أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1205

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(240)
الطعن رقم 1445 لسنة 39 القضائية

( أ ) هتك عرض. جريمة. "أركانها". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر أو عدم توافر رضاء المجني عليها في جريمة هتك العرض. موضوعي. مباغتة المجني عليها. يتوافر بها ركن القوة في جريمة هتك العرض.
(ب، ج، د، هـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) محكمة الموضوع. حقها في تكوين عقيدتها من أدلة وعناصر الدعوى.
(ج) استخلاص دليل الإدانة من أقوال الشهود بما لا تناقض فيه. صحيح.
(د) أخذ المحكمة بأقوال شهود الإثبات. يفيد إطراح ما ساقه الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(هـ) وزن أقوال الشهود موضوعي.
1 - إن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك عرضها، مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذه الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم. وإذ كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من مباغتة المتهم المتهم للمجني عليها يتوافر به ركن القوة في هذه الجريمة، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره المتهم في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى.
3 - إن التناقض بين أقوال الشهود - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.
4 - في اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم أول نوفمبر سنة 1968 بدائرة مركز قطور محافظة الغربية: هتك عرض......... بالقوة بأن فاجأها بغرفة نومها بمركز رعاية الطفولة بقطور وأمسك بثديها وضمها إلى صدره كرهاً عنها حالة كونه عاملاً بالأجر بالمركز سالف الذكر الذي تعمل به المجني عليها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمادتين 267/ 2 و268 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 268/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأن عول على أقوال شهود الإثبات مع ما فيها من تناقض ينبئ عن كذبها وخاصة تلك التي صدرت عن المجني عليها إذ تضاربت أقوالها في مرحلتي التحقيق والمحاكمة كما أن المستفاد من ظروف الدعوى أنها وليدة التلفيق بقصد الكيد للطاعن، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الشأن. ومن ثم فقد بات الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجناية هتك العرض بالقوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال كل من المجني عليها وسعدية السيد خليفة وأنوار حسان عبد الله وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ولها أصلها الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التي دانته بها، وكان التناقض بين أقوال الشهود - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى، وفي اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في الوجهين الأول والثاني من طعنه لا يكون له محل.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الأخير من طعنه أنه إذ دانه بجريمة هتك العرض قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المستفاد من ظروف الدعوى ومسلك المجني عليها أن ما وقع عليها من أفعال بفرض - صحة ما تدعيه - كان برضاء وقبول منها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استظهر ركن القوة في جناية هتك العرض التي دان الطاعن بها بقوله: "ومن حيث إنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها أو بغير رضاها أياً كانت الوسائل التي استعملها المتهم للوصول إلى غرضه ولو كانت مجرد خداع أو مباغتة وهو ما تحقق في واقع الدعوى إذ أن المتهم فاجأ المجني عليها بحجرة نومها وأمسك بثديها وحاول تقبيلها على غير إرادتها وقسراً عنها". لما كان ذلك، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم من مباغته الطاعن للمجني عليها يتوافر به ركن القوة في هذه الجريمة، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه يكون هو الآخر غير سديد ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.