أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1187

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر حسن.

(235)
الطعن رقم 1441 لسنة 39 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. "قبولها". تعويض. ضرر. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. "ضرب أفضى إلى الموت". "ضرب بسيط".
التعويض عن الجرائم يقوم أساساً على ثبوت الضرر لطالبه من جرائها لا على ثبوت حقه في الإرث حجب أو لم يحجب.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع. "الدفع باستحالة الرؤية".
الدفع المبني على استحالة الرؤية بسبب الظلام. من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى. مثال.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت ما دام قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه.
1 - التعويض عن الجرائم يقوم أساساً على ثبوت الضرر لطالبه من جرائها لا على ثبوت حقه في الإرث حجب أو لم يحجب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المدعي بالحقوق المدنية أخ شقيق للمجني عليه الذي توفى مما لم يجحده الطاعنان، وكان ثبوت الإرث له أو عدم ثبوته لا يقدح في صفته وكونه قد أصابه ضرر من جراء فقد أخيه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصاب الأخ من ضرر مباشر لا على انتصابه مقام أخيه بعد أيلولة حقه في الدعوى إليه، وكان هذا ما أثبته الحكم وبينه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن الدفاع المبني على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى. ولما كان الحكم قد برر إمكان الرؤية بتلاحم الأجساد إذ حصل الاعتداء طعناً بالسكين أو ضرباً بالعصي وأن مكان الحادث في وقته كانت تصل إليه الأضواء من المنازل المجاورة وأن الشهود يعرفون الطاعنين من قبل، وأطرح ما ثبت في معاينة النيابة العامة من أن الظلمة كانت سائدة لإجرائها في وقت متأخر من الليل تطفأ فيه الأنوار غير الوقت المبكر الذي وقع فيه الحادث، فإن ما ذكره من ذلك يسوغ به ما انتهى إليه من رفض هذا الدفاع.
3 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت ما دام قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه. ولما كان لما حصله الحكم مأخذ صحيح من شهادتهم في جلسة المحاكمة، فلا يقدح في إسناده أن تكون أقوالهم في التحقيقات الأولى قد جرت على غير ما نقله عنهم في الجلسة المذكورة ما دام لا يبين من مدوناته أن تطابق شهادتهم في المرحلتين كان من عناصر اقتناعه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في 8 ديسمبر سنة 1967 بدائرة مركز إمبابة محافظة الجيزة: (المتهم الأول) أحدث بأحمد كامل محمد الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية بأن طعنه بمطواة في صدره ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الطعنة أفضت إلى موته. (المتهم الثاني) أحدث بالمجني عليه سالف الذكر الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية برأسه والتي لا تزيد مدة علاجها عن عشرين يوماً (المتهمان الأول والثاني) أحدثا بعبد الحميد محمد علي الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لها مدة علاج لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف والمواد الواردة بقرار الإحالة. فقرر بذلك. وادعى مدنياً عيسوي كامل محمد "شقيق المجني عليه الأول" قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1 و32 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع إلى المدعي المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعنين أولهما بجناية الضرب المفضي إلى الموت وثانيهما بجنحة الضرب البسيط قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الخطأ في الإسناد، ذلك بأنه أسس الإدانة على أقوال الشهود في جلسة المحاكمة من أن الإضاءة في مكان الحادث كانت كافية، وأهدر شهادتهم في تحقيق النيابة بما يخالفه وأخذ بها جملة واحدة دون إفراد وبيان لما شابها من تناقض في المرحلتين، وأسقط الدلالة المستفادة من المعاينة التي أجرتها النيابة قولاً بأنها أجريت في وقت متأخر من الليل غير الوقت المبكر الذي وقع فيه الحادث، وهو استدلال فاسد، كما قضى بالتعويض لأخ المجني عليه دون أن يستظهر صفته، وانحصار الإرث فيه، وأنه لا يوجد من يحجبه من ورثة آخرين مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفاع المبني على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم قد برر إمكان الرؤية بتلاحم الأجساد إذ حصل الاعتداء طعناً بالسكين أو ضرباً بالعصي، وأن مكان الحادث في وقته كانت تصل إليه الأضواء من المنازل المجاورة وأن الشهود يعرفون الطاعنين من قبل، وأطرح ما ثبت في معاينة النيابة العامة من أن الظلمة كانت سائدة لإجرائها في وقت متأخر من الليل تطفأ فيه الأنوار غير الوقت المبكر الذي وقع فيه الحادث، فإن ما ذكره من ذلك يسوغ به ما انتهى إليه من رفض هذا الدفاع، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت ما دام قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه وكان لما حصله الحكم مأخذ صحيح من شهادتهم في جلسة المحاكمة فلا يقدح في إسناده أن تكون أقوالهم في التحقيقات الأولى قد جرت على غير ما نقله عنهم في الجلسة المذكورة، ما دام لا يبين من مدوناته أن تطابق شهادتهم في المرحلتين كان من عناصر اقتناعه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المدعي بالحقوق المدنية أخ شقيق للمجني عليه الذي توفى مما لم يجحده الطاعنان وكان ثبوت الإرث له أو عدم ثبوته لا يقدح في صفته، وكونه قد أصابه ضرر من جراء فقد أخيه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه، وكان التعويض عن الجرائم يقوم أساساً على ثبوت الضرر لطالبه من جرائها لا على ثبوت حقه في الإرث حجب أو لم يحجب، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصاب الأخ من ضرر مباشر لا على انتصابه مقام أخيه بعد أيلولة حقه في الدعوى إليه، وكان هذا ما أثبته الحكم وبينه. فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.