أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 342

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1950
(126)
القضية رقم 1316 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
إثبات. اعتراف المتهم بمحضر البوليس. عدوله عنه. الأخذ به. جائز. استدعاء محرر المحضر لمناقشته فيه. لا يلزم.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف المتهم الوارد بمحضر البوليس ولو عدل عنه فيما بعد ولا يصح للمتهم أن يعيب الحكم لأخذه بهذا الاعتراف دون استدعاء ضابط البوليس المحرر للمحضر لكي تتيح له فرصة مناقشته ما دام هو لم يطلب إلى المحكمة هذا الاستدعاء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن في قضية الجناية رقم 130 سنة 1949 كفر الزيات المقيدة بالجدول الكلى برقم 289 سن 1949 - بأنه في يوم 17 من ديسمبر سنة 1948 الموافق 16 من صفر سنة 1368 بناحية كفر حشاد مركز كفر الزيات مديرية الغربية, أولا: ضرب السيد محمد مراد فأحدث به الإصابتين المبينتين بالتقرير الطبي والتي تخلفت عنهما عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما: إحداهما فقد جزء بيضاوي الشكل من عظام القبوة الواقية للمخ قطره 4 × 3 سم يعرض حياته للخطر, ويقلل من قدرته على العمل بنحو 10% والثانية إعاقة بسيطة في حركتي كب وبطح ساعده الأيسر تقلل من قدرته على العمل بنحو 2 إلى 3, ثانيا: ضرب آمنة القطب وفاطمة محمد مراد ومع آخرين ضرب عبد الله محمد مراد فأحدث بهم الإصابات المبينة بالتقارير الطبية والتي تقررت لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوما, وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 240/1 و242/1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك, وقد ادعى السيد محمد مراد بحق مدني قبل الطاعن وطلب القضاء له عليه بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ومحكمة الجنايات طنطا قضت عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة محمود على عامر بالسجن لمدة ثلاث سنين وإلزامه بأن يدفع إلى السيد محمد مراد مبلغ 60 جنيها مصريا على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بإحداث عاهتين مستديمتين بالمجني عليه قد شابه القصور كما أخطأ في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع, ذلك أنه استهل أسبابه ببيان لواقعة الدعوى مؤداه أنه قام بين المجني عليه سيد محمد مراد وبين محمود محمد حشاد وأحمد محمد حشاد خلاف على مياه الري فتشاجروا واعتدى الأخيران على الأول بالضرب البسيط فتخلص منهما وسار مسرعا في الطريق فلحقه الطاعن - وكان يحقد عليه من قبل - وضربه بعصا من الشوم على رأسه وذراعه فأحدث به العاهتين. - استهل الحكم بهذا البيان ثم انتهى إلى القول بأن من بين أدلة الثبوت ما قرره المجني عليه في التحقيقات وشهد به في الجلسة من أنه بسبب الخلاف على مياه الري ضربه الطاعن على رأسه وساعده, وبذا فإن الحكم لم يبين مدى اتصال واقعة الخلاف على المياه بواقعة اعتداء الطاعن على المجني عليه. وهو أمر كان من شأنه أن يؤثر في الرأي الذي انتهى إليه. هذا إلى إغفال الحكم ما أثاره الدفاع بالجلسة من أن ما شهد به كل من عامر عشماوي في التحقيقات ومحمد حسنين عيد أمام المحكمة يفيد أن الطاعن ومحمود محمد حشاد أحد المتشاجرين على مياه الري قد ضرب كلاهما المجني عليه وأنه لم يدفع بهذا الأخير إلى قصر الاتهام على الطاعن إلا الخصومة القائمة بينهما وأنه من الجائز أن تكون إحدى الإصابتين على الأقل قد حدثت من الشخص الآخر الذي كان مع الطاعن مما لا يسوغ معه إسناد الإصابتين كلتيهما إليه الأمر الذي تأثر به مركزه في تقدير العقوبة. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الحكم قد أورد للشهود أقوالا أمام المحكمة تخالف الثابت منها بمحضر الجلسة ونسب إلى الطاعن أنه اعترف بالتحقيقات مما يفهم منه أنه اعترف أمام النيابة, على حين أن الاعتراف المقول بحصوله إنما جاء في محضر استعلامات البوليس وأن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بأنه قد عدل عنه, مما كان يتعين معه على المحكمة, وقد رأت أخذ المتهم بهذا الاعتراف - أن تستدعى ضابط البوليس محرر المحضر وتناقشه في كنهه لكي تتيح للطاعن فرصة مناقشته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدى إلى ثبوت الواقعة بظروفها قبل الطاعن. ولما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن بناءً على الأدلة التي ذكرها؛ مفيدا بذاته أنه اطرح ما قاله بعض الشهود من اشتراك شخص آخر معه وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف المتهم الوارد بمحضر البوليس, ولو عدل عنه فيما بعد, وكان المدافع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة استدعاء ضابط البوليس؛ لما كان كل ذلك؛ فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو في واقعه, أن يكون جدلا موضوعياً ونقاشاً حول أدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.