أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 14 - صـ 158

جلسة 5 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي، وأحمد موافي.

(34)
الطعن رقم 2084 لسنة 32 قضائية

تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. قبض غرفة الاتهام. أمر بألا وجه.
لا يجوز لغير من عين من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه. ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين، ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب، طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به. تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع. له أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به. حقه في الاستعانة بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو بغيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرآي منه وتحت بصره. مثال.
الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب، إلا أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو بغيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرآي منه وتحت بصره. وإذ كان الثابت من مدونات الأمر المطعون فيه أن مأمور الضبط المعين بذاته في إذن الضبط والتفتيش قد انتقل بصحبة الكونستابل والمخبر السري تنفيذاً لهذا الإذن وندب أولهما للقبض على المأذون بتفتيشه (المطعون ضده) لحين حضوره بالسيارة التي يستقلها بعد أن أفهمه بأنه هو الذي سيتولى بنفسه تفتيشه حال ضبطه وأن المخبر حين توجه لضبط المطعون ضده في حضور الكونستابل أسقط المطعون ضده لفاقة من يده بعد القبض عليه، واستخلص الأمر من ذلك بطلان هذا الإجراء بقوله إنه يعد ندباً بالقبض صدر ممن لا يملكه – وذلك دون أن يعرض لحق مأمور الضبط المأذون له بالقبض والتفتيش في إجرائهما بالطريقة التي يراها محققة للغرض منها ومدى حصول القبض بالقدر اللازم لتنفيذ إذن التفتيش أو مجاوزته هذا القدر، ومن ثم يكون ما أورده الأمر من تقريرات قانونية – دون أن يفطن لذلك الحق – قد جاء مخالفاً للتأويل السليم للقانون، مما يتعين معه نقض الأمر المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مستشار الإحالة المختص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 4/ 2/ 1961 بدائرة قسم العرب محافظة بورسعيد: أحرز جوهراً مخدراً "حشيشاً" وكان ذلك بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون 182 سنة 1960 والبند رقم 12 من الجدول ( أ ) الملحق به. وأمام غرفة الاتهام بمحكمة بورسعيد دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش على أساس أن الذي قام به شخص مندوب ممن صدر إليه الإذن. وبتاريخ 29 مارس سنة 1961 أمرت الغرفة حضورياً بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية قبل المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الأمر المطعون فيه أنه إذ قرر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية على المطعون ضده قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه أسس قضاءه على أن القبض على المطعون ضده الذي تولاه الكونستابل المندوب لذلك من مأمور الضبط القضائي المأذون له من النيابة العامة بضبط المطعون ضده وتفتيشه قد وقع باطلاً لحصول الندب ممن لا يملكه لقصر الندب على هذا الأخير وحده ورتب على ذلك بطلان الدليل المستمد من تخلى المطعون ضده عن المخدر بدعوى تولده عن إجراء غير مشروع. وما ذهب إليه الأمر فيما تقدم غير صحيح في القانون ذلك بأن الثابت من الأوراق أن مأمور الضبط القضائي المندوب من النيابة العامة لتنفيذ الضبط والتفتيش لم يندب الكونستابل لتفتيش المطعون ضده بل أنه ندبه للقبض والتحفظ عليه ريثما يصل إليه بالسيارة فيتولى التفتيش بمعرفته وبذلك يكون هذا الإجراء قد تم في حدود ما هو مخول له من إجراءات كفيلة بتحقيق الغرض من التفتيش فإذا ما تخلى المطعون ضده عن المخدر بعد ممارسته هذا الإجراء في حقه، فإن الجريمة تصبح متلبساً بها ويصح بذلك الضبط وما ترتب عليه.
وحيث إن الأمر المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن تحريات الرائد جميل حنا مسيحه رئيس مكتب مكافحة المخدرات ببورسعيد دلت على أن المتهم يتجر في المواد المخدرة. فاستأذن النيابة في ضبطه وتفتيشه. ثم انتقل بصحبة الكونستابل الممتاز محمد الغريب الشهاوي والعريف السري أحمد مصطفى الشيخ لتنفيذ ذلك الإذن وكلفهما بركوب دراجتين للتنكر وانتدب أولهما للقبض على المتهم والتحفظ عليه لحين حضوره بالسيارة بعد أن أفهمه بأنه هو الذي سيقوم بتفتيش المتهم حال ضبطه، وأضاف أنه عندما توجه مع باقي القوة إلى مكان الضبط أبصر العريف أحمد الشيخ ممسكاً بالمتهم وكان يقف معهما الكونستابل الشهاوى الذي قدم له لفافة من الورق وقرر له بأنه شاهد المتهم جالساً على الإفريز وإذ شعر به وزميله أسقط اللفافة المضبوطة من يده اليمنى لحظة القبض عليه فقام بالتحفظ عليها وعلى المتهم حتى حضر وإذ قام بفحص اللفافة المذكورة عثر بها على خمسة قطع حشيش وحينئذ فتش المتهم فلم يعثر معه على مخدرات ثم واجهه بالحشيش المضبوط فأنكر علاقته به". وبعد أن حصل الأمر أقوال الكونستابل الممتاز محمد الغريب الشهاوى والعريف السري أحمد مصطفى الشيخ المرافقين للضابط عرض لدفاع المتهم وإنكار علاقته بالمخدر المضبوط ثم تناول ما دفع به من بطلان القبض تأسيساً على أن الإذن صدر للرائد جميل حنا مسيحه وبالتالي فلا يجوز انتداب الكونستابل الممتاز محمد الغريب الشهاوى لتنفيذ مقتضى الإذن وخلص إلى بطلان القبض لحصول الندب لإجرائه ممن لا يملكه لقصر الإذن بالقبض والتفتيش على شخص الضابط المأذون له به ورتب على ذلك أن حالة التلبس التي تولدت على هذا الإجراء قد نشأت عن إجراء غير مشروع وانتهى إلى استبعاد الدليل المستمد من هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب، إلا أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو بغيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرآي منه وتحت بصره. وإذ ما كان الثابت من مدونات الأمر المطعون فيه أن مأمور الضبط المعين بذاته في إذن الضبط والتفتيش قد انتقل بصحبة الكونستابل والمخبر السري تنفيذاً لهذا الإذن وندب أولهما للقبض على المأذون بتفتيشه (المطعون ضده) لحين حضوره بالسيارة التي يستقلها بعد أن أفهمه بأنه هو الذي سيتولى بنفسه تفتيشه حال ضبطه وأن المخبر حين توجه لضبط المطعون ضده في حضور الكونستابل أسقط المطعون ضده لفافة من يده بعد القبض عليه، واستخلص الأمر من ذلك بطلان هذا الإجراء بقوله إنه يعد ندباً بالقبض صدر ممن لا يملكه - وذلك دون أن يعرض لحق مأمور الضبط المأذون له بالقبض والتفتيش في إجرائهما بالطريقة التي يراها محققة للغرض منهما ومدى حصول القبض بالقدر اللازم لتنفيذ إذن التفتيش أو مجاوزته هذا القدر، ومن ثم يكون ما أورده الأمر من تقريرات قانونية – دون أن يفطن لذلك الحق – قد جاء مخالفاً للتأويل السليم للقانون مما يتعين معه نقض الأمر المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مستشار الإحالة بمحكمة بورسعيد الابتدائية عملاً بالمادة 170 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية.