أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 242

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1950
(93)
القضية رقم 1107 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
غش. خداع المشترى. جريمة عمدية. وجوب التحدث عن علم المتهم بالغش. وجوب بيان ماهية الغش.
إنه لما كانت جريمة خداع المشترى هي من الجرائم العمدية التي يجب لتوافر أركانها ثبوت القصد الجنائي لدى المتهم, وهو علمه بالغش الحاصل في البضاعة وإرادته إدخال هذا الغش على المتعاقد معه, فإن الحكم إذا كان لم يتحدث مطلقاً عن توافر ذلك الركن المعنوي, وكان قد دان الطاعن بالمادة الثانية من ذلك القانون أيضاً على اعتبار أن اللبن في ذاته مغشوش دون أن يبين ماهية ذلك الغش وكيفية حصوله, ودون أن يستظهر علم الطاعن بوقوعه يكون قاصرا معيبا متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة رقم 5712 سنة 1948 كلا من: 1 - حسين محمد أحمد (الطاعن) 2 - محمد حسين خطاب, بأنهما في يوم 22/9/1948 بدائرة قسم الوايلى: غشا المتعاقد معهما (معمل السيرم) بأن قدما لبنا حليبا مغشوشا وغير مطابق للمواصفات وطلبت عقابهما بالمواد 1؛ 2؛ 8؛ 9؛ 10؛ 15 من القانون رقم 48 لسنة 1941. ومحكمة الوايلى الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بالنسبة للأول والمادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 للثاني أولا: بتغريم المتهم الأول خمسمائة قرش, وثانيا بتغريم المتهم الثاني خمسين قرشا على اعتبار الواقعة مخالفة بالنسبة له, وثالثا بمصادرة اللبن موضوع الجريمة أو ثمنه على مصاريف المتهم بلا مصاريف جنائية. فعارض المحكوم عليه غيابيا وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهم كما سبق أن استأنفت النيابة. ومحكمة مصر الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دانه بغش اللبن لمجرد قلة الدسم فيه عن النسبة المتفق عليها في العقد مع أن الثابت من نتيجة التحليل أن نسبة هذا الدسم في اللبن موضوع الدعوى هي 4؛ 5% والنسبة المتفق عليها في العقد هي 6% ولما كانت النسبة المقررة قانونا في لبن الجاموس وفق نص المادة الثانية من اللائحة الصادرة بتاريخ 18 مايو سنة 1925 هي 5% فقط مما مقتضاه أن لا يساءل الطاعن جنائيا بل كل مسئوليته - وفق نص العقد - تنحصر في محاسبته على قيمة النقص, وإذن فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على الواقعة الثابتة فيه.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى العمومية على الطاعن وآخر بأنهما "غشا المتعاقد معهما (معمل السيرم) بأن قدما لبنا حليبا مغشوشا وغير مطابق للمواصفات, وطلبت عقابهما بالمواد 1؛ 2؛ 8؛ 9؛ 10؛ 15 من القانون رقم 48 لسنة 1941 ومحكمة أول درجة قضت بإدانة الطاعن تطبيقاً للمواد المطلوبة وقالت "إن الوقائع تتحصل فيما أثبته مفتش الأغذية في محضره من أن الدكتور محمد حلمي أيوب إخصائى الكيمياء الحيوية بمعمل السيرم بالعباسية أخذ عينة من اللبن الحليب المورد إلى المعمل بمعرفة المتهمين بصفة أولهما متعهدا للتوريد وثانيهما مندوباً للأول وأرسل هذه العينة للتحليل في المعامل فوردت النتيجة تفيد أن العينة غير مطابقة لشروط العقد المبرم بين المعمل والمتعهد, إذ أنه مشترط في التعاقد ألا تقل نسبة الدسم في اللبن المورد عن 6% بينما وجدت نسبة الدسم عند التحليل 4؛ 5%.
وحيث إن المحكمة ناقشت الطبيب المحلل فقرر بأنه قام بتحليل اللبن فوجد أن نسبة الدسم فيه غير مطابقة للعقد, إذ كانت 4؛ 5% بينما يوجب التعاقد أن تكون النسبة 6%.
وحيث إنه إزاء ذلك تكون التهمة ثابتة قبل المتهم الأول (الطاعن) ثبوتاً كافياً ويتعين عقابه عملا بمواد الاتهام والحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه.
وحيث إنه لما كانت جريمة خداع المشترى التي دين بها الطاعن هي من الجرائم العمدية التي يجب لتوافر أركانها ثبوت القصد الجنائي لدى المتهم وهو علمه بالغش الحاصل في البضاعة وإرادته إدخال هذا الغش على المتعاقد معه, وكان الحكم المطعون فيه لم يتحدث مطلقاً عن توافر ذلك الركن المعنوي, وكان قد دان الطاعن بالمادة الثانية من ذلك القانون أيضاً على اعتبار أن اللبن في ذاته مغشوش دون أن يبين ماهية ذلك الغش وكيفية حصوله ودون أن يستظهر علم الطاعن بوقوعه - لما كان ذلك كله, فإن الحكم يكون قاصراً معيبا متعينا نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم دون حاجة إلى التحدث عن باقي أوجه الطعن.