084 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, إبراهيم خليل بك, محمد أحمد غنيم بك المستشارين.
(أ) إثبات. سلطة المحكمة في الأخذ بما تراه من شهادة شاهد. أخذها ببعض الشهادة معناه أنها لم تر فيما أطرحته ما يصح الركون إليه.
(ب) حكم. تسبيبه. دفاع. الرد على كل جزئية منه. غير لازم.
(ج) دفاع. وجه دفاع أدلى به المتهم. عدم طلبه تحقيقه. نعيه على المحكمة أنها لم تندب خبيرا لتحقيقه. لا يصح.
1 - من حق محكمة الموضوع أن تزن روايات الشهود وتأخذ منها بالرواية التي تطمئن إليها وتطرح ما عداها. وتعويلها على ما تأخذ به من شهادة شاهد وإطراحها ما لم تأخذ به منها معناه أنها لم تر فيما أطرحته ما يصح الركون إليه.
2 - ليست المحكمة ملزمة بأن ترد على كل جزئية من جزئيات الدفاع.
3 - إذا كان لا يظهر من محضر الجلسة أن المتهم أو المدافع عنه قد طلب إلى المحكمة ندب خبير لتحقيق وجه دفاع أدلى به فلا يكون له أن ينعى على المحكمة أنها لم تندب خبيراً لهذا الغرض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن المذكور في قضية الجناية رقم 2305 شبين الكوم سنة 1949 المقيدة بالجدول الكلى برقم 289 سنة 1949 - بأنه في ليلة 2 من ديسمبر سنة 1949 الموافق 12 من صفر سنة 1369 بناحية المصيلحة مركز شبين الكوم مديرية المنوفية. شرع في قتل عطوة محمد الديب عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وتربص له في الطريق وأطلق عليه عياراً نارياً من بندقية أعدها لذلك قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج. وطلبت من قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات شبين الكوم لمحاكمته بالمواد 45, 46, 230, 231, 232 من قانون العقوبات. فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمواد المذكورة. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت - عملا بمواد الاتهام - بمعاقبة عبد اللطيف عيسوي يوسف بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ...


المحكمة

... ومن حيث إن أوجه الطعن تتحصل في قول الطاعن إن الحكم المطعون فيه إذ دانه بالشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد أغفل ما دفع به محاميه من كذب المجني عليه فيما قرره من أنه بعد أن ضرب فجأة وهو ذاهب إلى منزله كان وكيل شيخ الخفراء أول من حضر إليه ورأى المتهم قادماً من جهة الذرة مع أنه أخبر العمدة أن أخا المتهم المدعو أحمد العيسوي يوسف كان هو أول الحاضرين على استغاثته وأنه أخفى السلاح وأن العمدة قد ذكر ذلك صراحة في بلاغه وأن المجني عليه قد قرر هذا القول بعينه في محضر البوليس فلما كان أمام النيابة أنكر هذا الذي قاله بخصوص أول من حضر إليه في أثر الحادث, كما أغفل الحكم ما تمسك به الدفاع كذلك من أن المجني عليه وشهوده قد قرروا بأن الطاعن كان يرتدى وقت الحادث جلبابا من الكشمير مخالفين في ذلك ما أثبته وكيل النيابة المحقق في محضره من أن المتهم لم يكن عليه من الثياب إلا قميص ولباس مما يدل على صدق دفاعه من أنه لم يضبط بالشارع وإنما جئ به من منزله. ثم إنه أغفل أيضاً ما دافع به الطاعن من تلفيق التهمة وما استدل به على هذا التلفيق من أن العيار الذي أطلق على المجني عليه كان محشواً بقطع من الرصاص في حين أن العيار المضبوط كان عبارة عن ظرف من الورق من أطرف الصيد التي تملأ بالرش والبارود الأسود ولا يمكن أن تعبأ بمثل قطع الرصاص التي وجدت بجسم المجني عليه خلافاً لما ذهب إليه الطبيب الشرعي. ويقول الطاعن إنه طلب من المحكمة ندب طبيب آخر لتحقيق هذا الخلاف وإن كان هذا الطلب قد ذكر بمحضر الجلسة على وجه غير مفهوم. هذا إلى أن الحكم إذ استند بين ما استند إليه في ثبوت التهمة على الطاعن إلى انطباق وصف السلاح المضبوط على الوصف الذي وصفه به المجني عليه لم يورد مؤدى أقوال المجني عليه في ذلك ولم يرد على ما نعاه الطاعن على هذه الأقوال من عدم إمكان تصديقها لأن المجني عليه قد ضرب فجأة ومن خلفه مما لا يسوغ معه في العقل أن يتمكن من رؤية السلاح وتمييزه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجناية التي دانه بها مستنداً في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها, وكان من حق محكمة الموضوع أن تزن روايات الشهود وتأخذ منها بالرواية التي تطمئن إليها وتطرح ما عداها, وكانت هي كذلك غير ملزمة بأن ترد على كل جزئية من جزئيات الدفاع, وكان تعويلها على ما تأخذ به من شهادة شاهد وإطراحها لما لم تأخذ به من هذه شهادة معناه أنها لم تر فيما أطرحته ما يصح الركون إليه, وكان لا يبين من مراجعة محضر الجلسة بحال أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب من المحكمة ندب خبير لتحقيق إمكان تعبئة الظرف المضبوط بقطع من الرصاص من النوع الذي وجد بجسم المجني عليه, وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى ما أخذ به واستند إليه من شهادة الشهود. لما كان كل ذلك فإن الطعن يكون في واقعه جدلا موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.