أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثامن
من أول يوليو 1996 حتى آخر يونيو 1998 - صـ 1365

جلسة 6 يونيو 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

قاعدة رقم (104)
القضية رقم 152 لسنة 18 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "ميعاد"
عدم جواز زيادة المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية إلا من خلال مدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها - شرط ذلك ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى.
2 - ضريبة "مدين أصلي - المسئول عنها".
وجود علاقة بين المال المحمل بالضريبة والمدين بها ليصبح هذا المدين مكلفاً أصلاً بأدائها - شرط اعتبار غيره مسئولاً عنها انتفاء علاقة هذا الغير بوعائها - عدم اعتبار المسئول عن أدائها ملزماً بها إلا مع المدين أصلاً بها - حلوله محل الدائن في حالة وفائه بها.
3 - تنظيم الحقوق "سلطة تقديرية: ضوابطها"
سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق لا تقيدها إلا ضوابط الدستور.
4 - ضريبة عامة - تشريع "القانون رقم 221 لسنة 51 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي".
اعتبار الضريبة التي فرضها المشرع بموجب هذا القانون على المحال الخاضعة لحكمه ضريبة عامة.
5 - ضريبة "وعاؤها: سلطة تقديرية"
اختيار المشرع لوعاء الضريبة يدخل في سلطته التقديرية كلما كان هذا التقدير موضوعياً.
6 - ضريبة "حصيلة - ضريبة الملاهي".
دستورية الضريبة لا ترتبط بعظم حصيلتها ولا تنفيها ضآلتها - المدين أصلاً بضريبة الملاهي وكذلك المسئول عنها لا يتحمل بسببها - منظوراً إليها في ذاتها - عبئاً مخالفاً للدستور.
7 - ضريبة "أسس موضوعية"
حق الدولة في اقتضاء الضريبة ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها والمسئولين عنها في تحصيلها وفق أسس موضوعية.
8 - عدل اجتماعي "مفهومه".
العدل من منظور اجتماعي إنما يتحدد على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة خلال زمن معين - القيم التي يحتضنها العدل محدداً من هذا المنظور تظل نتاج الخبرة التي صهرها العقل الجمعي.
9 - جزاء "ضرورة - تناسب".
موافقة الجزاء - جنائياً كأن أم تأديبياً أو مدنياً - للدستور كلما كان مقرراً لضرورة متناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها.
10 - تشريع "المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951: عدالة اجتماعية".
تعدد صور الجزاء التي فرضتها هذه المادة - تعلقها بأفعال تتنافر خصائصها - مجاوزتها من ثم حقائق هذه الأفعال ومكوناتها - نبذها تحديد جزاء مناسب لكل منها - انطواؤها من ثم على غلو مناف لضوابط العدالة الاجتماعية.
11 - دستور - "عدالة اجتماعية".
قيام النظم الضريبية جميعها وما يلحق بها من الأعباء المالية التي عددتها المادة 119 من الدستور على العدالة الاجتماعية.
12 - جزاء "تعدده".
الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما ينبو بها عن موازين الاعتدال.
13 - تشريع "المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951: تعدد - غلو" - عدالة اجتماعية.
مزج المشرع في إطار صور الجزاء التي عددتها هذه المادة بين أفعال متنافرة مضموناً وأثراً - اتسام صور الجزاء هذه بالغلو - عدم كفالة المشرع لضريبة الملاهي المفروضة بمقتضى هذا القانون ضوابط العدالة الاجتماعية.
14 - دستور - ضريبة "أداؤها" - مبدأ الخضوع للقانون "ملكية".
الضريبة التي يكون أداؤها واجباً قانوناً وفقاً للمادة 61 من الدستور هي تلك التي تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية - مؤدى مبدأ الخضوع للقانون أن تكون للملكية حرمتها وفقاً للمعايير التي تبنتها الدول الديمقراطية في تشريعاتها وألا يكون جزاء الأفعال منفصلاً عن تدرجها فيما بينها - أو متمحضاً غلواً مناف لطبيعتها - أو متعدداً متعامداً على أموال المدين في مجموعها.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - وعملاً بنص البند (ب) من المادة 29 من قانونها - أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا تجوز زيادتها إلا من خلال مدة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً - قديمتها وجديدتها - على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التي ترخص برفعها، وكان ثابتاً كذلك - وعملاً بالفقرة الثانية من المادة 15 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - أن الميعاد - وكلما كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء - لا يعتبر منقضياً إلا بانقضاء اليوم الأخير منه، وكان المدعي في الدعوى الماثلة قد أقامها خلال المهلة الجديدة التي أضافتها محكمة الموضوع إلى المدة الأصلية قبل انقضاء يومها الأخير، فإن الدفع بعدم قبول دعواه هذه، يكون غير سديد.
2 - المدين بالضريبة. إما أن يكون ملتزماً أصلياً بها أو مسئولاً عنها. ذلك أن المشرع يتخذ دوماً من المال المحمل بالضريبة، وعاء باعتباره عنصراً موضوعياً في الواقعة التي أنشأتها. بيد أن وجود علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفاً أصلاً بأدائها.
وشرط اعتبار غيره مسئولاً عنها، أن تنتفي علاقته بالمال المتخذ وعاءً لها، وألا يعتبر ملزماً بها إلا مع المدين أصلاً بأدائها، فهو مدين مع غيره بكل الدين، فإذا وفاه، رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولاً قانونياً.
3 - السلطة التي يباشرها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، لا تقيدها إلا الضوابط التي فرضها الدستور عليها لتحد من إطلاقها وترسم تخومها التي لا يجوز أن يتعداها، سواء بإغراق هذه الحقوق من خلال تنظيمها، أو عن طريق تقييدها بما يرهقها ويحول دون اكتمال مجالاتها الحيوية التي تمثل لبها ونواتها.
4 - إن الضريبة التي فرضها المشرع في شان الملاهي وغيرها من المحال التي أخضعها القانون لحكمه، لا تعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها في رقعة إقليمية بذاتها لا تجاوزها، وإنما هي ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها - وكلما تحقق مناطها ممثلاً في الواقعة التي أنشأتها - على كل الأجزاء التي يشتمل عليها إقليمها. وهو ما يعني أن مموليها متماثلون في الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها، منتفياً.
5، 6 - اختيار المشرع لوعاء ضريبة ما ممثلاً في المال المحمل بعبئها، وإن كان مما يدخل في سلطته التقديرية كلما كان هذا التقدير موضوعياً، وكانت دستورية الضريبة لا ترتبط بعظم حصيلتها، ولا تنفيها ضآلتها، ولا يحول دونها أن يكون للضريبة - فضلاً عن مقاصدها الأصلية التي يعكسها اتجاه الدولة إلى الحصول على مبلغها إنماء منها لموارد ترصدها على مصارفها - أثاراً عرضية من شأنها فرض أعباء على صور من النشاط التي يأتيها المكلفون بها - والتي تقع الضريبة عليها - بما يحد منها، وكان الملتزمون أصلاً بضريبة الملاهي يتحملون بمبلغها إسهاماً من جانبهم في تمويل الخزانة العامة مع تنظيم نشاطهم عرضاً باعتباره استهلاكاً ترفياً ممثلاً في حفلاتهم التي يقيمونها في المحال التي أخضعها القانون لحكمه، بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلاً بالضريبة، وكذلك المسئولين عنها، لا يتحملون بسببها - منظوراً إليها في ذاتها - عبئاً مخالفاً للدستور.
7 - حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها في تحصيلها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافياً لتحيفها، وحيدتها ضمان لموضوعيتها، وكان قانون ضريبة الملاهي، وإن توخي ابتداء حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن غلتها تعينها على مواجهة نفقاتها، إلا أن مصلحتها هذه ينبغي موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً مقيداً لنصوص هذا القانون، يتغيا - بين ما يشتمل عليه - أن يكون جزاء الإخلال بها موازناً أثقالها بموجباتها، لا منتهياً إلى تعميق وطأتها.
