أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1191

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(236)
الطعن رقم 882 لسنة 39 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". تزوير. أوراق رسمية.
إسناد الحكم خطأ للمتهم اعترافه بالجريمة. يعيبه.
متى لا تعد عبارة المتهم. اعترافاً. مثال.
تساند الأدلة في المواد الجنائية.
إذا كان ما نقله الحكم عن محضر الشرطة من أن الطاعن اعترف في هذا المحضر بأنه يعلم بتزوير رخصة القيادة، لا أصل له في الأوراق، كما أن عبارة "حاجة بآكل بيها عيش" لا تعد اعترافاً إذ لم تصدر منه بعد مواجهته صراحة بتزوير الرخصة، بل إنه على العكس من ذلك نفى التزوير عندما ووجه به، كما أنه لا يعد اعترافاً ما قرره أمام النيابة من أنه كان عاطلاً وأن أحد السائقين استحصل له على الترخيص بعد أن قدم له البيانات وسلمه صورته، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال مما يعيبه، ولا يؤثر في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعه بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 فبراير سنة 1967 بدائرة مركز طوخ محافظة القليوبية: (أولاً) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو رخصة قيادة جميع أنواع السيارات المبينة بالمحضر بأن اتفق معه على أن يصطنعها له وقدم له صورته الشمسية وأملاه البيانات الخاصة بها فاستحصل المجهول على نموذج 8 مرور وحرر بياناته باسم المتهم ووقع عليها بإمضاءات نسبها كذباً للمختصين بقلم مرور القاهرة وزور بصمة عليه الخاتم قلم المرور سالف البيان فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثانياً) استعمل المحرر الرسمي المزور سالف البيان مع علمه بتزويره. (ثالثاً) زور ختماً لإحدى جهات الحكومة هو خاتم إدارة مرور القاهرة واستعمله بأن بصم به على المحرر المزور سالف البيان. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 40/ 2 - و3 و41 و206 و211 و212 و214 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 206 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في يوم صدوره.. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو رخصة قيادة، وفي تزوير ختم لإحدى جهات الحكومة جاء مشوباً بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أورد في أسبابه بأن المتهم اعترف في التحقيقات فقرر في محضر الشرطة بأنه يعلم بتزوير الترخيص وأنه حصل عليه للتكسب (أكل العيش) مع أن الطاعن لم يعترف على الإطلاق ولم يقرر أنه يعلم بتزوير الترخيص وإنما سئل عما هو منسوب إليه فأجاب (حاجة آكل بها عيش) وهذه الإجابة لا تفيد علمه بالتزوير بل تؤكد اعتقاده بأن الترخيص صحيح.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن من بين ما عول عليه في إدانة الطاعن اعترافه في التحقيقات، إذ قرر في محضر الشرطة أنه يعلم بتزوير الرخصة وأنه حصل عليها للتكسب (آكل العيش) كما قرر أمام النيابة أنه كان عاطلاً وأن أحد السائقين ساعده في الحصول على الترخيص الذي يحمله وأنه قدم له البيانات وصورته فأحضره إليه في اليوم التالي دون مقابل. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن التهمة التي كانت موجهة للطاعن في محضر الشرطة هي قبوله ثلاثة ركاب بالسيارة النقل والمقرر لها راكبان فقط ثم تبين عند التفتيش على الرخصة أنها مزورة ولما سئل الطاعن عما هو منسوب إليه دون تحديد للتهمة أجاب (حاجة بآكل بيها عيش) ثم اعترف بوجود راكب زائد استثناء وقرر أن الرخصة صحيحة (مضبوطة). ولما كان ما نقله الحكم عن محضر الشرطة من أن الطاعن اعترف في هذا المحضر بأنه يعلم بتزوير الرخصة لا أصل له في الأوراق كما أن عبارة "حاجة بآكل بيها عيش" لا تعد اعترافاً إذ لم تصدر منه بعد مواجهته صراحة بتزوير الرخصة بل إنه على العكس من ذلك نفى التزوير عندما ووجه به كما أنه لا يعد اعترافاً ما قرره أمام النيابة من أنه كان عاطلاً وأن أحد السائقين استحصل له على الترخيص بعد أن قدم له البيانات وسلمه صورته. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال مما يعيبه، ولا يؤثر في ذلك ما ذكره من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة، والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعه بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى