أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 496

جلسة 15 من يناير سنة 1951
(187)
القضية رقم 1737 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبى بك وفهيم إبراهيم عوض بك المستشارين.
( أ ) إثبات. اعتراف. الأخذ باعتراف المتهم أمام البوليس رغم عدوله عنه أمام النيابة وأمام المحكمة. جائز.
(ب) تفتيش. رجل البوليس. مشاهدته المتهم يجري محاولاً ركوب القطار دون تقديم تذكرته لعامل الباب. تخلى المتهم عن حقيبة كانت معه قبل أن يمسك به رجل البوليس ليمنعه من ركوب القطار. تفتيش الحقيبة. صحيح. وجود مخدر بها. لا يجدي المتهم ما يثيره من بطلان القبض.
1 - للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم بمحضر البوليس رغم عدوله عنه أمام النيابة وأمام المحكمة متى اطمأنت إليه ووثقت به.
2 - إذا كان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى يفيد أن المتهم كان قد تخلى عن الحقيبة وألقاها على الأرض قبل أن يمسك به رجلاً البوليس ليمنعاه من ركوب القطار بعد أن رأياه يجري محاولاً ركوبه دون أن يقدم تذكرته إلى عامل الباب - فإن تفتيش الحقيبة بعد تخلي المتهم عنها يكون صحيحاً, ولا يكون لما يثيره المتهم بشأن بطلان القبض جدوى ما دام قد تبين من تفتيش الحقيبة وجود المخدر بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15/ 1/ 1950 بدائرة قسم الأزبكية أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و35/ 6 ب و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة المخدرات دفع المتهم ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات. والمحكمة قضت عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وتغريمه أربعمائة جنيه والمصادرة والنفاذ. فاستأنف. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة مصر الابتدائية دفع المتهم بما سبق أن دفع به أمام محكمة أول درجة من بطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات. والمحكمة قضت برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في أن الطاعن كان مزمعاً السفر وعند دخوله محطة القاهرة لاحظ أن القطار يتحرك فأسرع لكي يلحق به دون أن يتمكن من عرض تذكرته فاشتبه فيه رجلا البوليس وناديا عليه فألقي بحقيبة كانت معه وحاول الفرار فأخذ أحدهما الحقيبة ومنعه الآخر من الركوب وقبض عليه, وقد دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن بذلك ولأنه لم يكن في حالة تلبس. ومحكمة أول درجة أدانته مستندة إلى أن ارتباكه حين نودي عليه وإلقاءه الحقيبة ومحاولته الفرار يكفي لقيام حالة التلبس ويبرره القبض عليه. ومحكمة ثاني درجة اعتبرت ما أتاه الطاعن مخالفة للائحة السكك الحديدية واعتمدت في إدانته على الدليل المستمد من التفتيش وعلى اعترافه بإحراز المخدر على أثر القبض عليه. وينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في فهم وقائع الدعوى, إذ استند إلى إسراعه لكي يلحق بالقطار وما رتبه على ذلك من قيام حالة التلبس على حين أنه في حالة التلبس يجب أن تنبئ الجريمة عن نفسها كما أن ارتكان الحكم على اعتراف الطاعن غير جائز خصوصاً وقد عدل عنه أمام النيابة والمحكمة, ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن شهادة شاهدي النفي اللذين شهدا بما يبرئه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى ثم رد على دفاع الطاعن بقوله "إن وقائع الحادث تتلخص كما جاء بمحضر ضبط البوليس والتحقيقات أمام محكمة أول درجة في أن عبد الهادي ومصطفى حسن من رجال البوليس الملكي بمحطة القاهرة كلفا بملاحظة ركاب القطار رقم 88 الذي يغادر محطة مصر إلى الوجه القبلي في الساعة 8 مساءً فلاحظا أنه عند بدء تحرك القطار دخل المتهم متفادياً الموظف الذي يقف بباب الدخول للاطلاع على تذاكر السفر واتجه يجري نحو القطار للركوب فيه فاشتبها فيه فألقى بشنطة كانت في يده وظل يجري فأخذ الشنطة أحدهما وأمسكه الآخر وأنه عندما أمسكه أقر بأن بالشنطة حشيشاً فضبطاه وقدماه لضابط مباحث قسم قضائي مصر الذي باشر التحقيق وفتح الشنطة ووجد بها 22 كيساً من الحشيش وزنها 7680 جراماً تبين من تحليل بعضها أنها من الحشيش. ومن حيث إن دفاع المتهم دفع أمام محكمة أول درجة وأمام هذه المحكمة ببطلان القبض على المتهم وتفتيشه لعدم وجود إذن بذلك ولأن المتهم لم يكن في حالة تلبس تبيح للبوليس الملكي وهم في حكم الأفراد أن يقبضوا عليه. ومن حيث إن هذه المحكمة ترى أن الدفع في غير محله لأن المتهم وقع في مخالفتين قبل أن يناديه رجل البوليس: الأول - أنه دخل من باب المحطة المخصص لمراجعة التذاكر من غير أن يبرز تذكرته ووجدت فعلاً معه غير مؤشر عليها بالاطلاع, والثانية - محاولته ركوب القطار بعد تحركه مخالفاً في الحالتين لائحة السكة الحديد فلما نودي عليه استمر في هربه حتى أمسكه العسكري بعد إلقاء الشنطة وعلى أثر إمساكه اقر بأن بالشنطة حشيشا" ويبين من هذا الذي أثبته الحكم أن الطاعن كان قد تخلى عن الشنطة وألقاها على الأرض قبل أن يمسك به رجلا البوليس ليمنعاه من ركوب القطار بعد أن رأياه يجري محاولاً ركوبه دون تقديم تذكرته لعامل الباب. ولما كان تخليه عن الشنطة مما يخول تفتيشها فإن ما يثيره في طعنه بشأن القبض لا تكون له جدوى ما دام قد تبين من تفتيش الشنطة وجود المخدر بها. أما عن اعتراض الطاعن على أن المحكمة أخذت بإقراره أمام الضابط القضائي بعد أن أنكره أمام النيابة وأمام المحكمة فمردود بأن للمحكمة أن تعتمد على الأقوال التي جاءت بمحضر البوليس دون غيرها متى اطمأنت إليها ووثقت بها. وأما ما يقوله من إن المحكمة لم تعرض بحديث لشاهدي النفي اللذين قررا ما يفيد براءة الطاعن فإن حكمها بإدانته يتضمن بذاته الرد على شهادة الشاهدين وعدم التعويل عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.