أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 288

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1950
(107)
القضية رقم 1114 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا, رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
(أ) نقض. عدم تمسك المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي. الواقعة كما ذكرتها المحكمة تفيد استبعادها قيام هذه الحالة. الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. لا يقبل.
(ب) إثبات. الأخذ بأقوال شاهد. مرجعه لاطمئنان المحكمة, ولو كان قريبا للمجني عليه أو هو المجني عليه نفسه.
1 - متى كان المتهم لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان في حالة دفاع شرعي. وكانت المحكمة في بيانها لواقعة الدعوى وفيما عرضت له من دفاع المتهم قد استبعدت قيام هذه الحالة لديه وأثبتت في منطق سليم أنه إنما انتوى القتل حينما استعمل سلاحا ناريا بعد أن رأى أن العصا التي كان يحملها تقصر عن النيل من خصومه أو القضاء عليهم, فلا يكون لهذا المتهم أن يثير المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - إن أخذ المحكمة بأقوال شاهد ولو كان قريبا للمجني عليه أو كان هو المجني عليه نفسه - ذلك موكول إلى اطمئنانها وحدها واستقرار عقيدتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجناية رقم 1661 العياط سنة 1943 المقيدة بالجدول الكلى برقم 291 سنة 1943 كلا من: 1 - فرجاني أحمد مراد و2 - حنفي إبراهيم على جعفر و3 - صلاح عبد المجيد زهران و4 - عبد المنعم علام محمد و5 - عبد اللطيف أحمد جعفر و6 - سعيد محمد مراد, بأنهم في يوم 10 من أغسطس سنة 1943 الموافق 9 من شعبان سنة 1362 ببلدة كفر زهران مركز العياط مديرية الجيزة (أولا) الأول: قتل أنور صادق عويس عمدا بأن أطلق عليه مقذوفا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي شروعه في قتل محمد عبد العال غريب عمدا بأن أطلق عليه مقذوفا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و234/1 عقوبات. و(ثانيا) الثاني والثالث والرابع, أولا: ضربوا عمدا المتهم الأول فأحدثوا به الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي والتي عولج من أجلها مدة لا تزيد على العشرين يوما, وثانيا: مكنو المتهم الخامس مع آخر توفى من الهرب من الخفير راشد على محمد بعد أن أمر عمدة البلدة بالقبض عليهما لاتهامهما في سرقة وتلبس المتهم (سعد أمين غريب المتوفى) بهما, وثالثا: والمتهمان السادس وآخر توفى سرقا عنزين مبيني الوصف والقيمة بالمحضر لسيد حسين, ورابعا: والمتهم الثامن وآخر توفى ضربا عمدا المتهم الثاني فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي عولج من أجلها مدة لا تزيد على عشرين يوما. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمة الأول بالمادة 234/2 عقوبات والثاني والثالث والرابع بالمادتين 242/1 و142 عقوبات والخامس بالمادة 317/5 عقوبات والسادس بالمادة 242/1 عقوبات, فقرر إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد المذكورة وقد ادعت سنية عبد الغنى الديب والدة القتيل بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم الأول. ومحكمة جنايات الجيزة قضت عملا بمادة الاتهام للأول والسادس مع تطبيق المادة 17 بالنسبة للأول وبمادتي الاتهام أيضا للثاني والثالث والرابع مع تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات للارتباط بالنسبة لهما والمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات للخامس بمعاقبة فرجاني أحمد مراد بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وألزمته بأن يدفع لسنية عبد الغنى الديب المدعية بالحق المدني قرشا صاغا واحدا والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش أتعابا للمحاماة, وبمعاقبة كل من حفني إبراهيم وصلاح عبد المجيد زهران وعبد المنعم علام محمد بالحبس مع الشغل لمدة شهرين وبراءة عبد اللطيف أحمد جعفر مما أسند إليه وتغريم سعيد محمد مراد خمسمائة قرش. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... من حيث إن الطاعنين الثاني والثالث والرابع قرروا الطعن في الميعاد ولكنهم لم يقدموا لطعنهم أسبابا فطعنهم يكون غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن محصل هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالقتل العمد المقترن بجناية شروع في قتل آخرين مع أن الواقعة التي أثبتها عليه لا عقاب عليها, وذلك لأنه كان في حالة دفاع شرعي يبيح له ارتكاب الفعل الذي لم يأته إلا دفاعا عن نفسه من فريق المعتدين لتخوفه من مواصلة اعتدائهم عليه بما يؤدى إلى قتله, فقد أثبت الحكم ما يفيد أن الطاعن لم يطلق النار فيصيب المجني عليهما إلا بعد أن هوى أحد أفراد فريقهما على رأسه بضربة قاسية أسقطته يترنح من شدتها. وقد جاء بتقرير الطبيب الشرعي أن الإصابات التي لحقت بالطاعن عديدة وخطيرة. هذا إلى أن الحكم قد جاء قاصرا في بيان توافر نية القتل لدى الطاعن, فهو لم يعتمد في إثبات هذه النية إلا على ما قاله من استعمال المتهم لآلة قاتلة في حين أن الواقعة كما أثبتها الحكم إنما تفيد عدم توافر هذه النية, ذلك أن المتهم لو كان يقصد إزهاق الروح لاتجه بهذا القصد إلى شخص المعتدى عليه دون المجني عليهما اللذين لم يكن لهما في تطور الحادث في أي دخل, وأن المتهم لم يطلق النار إلا بعد أن سقط على الأرض إثر الاعتداء بالعصا على رأسه وبعد أن تمايل حتى جثا على ركبتيه مما يدل على أنه لم يقصد غير تفريق المعتدين بإطلاق النار في الهواء, وأن إصابة المجني عليهما إنما حدثت عن طريق الخطأ. ثم إن الطاعن إذ جرح شهود الإثبات بأنهم أقارب المجني عليهما رد الحكم على ذلك بقوله إن من هؤلاء الشهود من تربطه بالطاعن قرابة أقوى, وإن أحد أولئك مقطوع بصدق شهادته لما قرره العمدة في أقواله من أن هذا الشاهد كان حاضرا بمكان الحادث وأنه استعان به في وضع حد لها. يقول الطاعن إن هذا الذي رد به الحكم لا أصل له في الأوراق. كما أطرحت المحكمة ما تمسك به محاميه من طلب مناقشة الطبيب الشرعي فيما إذا كان في مقدور الطاعن أن يستعمل المسدس. وقد ثبت من الكشف الطبي أن يده اليسرى لا تمكنه من استعمال السلاح كما ثبت من التحقيقات أن ما لحقه من الإصابات قد حدث بيده اليمنى, أطرحت المحكمة هذا الطلب رغم أهميته وردت عليه برد غير سديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأثبتها بظروفها عليه, كما عرض لدفاعه المبين بأوجه طعنه ورد عليه بما يفنده - لما كان ذلك وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان في حالة دفاع شرعي, وكانت المحكمة في بيانها لواقعة الدعوى وفيما عرضت له من دفاع الطاعن قد استبعدت قيام هذه الحالة لديه, وأثبتت في منطق سليم أنه إنما انتوى القتل حينما استعمل سلاحا ناريا بعد أن رأى أن العصا التي كان يحملها تقصر عن النيل من خصومه أو القضاء عليهم, وكان أخذ المحكمة بأقوال الشاهد ولو كان قريبا للمجني عليه أو كان هو المجني عليه نفسه أمرا موكولا إلى اطمئنان محكمة الموضوع وحدها واستقرار عقيدتها, وكان ما سوغت به المحكمة اطراح طلب الدفاع مناقشة الطبيب في مقدرة الطاعن على استعمال السلاح من شأنه أن يؤدى إلى هذا الاطراح, لما كان كل ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما ويكون الطعن لذلك على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.