أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 2 - صـ 347

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1950
(128)
القضية رقم 1319 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك المستشارين.
إثبات. الأدلة في المواد الجنائية متماسكة. الاعتماد على أمر قطعت به المحكمة دون بيان سندها في ذلك. حكم معيب.
نقض. وصف الواقعة. نقض الحكم بالنسبة إلى طاعن يقتضى نقضه بالنسبة إلى الطاعن الآخر.
إذا كانت المحكمة قد قطعت في حكمها بأن الدماء التي وجدت بملابس المتهم وبجسمه إنما هي من دماء القتيل المتهم هو بقتله, وأطرحت دفاعه الذي علل فيه وجودها بأنها من دم أخيه دون أن تبين الأدلة التي استند إليها فيما قطعت به من ذلك - فإن هذا يعيب حكمها ويوجب نقضه؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا.
ونقض هذا الحكم بالنسبة إلى هذا المتهم الطاعن يقتضى نقضه بالنسبة إلى الطاعن الآخر, لأن وحدة الواقعة تستوجب لحسن سير العدالة أن تكون إعادة نظر الدعوى بالنسبة إلى الطاعنين كليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين في قضية الجناية رقم 1114 سنة 1948 طما المقيدة بالجدول الكلى برقم 603 سنة 1948. مع آخرين حكم عليهما قتلوا عمدا أحمد عبد العال عمر وذلك بأن ضربه أحد الآخرين بعصا غليظة على رأسه وانهال عليه الباقون طعنا بالسكاكين في بطنه ووجهه ورأسه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم بالمادة 234/1 من قانون العقوبات, فقرر إحالتهم إليها لمعاقبتهم بالمادة المذكورة, وقد ادعت زوجة المجني عليه بحق مدني قبل المتهمين متضامنين وطلبت القضاء لها عليهم بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض, ثم تنازلت عن دعواها مع حفظ حقها في إعادة رفع الدعوى المدنية. ومحكمة جنايات سوهاج قضت عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهمين على سليمان السيد ومصطفى على موسى بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه أقيم على دليل لا سند له, إذ أن المحكمة قررت على سبيل القطع أن الدماء التي وجدت بملابس الطاعن الأول وبجسمه والتي علل وجودها بأنها دماء أخيه لما احتضنه عقب قتله في الحادث إنما هي نتيجة للاعتداء على القتيل الذي وجد به من الإصابات الطعنية ما يزيد على العشرين, مع أن هذا الذي قالته المحكمة لا يقوم على أساس إذ لم يحاول المحقق أن يأمر بتحليل هذه الدماء ويقارن بين فصيلتها وفصيلة المجني عليه حتى تتبين حقيقة الحال. وأنه ما دام هذا الدليل الفني منعدما فلا يصح أن تقطع المحكمة بتعليل دون آخر في مصدر هذه الدماء, ويكون استدلالها بهذا الدليل الخاطئ مبطلا للحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض للأدلة على ثبوت التهمة التي دان بها الطاعنين قد قال في ذلك: "إن مقارفة الطاعنين لجريمة القتل ثابتة قبلهما من أقوال عبد العزيز عبد الساتر, وأنه فضلا عما تقدم فوجودهما بمكان الحادثة أمر لا شك فيه, فهما باعترافهما قصدا الشارع لما سمعا بحصول العراك, وأصيب أحدهما فيه فعلا, كما أصيب شقيق الثاني على مقربة من مكان وجود جثة القتيل, وأنه تبين أن بملابس وبجسم المتهم الأول دماء غزيرة بشكل يلفت النظر وقد علل ذلك بأنها دماء أخيه لما احتضنه. والمحكمة ترى أن هذا الادعاء مكتوب إذ مهما قيل في احتمال اقتراب المتهم المذكور من أخيه فإن الدماء لا يمكن أن تصل إليه بالشكل الموصوف في التحقيق, والمقطوع به أن هذه الدماء نتيجة الاعتداء المنكر على القتيل الذي وجد به من الإصابات ما يفوق العشرين إصابة, وأن أقوال الشاهد أيدت أيضا قبل المتهمين بالتقرير الطبي الشرعي الذي دل في مجموعه على أن إصابات القتيل المذكور تحدث من الضرب بالسكاكين وبعض إصابات الرأس رضية" ولما كانت المحكمة لم تبين الأدلة التي عولت عليها فيما قطعت به واستندت إليه في إدانة الطاعن الأول من أن الدماء التي وجدت بملابسه وبجسمه هي من دماء القتيل لا من دماء أخي الطاعن المذكور, فإن ذلك منها يعيب الحكم ويوجب نقضه, إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا.
وحيث إن نقض الحكم لهذا السبب يقتضى نقضه بالنسبة إلى كلا الطاعنين؛ ذلك لأن وحدة الواقعة, المتهمين فيها تستوجب - لحسن سير العدالة - أن تكون إعادة نظر الدعوى بالنسبة إليهما معا.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لكلا الطاعنين وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.