أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1144

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفة.

(226)
الطعن رقم 860 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" إجراءات المحاكمة. محضر الجلسة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل خطأ.
( أ) قيام مفتش الجهة التابعة لها السيارة العامة قيادة المتهم بتنبيهه إلى تأخره عن موعده. لا يبيح للمتهم قيادة السيارة بحالة تخالف القوانين واللوائح.
الدفاع الظاهر البطلان. لا يستوجب رداً.
(ب) خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم. لا يعيب الحكم. ما دام أن المتهم لم يطلب صراحة إثباته في المحضر.
(ج) طلب الدفاع حجز الدعوى للحكم مع التصريح له بتقديم مذكرة. إجابة المحكمة هذا الطلب. عدم قبول النعي عليها أنها لم تسمع دفاعه الشفوي.
(د، هـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ.
(د) تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بما تطمئن إليه من أدلة دون بيان العلة.
(هـ) متى ينحسر التسبيب المعيب عن حكم الإدانة في جريمة قتل خطأ؟
1 - إن قيام مفتش الجهة التابعة لها السيارة العامة التي يقودها المتهم بتنبيهه إلى تأخيره عن موعده - بفرض حصوله - لا يبيح للمتهم مخالفة القوانين واللوائح وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور، ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع المتهم في هذا الشأن لأنه دفاع ظاهر البطلان.
2 - لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم إذ عليه أن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر.
3 - إذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن المدافعين عن المتهم طلبا حجز الدعوى للحكم مع التصريح لهما بتقديم مذكرة بدفاعه، فصرحت لهما المحكمة بذلك، فإن ما يثيره المتهم من عدم سماع دفاعه الشفوي يكون غير مقبول منه.
4 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب، إذ لها أن تأخذ من الأدلة بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وهي غير ملزمة في ذلك ببيان علة ما ارتأته.
5 - متى كان يبين من الحكم أنه أورد إصابات المجني عليه التي أدلت إلى وفاته من واقع الدليل الفني وهو التقرير الطبي، كما أورد الأدلة التي استخلص منها قيادة المتهم السيارة بسرعة، وهي أدلة سائغة، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 24/ 9/ 1965 بدائرة قسم قصر النيل: (أولاً) تسبب خطأ في موت عبد الحميد علي منصور وكان ذلك ناشئاً عن خطئه وإهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والقرارات وقاد سيارة بسرعة غير مناسبة فلم يستطع مفاداة الاصطدام بالمجني عليه أثناء عبوره الطريق فاصطدم به وألحق به إصابته التي أوضحها التقرير الطبي المرفق والتي أدت إلى وفاته (ثانياً) قاد سيادة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و81 و88 و90 من القانون 49 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية. وادعت بحق مدني زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر وابنتاه فوزية وأفكار وطلبن القضاء لهن بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه قبل المتهم ومؤسسة النقل العام بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 20 ج لوقف التنفيذ وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا متضامنين للمدعيات بالحق المدني مبلغ 1200 ج على سبيل التعويض والمصروفات المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم، كما استأنفته المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية بمصاريف استئنافه المدنية وبمبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة قتل خطأ قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأن حكم محكمة أول درجة الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد رشاد سيد عبد الفتاح مع أن ماديات الدعوى قاطعة الدلالة على كذبه وأهدرت أقوال الشاهد حمدي فهيم بالرغم من صدق أقواله كما أن محكمة ثاني درجة لم تسمع مرافعة شفوية من الدفاع فقدم مذكرة للمحكمة أورد بها أن الشاهد الأول عدلي إمام قرر أن مفتش الشركة نبه الطاعن إلى أنه قد تأخر عن موعده مما حدا به إلى قيادة السيارة بسرعة إلا أن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع أو الرد عليه ولم تعن أيضاً بتحقيق أمرين أساسيين في الدعوى أولهما خاص بإصابات المجني عليه إذ أن الأوراق ليس فيها سوى كشف ظاهري على جثة المجني عليه والأمر الثاني هو سرعة السيارة التي عول عليه الحكم في إثبات توافر ركن الخطأ على الرغم من أن ظروف الدعوى تنفي هذه السرعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دين بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنه أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستفادة من أقوال الشاهدين عدلي محمد إمام ورشاد سيد عبد الفتاح والتقرير الطبي. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه وهي غير ملزمة في ذلك ببيان علة ما ارتأته. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد وينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى مما لا يسوغ مصادرتها بشأنه أو الخوض فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر. وإذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية المؤرخ في 4 من فبراير سنة 1968 أن المدافعين عن الطاعن طلبا حجز الدعوى للحكم مع التصريح لهما بتقديم مذكرة بدفاعه فصرحت لهما المحكمة بذلك، فإن ما يثيره الطاعن من عدم سماع دفاعه الشفوي يكون غير مقبول منه. لما كان ذلك، وكان قيام مفتش الشركة بتنبيه الطاعن إلى تأخيره على فرض حصوله لا يبيح للطاعن مخالفة القوانين واللوائح وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاعه في هذا الشأن لأنه دفاع ظاهر البطلان, وكان يبين من الحكم أنه أورد إصابات المجني عليه التي أدلت إلى وفاته من واقع الدليل الفني وهو التقرير الطبي كما أورد الأدلة التي استخلص منها قيادة الطاعن السيارة بسرعة وهي أدلة سائغة، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً