أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1194

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو الفضل حفني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي.

(237)
الطعن رقم 937 لسنة 39 القضائية

( أ ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب أفضى إلى موت. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اشتهار المتهم أو عدم اشتهاره بلقب معين. لا أثر له في استدلال الحكم. ما دام أنه هو المقصود بذاته بالاتهام. ليس للمتهم إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في جريمة ضرب أفضى إلى موت.
(ب) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة. "حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم رداً صريحاً.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لمحكمة الموضوع استظهار الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من واقع الأدلة المطروحة عليها وإطراح ما يخالفها من صور لم تقتنع بها. عدم التزامها بالاستطراد إلى وقائع أخرى لم تكن منسوبة إلى المتهم الذي تحاكمه.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشهود ولو تخالفت. ما دامت قد أسست الأدلة في حكمها بما لا تناقض فيه.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
1 - إن اشتهار الطاعن باللقب الذي أطلق عليه أو عدم اشتهاره به - بفرض صحة دعواه في ذلك - لا أثر له في استدلال الحكم ما دام أنه هو بذاته المقصود بالاتهام، فضلاً عن أنه لم يثر هذا النعي أمام قضاء الموضوع. ومن ثم فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستظهر الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اجتهادها واقتناعها من واقع الأدلة المطروحة، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها، ما دام استخلاصها سائغاً مقبولاً، وهي بعد غير ملزمة بالاستطراد إلى وقائع أخرى لم تكن منسوبة إلى المتهم الذي تحاكمه.
4 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود ولو تخالفت ما دامت هي قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من المطاعن من إطلاقات محكمة الموضوع، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، مما لا يسوغ مصادرتها فيه أو معاودة الجدل بشأنه لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 14 يناير 1967 بدائرة مركز ومحافظة الفيوم: (المتهم الأول) ضرب صلاح حسن علي أبو قزيم عمداً على ذراعه الأيسر فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي ضمور بعضلات وقصر في طول الساعد الأيسر وإعاقة المرفق والساعد والرسغ وأصابع اليد اليسرى وكذلك فقد قبضتها الحركية نتيجة كسر مؤقت حي مما يقلل كفاءته عن العمل بما يقدر بنحو 50% (خمسين في المائة). المتهم الثاني ضرب صلاح حسن أبو قزيم على رأسه فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بالنسبة لأوليهما بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل مدة سنة ومعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل مدة شهر واحد. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الأول بجناية الضرب المفضي إلى الموت والثاني بجنحة الضرب البسيط قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه اعتمد في إدانتهما على شهادة المجني عليهما وحدها مؤيدة بالتقرير الطبي، وانصرف انصرافاً تاماً عما حفلت به التحقيقات من أقوال الشهود الآخرين الذين شهدوا جميعاً بما ينفيها، ولم يحصل الواقعة على حقيقتها وفي صورتها الصحيحة باعتبارها شجاراً تعددت أطرافه والمصابون فيه، ولم يعرض لدفاع الطاعنين من أن اتهامهما محض افتراء، وأنهما لم يكونا بمكان الحادث عند وقوعه، ولا يوجد في الأوراق ما يدل على اشتهار الطاعن الأول بلقب (قرني) الذي أطلق عليه، وأنهما لا يتجران في السمك الذي نشب بسببه الشجار وأن اتهامهما تأخر قرابة عام حتى تولت النيابة التحقيق، مما يعيب الحكم بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستظهر الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اجتهادها واقتناعها من واقع الأدلة المطروحة، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها، ما دام استخلاصها سائغاً مقبولاً وهي بعد غير ملزمة بالاستطراد إلى وقائع أخرى لم تكن منسوبة إلى المتهم الذي تحاكمه، وكان لها أن تأخذ بأقوال الشهود ولو تخالفت ما دامت هي قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه. كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من المطاعن من إطلاقات محكمة الموضوع، ومتى أخذت المحكمة بشهادة الشاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يسوغ مصادرتها فيه أو معاودة الجدل بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وجه الدفاع المبني على تلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى، وكان اشتهار الطاعن الأول باللقب الذي أطلق عليه أو عدم اشتهاره به - بفرض صحة دعواه في ذلك - لا أثر له في استدلال الحكم ما دام أنه هو بذاته المقصود بالاتهام، فضلاً عن أنه لم يثر هذا النعي أمام قضاء الموضوع، ومن ثم فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الطعن في حقيقته جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدى محكمة النقض، فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض