أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثامن
من أول يوليو 1996 حتى آخر يونيو 1998 - صـ 1273

جلسة 4 أبريل 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وسامي فرج يوسف، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

قاعدة رقم (96)
القضية رقم 81 لسنة 18 قضائية "دستورية"

1 - دستور "قواعد قانونية: دستوريتها".
إخضاع القواعد القانونية جميعها - أياً كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور، ضرورة جريان هذه القواعد وفق المقاييس الموضوعية التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية.
2 - أحوال شخصية "أرمن أرثوذكس" - تشريع "القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية" - رقابة قضائية.
المصريون غير المسلمين يحتكمون لشرائعهم الدينية بالشروط التي حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه في مسائل أحوالهم الشخصية - ارتقاء المشرع بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة القواعد القانونية التي ينضبط بها المخاطبون بأحكامها - من بين هذه الشرائع لائحة الأرمن الأرثوذكس المعتمدة في 1946 - خضوع هذه اللائحة للرقابة القضائية على الشرعية الدستورية.
3 - حضانة "تعريفها".
الحضانة هي ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه.
4 - شريعة إسلامية "حضانة: سن" - شريعة الأرمن الأرثوذكس.
الشريعة الإسلامية في مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها لا تحدد للحضانة سناً معينة لا يجوز تجاوزه - كذلك شريعة غير المسلمين من الأرمن الأرثوذكس.
5 - دستور "أسرة: تكوينها - صونها".
أورد الدستور أحكاماً رئيسية ترعى الأسرة المصرية - دلالة هذه الأحكام على أن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل عن الحق في صونها - تحمل الأسرة مسئوليتها قبل أبنائها صحياً وتعليمياً وتربوياً.
6 - حضانة "سن" - تشريع "المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 معدلاً بالقانون رقم 100 لسنة 1985".
مراعاة الاعتدال في تحديد سن لحضانة الصغار - لا يكون قصرها نافياً عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التي تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم في أن يباشر عليهم إشرافاً مباشراً - يستلزم أن تكون مدة الحضانة بين هذين الأمرين قواماً؛ انتهاج المشرع هذا المنحى في تحديده لسن الحضانة بمقتضى القانون المشار إليه.
7 - حضانة "سن - عقيدة - مساواة".
عدم تعلق تحديد سن للحضانة بأصول العقيدة وجوهر أحكامها - من غير الجائز أن يمايز المشرع في مجال ضبطها بين المصريين تبعاً لديانتهم - الأصل هو مساواتهم قانوناً ضماناً لتكافؤ الحماية المكفولة لجموعهم سواء في مجال حقوقهم أو على صعيد واجباتهم.
8 - حق التقاضي "عدم التمايز".
الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي - عدم تمايزهم في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة - عدم جواز تعطيل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين - عدم جواز تجريد الخصومة القضائية من الترضية القضائية.
9 - تشريع "المادة 109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس: سن الحضانة".
حرمان المحضون غير المسلم وحاضنته - وفقاً لهذا النص - من حقين: أولهما: مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين في السن المقررة لانتهاء الحضانة - ثانيهما: الحق في أن تطلب من القاضي امتداد هذه السن إذا اقتضت مصلحة الصغير ذلك.
1 - الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، والتي ترتبط بها الأسرة كذلك بوصفها قاعدة بنيانها ومدخل تكوينها، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأياً كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور، لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد - في مضامينها - بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية.
2 - إن المشرع وقد أحال في شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين - وفي إطار القواعد الموضوعية التي تنظمها - إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها في كل ما يتصل بها، فإن المشرع يكون قد ارتقى بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع، إلى مرتبة القواعد القانونية التي ينضبط بها المخاطبون بأحكامها، فلا يحيدون عنها في مختلف مظاهر سلوكهم. ويندرج تحتها - وفي نطاق الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس - لائحتهم المعتمدة في 1946، إذ تعتبر القواعد التي احتوتها - وعلى ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة.
