أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 338

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1950
(124)
القضية رقم 1313 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك المستشارين.
بلاغ كاذب. القصد الجنائي في هذه الجريمة. متى يتحقق؟
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب لا يتحقق إلا بثبوت علم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه السوء بالمجني عليه والإضرار به. فإذا لم يعن الحكم ببيان القصد الجنائي على تلك الصورة ولم يقم الدليل عليه فإنه يكون قاصرا متعينا نقضه.


الوقائع

أقام عزيز اسحق هذه الدعوى مباشرة لدى محكمة الجمالية على بييرنادر يتهمه في صحيفتها بأنه كان يعمل كاتبا في محل المتهم الذي رفض إعطاءه أجره وقدم شكوى ضده إلى قسم الجمالية قيدت برقم 2396 إداري الجمالية ينسب إليه فيها تبديد نقود في عهدته وحفظت إداريا, ثم قدم بعد ذلك شكوى أخرى إلى قسم الجمالية يتهمه فيها بسرقة اكلشيه محله التجاري وقيدت جنحة برقم 930 سنة 1949 الجمالية وقبض عليه وحبس في القسم ثم أفرج عنه وقيدت ضد مجهول, وأنه أصابه من جراء ذلك ضرر مادي وأدبي وأن ما قام به المتهم يعد بلاغا كاذبا, وطلب معاقبته بالمادة 305 من قانون العقوبات كما طلب إلزامه بأن يدفع إليه على سبيل التعويض مبلغ 50 جنيها والمصاريف المدنية والأتعاب. والمحكمة قضت عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيها وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ عشرين جنيها على سبيل التعويض والمصاريف المدنية بلا مصاريف جنائية. فاستأنف. ومحكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصرا في بيان أركان جريمة البلاغ الكاذب التي دانه بها كما يتطلبها القانون, إذ لم يعن باستظهار القصد الجنائي, وهو علم الطاعن بكذب البلاغ وانتواؤه السوء والإضرار بالمجني عليه.
وحيث إن الحكم الابتدائي حين تعرض لركن القصد الجنائي قال: "وحيث إنه تبين مما تقدم أن المتهم في تبليغه ضد المدعى المدني في الشكوى الإدارية والجنحة المنضمة تسرع ولم يحتط, وكان سيىء القصد وتكون بذلك التهمة ثابتة ضده ويتعين معاقبته طبقا للمواد المطلوبة" وقد أيده الحكم الاستئنافى لأسبابه وأضاف إليها ما يأتي: "أن سوء قصد المتهم يؤخذ من تولية هذا المدعى بالحق المدني بهذين التبليغين بالتوالي نكاية في هذا المدعى المدني لخروجه وانضمامه إلى من كانوا شركاء لهذا المتهم, وتتبين المحكمة أن المتهم كان فيهما سيىء النية. لهذه الظروف والملابسات التي جرى فيها هذان التبليغان, وقد قبض على المتهم في كل منهما وانتهى الأول منهما بالحفظ الإداري, وثانيهما بقيد الحادث ضد مجهول مع أن تبليغ هذا المتهم فيهما كان قاطعا في الاتهام وليس مجرد تبليغ عن حادثة وتحوم فيها الشبهات حول ذلك المدعى مما تنجم عنه تلك النتائج التي لحقت المدعى بالحق المدني مما يوجب جميعا تأييد الحكم المستأنف." ولما كان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب لا يتحقق إلا بثبوت علم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه السوء بالمجني عليه والإضرار به, وكان الحكم المطعون فيه لم يعن ببيان القصد الجنائي على تلك الصورة, ولا بإقامة الدليل عليه فإنه يكون قاصرا متعينا نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه, وذلك من غير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.