أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 325

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1950
(120)
القضية رقم 472 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك المستشارين.
(أ) إثبات. الاعتماد على قول للمتهم عدل عنه فيما بعد. جائز.
(ب) نقض. مجرد خطأ مادي في الحكم في الإشارة إلى شاهد. لا يؤثر في سلامته.
(جـ) نقض. قول متهم على آخر. هو في حقيقته شهادة. الإشارة إلى المتهم بلفظ الشاهد. لا يؤثر في سلامة الحكم.
(د) إثبات. شاهد لم يعلنه المتهم وطلبه إلى المحكمة استدعاءه. للمحكمة أن تقدر ما إذا كانت الدعوى في حاجة إلى سماعه أم لا. لا يصح الاعتراض عليها لعدم استدعائه.
(هـ) إثبات. شاهد. تخلفه عن الحضور. عدم تمسك المتهم باستدعائه. الاعتماد على أقواله بعد تلاوتها. جائز.
(و) إجراءات. محضر الجلسة والحكم. إهمال كاتب الجلسة التوقيع عليهما. لا يبطل الإجراءات.
1 - للمحكمة أن تعتمد على قول للمتهم ولو كان قد عدل عنه فيما بعد.
2 - الخطأ المادي البحت لا يؤثر في سلامة الحكم. فإذا كان الحكم قد بين فحوى شهادة شاهدين بما يتفق وما هو ثابت في الأوراق ولكنه عند الإشارة إلى رواية أولهما قد وقع منه في ذلك خطأ مادي فقال عنه "الشاهد الثاني" فذلك لا يضيره.
3 - إن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وإذن فإذا كان الحكم في صدد تحدثه عن متهم في الدعوى قضى ببراءته قد عبر عنه بلفظ "شاهد" فذلك لا يضيره ولا يؤثر في سلامته.
4 - إن القانون قد بين في المادتين 17 و18 من قانون تشكيل محاكم الجنايات الطريق الواجب إتباعه بصدد إعلان الشهود فإذا كان المتهم لم يعلن موظفا لسؤاله كشهد نفى له كما تقضى بذلك المادة 18 من ذلك القانون بل اقتصر الدفاع عنه على طلب استدعاء المحكمة له, فاطراح المحكمة لهذا الطلب لا يعد إخلالا بحق الدفاع, إذ للمحكمة في هذه الحالة - كما هو صريح نص المادة 46 من قانون تشكيل محاكم الجنايات - السلطة في تقدير ما إذا كانت الدعوى بحاجة إلى سماع مثل هذا الشاهد أم لا, فاطراحها لهذا الطلب فيه ما يفيد بذاته أنها رأت عدم حاجة الدعوى إلى سماعه.
5 - إذا تخلف شاهد عن الحضور ولم يتمسك محامى المتهم بوجوب سماعه ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض, بل وافق على تلاوة أقواله فتليت بالجلسة ثم اعتمدت المحكمة على هذه الشهادة, فإن الإجراءات تكون صحيحة وفقا لما قرره القانون في المادتين 44 من قانون تشكيل محاكم الجنايات و165 من قانون تحقيق الجنايات.