3 - الحضانة - في أصل شرعيتها - هي ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته. والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهي تتحقق بأن تضمه الحاضنة - التي لها الحق في تربيته - إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه، وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها - وهي أشفق عليه وأوثق اتصالاً به، وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً - مظلمة للصغير إبان الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره، والتي لا يجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن، يأكل من نفقته، ويطعمه نزراً، أو ينظر إليه شذراً.
4 - لا تقيم الشريعة الإسلامية - في مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها - ولا شريعة غير المسلمين من الأرمن الأرثوذكس - التي حدد الإنجيل المقدس ملامحها الرئيسية - لسن الحضانة تخوماً لا يجوز تجاوزها، انطلاقاً من أن تربية الصغير مسألة لها خطرها، وأن تطرق الخلل إليها - ولو في بعض جوانبها - مدعاة لضياع الولد، ومن ثم تعين أن يتحدد مداها بما يكون كافلاً لمصلحته، وأدعى لدفع المضرة عنه، وعلى تقدير أن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لا تتمحض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه ويعهد إليها بأمره.
5 - إن الدستور - وفي إطار المقومات الأساسية للمجتمع التي تنتظم المصريين جميعاً، فلا يتوجهون لغيرها أو ينعزلون عنها - قد أورد أحكاماً رئيسية ترعى الأسرة المصرية - سواء في خصائصها، أو على صعيد الأفراد الذين يكونونها - هي تلك التي فصلتها المواد 9 و10 و11 و12 من الدستور. وقد دل بها على أن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل عن الحق في صونها على امتداد مراحل بقائها، لتأمينها مما يخل بوحدتها، أو يؤثر سلباً في ترابطها، أو في القيم والتقاليد التي تنصهر فيها، بل يزكيها كافلاً لبنيها تراحماً أوثق، ولأطفالها إشرابهم مبادئها، ومعاونتهم على صون أعراضهم وعقولهم وأموالهم وأبدانهم وعقيدتهم مما ينال منها أو يقوضها، وكذلك اختيار أنماط من الحياة يتعايشون معها، فلا تتفرق الأسرة التي تضمهم - وهي بنيان مجتمعهم - ولا تتنصل من واجباتها قبلهم، بل تتحمل مسئوليتها عنهم صحياً وتعليمياً وتربوياً.
بل إن الأسرة في توجهاتها لا تعمل بعيداً عن الدين ولا عن الأخلاق أو الوطنية، ولكنها تنميها - وعلى ضوء أعمق مستوياتها وأجلها شأناً - من خلال روافد لا انقطاع لجريانها، يتصدرها إرساء أمومتها وطفولتها بما يحفظها ويرعاها، والتوفيق بين عمل المرأة في مجتمعها وواجباتها في نطاق أسرتها، وبمراعاة طابعها الأصيل بوصفها الوحدة الأولى التي تصون لمجتمعها تلك القيم والتقاليد التي يؤمن بها، تثبيتاً لها وتمكيناً منها.
6 - الأسرة المصرية لا يصلحها اختيار سن للحضانة لا يكون محدداً وفقاً لتغير الزمان والمكان. ولا يقيمها كذلك انتزاع الصغير أو الصغيرة من حاضنته إعناتاً أو ترويعاً، أو إغفال الفروق الجوهرية بين المحضونين تبعاً لذكورتهم وأنوثتهم، وخصائص تكوينهم التي تتحدد على ضوئها درجة احتياجهم إلى من يقومون على تربيتهم وتقويمهم ووقايتهم مما يؤذيهم، وكذلك إعدادهم لحياة أفضل ينخرطون فيها بعد تهيئتهم لمسئوليتها؛ وكان تعهد المحضون - صغيراً كان أم صغيرة - بما يحول دون الإضرار بهما، مؤداه أن يكون لحضانتهما سن تكفل الخير لهما في إطار من الحق والعدل. وشرط ذلك اعتدالها، فلا يكون قصرها نافياً عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم على الأخص من الناحيتين النفسية والعقلية؛ ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التي تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم في أن يباشر عليهم إشرافاً مباشراً، بل تكون مدة حضانتهم بين هذين الأمرين قواماً. وهو ما نحاه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - من أن حق حضانة النساء ينتهي ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة اثنتي عشرة سنة. ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة - ودون أجر حضانة - إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك.
