أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 14 - صـ 144

جلسة 4 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.

(32)
الطعن رقم 2955 لسنة 32 قضائية

استئناف. إثبات. "بوجه عام". حكم "ما يبطله". نقض "سلطة محكمة النقض". بطلان. "بطلان متعلق بالنظام العام".
( أ ) ورقة التقرير بالاستئناف حجة بما ورد فيها، ما لم يثبت خطأ بياناتها. مثال: تاريخ حصول التقرير. العبرة بالتاريخ الحقيقي. واجب المحكمة في تحقيق ذلك.
(ب) خلو الحكم من تاريخ إصداره. أثر ذلك: بطلان الحكم. هذا البطلان متعلق بالنظام العام. لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يثره الطاعن.
1- إنه وإن كانت ورقة التقرير بالاستئناف حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومن بينها تاريخ حصول التقرير به، إلا أنه متى كان قد أثبت بها تاريخ لا يطابق الحقيقة عن طريق السهو أو الخطأ المادي فإنه لا يعتد به إذ العبرة بالتاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه بالاستئناف. فإذا كان الثابت من الأوراق أن تقرير الاستئناف المرفوع من المتهمة "الطاعنة" يحمل رقماً مسلسلاً يسبق الرقم الذي يحمله تقرير الاستئناف المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية الذي قضى بقبول استئنافه شكلاً لرفعه في الميعاد القانوني، فإن المحكمة إذ قضت بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المتهمة شكلاً بمقولة إن التقرير به حصل في 10/ 3/ 1962 في حين أن التقرير يحمل الرقم السابق مباشرة على تقرير الاستئناف المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية الذي صدر منه في 10/ 1/ 1962 (أي في الميعاد) فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه لعدم تعرضه لتلك الواقعة وتحقيقها مع ما لها من أثر على شكل الاستئناف.
2- متى كان الحكم قد خلا من بيان تاريخه، وكانت ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه، ولما كان هذا البطلان متعلقا بالنظام العام، فإن لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم يثيره الطاعن في طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 24/ 3/ 1960 بالجيزة: تسببت بغير قصد ولا تعمد في قتل أبو الوفا محمود علي بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وكان ذلك بإهمالها وعدم احتياطها بأن قادت سيارة دون أن تتخذ الحيطة الكافية وبطريقة مخالفة لتعليمات المرور فصدمت السيارة المجني عليه. وطلبت عقابها بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعت سيدة إبراهيم محمود عن نفسها وبصفتها وصية على أولاد المجني عليه القصر وهم شحات وشحاته ورمضان وكريمة ونادر بحق مدني قدره خمسة آلاف جنيه ضد المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية السيد إيهاب فتوح ومحكمة جنح الجيزة قضت حضورياً بتاريخ 6/ 1/ 1962 عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهمة خمسين جنيهاً بلا مصاريف جنائية وإلزامها والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا إلى المدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ خمسمائة جنيه والمصروفات المناسبة ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت المتهمة هذا الحكم كما استأنفه المسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 24/ 10/ 1962: أولاً – بعدم قبول استئناف المتهمة شكلاً للتقرير به بعد الميعاد بلا مصروفات جنائية. وثانياً – بقبول استئناف المسئول عن الحقوق المدنية شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المسئول بالحقوق المدنية بدفع التعويض المقضي به على سبيل التضامن وبعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة قبله وألزمت المدعية بالحق المدني بمصروفات هذا الطلب عن الدرجتين و200 قرش أتعاب للمحاماة. فطعنت المتهمة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب حين قضى بعدم قبول الاستئناف المرفوع منها شكلاً لرفعه بعد الميعاد على أساس أن الحكم الابتدائي صدر في 6 من يناير سنة 1962 ولم تقرر الطاعنة باستئنافه إلا في 10 من مارس سنة 1962. ذلك أن واقعة الحال هي أن الطاعنة وزوجها المسئول عن الحقوق المدنية استأنفا الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتقريرين متتابعين في يوم واحد هو يوم 10 من يناير سنة 1962 وبذلك يكون الاستئناف قد رفع في موعده القانوني. أما ما أثبت في تقرير استئناف الطاعنة من أنه صدر في يوم 10 من مارس سنة 1962 فلا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا يؤثر على شكل الاستئناف.
وحيث إنه وإن كانت ورقة التقرير بالاستئناف حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومن بينها تاريخ حصول التقرير به إلا أنه متى كان قد أثبت بها تاريخ لا يطابق الحقيقة عن طريق السهو أو الخطأ المادي. فإنه لا يعتد به إذ العبرة بالتاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه بالاستئناف. لما كان ذلك، وكان الثابت من ملف المفردات الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن أن تقرير الاستئناف المرفوع من المتهمة الطاعنة يحمل رقم (5) وهذا الرقم سابق في التسلسل على رقم (6) الذي يحمله تقرير الاستئناف المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية الذي قضى بقبول استئنافه شكلاً لرفعه في الميعاد القانوني فإن المحكمة إذ قضت بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المتهمة شكلاً بمقولة إن التقرير به حصل في 10 من مارس سنة 1962 في حين أن هذا التقرير يحمل رقم (5) السابق مباشرة على رقم تقرير الاستئناف المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية الذي صدر منه في 10 من يناير سنة 1962 (أي في الميعاد) فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه لعدم تعرضه لتلك الواقعة وتحقيقها مع ما لها من أثر على شكل الاستئناف.
وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فقد عابت النيابة في مذكرتها المؤرخة 19 من يناير سنة 1963 على الحكم المطعون فيه أنه لا يحمل تاريخ إصداره. ولما كان الحكم المذكور قد خلا فعلاً من بيان تاريخ وكانت ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه. لما كان ذلك، وكان هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم تثره الطاعنة في طعنها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات المدنية.