أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 390

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1950
(147)
القضية رقم 446 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, أحمد حسني بك, فهيم إبراهيم عوض بك, إبراهيم خليل بك المستشارين.
دعوى مدنية. محكمة الجنح. قضاؤها بالبراءة وعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية. صحيح في الأحوال المنصوص عليها في المادة 172 من قانون تحقيق الجنايات.
تنص المادة 172 من قانون تحقيق الجنايات على أنه "إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو لا يعاقب عليها القانون أو سقط الحق في إقامة الدعوى العمومية بها بمضي المدة الطويلة يحكم القاضي ببراءة المتهم ويجوز له أن يحكم بالتعويضات التي يطلبها بعض الخصوم من بعض" مما مفاده أن للمحكمة الجنائية في مواد الجنح عند الحكم بالبراءة في الدعوى العمومية في الأحوال السالف ذكرها الخيار بين أن تفصل في الدعوى المدنية أو أن تتخلى عنها للمحكمة المختصة أصلاً بالقضاء فيها, وذلك دون أن تكون مقيدة إلا بما يتراءى لها عند تقديرها للوقت والجهد اللازمين لتمحيص الدعوى المدنية التي لم ترفع أمامها إلا بطريق التبعية للدعوى العمومية, وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى وأن المحكمة قد قضت ببراءة المتهم وعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية, دون أن تتعرض لنفي الخطأ المدني من جانب المتهم مما يضار به المدعي بالحقوق المدنية لدى نظر الدعوى أمام المحكمة المدنية المختصة, فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة صبري ناشد نجيب في قضية الجنحة رقم 153 سنة 1947 بأنه في خلال شهر أكتوبر سنة 1946 بدائرة قسم عابدين, توصل إلى الاستيلاء على مبلغ 3200 جنيه من اليسبياد أناجنوستى وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثروته باتخاذه طرقاً احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود واقعة مزورة بأن أدخل في روعه أنه قادر على أن يبيعه مائتي طن من الأرز لتصديرها وأيد دعواه بعرض أوراق مختلفة على المجني عليه وبما أحاط به نفسه من وسائل الترف باتخاذه مكتباً أسسه بالأثاث الفاخر فانخدع المجني عليه بأقواله وسلمه هذا المبلغ. وطلبت عقابه بالمادة 336 - 1 من قانون العقوبات. وقد ادعى أليسبياد نقولا أناجنوستى بحق مدني وطلب أن يحكم له قبل المتهم بمبلغ 4200 جنيه منها 3200 جنيه المبلغ الذي حصل عليه و1000 جنيه بصفة تعويض. ومحكمة عابدين الجزئية قضت عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم صبري ناشد بخيت سنة واحدة بالشغل وكفالة 200 جنيه لوقف التنفيذ بلا مصاريف وبإلزامه بأن يدفع للمدعي المدني الخواجه اليسبياد أناجنوستى مبلغ 3800 جنيه ثلاثة آلاف وثمانمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبدون كفالة بالنسبة لمبلغ 3200 جنيه ثلاثة آلاف ومائتين من الجنيهات, فاستأنف, ومحكمة مصر الابتدائية قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم وعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وإلزام رافعها بمصروفاتها وذلك عملاً بالمادة 188 من قانون تحقيق الجنايات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من وجهي الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه حين قضى ببراءة المتهم قد استدل بنصوص العقد المبرم بين الطاعن والمتهم بصدد نفي واقعة التزام المتهم بتقديم تصريح التصدير عن الأرز المبيع منه للطاعن, وقال إن الحكم الابتدائي أخطأ حين استخلص ثبوت هذه الواقعة مما نص عليه في العقد في حين أن الحكم الابتدائي قد استدل على ثبوت هذه الواقعة بشهادة شاهد قال بوقوعها أمامه.
وحيث إن الثابت في الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية في حدود سلطتها التقديرية - قد أطرحت أقوال المدعي بالحقوق المدنية وأقوال الشاهد الذي استند إلى أقواله الحكم الابتدائي بصدد الواقعة المشار إليها في وجه الطعن ثم استطردت إلى القول بأن العقد المبرم بين الطرفين لا تؤدى عباراته إلى ثبوت تلك الواقعة, ومتى كان الأمر كذلك فإن ما يدعيه الطاعن لا يكون له أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن المحكمة الاستئنافية حين قضت بعدم اختصاصها بالدعوى قد أسست قضاءها على أن الفعل المنسوب للمتهم لا جريمة فيه, واستندت في ذلك إلى نص المادة 54 من قانون تحقيق الجنايات ولم تلقِ بالاً لنص المادة 172 من قانون تحقيق الجنايات التي تنص على جواز الحكم في الدعوى المدنية إذا كان القانون لا يعاقب على الواقعة, وهذا منها خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان قانون تحقيق الجنايات ينص في المادة 172 منه على أنه "إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو لا يعاقب عليها القانون, أو سقط الحق في إقامة الدعوى العمومية بها بمضي المدة الطويلة يحكم القاضي ببراءة المتهم ويجوز له أن يحكم بالتعويضات التي يطلبها بعض الخصوم من بعض" مما مفاده أن للمحكمة الجنائية في مواد الجنح عند الحكم بالبراءة في الدعوى العمومية في الأحوال السالف ذكرها الخيار بين أن تفصل في الدعوى المدنية أو أن تتخلى عنها للمحكمة المختصة أصلاً بالقضاء فيها, وذلك دون أن تكون مقيدة إلا بما يتراءى لها عند تقديرها للوقت والجهد اللازمين لتمحيص الدعوى المدنية التي لم ترفع أمامها إلا بطريق التبعية للدعوى العمومية - لما كان ذلك وكانت المحكمة في واقعة هذه الدعوى لم تتعرض لنفي الخطأ المدني من جانب المتهم مما يضار به المدعي بالحقوق المدنية لدى نظر الدعوى أمام المحكمة المدنية المختصة - فإن تخليها عن نظر الدعوى المدنية يكون في حدود حقها المخول لها في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.