أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1129

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.

(222)
الطعن رقم 1392 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها". بطلان. "حكم".
( أ ) سماع الشهود بمعرفة المحكمة. أصل مقرر في المحاكمة الجنائية. ما لم يتعذر سماعهم. أو يتنازل الخصم عن ذلك صراحة أو ضمناً.
إصرار الدفاع على سماع الشاهد إذا استندت المحكمة إلى أقواله في إدانة المتهم. أخذ المحكمة بأقوال الشاهد المذكور دليلاً على المتهم دون إجابة الدفاع إلى طلبه أو الرد عليه. بطلان الحكم.
تعلق التنظيم الوارد في المواد 185، 186، 187 إجراءات بشهود النفي فحسب.
(ب) بيان الطريق الذي يسلكه المتهم في إعلان من يرى مصلحة في سماعهم من الشهود. لا يخل بمبدأ شفوية المرافعة ولا يرمي إلى الافتئات على حقوق الدفاع.
(ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات المحاكمة. إثبات. "إثبات بوجه عام".
أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة في الدعوى. وجوب إجابتها أو الرد عليها.
1 - إن الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة، وتسمع فيه شهود الإثبات في حضرة المتهم ما دام سماعهم ممكناً، وإنما يصح لها الاكتفاء بتلاوة شهادة الشاهد إذا تعذر سماعه، أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع لأية علة مهما كانت، إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً. وإذ كان ما تقدم، وكان الدفاع قد أصر في مستهل مرافعته وفي ختامها على ضرورة سماع الشاهدين إذا رأت المحكمة الاستناد إلى شهادتهما في إدانة الطاعن، إلا أنها لم تجبه إلى طلبه أو ترد عليه، وأخذت في حكمها بشهادتهما في التحقيقات دليلاً عليه، فإن حكمها يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة، ولا يعترض على ذلك بأن الشاهدين لم يرد لهما ذكر في قائمة شهود الإثبات وبالتالي كان لزاماً على الطاعن إعلانهما وفقاً للمواد 185، 186، 187 من قانون الإجراءات لأن هذا التنظيم الإجرائي متعلق بشهود النفي، والواقع من الأمر أن الشاهدين سمعا في التحقيق كشاهدي إثبات وعول الحكم على أقوالهما بهذه المثابة.
2 - لم يتجه مراد القانون حين رسم الطريق الذي يتبعه المتهم في إعلان الشهود الذين يرى مصلحة في سماعهم أمام محكمة الجنايات، إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية التي تقوم أساساً على شفوية المرافعة ضماناً للمتهم الذي تحاكمه ولا إلى الافتئات على حقه المقرر في الدفاع.
3 - أوجب القانون سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة وإجابته أو الرد عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه في يوم 13 أغسطس سنة 1965 بدائرة مركز المنزلة محافظة الدقهلية: ضرب عمداً الجرايحي فهمي تعيلب بعصا غليظة على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته، ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلب من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وادعى والد المجني عليه مدنياً وطلب القضاء له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بتهمة الضرب المفضي إلى الموت قد بني على البطلان في الإجراءات، وشابه القصور في التسبيب ذلك بأن الدفاع عن الطاعن أصر على ضرورة سماع الشاهدين "إبراهيم الشربيني" و"التميمي عبده السعدني" وهما من شهود الإثبات الذين عولت المحكمة على شهادتهم في إدانته، إلا أنها لم تستجب له، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة 21 من يناير سنة 1969 التي سمعت فيها الدعوى وصدر الحكم، أن أحد المدافعين عن الطاعن قال ما نصه "إبراهيم الشربيني والتميمي إذا أخذتم سيادتكم بالقول الوارد على لسانهما فإني أصمم بإلحاح على طلب هذين الطفلين لمناقشتهما أمام المحكمة". وبعد سماع إيضاحات الطبيب الشرعي أحال المدافع المذكور إلى ما سبق أن أبداه في مرافعته بالجلسة المذكورة بما تضمنه بالضرورة من طلب جازم وصمم على البراءة. والحكم المطعون فيه عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهدين المذكورين دون تلاوة أقوالهما ودون أقوالهما ودون سماعهما ولم يرد على ما طلبه المدافع من ضرورة ذلك. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه شهود الإثبات في حضرة المتهم ما دام سماعهم ممكناً، وإنما يصح لها الاكتفاء بتلاوة شهادة الشاهد إذا تعذر سماعه، أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً. ولما كان الدفاع قد أصر في مستهل مرافعته وفي ختامها - حسبما تقدم - على ضرورة سماع الشاهدين إذا رأت المحكمة الاستناد إلى شهادتهما في إدانة الطاعن إلا أنها لم تجبه إلى طلبه أو ترد عليه، وأخذت في حكمها بشهادتهما في التحقيقات دليلاً عليه، فإن حكمها يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة. ولا يعترض على ذلك بأن الشاهدين لم يرد لهما ذكر في قائمة شهود الإثبات وبالتالي كان لزاماً على الطاعن إعلانهما طبقاً للمواد 185، 186 و187 من قانون الإجراءات، لأن هذا التنظيم الإجرائي متعلق بشهود النفي، والواقع من الأمر أن الشاهدين سمعا في التحقيق كشاهدي إثبات، وعول الحكم على أقوالهما بهذه المثابة. هذا إلى أن القانون أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة وإجابته أو الرد عليه، وأن مراده لم يتجه حين رسم الطريق الذي يتبعه المتهم في إعلان الشهود الذين يرى مصلحة في سماعهم أمام محكمة الجنايات إلى الإخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية التي تقوم أساساً على شفوية المرافعة ضماناً للمتهم الذي تحاكمه ولا إلى الافتئات على حقه المقرر في الدفاع. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع باطلاً واجب النقض والإحالة.