7 - تحديد سن الحضانة على النحو المتقدم، وإن تعلق بالمسلمين من المصريين، إلا أن هذا التحديد أوثق اتصالاً بمصلحة الصغير والصغيرة اللذين تضمهما أسرة واحدة وإن بعد أبواها عن بعضهما البعض. ولا يجوز في مسألة لا يتعلق فيها تحديد هذه السن بأصول العقيدة وجوهر أحكامها، أن يمايز المشرع في مجال ضبطها بين المصريين تبعاً لديانتهم، ذلك أن الأصل هو مساواتهم قانوناً ضماناً لتكافؤ الحماية التي يكفلها الدستور أو المشرع لجموعهم، سواء في مجال الحقوق التي يتمتعون بها أو على صعيد واجباتهم. والصغير والصغيرة - في شأن حضانتهما - يحتاجان معاً لخدمة النساء وفقاً لقواعد موحدة لا تمييز فيها. والأسرة الأرمنية هي ذاتها الأسرة المسلمة، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، وتظلهم بالتالي القيم والتقاليد عينها. وإلى مجتمعهم يفيئون، فلا يكون تقيدهم بالأسس التي يقوم عليها - في مقوماتها وخصائصها - إلا تعبيراً عن انتمائهم إلى هذا الوطن واندماجهم فيه، تربوياً وخلقياً ودينياً. وما الدين الحق إلا رحمة للعالمين.
وكلما كفل المشرع لبعض أبناء الوطن الواحد حقوقاً حجبها عن سواهم على غير أسس موضوعية، كان معمقاً في وجدانهم وعقولهم اعتقاداً أو شعوراً بأنهم أقل شأناً من غيرهم من المواطنين.
8 - الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي؛ ولا في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها؛ ولا في فعالية ضمانة الدفاع التي يكفلها الدستور للحقوق التي يطلبونها؛ ولا في اقتضائها وفق مقاييس واحدة عند توافر شروط طلبها؛ ولا في طرق الطعن التي تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها، قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها، أو الدفاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها، ولا يجوز بالتالي أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين؛ ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التي يعتبر ضمان الحق فيها، والنفاذ إليها، طريقاً وحيداً لمباشرة حق التقاضي المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور؛ ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التي يعتبر إهدارها أو تهوينها، إخلالاً بالحماية التي يكفلها الدستور للحقوق جميعها.
9 - ما تنص عليه المادة 109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن من أن تحتضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكراً وإلى التاسعة إذا كان أنثى، مؤداه حرمان المحضون غير المسلم وكذلك حاضنته من حقين أساسيين:
أولهما: مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين الذين لا تنتهي حضانتهم وفقاً لقانون أحوالهم الشخصية إلا ببلوغ الصغير عشر سنين والصغيرة اثنتي عشرة سنة.
ثانيتهما: حق الحاضنة في أن تطلب من القاضي - وبعد انقضاء المدة الأصلية للحضانة - أن يظل الصغير تحت يدها حتى الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك.
ولئن كان الحق الأول يستمد وجوده مباشرة من الدستور، إلا أن النفاذ إلى ثانيتهما لا يكون إلا من خلال حق التقاضي، فلا يصادر هذا الحق بعمل تشريعي، وإلا كان ذلك نكولاً عن الخضوع للقانون، وإنكاراً لحقائق العدل في أخص مقوماتها.


الإجراءات

بتاريخ 20 يوليو سنة 1996، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية المادتين 107، 109 من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً بتفويض الرأي للمحكمة الدستورية العليا بما تراه متفقاً وأحكام الدستور.
وقدم المدعى عليهما الخامس والسادسة، مذكرة طلبا فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليهما الخامس والسادسة، كانا قد أقاما ضد المدعية دعواهما رقم 107 لسنة 1993 التي طلبا فيها الحكم بسلب حضانتها لابنتيها ناتالي وميلاني، وتسليمهما للمدعى عليها السادسة - جدتهما - لتتولى شئون حضانتهما تحت إشراف والدهما المدعى عليه الخامس. وقد قررت محكمة مصر الجديدة الجزئية للأحوال الشخصية إحالة الدعوى إلى محكمة الزيتون الجزئية للأحوال الشخصية حيث قيدت برقم 1105 لسنة 1994 جزئي أحوال شخصية ملي الزيتون، وفيها قضت هذه المحكمة حضورياً بضم الطفلة ناتالي إلى جدتها لأبيها، فاستأنفت المدعية هذا الحكم، وقيد استئنافها برقم 919 لسنة 1995، ثم دفعت أثناء نظره بعدم دستورية المادتين 107 و109 من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادتين 107 و109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، تجريان على النحو التالي:
مادة 107:
عند حصول طلاق وعند انقضاء السن المحددة في المادة (109) يعهد بالسلطة الأبوية إلى الزوج الذي حصل على حكم الطلاق إلا إذا رأت المحكمة من الأنفع للأولاد أن تأمر - من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الديني - أن يعهد بهم جميعاً أو بعضهم إلى الزوج الآخر. أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبي.
مادة 109:
تحضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكراً، وإلى التاسعة إذا كان أنثى. وللمحكمة أن ترفع سن الحضانة إلى التاسعة بالنسبة للذكر، وإلى الحادية عشرة بالنسبة للأنثى.
وحيث إن المدعية تنعي على المادتين 107 و109 المشار إليهما، مخالفتهما لنص المادتين 10 و40 من الدستور تأسيساً على أن الحضانة احتياج طبيعي واجتماعي وإنساني لا توفره للصغير غير أمه بحنانها الطبيعي، وبفطرتها التي تدنيها من الصغير، وتجعلها أرفق به من غيره. ولا يجوز التمييز فيها - وبالنظر إلى طبيعتها وانتفاء اتصالها بالعقيدة في جوهر أحكامها - بين الصغار تبعاً لديانتهم، وعلى الأخص في مجال علاقة الأم بصغيرتها التي تكون أحوج إلى أمها بعد البلوغ الطبيعي لتبسط عليها رعايتها حتى الثانية عشرة من عمرها، مع جواز بقائها في كنفها حتى تتزوج، فلا تكون أمها إلا عوناً لها على طرائق الحياة، ومواجهة مشكلاتها، بما يهون عليها ما شق من أمرها.
وحيث إن البين من النصوص التي نظمت بها مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية، شئون السلطة الأبوية والحضانة، أنهما أمران مختلفان، فلا يعهد بالسلطة الأبوية على الولد إلا لأبيه يمارسها مباشرة عليه إلى أن يبلغ سن الرشد، إلا إذا استحال عليه من الناحية القانونية أو الفعلية مباشرتها، فإنها تنتقل عندئذ إلى الأم بقوة القانون [المادة 103 و105 من هذه المجموعة] والأصل - وعملاً بنص المادة 107 المطعون عليها - أن يعهد بالسلطة الأبوية - عند حصول طلاق وانقضاء سن الحضانة التي حددتها المادة 109 - إلى الزوج الذي حصول على حكم به، إلا إذا رأت المحكمة أن من الأنفع للأولاد أن تأمر - من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الديني - أن يعهد بهم جميعاً أو بعضهم إلى الزوج الآخر أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبي.
وحيث عن ذلك مؤداه أن المادة 107 المطعون عليها لا صلة لها بالسن التي حددتها مجموعة الأرمن الأرثوذكس لانتهاء الحضانة، ولا بالمقاييس التي ضبطتها بها، ولكنها تتصل بتنظيم السلطة الأبوية في بعض جوانبها، ليُتِمَّ بها الأولياء في شأن الصغار أعمالاً بدأتها حاضنتهم من النساء، حتى يصير الصغير مهيأ للحياة، متصلاً بأسبابها.