8 - إن العدل - وباعتباره قيمة مثلى - لا يعدو أن يكون مفهوماً مجرداً. بيد أن العدل من منظور اجتماعي، إنما يتحدد على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة خلال زمن معين، وكان تقيدها بها مهيمناً على مظاهر سلوكها تعييراً من جانبها عن أكثر المصالح توافقاً مع بيئتها، فلا يكون قبول أفرادها بها، إلا حلاً ملائماً لتنازع توجهاتهم وتعارضها. ولئن جاز القول بأن تلك القيم لا تعني شيئاً ثابتاً باطراد، وأن معانيها وغاياتها تتباين تبعاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وكان لا يجوز بالنظر إلى مخاطر التعارض في مجال العدالة الاجتماعي بين مفترضاتها النظرية ومتطلباتها العملية، أن يكون تصورها ذاتياً، ولا أن تكون دائرة تطبيقها منغلقة على نفسها، إلا أن القيم التي يحتضنها العدل - محدداً من منظور اجتماعي - تظل نتاج الخبرة التي صهرها العقل الجمعي، فلا يلتمس المشرع طريقها بعيداً عما يراه الأفراد في مجموعهم حقاً وإنصافاً.
9 - إن فكرة الجزاء - جنائياً كان أم تأديبياً أو مدنياً - تعني مجاوزة الحدود التي يجوز التسامح فيها. وكلما كان الجزاء مقرراً لضرورة، ومتناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها، متصاعداً مع خطورتها In ascending order of severity كان موافقاً للدستور.
10، 11 - إن المشرع عدد بنص المادة 14 المطعون عليها صور الجزاء التي قرر توقيعها بكاملها على المخالفين لحكمها، فلم يقصرها على الغرامة التي فرضها، ولا على أداء باقي الضريبة مع زيادة تعادل ثلاثة أمثالها، ومضاعفتها في حالة العود. وإنما ضم إلى هذين الجزاءين عقوبة غلق المحل، وكذلك أية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وكانت صور الجزاء هذه - مع تعددها وتفاوتها فيما بينها في مداها - قد فرضها جميعاً قانون ضريبة الملاهي في شأن أفعال يأتيها المخالفون لأحكامه، ولا تتحد فيما بينها سواء في عناصرها أو قدر خطورتها، أو الآثار التي ترتبها، بل يتصل الجزاء بهذه الأفعال جميعها ليسمها بوطأته، سواء كان التورط فيها ناشئاً عن عمد أو إهمال أو عن فعل لا يقترن بأيهما، متوخياً التدليس على القائمين على تنفيذ قانون الضريبة عن طريق إخفاء بياناتها، أو عرض ما هو غير صحيح منها، بقصد التخلص منها كلها أو بعضها واقتناص مبلغها، أو منتهياً إلى مجرد التأخير في توريدها، وسواء كان هذا التأخير عرضياً أو مقصوداً، محدوداً بفترة زمنية ضيقة، أو مترامياً، مستنداً إلى قوة قاهرة، أو مجرداً مما يعد ظرفاً مفاجئاً أو طارئاً، فلا يظهر نص المادة 14 المطعون عليها - ومن خلال تعدد صور الجزاء التي فرضتها، وتعلقها بأفعال تتنافر خصائصها وعواقبها - إلا مجاوزاً بمداه حقائق هذه الأفعال ومكوناتها، نابذاً تحديد جزاء لكل منها بما يناسبها، فلا يزنها بالقسط، بل يقيس أقلها خطراً على أسوئها مقصداً، ويعاملها جميعاً بافتراض وحدة مضمونها وآثارها. وليس ذلك إلا غلواً منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التي أرستها المادة 38 من الدستور، لتقيم عليها النظم الضريبية جميعها، وما يلحق بها من الأعباء المالية التي عددتها المادة 119 من الدستور.
12، 13 - إن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها، ويكفل ربط مقدماتها بنتائجها، وكان الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما ينبو بها عن موازين الاعتدال، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التي تتحد خواصها وصفاتها، وبما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها، وكان ذلك مؤداه أن الجزاء لا يجوز أن يكون خطأ، ولا فاسداً مغبة. بل ينبغي أن يوازن المشرع قبل تقريره، بين الأفعال التي يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة وتصحيحها.
إن ضوابط الجزاء هذه، هي التي غض المشرع بصره عنها بنص المادة 14 المطعون عليها، والتي مزج بها - وفي إطار صور الجزاء التي عددتها - بين أفعال غشيها التنافر مضموناً وأثراً، مصطنعاً أو مفترضاً تماثل عناصرها ووحدة نتائجها، فضمها إلى بعضها، مقدراً تساويها فيما بينها، وكأن دواءً واحداً يصلحها ويرد عنها أسقامها، فأنزل على كل منها - بعد أن جمعها في صعيد واحد - صور الجزاء عينها.
ولا كذلك يكفل المشرع لضريبة الملاهي ضوابط عدالتها الاجتماعية، وهي بعد ضريبة أنشأ المشرع من أجل تحصيلها - هي والزيادة المنصوص عليها في القانون - حق امتياز على أموال الخاضعين لها جميعها.
14 - إن الضريبة التي يكون أداؤها وفقاً لنص المادة 61 من الدستور، واجباً قانوناً، هي تلك التي تتوافر لها قوالبها، الشكلية وأسسها الموضوعية - وعدالتها الاجتماعية جوهرها ومسراها - وكان مبدأ الخضوع للقانون محدداً على ضوء أسس ديمقراطية، مؤداه أن تكون للملكية حرمتها وفقاً للمعايير التي تبنتها الدول الديمقراطية في تشريعاتها، والتزمتها قاعدة ترد إليها مختلف مظاهر سلوكها، وألا يكون جزاء الأفعال منفصلاً عن تدرجها فيما بينها، ولا متمحضاً غلواً منافياً لطبيعتها، ولا متعدداً متعامداً على أموال المدين في مجموعها.


الإجراءات

بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة/ بهيرة مدحت خورشيد، كانت قد تعاقدت مع فندق ميركيور رومانس بالإسكندرية على استغلال إحدى قاعاته لإقامة حفل عيد ميلاد لستين طفلاً. وقد فوجئ مدير عام الفندق - المدعي - بتحرير إدارة ضرائب الملاهي محضراً ضده لعدم قيامه بدفع الضريبة المقدرة قانوناً في هذا الشأن؛ وقدم إلى محكمة جنح الرمل بالدعوى رقم 5471 لسنة 1995 م. ق الرمل التي قضت بتغريمه مائة جنيه والمصاريف، فطعن على حكمها بالاستئناف رقم 13596 لسنة 1996 مستأنف شرق، ثم دفع أثناء نظره بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، فقد أجلت الدعوى المنظورة أمامها إلى حين رفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 11 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي تنص على ما يأتي:
"على صاحب المحل أو المستغل، وكذلك على كل من يتفق مع شخص طبيعي أو معنوي على إقامة حفلة أو سلسلة حفلات أن يخطر إدارة ضريبة الملاهي بذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي تعين بقرار وزاري. وفي حالة عدم الإخطار، وكذلك إذا كانت الحفلة مقامة في مكان غير مخصص الدرجات، تحسب الضريبة على أساس عدد المقاعد بالكامل وبأعلى فئاتها".
وتقضي المادة 14 من هذا القانون:
"كل من امتنع عن تقديم الإخطار المنصوص عليه في المادة 11 أو لم يقدمه في الميعاد المقرر، أو امتنع عن إعطاء البيانات التي يطلبها الموظفون المختصون، أو أعطى بيانات غير صحيحة، أو قاوم أو منع أو حاول منع الموظفين من القيام بعملهم، وكذلك كل من وزع أو باع تذاكر غير مختومة بخاتم الضريبة، أو استعمل طرفاً قصد بها أو نشأ عنها التخلص من أداء الضريبة، أو الانتقاص منها، أو التأخر عن أدائها، أو خالف أي حكم من أحكام هذا القانون، عوقب بغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً، فضلاً عن جواز الحكم بإغلاق المحل مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، وذلك مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر.
وفي جميع الأحوال يلزم المخالف أداء باقي الضريبة مع زيادة تساوي ثلاثة أمثالها تضاعف في حالة العود".
وحيث إن المدعي ينعي على المادة 14 المطعون عليها، مخالفتها للدستور من النواحي الآتية:
1 - إن ضريبة الملاهي تقع أصلاً على الجمهور، وتتعلق بأجرة الدخول التي يدفعونها، ومن ثم يكون دين الضريبة مترتباً في ذمتهم ابتداء، بوصفهم ملتزمين أصلاً بدفعها حال استحقاقها. ولكن المشرع اختص المسئولين عن توريد الضريبة بالجزاءات التي فرضها النص المطعون فيه.
2 - لا يجوز أن تقرن الدولة حقها في اقتضاء دين الضريبة بجزاء على الإخلال بدفعها يكون مجاوزاً بمداه أو بتعدده الحدود المنطقية التي يقتضيها صون مصلحتها الضريبية، وإلا كان هذا الجزاء غلواً منافياً لضوابط الاعتدال، بما يخرج الضريبة عن بواعثها الأصلية والعرضية، ويفقدها مقوماتها.
3 - إن المسئولين عن دين ضريبة الملاهي التي فرضها المشرع على الحفلات التي تقام في فنادقهم، ولا يقومون بالإخطار عنها خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من قانون هذه الضريبة، يتحملون عدداً من الجزاءات التي تنصب جميعها على محل واحد، هي تلك التي عددتها المادة 14 المطعون عليها، وأخصها أنهم يدفعون الضريبة مقدرة بأعلى فئاتها، وعلى أساس عدد المقاعد بالكامل. ويلزمون معها بزيادة تعادل ثلاثة أمثالها، مع جواز الحكم بغلق المحل، ودون إخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، بما ينافي ضوابط العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بعد الميعاد، مستندة في ذلك إلى أن محكمة الموضوع قررت بجلسة 27/ 10/ 1996 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 1/ 12/ 1996 كطلب المتهم لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة. بيد أن المدعي أقام دعواه هذه في 26/ 12/ 1996؛ فلا يجوز قبولها.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة - وعملاً بنص البند (ب) من المادة 29 من قانونها - أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا تجوز زيادتها إلا من خلال مدة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً - قديمتها وجديدتها - على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التي ترخص برفعها، وكان ثابتاً كذلك - وعملاً بالفقرة الثانية من المادة 15 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - أن الميعاد - وكلما كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء - لا يعتبر منقضياً إلا بانقضاء اليوم الأخير منه، وكان المدعي في الدعوى الماثلة قد أقامها خلال المهلة الجديدة التي أضافتها محكمة الموضوع إلى المدة الأصلية قبل انقضاء يومها الأخير، فإن الدفع بعدم قبول دعواه هذه، يكون غير سديد.
وحيث إن المدين بالضريبة. إما أن يكون ملتزماً أصلياً بها أو مسئولاً عنها. ذلك أن المشرع يتخذ دوماً من المال المحمل بالضريبة، وعاء باعتباره عنصراً موضوعياً في الواقعة التي أنشأتها. بيد أن وجود علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفاً أصلاً بأدائها.
وشرط اعتبار غيره مسئولاً عنها، أن تنتفي علاقته بالمال المتخذ وعاءً لها، وألا يعتبر ملزماً بها إلا مع المدين أصلاً بأدائها، فهو مدين مع غيره بكل الدين، فإذا وفاه، رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولاً قانونياً.
وحيث إن المادة 6 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة، تنص على أن تحصل الضريبة من الجمهور بواسطة شاغلي الدور والمحال الخاضعة للضريبة. وعملاً بالمادة 7 من هذا القانون يجب على أصحاب المحال والمستغلين لها، أن يؤدوا الضريبة إما مقدماً أو في ذات اليوم أو في اليوم التالي لإقامة الحفلة على الأكثر، وذلك بالطرق والأوضاع التي يصدر بها قرار وزاري.
وحيث إن ذلك مؤداه أن من يقيمون حفلات في المحال الخاضعة لقانون هذه الضريبة، ملزمون أصلاً بإيفائها. وقد أقام هذا القانون - وإلى جانبهم - من عينتهم مادته السابعة بوصفهم مسئولين عنها، ضماناً لتحصيلها وخفضاً لتكلفة جبايتها وتوقياً للتحايل عليها.
والمدعي بهذا المعنى يعتبر مسئولاً عن الضريبة، وعلى ضوء صفته هذه، تتحدد دستورية المطاعن التي نسبها إلى المادة 14 من ذلك القانون.
وحيث إن السلطة التي يباشرها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، لا تقيدها إلا الضوابط التي فرضها الدستور عليها لتحد من إطلاقها وترسم تخومها التي لا يجوز أن يتعداها، سواء بإغراق هذه الحقوق من خلال تنظيمها، أو عن طريق تقييدها بما يرهقها ويحول دون اكتمال مجالاتها الحيوية التي تمثل لبها ونواتها.
وحيث إن الضريبة التي فرضها المشرع في شان الملاهي وغيرها من المحال التي أخضعها القانون لحكمه، لا تعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها في رقعة إقليمية بذاتها لا تجاوزها، وإنما هي ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها - وكلما تحقق مناطها ممثلاً في الواقعة التي أنشأتها - على كل الأجزاء التي يشتمل عليها إقليمها. وهو ما يعني أن مموليها متماثلون في الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها، منتفياً.
وحيث إن اختيار المشرع لوعاء ضريبة ما ممثلاً في المال المحمل بعبئها، وإن كان مما يدخل في سلطته التقديرية كلما كان هذا التقدير موضوعياً، وكانت دستورية الضريبة لا ترتبط بعظم حصيلتها، ولا تنفيها ضآلتها، ولا يحول دونها أن يكون للضريبة - فضلاً عن مقاصدها الأصلية التي يعكسها اتجاه الدولة إلى الحصول على مبلغها إنماء منها لموارد ترصدها على مصارفها - أثاراً عرضية من شأنها فرض أعباء على صور من النشاط التي يأتيها المكلفون بها - والتي تقع الضريبة عليها - بما يحد منها، وكان الملتزمون أصلاً بضريبة الملاهي يتحملون بمبلغها إسهاماً من جانبهم في تمويل الخزانة العامة مع تنظيم نشاطهم عرضاً باعتباره استهلاكاً ترفياً ممثلاً في حفلاتهم التي يقيمونها في المحال التي أخضعها القانون لحكمه، بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلاً بالضريبة، وكذلك المسئولين عنها، لا يتحملون بسببها - منظوراً إليها في ذاتها - عبئاً مخالفاً للدستور.
وحيث إن حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها في تحصيلها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافياً لتحيفها، وحيدتها ضمان لموضوعيتها، وكان قانون ضريبة الملاهي، وإن توخي ابتداء حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن غلتها تعينها على مواجهة نفقاتها، إلا أن مصلحتها هذه ينبغي موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً مقيداً لنصوص هذا القانون، يتغيا - بين ما يشتمل عليه - أن يكون جزاء الإخلال بها موازناً أثقالها بموجباتها، لا منتهياً إلى تعميق وطأتها.
