أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 416

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1950
(157)
القضية رقم 1380 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسني بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
( أ ) إثبات. سلطة المحكمة في الأخذ بشهادة الشهود وفي الاستناد إلى جميع العناصر المطروحة أمامها للبحث.
(ب) دفاع. شهود النفي. تبرير اطراح شهاداتهم. غير لازم.
1 - للمحكمة أن تعتمد في حكمها إلى جانب شهادة الشهود الذين سمعتهم وأشارت إليهم على جميع العناصر الأخرى الواردة بالأوراق والمطروحة أمامها للبحث في الجلسة.
2 - ليس على المحكمة أن تبرر إطراحها شهادة شهود النفي وأخذها بشهادة شهود الإثبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن في قضية الجناية رقم 1378 جرجا سنة 1949 المقيدة بالجدول الكلي برقم 257 سنة 1949 بأنه في يوم 3 من أغسطس سنة 1949 الموافق 8 من شوال سنة 1368 ببندر جرجا مديرية جرجا ضرب مصطفى أحمد محمد شبانه عمداً على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالكشف الطبي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي فقد جزء من عظام القبوة الواقي للمخ بالمنطقة الجدارية الصدغية الجبهية من الجهة اليمنى لا ينتظر ملؤها بنسيج عظمي بل يملأ بنسيج ليفي ويعرض المصاب لمضاعفات جسيمة خطرة كالالتهاب السحائي وخراجات المخ والصرع والشلل والجنون وخلافه كما يجعله عرضة للتأثر بإصابات الرأس الخفيفة والتغييرات الجوية وصدمات الشمس التي ما كانت لتؤثر عليه لو ظل المخ محمياً بالعظام. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمادة المذكورة. وقد ادعى مصطفى أحمد محمد شبانه بحق مدني قدره مائة جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم. ومحكمة جنايات سوهاج قضت عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع إلى مصطفى أحمد محمد شبانه مبلغ مائة جنيه والمصاريف و500 قرش أتعاب محاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطعن يتحصل في قول الطاعن إن الحكم المطعون فيه إذ دانه بالضرب العمد الذي نشأت عنه عاهة, قد جعل عماده في ذلك أقوال كل من عبد الحميد المصري ومحمد حسنين عبد الله وخليل الأنصاري الذين سمعوا في التحقيق مع أنهم لم يردوا في قائمة الشهود ولم تسمعهم المحكمة بالجلسة هذا إلى ما رواه الحكم عند بيانه لواقعة الدعوى من أن المجني عليه ذهب بعد إصابته في الحادثة إلى مركز البوليس وأبلغ بها مع أن الثابت في الأوراق أن هذا المجني عليه إنما ذهب هو والمصابون الآخرون في المشاجرة إلى دار الإسعاف لتضميد إصابته التي لم يكن يعرف محدثها ولم يذكر عنه شيئاً, وأن دار الإسعاف هي التي بعثت بالمصابين جميعاً إلى البوليس لما تبين من حصول الإصابات في مشاجرة. وهناك وجه المجني عليه اتهامه إلى الطاعن دون أن يستشهد عليه بأحد وقال إنه ضربه وهرب. ثم إن الحكم في استناده إلى أقوال كل من المجني عليه والشهود الثلاثة السالف ذكرهم قد أغفل تعدد روايات المجني عليه وتضاربها, وأن هؤلاء الشهود الذين قال المجني عليه بحصول الاعتداء على مرأى منهم قد قرروا في صراحة أنهم إنما شاهدوه مصاباً بمكان الحادث وأنهم لم يروا الطاعن يضربه. ويزيد الطاعن أن الحكم قد عول كذلك على شهادة أخوى المصاب عبد الله وسيد أحمد وابن أخيه بيومي مع تلفيق هذه الشهادة وورودها متأخرة في التحقيق كما أطرح الحكم شهادة شهود النفي بمقولة إنه لا يثق بها وذلك دون تجريح هذه الشهادة أو بيان سبب عدم الثقة بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ورد على دفاع الطاعن بقوله "وحيث إن المتهم ينكر التهمة ويقول بأنه كان غائباً عن البلدة واستشهد بشهود وافقوه على دفاعه إلا أن المحكمة لا ترى الأخذ بهذا الدفاع لعدم الثقة به ولا بأقوال شهود النفي. ومن جهة أخرى فإنه لا محل لما أثاره الدفاع بالجلسة من أن شهود الإثبات لا يمكن التعويل على أقوالهم وذلك لما جاء من اضطراب في أقوالهم بالنسبة للضاربين لهم, إذ أن الواقعة الحالية المنسوبة إلى المتهم لم يحصل فيها خلاف بينهم وذلك بأن قرر المجني عليه من أول وهلة عند تبليغه الحادث إلى البندر بأن المتهم هو الذي ضربه على رأسه كما أيده في هذا القول كل من عبد الله أحمد محمد شبانه والسيد أحمد محمد شبانه وبيومي عبد الرحيم شبانه ولم يختلف أحدهم في ذلك أو اضطراب قوله أو تناقض مع آخر في هذا الحادث بالذات. وكذلك فإنه لا محل للقول بأن بعض الشهود وهم عبد الحميد أحمد المصري ومحمد حسنين عبد الله وخليل محمد خليل الأنصاري قد كذبوا المجني عليه بالرغم من استشهاده بهم, إذ أنهم في الواقع ونفس الأمر قد أيدوه في شطر عظيم من روايته للحادث وهو إصابته في محل المشاجرة فقد قرروا جميعاً أنهم ذهبوا إلى هناك ووجدوه مصاباً أما ما ذكر هؤلاء الشهود بأنهم لم يروا الضرب فقد يكون صادراً عن حقيقة بأنهم وصلوا بعد انفضاض المشاجرة وانصراف معظم أو بعض المتشاجرين أو صادراً عن رغبة منهم في عدم التدخل لتأييد فريق ضد فريق لأنهم جميعاً أقرباء بعض. وحيث إنه لما تقدم ترى المحكمة أن التهمة ثابتة ثبوتاً كافياً قبل المتهم وذلك لما قرره المجني عليه والشهود عبد الله محمد شبانه والسيد أحمد محمد شبانه وبيومي عبد الرحيم شبانه والتي تتضمن أقوالهم بأن المتهم ضرب المجني عليه بعصا على رأسه. ومما أثبته التقرير الطبي الشرعي من أن هذه الإصابة قد نشأت عنها عاهة مستديمة" ولما كان ذلك, وكان للمحكمة وقد اعتمدت في قضائها على شهادة الشهود الذين سمعتهم وأشارت إليهم في الحكم أن تستند كذلك إلى كافة العناصر الأخرى الواردة بأوراقها والمطروحة للبحث أمامها في الجلسة وكان هذا الذي قاله الحكم من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من ثبوت الواقعة على الطاعن ويتضمن الرد على دفاعه المبين بأوجه طعنه كما ينتفي به ما ينعاه من تضارب المجني عليه وشهود الإثبات فيما استند إليه الحكم من أقوالهم - لما كان كل ذلك, وكانت المحكمة غير ملزمة بتبرير إطراحها شهادة شهود النفي وأخذها بشهادة شهود الإثبات, فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً ويكون الطعن على هذه الصورة لا أساس له ويتعين من أجل ذلك رفضه موضوعاً.