وحيث إن دفاع المدعية في النزاع الموضوعي، يتوخى إبقاء حضانتها لابنتيها من زوجها إلى سن الحضانة المقرر لكل صغير مسلم؛ وكان نص المادة 109 المطعون عليها، يحول بذاته دون إجابتها إلى طلبها، فإن مصلحتها الشخصية والمباشرة تتوافر بالحكم ببطلان هذا النص.
ولا ينال من مصلحتها هذه، قالة أن المدعية غير أمينة على ابنتيها هاتين، ذلك أن النزاع حول أحقيتها في حضانتهما، وأهليتها بالتالي لموالاة شئونهما، قد ينتهي لصالحها، فإذا ما قضي ببطلان نص المادة 109 المطعون عليها، زال كل أثر لها، فلا تكون سن حضانتها لابنتيها محددة وفق نظم الأحوال الشخصية السارية في شأن الأرمن الأرثوذكس، بل على ضوء القواعد التي فلصلتها الفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، في شأن حضانة الصغير المسلم.
وحيث إن ما ينعاه المدعى عليهما من أن أحكام الدستور القائم لا يجوز تطبيقها في شأن النص المطعون فيه. لصدوره قبل العمل بهذا الدستور، مردود، بأن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، والتي ترتبط بها الأسرة كذلك بوصفها قاعدة بنيانها ومدخل تكوينها، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأياً كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور، لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد - في مضامينها - بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية.
وحيث إن تحديد ما يدخل في نطاق مسائل الأحوال الشخصية - وفي مجال التمييز بينها وبين الأحوال العينية - وإن ظل أمراً مختلفاً عليه، إلى أن عقد الزواج والطلاق وآثارهما يندرجان تحتها، لتدخل حضانة صغار المطلق من زوجته في نطاق هذه المسائل، فتحكمها قواعدها.
وحيث إن المجالس الملية هي التي كان لها اختصاص الفصل في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين؛ وكان تطبيقها لشرائعهم الدينية مقارناً لاختصاصها بالفصل في نزاعاتهم المتصلة بأحوالهم الشخصية، فلا يكون قانونها الموضوعي إلا قانوناً دينياً. وظل هذا الاختصاص ثابتاً لهذه المجالس إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية، فقد قضى هذا القانون في مادته الأولى بأن تلغى المحاكم الشرعية والملية ابتداء من 1/ 1/ 1956، على أن تحال الدعاوى التي كانت منظورة أمامها حتى 31/ 12/ 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار نظرها وفقاً لأحكام قانون المرافعات.
ولئن وحد هذا القانون بذلك جهة القضاء التي عهد إليها بالفصل في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم، فحصرها - وأياً كانت ديانتهم - في جهة القضاء الوطني، إلا أن القواعد الموضوعية التي ينبغي تطبيقها على منازعاتهم في شئون أحوالهم الشخصية، لا تزال غير موحدة، رغم تشتتها وبعثرتها بين مظان وجودها وغموض بعضها أحياناً. ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون، تقضي بأن تصدر الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية التي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر بنص المادة 280 من لائحة ترتيبها. وتنص فقرتها الثانية على أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين، الذين تتحد طائفتهم وملتهم، وتكون لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فإن الفصل فيها يتم - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أنه فيما عدا الدائرة المحدودة التي وحد المشرع في نطاقها القواعد الموضوعية في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم - كتلك التي تتعلق بمواريثهم ووصاياهم وأهليتهم - فإن المصريين غير المسلمين لا يحتكمون لغير شرائعهم الدينية بالشروط التي حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه. بل إن المادة 7 من هذا القانون تنص على أن تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى، لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة 6 من هذا القانون، ما لم يكن التغيير إلى الإسلام.
وحيث إن المشرع وقد أحال في شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين - وفي إطار القواعد الموضوعية التي تنظمها - إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها في كل ما يتصل بها، فإن المشرع يكون قد ارتقى بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع، إلى مرتبة القواعد القانونية التي ينضبط بها المخاطبون بأحكامها، فلا يحيدون عنها في مختلف مظاهر سلوكهم. ويندرج تحتها - وفي نطاق الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس - لائحتهم المعتمدة في 1946، إذ تعتبر القواعد التي احتوتها - وعلى ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة.
وحيث إن الحضانة - في أصل شرعتها - هي ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته. والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهي تتحقق بأن تضمه الحاضنة - التي لها الحق في تربيته - إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه، وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها - وهي أشفق عليه وأوثق اتصالاً به، أكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً - مظلمة للصغير إبان الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره، والتي لا يجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن، يأكل من نفقته، ويطعمه نزراً، أو ينظر إليه شذراً.
ولا تقيم الشريعة الإسلامية - في مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها - ولا شريعة غير المسلمين من الأرمن الأرثوذكس - التي حدد الإنجيل المقدس ملامحها الرئيسية - لسن الحضانة تخوماً لا يجوز تجاوزها، انطلاقاً من أن تربية الصغير مسألة لها خطرها، وأن تطرق الخلل إليها - ولو في بعض جوانبها - مدعاة لضياع الولد، ومن ثم تعين أن يتحدد مداها بما يكون كافلاً لمصلحته، وأدعى لدفع المضرة عنه، وعلى تقدير أن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لا تتمحض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه ويعهد إليها بأمره.
وحيث إن الدستور - وفي إطار المقومات الأساسية للمجتمع التي تنتظم المصريين جميعاً، فلا يتوجهون لغيرها أو ينعزلون عنها - قد أورد أحكاماً رئيسية ترعى الأسرة المصرية - سواء في خصائصها، أو على صعيد الأفراد الذين يكونونها - هي تلك التي فصلتها المواد 9 و10 و11 و12 من الدستور. وقد دل بها على أن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل عن الحق في صونها على امتداد مراحل بقائها، لتأمينها مما يخل بوحدتها، أو يؤثر سلباً في ترابطها، أو في القيم والتقاليد التي تنصهر فيها، بل يزكيها كافلاً لبنيها تراحماً أوثق، ولأطفالها إشرابهم مبادئها، ومعاونتهم على صون أعراضهم وعقولهم وأموالهم وأبدانهم وعقيدتهم مما ينال منها أو يقوضها، وكذلك اختيار أنماط من الحياة يتعايشون معها، فلا تتفرق الأسرة التي تضمهم - وهي بنيان مجتمعهم - ولا تتنصل من واجباتها قبلهم، بل تتحمل مسئوليتها عنهم صحياً وتعليمياً وتربوياً.
بل إن الأسرة في توجهاتها لا تعمل بعيداً عن الدين ولا عن الأخلاق أو الوطنية، ولكنها تنميها - وعلى ضوء أعمق مستوياتها وأجلها شأناً - من خلال روافد لا انقطاع لجريانها، يتصدرها إرساء أمومتها وطفولتها بما يحفظها ويرعاها، والتوفيق بين عمل المرأة في مجتمعها وواجباتها في نطاق أسرتها، وبمراعاة طابعها الأصيل بوصفها الوحدة الأولى التي تصون لمجتمعها تلك القيم والتقاليد التي يؤمن بها، تثبيتاً لها وتمكيناً منها.
وحيث إن متى كان ما تقدم، وكانت الأسرة المصرية لا يصلحها اختيار سن للحضانة لا يكون محدداً وفقاً لتغير الزمان والمكان. ولا يقيمها كذلك انتزاع الصغير أو الصغيرة من حاضنته إعناتاً أو ترويعاً، أو إغفال الفروق الجوهرية بين المحضونين تبعاً لذكورتهم وأنوثتهم، وخصائص تكوينهم التي تتحدد على ضوئها درجة احتياجهم إلى من يقومون على تربيتهم وتقويمهم ووقايتهم مما يؤذيهم، وكذلك إعدادهم لحياة أفضل ينخرطون فيها بعد تهيئتهم لمسئوليتها؛ وكان تعهد المحضون - صغيراً كان أم صغيرة - بما يحول دون الإضرار بهما، مؤداه أن يكون لحضانتهما سن تكفل الخير لهما في إطار من الحق والعدل. وشرط ذلك اعتدالها، فلا يكون قصرها نافياً عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم وعلى الأخص من الناحيتين النفسية والعقلية؛ ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التي تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم في أن يباشر عليهم إشرافاً، بل تكون مدة حضانتهم بين هذين الأمرين قواماً. وهو ما نحاه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - من أن حق حضانة النساء ينتهي ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة اثنتي عشرة سنة. ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة - ودون أجر حضانة - إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك.
وحيث إن تحديد سن الحضانة على النحو المتقدم، وإن تعلق بالمسلمين من المصريين، إلا أن هذا التحديد أوثق اتصالاً بمصلحة الصغير والصغيرة اللذين تضمهما أسرة واحدة وإن بعد أبواها عن بعضهما البعض. ولا يجوز في مسألة لا يتعلق فيها تحديد هذه السن بأصول العقيدة وجوهر أحكامها، أن يمايز المشرع في مجال ضبطها بين المصريين تبعاً لديانتهم، ذلك أن الأصل هو مساواتهم قانوناً ضماناً لتكافؤ الحماية التي يكفلها الدستور أو المشرع لجموعهم، سواء في مجال الحقوق التي يتمتعون بها أو على صعيد واجباتهم. والصغير والصغيرة - في شأن حضانتهما - يحتاجان معاً لخدمة النساء وفقاً لقواعد موحدة لا تمييز فيها. والأسرة الأرمنية هي ذاتها الأسرة المسلمة، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، وتظلهم بالتالي القيم والتقاليد عينها. وإلى مجتمعهم يفيئون، فلا يكون تقيدهم بالأسس التي يقوم عليها - في مقوماتها وخصائصها - إلا تعبيراً عن انتمائهم إلى هذا الوطن واندماجهم فيه، تربوياً وخلقياً ودينياً. وما الدين الحق إلا رحمة للعالمين.
وكلما كفل المشرع لبعض أبناء الوطن الواحد حقوقاً حجبها عن سواهم على غير أسس موضوعية، كان معمقاً في وجدانهم وعقولهم اعتقاداً أو شعوراً بأنهم أقل شأناً من غيرهم من المواطنين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي؛ ولا في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها؛ ولا في فعالية ضمانة الدفاع التي يكفلها الدستور للحقوق التي يطلبونها؛ ولا في اقتضائها وفق مقاييس واحدة عند توافر شروط طلبها؛ ولا في طرق الطعن التي تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها، قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها، أو الدفاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها، ولا يجوز بالتالي أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين؛ ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التي يعتبر ضمان الحق فيها، والنفاذ إليها، طريقاً وحيداً لمباشرة حق التقاضي المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور؛ ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التي يعتبر إهدارها أو تهوينها، إخلالاً بالحماية التي يكفلها الدستور للحقوق جميعها.
وحيث إن ما تنص عليه المادة 109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن من أن تحتضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكراً وإلى التاسعة إذا كان أنثى، مؤداه حرمان المحضون غير المسلم وكذلك حاضنته من حقين أساسيين:
أولهما: مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين الذين لا تنتهي حضانتهم وفقاً لقانون أحوالهم الشخصية إلا ببلوغ الصغير عشر سنين والصغيرة اثنتي عشرة سنة.
ثانيهما: حق الحاضنة في أن تطلب من القاضي - وبعد انقضاء المدة الأصلية للحضانة - أن يظل الصغير تحت يدها حتى الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك.
ولئن كان الحق الأول يستمد وجوده مباشرة من الدستور، إلا أن النفاذ إلى ثانيتهما لا يكون إلا من خلال حق التقاضي، فلا يصادر هذا الحق بعمل تشريعي، وإلا كان ذلك نكولاً عن الخضوع للقانون، وإنكاراً لحقائق العدل في أخص مقوماتها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه، يكون مخالفاً لأحكام المواد 9 و10 و40 و65 و68 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 109 من مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية المعتمدة عام 1946، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.