أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1212

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي.

(242)
الطعن رقم 1238 لسنة 39 القضائية

(أ وب) اختلاس أموال أميرية. جريمة. "أركانها". موظفون عموميون. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
( أ ) استلام الموظف بصفته مأموراً للتحصيل مالاً. اختلاسه هذا المال. تحقق الجناية المنصوص عليها في المادة 112/ 2 عقوبات قبله. ولو كان قد تسلم المال أثناء الخدمة في جهة معينة ثم اختلسه بعد نقله منها. إلا إذا كانت يده قد تغيرت من كونه أميناً عاماً إلى كونه أميناً خاصاً.
(ب) المنازعة في مقدار المبلغ المختلس. لأول مرة أمام النقض غير جائزة.
(ج ود) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(ج) حق الخبير في مناقشة الخصوم واستجلاء الشهود في محضر أعماله.
أخذ المحكمة بما انتهى إليه الخبير في تقريره. صحيح. ما دامت قد أوردت مقوماته وسردت أسانيده.
(د) الاستغناء عن سماع شهادة الإثبات التي سمعت في التحقيق. جائز. إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
1 - إن المادة 112 من قانون العقوبات إذ عاقبت الموظف العمومي المأمور بالتحصيل بعقوبة الجناية المغلظة الواردة فيها، إذا اختلس ما لا يسلم إليه بمقتضى وظيفته وبصفته هذه، فقد دلت على أن العبرة في تحقق الجناية هي بالوقت الذي سلم إليه فيه المال على هذا الأساس، فإذ كان قد تسلمه أثناء قيامه بالخدمة في جهة معينة، ثم نقل منها، فاختلس ما كان قد حصله بصفته الوظيفة المذكورة، كان فعله جناية مغلظة في الحالين بنص المادة المشار إليها، إلا إذا كانت يد المتهم قد تغيرت بعد ذلك من كونه أميناً عاماً إلى كونه أميناً خاصاً فلا يندرج فعله عندئذ تحت هذا الوصف.
2 - إذا كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في مفردات المبلغ المتهم باختلاسه عن مدة عمله كصراف بالجهة التي نقل منها، فليس له أن يبدى هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن للخبير مناقشة الخصوم واستجلاء الشهود في محضر أعماله، وللمحكمة الأخذ بما انتهى إليه في تقريره، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد عولت بصفة أساسية على ما ورد في تقرير اللجنة الإدارية بعد أن أوردت مقوماته وسردت أسانيده، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - متى كان الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع سماع أحد من الشهود، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية، قد أجازت لها الاستغناء عن سماع شهادة الإثبات التي سمعت في التحقيق، إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ومن ثم فإنه لا يصح أن ينعى الطاعن عليها قعودها عن إجراء أمسك عن المطالبة به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال المدة من 1 ديسمبر سنة 1960 إلى 14 أكتوبر سنة 1963 بدائرة قسم ثان المنصورة: محافظة الدقهلية (أولاً) بصفته موظفاً عمومياً صراف قسم سابع المنصورة اختلس مبلغ 9484 ج و549 م من أموال الدولة مسلمة إليه بسبب وظيفته وباعتباره من مأموري التحصيل. (ثانياً) بصفته سالفة الذكر غير بقصد التزوير في بيانات المبالغ التي قام بتحصيلها في كل من القسيمة 548613 المؤرخة 29/ 10/ 1963 ودفتر يومية سنة 1960 صفحة 35 ودفتر يومية سنة 1963 صفحتي 12، 24 وحوافظ التوريدات الخاصة بيوميات 12/ 2/ 1964، 22/ 2، 31/ 3/ 1964 حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في أصل القسيمة المذكورة أن المبلغ المتحصل من الممول هو 93 ج و310 م بينما أن المبلغ المتحصل فعلاً هو 593 ج و310 م كما قام بإثبات مبالغ أقل مما حصله فعلاً في دفاتر اليوميات وحوافظ التوريدات إخفاء لاختلاسه. (ثالثاً) استعمل الأوراق المزورة سالفة البيان مع علمه بتزويرها بأن قدم بعضها عند المراجعة والبعض الآخر منها عند التوريد. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111/ 1 و112/ 1 - 2 و118 و119، 213 و214 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وبعزله من وظيفته وإلزامه برد المبلغ المختلس وقدره 9484 ج و549 م وبغرامة مساوية لقيمة المبلغ المختلس عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجرائم الاختلاس وتزوير المحررات الرسمية واستعمالها قد بني على الإخلال بحق الدفاع وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه أضاف من لدنه وبغير لفت نظر المدافع عن الطاعن وقائع اختلاس أخرى عن غير المدة المحددة بأمر الإحالة بين 1/ 12/ 1960، 14/ 10/ 1963 بعد أن كان قد نقل في أغسطس سنة 1964 من الجهة المقول بحصول الاختلاس فيها وهي بندر سابع المنصورة وقال بحصول هذه الوقائع في شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1964 وهو ما تتغير به التهمة في شأنها إذ يكون قد تجرد من كونه مأموراً بالتحصيل، كما دين عن اختلاس أموال مسلمة من ثمانية وأربعين ممولاً سئل منهم في التحقيق عشرة فقط ولم تتفق كلمتهم على أن الطاعن هو الذي تسلم منهم مبالغ الضرائب المستحقة، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن نسب إليه أنه بصفته موظفاً عمومياً مأموراً بالتحصيل اختلس مبلغ 9484 ج و549 م من أموال الدولة المسلمة إليه باعتباره صرافاً يقسم سابع المنصورة كما زور في قسائم التحصيل ودفتر اليومية وحوافظ التوريدات لإخفاء الاختلاس. ولما كانت المادة 112 من قانون العقوبات إذ عاقبت الموظف العمومي المأمور بالتحصيل بعقوبة الجناية المغلظة الواردة فيها إذا اختلس. ما لا سلم إليه بمقتضى وظيفته وبصفته هذه - فقد دلت على أن العبرة في تحقيق الجناية هي بالوقت الذي سلم إليه فيه المال على هذا الأساس فإذا كان قد تسلمه أثناء قيامه بالخدمة في جهة معينة ثم نقل منها فاختلس ما كان قد حصله بصفته الوظيفة المذكورة كان فعله جناية مغلظة في الحالين بنص المادة المشار إليها إلا إذا كانت يد المتهم قد تغيرت بعد ذلك من كونه أميناً عاماً إلى كونه أميناً خاصاً فلا يندرج فعله عندئذ تحت هذا الوصف. لما كان ذلك، وكان المبلغ الذي دان الحكم الطاعن باختلاسه هو بذاته المبلغ الذي ورد في أمر الإحالة بغير إضافة مبالغ أخرى تخرج عن مجموعة وكان التاريخ المثبت بالقسائم أو الدفاتر أو الأوراق الرسمية وقد وقع فيها التزوير لا شأن له بالتاريخ الصحيح الذي وقعت فيه الجريمة خصوصاً أن القسائم لم تصدر متوالية في التاريخ بتسلسل أرقامها حسبما يبين من مدوناته ومن ثبت القسائم المرفقة بتقرير اللجنة الإدارية ضمن المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن. وكان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في مفردات المبلغ المتهم باختلاسه عن مدة عمله صرافاً بالجهة التي نقل منها فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن للخبير مناقشة الخصوم واستجلاء الشهود في محضر أعماله وللمحكمة الأخذ بما انتهى إليه في تقريره، وكانت المحكمة قد عولت بصفة أساسية على ما ورد في تقرير اللجنة الإدارية بعد أن أوردت مقوماته وسردت أسانيده وكان الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع سماع أحد من الشهود، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت الاستغناء عن سماع شهادة الإثبات التي سمعت في التحقيق إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وكان لا يصح له أن ينعى الطاعن عليها قعودها عن القيام بإجراء أمسك عن المطالبة به، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض