أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1110

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.

(218)
الطعن رقم 846 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) نيابة عامة. "وكلاء النيابة". "اختصاصهم". مواد مخدرة. اختصاص. "الاختصاص المكاني". اختصاص وكلاء نيابة المخدرات". تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم".
( أ ) وكلاء نيابة مخدرات القاهرة. اختصاصهم المكاني. شموله التحقيق والتصرف في الجنايات والجنح المتعلقة بالمواد المخدرة في دائرة محافظة القاهرة وقسمي أول وثاني الجيزة.
(ب) ضباط إدارة مخدرات القاهرة. انبساط اختصاصهم المكاني على جميع أنحاء الجمهورية. المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960.
(ج) طعن. "المصلحة في الطعن". نقض. تلبس. تفتيش.
لا مصلحة للطاعن في التمسك بعدم توافر حالة التلبس. ما دام التفتيش قد جرى صحيحاً على مقتضى أمر صدر به في حدود اختصاص من أصدره ومن نفذه.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". إثبات. "إثبات بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة وإطراح ما يخالفها من صور أخرى. ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. عدم مطالبتها بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة. حقها في استخلاص صورة الواقعة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - إن قرار وزير العدل الصادر في 18 من فبراير سنة 1958 بإنشاء نيابة مخدرات القاهرة قد جعل اختصاص هذه النيابة بالتحقيق والتصرف في الجنايات والجنح المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والقوانين المعدلة له شاملاً لما يقع بدائرة محافظة القاهرة وقسم أول وقسم ثاني الجيزة. ولما كانت منطقة الدقي، التي جرى فيها التفتيش، تقع بدائرة القسم الأخير، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن انحسار اختصاص وكيل نيابة مخدرات القاهرة بإصدار الإذن واقتصاره على محافظة القاهرة وحدها يكون على غير أساس من القانون.
2 - إن نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضابط والكونستابلات والمساعدين الثانيين صفة مأمور الضبطية القضائية في جميع أنحاء الإقليمين..." ومن ثم فإن ضابط إدارة مخدرات القاهرة يكون قد أجرى التفتيش - الذي تم بمنطقة الدقي - في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية.
3 - متى كان التفتيش قد جرى صحيحاً على مقتضى الأمر الصادر به في حدود اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما أثاراه من عدم توافر حالة التلبس.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصا سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وهي في ذلك ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل إن لها أن تستخلص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل معين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واستنبطت منها معتقدها في الدعوى مما لا يقبل معه معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 8 فبراير سنة 1968 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقريرها، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و36 و42 من القانون رقم 180 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند الثاني عشر من الجدول رقم 12 المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه لكل منهما ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين في جناية إحراز مخدر الحشيش في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في القانون وانطوى على الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع كما شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعنين دفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لصدور الإذن به من وكيل نيابة مخدرات القاهرة في حين أن القبض والتفتيش تما في الدقي التابع لمحافظة الجيزة وهي خارجة عن اختصاص من أصدر الإذن، ومن ثم فإن التفتيش والقبض يكونان قد وقعا باطلين لمخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، كما أن الطاعنين أثارا في دفاعهما أن الجريمة لم تكن في حالة تلبس كما ذهب الضابط في تصويره إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ثم أطرح دفاع الطاعنين في مختلف وجوهه. لما كان ذلك، وكان قرار وزير العدل الصادر في 18 من فبراير سنة 1958 بإنشاء نيابة مخدرات القاهرة قد جعل اختصاص هذه النيابة بالتحقيق والتصرف في الجنايات والجنح المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والقوانين المعدلة له شاملاً لما يقع بدائرة محافظة القاهرة وقسم أول وقسم ثان الجيزة، و كانت منطقة الدقي التي جرى فيها التفتيش تقع بدائرة القسم الأخير، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن انحسار اختصاص وكيل نيابة مخدرات القاهرة بإصدار الإذن واقتصاره على محافظة القاهرة وحدها يكون على غير أساس من القانون. ولما كانت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضابط والكونستابلات والمساعدين الثانيين صفة مأمور الضبطية القضائية في جميع أنحاء الإقليمين..." فإن ضابط إدارة مخدرات القاهرة يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية. لما كان ذلك، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما أثاراه من عدم توافر حالة التلبس ما دام التفتيش قد جرى صحيحاً على مقتضى الأمر الصادر به في حدود اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل إن لها أن تستخلص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل معين، فإن ما يثيره الطاعنان ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واستنبطت منها معتقدها في الدعوى مما لا يقبل معه معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.