وحيث إن العدل - وباعتباره قيمة مثلى - لا يعدو أن يكون مفهوماً مجرداً. بيد أن العدل من منظور اجتماعي، إنما يتحدد على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة خلال زمن معين، وكان تقيدها بها مهيمناً على مظاهر سلوكها تعييراً من جانبها عن أكثر المصالح توافقاً مع بيئتها، فلا يكون قبول أفرادها بها، إلا حلاً ملائماً لتنازع توجهاتهم وتعارضها. ولئن جاز القول بأن تلك القيم لا تعني شيئاً ثابتاً باطراد، وأن معانيها وغاياتها تتباين تبعاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وكان لا يجوز بالنظر إلى مخاطر التعارض في مجال العدالة الاجتماعي بين مفترضاتها النظرية ومتطلباتها العملية، أن يكون تصورها ذاتياً، ولا أن تكون دائرة تطبيقها منغلقة على نفسها، إلا أن القيم التي يحتضنها العدل - محدداً من منظور اجتماعي - تظل نتاج الخبرة التي صهرها العقل الجمعي، فلا يلتمس المشرع طريقها بعيداً عما يراه الأفراد في مجموعهم حقاً وإنصافاً.
وحيث إن فكرة الجزاء - جنائياً كان أم تأديبياً أو مدنياً - تعني مجاوزة الحدود التي يجوز التسامح فيها. وكلما كان الجزاء مقرراً لضرورة، ومتناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها، متصاعداً مع خطورتها In ascending order of severity كان موافقاً للدستور.
وحيث إن مستغلي المحال الخاضعة لقانون ضريبة الملاهي، وكذلك أصحابها، مقيدون وفقاً لنص المادة الحادية عشرة من هذا القانون، بإخطار إدارة ضريبة الملاهي - وخلال المواعيد المقررة قانوناً - بالحفلات التي تقام في هذه المحال.
وحيث إن المشرع عدد بنص المادة 14 المطعون عليها صور الجزاء التي قرر توقيعها بكاملها على المخالفين لحكمها، فلم يقصرها على الغرامة التي فرضها، ولا على أداء باقي الضريبة مع زيادة تعادل ثلاثة أمثالها، ومضاعفتها في حالة العود. وإنما ضم إلى هذين الجزاءين عقوبة غلق المحل، وكذلك أية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وكانت صور الجزاء هذه - مع تعددها وتفاوتها فيما بينها في مداها - قد فرضها جميعاً قانون ضريبة الملاهي في شأن أفعال يأتيها المخالفون لأحكامه، ولا تتحد فيما بينها سواء في عناصرها أو قدر خطورتها، أو الآثار التي ترتبها، بل يتصل الجزاء بهذه الأفعال جميعها ليسمها بوطأته، سواء كان التورط فيها ناشئاً عن عمد أو إهمال أو عن فعل لا يقترن بأيهما، متوخياً التدليس على القائمين على تنفيذ قانون الضريبة عن طريق إخفاء بياناتها، أو عرض ما هو غير صحيح منها، بقصد التخلص منها كلها أو بعضها واقتناص مبلغها، أو منتهياً إلى مجرد التأخير في توريدها، وسواء كان هذا التأخير عرضياً أو مقصوداً، محدوداً بفترة زمنية ضيقة، أو مترامياً، مستنداً إلى قوة قاهرة، أو مجرداً مما يعد طرفاً مفاجئاً أو طارئاً، فلا يظهر نص المادة 14 المطعون عليها - ومن خلال تعدد صور الجزاء التي فرضتها، وتعلقها بأفعال تتنافر خصائصها وعواقبها - إلا مجاوزاً بمداه حقائق هذه الأفعال ومكوناتها، نابذاً تحديد جزاء لكل منها بما يناسبها، فلا يزنها القسط، بل يقيس أقلها خطراً على أسوئها مقصداً، ويعاملها جميعاً بافتراض وحدة مضمونها وآثارها. وليس ذلك إلا غلواً منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التي أرستها المادة 38 من الدستور، لتقيم عليها النظم الضريبية جميعها، وما يلحق بها من الأعباء المالية التي عددتها المادة 119 من الدستور.
وحيث إن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها، ويكفل ربط مقدماتها بنتائجها، وكان الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما ينبو بها عن موازين الاعتدال، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التي تتحد خواصها وصفاتها، وبما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها، وكان ذلك مؤداه أن الجزاء لا يجوز أن يكون خطأ، ولا فاسداً مغبة. بل ينبغي أن يوازن المشرع قبل تقريره، بين الأفعال التي يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة وتصحيحها.
وحيث إن ضوابط الجزاء هذه، هي التي غض المشرع بصره عنها بنص المادة 14 المطعون عليها، والتي مزج بها - وفي إطار صور الجزاء التي عددتها - بين أفعال غشيها التنافر مضموناً وأثراً، مصطنعاً أو مفترضاً تماثل عناصرها ووحدة نتائجها، فضمها إلى بعضها، مقدراً تساويها فيما بينها، وكأن دواءً واحداً يصلحها ويرد عنها أسقامها، فأنزل على كل منها - بعد أن جمعها في صعيد واحد - صور الجزاء عينها.
وحيث إن غلو صور الجزاء التي عددتها المادة 14 المطعون عليها، يبدو واضحاً من إخضاعها المكلفين بها الذين لا يقدمون في الميعاد، الإخطار المنصوص عليه في المادة الحادية عشر من قانون الضريبة، لصور الجزاء ذاتها التي تطبقها في شأن من يعمدون إلى التخلص من الضريبة كلها أو بعضها، احتيالاً عليها، وتهرباً منها. بل إن هؤلاء شأنهم شأن من يدفعون الضريبة بأقل من مبلغها، ولا يبادرون خلال مهلة لا تجاوز يوماً واحداً، برد ما نقص منها بعد طلبه، على ما تقضي به المادة العاشرة من القانون.
كذلك، فإن من يمنعون القائمين بتنفيذ القانون عن أداء عملهم في مجال هذه الضريبة، شأنهم شأن من يتراخون في توريدها - ولو يوماً واحداً - لعوامل قد لا يكون لإراداتهم دخل فيها.
ومن يخفون بياناتها تدليساً، شأنهم شأن من يخطئون فيها، فلا يقدمون لإدارة الضريبة على الملاهي صحيحها.
فهؤلاء وهؤلاء قدر النص المطعون أنهم نظراء لبعض، فأحاطهم بصور الجزاء ذاتها مع تنوعها. وما كذلك تصاغ النصوص القانونية التي تتحدد دستوريتها على ضوء ارتباطها عقلاً بأهدافها، وبوصفها وسائل ملائمة لتحقيق أغراض مبررة.
ولا كذلك يكفل المشرع لضريبة الملاهي ضوابط عدالتها الاجتماعية، وهي بعد ضريبة أنشأ المشرع من أجل تحصيلها - هي والزيادة المنصوص عليها في القانون - حق امتياز على أموال الخاضعين لها جميعها.
وحيث إن الضريبة التي يكون أداؤها وفقاً لنص المادة 61 من الدستور، واجباً قانوناً، هي تلك التي تتوافر لها قوالبها، الشكلية وأسسها الموضوعية - وعدالتها الاجتماعية جوهرها ومسراها - وكان مبدأ الخضوع للقانون محدداً على ضوء أسس ديمقراطية، مؤداه أن تكون للملكية حرمتها وفقاً للمعايير التي تبنتها الدول الديمقراطية في تشريعاتها، والتزمتها قاعدة ترد إليها مختلف مظاهر سلوكها، وألا يكون جزاء الأفعال منفصلاً عن تدرجها فيما بينها، ولا متمحضاً غلواً منافياً لطبيعتها، ولا متعدداً متعامداً على أموال المدين في مجموعها. وكان الأصل في السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، هو إطلاقها ما لم يفرض الدستور عليها ضوابط تقيم لها أسواراً لا يجوز تخطيها؛ وكانت المادة 14 المطعون عليها تناقض أحكام المواد 34، 38، 61، 65 من الدستور؛ فإن المشرع يكون قد جاوز بحكمها نطاق سلطته التقديرية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.