أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1115

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وسعد الدين عطية، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(219)
الطعن رقم 918 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج، د) إجراءات المحاكمة. "تعديل وصف التهمة". "حجز الدعوى للحكم وإعادتها للمرافعة". وصف التهمة. محكمة الموضوع. "نطاق حقها في تعديل وصف التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة.
( أ ) نطاق حق المحكمة في تعديل الوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم؟ مثال في تعديل الوصف من أخذ المتهم لنفسه مبلغاً على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته إلى أخذه المبلغ لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته.
(ب) ثبوت أن الوصف الذي أجرته المحكمة قد ترافع الدفاع على أساسه وتناوله بالتفنيد في مذكرته. لا إخلال بحق الدفاع.
(ج) حجز المحكمة القضية للحكم. عدم التزامها بإعادتها إلى المرافعة لإجراء تحقيق فيها.
(د) النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها في الجلسة قبل إقفال باب المرافعة. غير مقبول.
1 - الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المنطبق عليها، ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. ولما كانت الواقعة المادية الواردة بأمر الإحالة - والتي كانت مطروحة بالجلسة - وهي أخذ الطاعن لنفسه ولآخرين مبلغاً على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه بعد أن تحقق من توافر ركنيها المادي والمعنوي أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به - وهو أخذه عطية لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته - وكان تصدي المحكمة لشروط الاختصاص وانتهاؤها بناء على الوقائع الثابتة بالتحقيقات والتي كانت مطروحة للبحث والمناقشة بالجلسة إلى أن الطاعن قد زعم أن له اختصاصاً حين ادعى أن مآل النزاع القائم بين الشاكي وبين هيئة التأمينات الاجتماعية هو أن يعرض عليه، هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء ركن من أركان الجريمة وهو ركن الاختصاص وإعطاء الواقعة وصفها القانوني السليم بما ليس فيه إضافة لعنصر جديد أو أخذاً بصورة مغايرة للصورة التي ارتسمت في ذهن المحكمة وبينتها في صدر حكمها، فإن تعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع وبالتناقض لقيامه على صورة متعارضة يكون على غير أساس.
2 - متى كان الوصف الذي أجرته المحكمة قد سبق للدفاع أن أشار إليه في مرافعته الشفوية وتناوله بالمناقشة والتنفيذ في مذكرته، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحقه في الدعوى يكون على غير أساس.
3 - من المقرر أن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها إلى المرافعة لإجراء تحقيق فيها. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة من التفاتها عن طلب سماع شهود الإثبات والاستماع إلى آلة التسجيل يكون في غير محله.
4 - من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء أمسك عن المطالبة به في الجلسة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى. وما دام الطاعن لم يتمسك بسماع باقي شهود الإثبات بل إنه اكتفى بتلاوة أقوالهم في التحقيقات ولم يطلب إلى المحكمة سماع آلة التسجيل، فإن نعيه عليها عدم قيامها بذلك يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يومي 17 و22 من شهر أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم قصر النيل: بصفته موظفاً عمومياً (باحث فني بالإدارة العامة بالإيرادات بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية)، طلب وأخذ لنفسه وآخرين عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من سعد عزمي برسوم مبلغ ستمائة جنيه وتقاضى عنها مائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل عمله على تخفيض مستحقات الهيئة عليه بغير حق وتأجيل بيع منقولاته المحجوز عليها إدارياً عن موعده المقرر. وطلبت من مستشار الإحالة، إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103 و103 مكرر و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ألف جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة رشوة، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور وتناقض في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفاً عمومياً - باحث فني بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - طلب وأخذ لنفسه ولآخرين عطية للإخلال بواجبات وظيفته إلا أن المحكمة دانته على اعتبار أنه أخذ العطية لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته دون أن تنبه الدفاع إلى ما أجرته من تغيير في التهمة المسندة إلى الطاعن، كما التفتت عن طلب الدفاع سماع شهود الإثبات والاستماع إلى آلة التسجيل وهو الطلب الذي ضمنه مذكرته المصرح له بتقديمها ولم تعن بالرد عليه. كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن الجوهري من أنه أخذ المبلغ لقاء خبرته الفنية وما أداه من خدمات للشاكي. وأورد الحكم في ختامه صورة للواقعة مؤداها أن الطاعن استولى على المبلغ نتيجة لما زعمه من أن مآل النزاع بين الشاكي وهيئة التأمينات الاجتماعية أن يعرض عليه، وهذه الصورة لا تتفق وما حصلته المحكمة من التحقيقات وما سطرته في صدر الحكم في بيانها لواقعة الدعوى مما يصم الحكم بالتناقض، وأخيراً فقد أخطأت المحكمة فهم مضمون شهادة سعد عزت برسوم فمسخ الحكم أقواله وأحالها عن معناها.
وحيث إن الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المنطبق عليها، ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجملة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. لما كان ذلك، وكانت الواقعة المادية الواردة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة - وهي أخذ الطاعن لنفسه ولآخرين مبلغاً على سبيل الرشوة - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه بعد أن تحقق من توافر ركنيها المادي والمعنوي أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان تصدي المحكمة لشروط الاختصاص وانتهاؤها بناء على الوقائع الثابتة بالتحقيقات والتي كانت مطروحة للبحث والمناقشة بالجلسة إلى أن الطاعن قد زعم أن له اختصاصاً حين ادعى أن مآل النزاع القائم بين الشاكي وبين هيئة التأمينات الاجتماعية هو أن يعرض عليه، هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء ركن من أركان الجريمة وإعطاء الواقعة وصفها القانوني السليم، وكان الوصف الذي أجرته المحكمة قد سبق للدفاع أن أشار إليه في مرافعته الشفوية وتناوله بالمناقشة والتفنيد في مذكرته. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحقه في الدفاع يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة من التفاتها عن طلب سماع شهود الإثبات والاستماع إلى آلة التسجيل - وهو الطلب الذي ضمنه مذكرته - مردوداً بأن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها إلى المرافعة لإجراء تحقيق فيها وما دام الطاعن - على ما يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة - لم يتمسك بسماع باقي شهود الإثبات بل إنه اكتفى بتلاوة أقوالهم في التحقيقات، ولم يطلب إلى المحكمة سماع آلة التسجيل فإنه لا يقبل منه أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء أمسك عن المطالبة به في الجلسة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت لأسباب سائغة من وقائع الدعوى أن الطاعن قد طلب وأخذ لنفسه ولآخرين من سعد عزمي برسوم مبلغ مائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل عمله على تخفيض مستحقات الهيئة عليه وتأجيل بيع منقولاته المحجوز عليها إدارياً وهو ما يتضمن الرد على دفاعه القائم على أن أخذه ذلك المبلغ كان لقاء خدماته الفنية التي أداها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة حسبما حصلتها المحكمة من التحقيقات وسطرتها في صدره وذلك بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن لها وأقام عليها من حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان ما أورده الحكم في ختامه من ثبوت أن الطاعن قد زعم أن له اختصاصاً في نظر النزاع القائم بين الشاكي وهيئة التأمينات لا يعدو أن يكون من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة بقصد استجلاء ركن من أركان الجريمة هو ركن الاختصاص بما ليس فيه إضافة لعنصر جديد أو أخذ بصورة مغايرة للصورة التي ارتسمت في ذهن المحكمة وبينتها في صدر حكمها فإن تعييب الحكم بالتناقض وبقيامه على صور متعارضة يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من مؤدى أقوال الشاهد سعد عزمي برسوم يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن من الخطأ في الإسناد أو مسخ الحكم لأقوال هذا الشاهد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.