أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 386

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1950
(145)
القضية رقم 1359 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك, و محمد أحمد غنيم بك المستشارين.
إثبات. قواعد الإثبات في المواد المدنية. عدم تعلقها بالنظام العام. عقد ائتمان. سكوت المتهم عن التمسك بعدم جواز إثباته بالبينة حتى سمعت المحكمة الشهود. هذا تنازل منه عن التمسك بهذا الدفع.
إن قواعد الإثبات في المواد المدنية ليست من النظام العام, بل هي مقررة لمصلحة الخصوم. فإذا كان المتهم قد سكت عن التمسك بعدم جواز إثبات عقد الائتمان بالبينة حتى سمعت المحكمة الشهود جميعاً, عد ذلك منه تنازلاً عن التمسك بمخالفة الحكم للقواعد المقررة للإثبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة رقم 1226 سنة 1948 مركز سوهاج: 1 - أنور منقريوس و2 - عبد الله ميخائيل "الطاعن" 3 - عبد العال هلال بأنهم في يوم سابق على 21 من ديسمبر سنة 1948 بدائرة مركز سوهاج بددوا الأدوات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لجيلاني محمد جيلاني إضراراً به وكانت قد سلمت إليهم على سبيل الوديعة لإصلاحها وإعادتها بالثاني. وطلبت معاقبتهم بالمادة 341 من قانون العقوبات. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة مركز سوهاج الجزئية دفع الحاضر مع المتهم الثاني (الطاعن) بعدم جواز الإثبات بالبينة, لأن قيمة الأشياء المختلسة تزيد على العشرة جنيهات. وبعد أن أنهت المحكمة نظرها قضت فيها بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1948 حضورياً للمتهمين الأولين وغيابياً للثالث: أولاً - برفض الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة وبجوازه, وثانياً - في الموضوع بحبس كل متهم شهرين مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ لكل منهم, وذلك عملاً بمادة الاتهام.فاستأنف المتهمان. ومحكمة سوهاج الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مؤدى وجه الطعن هو أن الطاعن دفع بعدم جواز إثبات عقد الائتمان الذي دين على أساسه بالبينة لأن قيمة الأدوات المقول بتبديدها تزيد على العشرة الجنيهات ولكن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفع بمقولة إنه جاء متأخراً مع أن الثابت في محضر الجلسة أنه بمجرد أن استبان من أقوال المجني عليه أمام المحكمة أن قيمة الأشياء تربو على الخمسين جنيها بادر محاميه بالتمسك بهذا الدفع وإذن فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت في محضر جلسة محكمة أول درجة أن الطاعن لم يتمسك بالدفع المشار إليه في وجه الطعن قبل سماع شهادة الشهود في الدعوى ولا بعد سماع أقوال المجني عليه كما يزعم في وجه الطعن معللاً ذلك بأنه لم يعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن سمع شهادته, بل انتظر حتى سمعت المحكمة الشهود جميعا ولم يكن المجني عليه آخرهم وعندئذ فقط تمسك بعدم جواز إثبات عقد الائتمان بالبينة اعتماداً على أن قيمة الأشياء موضوع هذا العقد تزيد على العشرة الجنيهات - ولما كان الأمر كذلك, وكان من المقرر أن قواعد الإثبات في المواد المدنية ليست من النظام العام بل هي مقررة لمصلحة الخصوم فقط, فإن قعود الطاعن عن التمسك بعدم جواز الإثبات بالبينة حتى سمعت المحكمة الشهود جميعا على صحة هذه الواقعة على الوجه المبين آنفاً يعد منه تنازلاً عن التمسك فيما بعد بمخالفة الحكم للقواعد المقررة للإثبات خصوصاً أن الثابت بمحضر جلسة محكمة ثاني درجة أن محامي الطاعن قد اقتصر على المرافعة في وقائع الدعوى دون أن يتمسك بهذا الدفع, وإذن فلا يقبل منه أمام محكمة النقض النعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف قواعد الإثبات في المواد المدنية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً