أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1259

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(254)
الطعن رقم 872 لسنة 39 القضائية

( أ ) خبز. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيب غير معيب". تموين.
جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن. تمامها بمجرد إنتاجه كذلك. يكفي لقيامها في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون أو قعوده من مراعاة تنفيذ أحكامه.
(ب، ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". خبز. تموين.
(ب) الإثبات في المواد الجنائية. العبرة فيه باقتناع القاضي. له الأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين.
(ج) إثبات وزن الخبز في محضر مستقل. غير لازم.
(د) نقض. "أوجه الطعن. قبولها".
يلزم لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
1 - تتم جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً بمجرد إنتاجه كذلك، على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها. ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون أو قعوده عن مراعاة تنفيذ أحكامه، وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بدعوى الخطأ في القانون أو القصور في التسبيب لعدم استظهار ركن القصد الجنائي يكون غير سديد.
2 - العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
3 - لم يوجب المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شأن التموين إثبات وزن الخبز في محضر مستقل.
4 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 14 أبريل سنة 1966 بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة: بوصف الأول مديراً مسئولاً للمخبز والثاني القائم برغف الخبز به أنتجا خبزاً بلدياً أقل من الوزن المقرر. وطلبت عقابهما بالمواد 24 و26/ 3 و38/ 3 من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل والمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 ومحكمة جنح الجيزة المستعجلة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وتغريم كل منهما مائة جنيه والمصادرة والإشهار لمدة مساوية لمدة العقوبة بلا مصاريف جنائية. عارض المحكوم عليهما وقضى في معارضتهما بعدم قبولها شكلاً. فاستأنف المحكوم عليهما. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بإنتاج خبز بلدي يقل وزنه عن المقرر قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأنه اعتبر أن مجرد وجود عجز في وزن الخبز يكون الجريمة مع أنها جريمة عمدية ويجب أن يتوافر فيها القصد الجنائي الخاص ويتعين على المحكمة أن تشير في حكمها إلى أن العجز مرده فعل المتهمين وليس راجعاً إلى سبب خارجي آخر وخاصة أن صناعة الخبز تخضع لمؤثرات فنية، كما استند الحكم في قضائه إلى الأوزان الثابتة بمحضر الضبط دون أن يكون هناك محضر وزن مستقل موقع عليه من الطاعنين. هذا إلى أن الحكم لم يناقش ما أثاره الطاعنان من دفوع وأوجه دفاع جوهرية.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة صنع خبز بلدي يقل وزنه عن المقرر قانوناً التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً تتم بمجرد إنتاجه كذلك على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون أو قعوده عن مراعاة تنفيذ أحكامه وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بدعوى الخطأ في القانون أو القصور في التسبيب لعدم استظهار ركن القصد الجنائي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بشأن عدم وجود محضر بالأوزان مستقل عن محضر ضبط الواقعة ورد عليه بقبوله. "ولا يقدح في ثبوتها (أي التهمة) عدم تحريز محضر بالأوزان مستقل عن محضر ضبط الواقعة المسندة إليهما طالما قد أثبت محرر المحضر تلك الأوزان تفصيلاً بمحضره في حضور المتهمين ودون اعتراض أي منهما على تلك الأوزان" ولما كانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شئون التموين لم يوجب إثبات وزن الخبز في محضر مستقل، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأوزان التي أثبتها محرر محضر ضبط الواقعة في محضره فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعنان لم يفصحا عن الدفوع وأوجه الدفاع التي ينعيان على الحكم أعراضه عنها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوى دفاعاً جوهرياً يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.