6 - إن إهمال كاتب الجلسة توقيع محضر الجلسة والحكم لا يترتب عليه وحده بطلانهما, بل أنهما يكون لهما قوامهما القانوني بتوقيع رئيس الجلسة عليهما. والمادة 350 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الجديدة - أسوة بالمادة 104 من قانون المرافعات القديم - لا تنص على البطلان إذا لم يوقع الكاتب الحكم مما مفاده أنه لا يترتب على إهمال الكاتب التوقيع بطلان الحكم أو بطلان إجراءات المحاكمة, إذ لو أن الشارع أراد أن يرتب البطلان على عدم التوقيع لما قاله أن ينص على ذلك صراحة في المادة 350 كما حرص على أن يفعل في المواد التي سبقتها مباشرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجناية رقم 2139 سنة 1948 كفر الزيات المقيدة بالجدول الكلى برقم 513 سنة 1948 كلا من: 1 - حسين بيومي على رمضان و2 - عبد السميع عبد الرازق جميعي "الطاعن بأنهما في 20 من أبريل سنة 1947 الموافق 28 من جمادى الأولى سنة 1366 بناحية كفر الزيات مديرية الغربية
أولا: اشتركا مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير ورقة رسمية هي إعلام الوراثة الصادر من محكمة كفر الزيات الشرعية بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1944 "33 سنة 44 - 945" بكشط رقم 4 من تاريخ سنة وفاة بسيونى رمضان وجعله 3 ليكون تاريخ وفاته 29 من نوفمبر سنة 1943 بدلا من 29 من نوفمبر سنة 1944 وذلك بقصد عدم دفع ضريبة الأيلولة على التركة فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة, وثانيا - استعملا الورقة المزورة سالفة الذكر بأن قدماها لمصلحة الشهر العقاري للاستعانة بها في شهر عقد بيع فدان من المتهم الأول إلى الست فهيمه إبراهيم الألفي وذلك مع علمهما بتزويرها. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 211, و212 و214 و40-2-3 و41 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت أولا بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عملا بالمواد 211 و212 و214 و40/2-3 و41 و32 و17 من قانون العقوبات وثانيا: ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه عملا بنص المادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. فطعن المحكوم عليه في الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن حاصل الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إدانة الطاعن على مالا أصل له في الأوراق, ذلك لأنه أسند إليه قولا لم يقله, وهو أنه قدم الورقة المزورة لمصلحة الشهر العقاري كما أسند للشاهدة فهيمه إبراهيم الألفي قولها إن الطاعن طلب منها خاتمها للتوقيع به على الأوراق, مع أن هذه العبارة لم تصدر منها. ويضيف الطاعن أن المحكمة اعتبرت المتهم الآخر الذي قضى ببراءته شاهدا ضد الطاعن وتحدثت عنه بهذه الصفة, في حين أنه كان متهما معه في الدعوى وله المصلحة الأولى في التزوير الذي وقع. هذا إلى أن الحكم أخطأ في الإسناد أيضا حين أشار في استخلاصه الأخير للوقائع إلى الشاهد عبد المجيد داود الغايش مسندا له قولا لم يذكره في التحقيقات. وفى ذلك كله خطأ في الإسناد واضطراب يعيب الحكم بما يبطله.
وحيث إنه لما كان الثابت من مفردات الدعوى التي أمرت المحكمة بضمها لتحقيق وجه الطعن أن الطاعن أقر في قول له بأنه قدم الورقة المزورة للشهر العقاري, فإن للمحكمة أن تعتمد على هذا القول ولو أنه عدل عنه فيما بعد. أما ما أورده الحكم عن شهادة فهيمه إبراهيم الألفي فهو ما يستخلص من أقوالها في التحقيقات الأولية استخلاصا سائغا. هذا ولما كان الحكم قد أورد فحوى شهادة عبد المجيد داود الغايش بما يتفق مع ما جاء عنها في التحقيقات, فلا يؤثر في سلامته أنه أشار إلى أن شاهدا آخر هو عبد المقصود على عجيله قال العبارة التي يشكو منها الطاعن وأوردها الحكم صحيحة حين تحدث عن شهادة ذلك الشاهد, إلا أنه حين أشار إليه بعدئذ لدى استخلاص المحكمة للأدلة بلفظ "الشاهد الثاني" مع أن الواضح من سياق العبارة أن حقيقة المقصود هو الشاهد الأول لا الثاني, فالخطأ مادي بحت لا يؤثر في سلامة الحكم. أما ما يقوله الطاعن بصدد التحدث في الحكم عن المتهم الآخر الذي قضى ببراءته بلفظ شاهد, فلا يضير الحكم ولا يؤثر في سلامته مادام أن قول متهم على آخر هو في الواقع وحقيقة الأمر شهادة يسوغ لمحكمة الموضوع التعويل عليها في الإدانة وإذن فإن ما ورد في هذا الوجه غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الطاعن أسند أمام قاضى الإحالة ولدى سؤاله بجلسة المحكمة للمتهم الآخر عبارة صدرت منه أمام رئيس الشهر العقاري لو صحت لكان لها أثرها على مصير التهمة الموجهة إلى الطاعن, ولقد طلب الدفاع عنه من المحكمة استدعاء هذا الموظف لسؤاله عن تلك الواقعة ولكنها لم تجبه إلى هذا الطلب مع أهميته, وهذا منها إخلال بحق الطاعن في الدفاع.
وحيث إنه لما كان القانون قد بين في المادتين 17 و18 من قانون تشكيل محاكم الجنايات الطريق الواجب إتباعه بصدد إعلان الشهود, وكان الطاعن لم يعلن هذا الموظف لسؤاله كشاهد نفى له كما تقضى بذلك المادة 18 من ذلك القانون, بل اقتصر الدفاع عنه على طلب استدعاء المحكمة له. ولما كان للمحكمة في هذه الحالة - كما هو صريح نص المادة 46 من قانون تشكيل محاكم الجنايات السلطة في تقدير ما إذا كانت الدعوى بحاجة إلى سماع مثل هذا الشاهد أو عدمه فإن في إطراحها لهذا الطلب ما يفيد بذاته أنها رأت عدم حاجة الدعوى إلى سماعه وإذن فلا يعد ذلك منها إخلالا بحق الدفاع كما يذهب الطاعن في طعنه.
وحيث إن مؤدى الوجه الثالث هو أن المحكمة عولت في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد عبد المقصود أبو عجيلة في التحقيقات الأولية دون أن تسمعه بالجلسة, مكتفية بتلاوة أقواله, وهذا منها خطأ في الإجراءات مادام أن سماع الشاهد كان ممكنا بتأجيل الدعوى وإعادة إعلانه بالحضور. ويضيف الطاعن أن كاتب المحكمة لم يوقع على الحكم ومحضر الجلسة.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه, فالثابت في محضر الجلسة أن هذا الشاهد تخلف عن الحضور, فلم يتمسك محامى الطاعن بوجوب سماعه, ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض, بل على الضد من ذلك فقد وافق على الاكتفاء بتلاوة أقواله فتليت بالجلسة, وإذن فالإجراءات تكون صحيحة وفقا لما قرره القانون في المواد 44 من قانون تشكيل محاكم الجنايات و165 من قانون تحقيق الجنايات. أما ما يثيره الطاعن بصدد عدم توقيع الكاتب على الحكم ومحضر الجلسة, فإنه لما كان لا يدعى أن الحكم قد صدر على نحو آخر غير ما أثبت في الحكم المطعون فيه ومحضر الجلسة أو أن الإجراءات التي ثبت فيها وقوعها تغاير حقيقة ما وقع فعلا, ولما كانت المادة 350 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الجديد - أسوة بالمادة 104 من قانون المرافعات القديم لا تنص على البطلان إذا لم يوقع الكاتب الحكم مما مفاده ألا يترتب على إهمال الكاتب التوقيع بطلان الحكم أو بطلان إجراءات المحاكمة, إذ لو أن الشارع يرتب البطلان على عدم التوقيع لما فاته أن ينص على ذلك صراحة في المادة 350 كما حرص أن يفعل في المواد التي سبقتها مباشرة - لما كان ذلك وكان الحكم ومحضر الجلسة لهما قوامهما قانونا بتوقيع رئيس الجلسة عليهما, فإن إهمال الكاتب التوقيع عليهما لا يترتب عليه وحده بطلانهما.
وحيث إن الوجه الرابع يتحصل في القول بأن المحكمة استندت فيما استندت إليه في الإدانة إلى دليل غير منتج في الإثبات.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى, وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من الطاعن, وهى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. ومادام الأمر كذلك, فإن الجدل الوارد في الطعن في هذه الناحية لا يكون مقبولا لتعلقه بموضوع الدعوى وتقديم الأدلة فيها, وهو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.