أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1285

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وسعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة.

(261)
الطعن رقم 1450 لسنة 39 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". اختلاس أموال أميرية.
وجوب إيراد الأدلة التي استندت إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً. مجرد الإشارة إليها. غير كاف. لزوم سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. مثال لتسبيب معيب في جريمة اختلاس أموال أميرية.
من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً. فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. ولما كان استناد الحكم إلى تقرير الخبير دون أن يعني بذكر حاصل الوقائع التي تضمنها من اختلاس وتزوير بل اكتفى بالقول بأنها موضحة تفصيلاً بهذا التقرير دون أن يعرض للأسانيد التي أقيم عليها أو يناقش أوجه الاعتراض التي أثارها الطاعن في خصوص مضمونه، فإن ذلك لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبط منه معتقدة في الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والتقرير برأيها فيما خاض فيه الطاعن في طعنه من خطأ في تطبيق القانون، ومن ثم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في المدة من سنة 1955 إلى سنة 1965 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا (أولاً) بوصفه موظفاً عمومياً ومن مأموري التحصيل (صراف قصر هور) تجاري على اختلاس مبلغ 5751 ج و367 م من الأموال الأميرية والذي قد سلم إليه بهذه الصفة. (ثانياً) وهو من أرباب الوظائف العمومية (صراف قصر هور) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي القسائم 7 أموال مقررة، ويومية المتحصلات والجرائد المبينة بالتحقيقات حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة مبالغ تقل عن المقادير التي قام بتحصيلها من الممولين وأجرى خصم بعض المبالغ المسددة إليه في تكاليف تخالف تلك التي تم السداد عنها وأحدث تغييراً في فئات بعض المبالغ المقررة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمواد 112 و118 و211 و213 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 5472 ج و726 م (خمسة آلاف وأربعمائة واثنين وسبعين جنيهاً وسبعمائة ستة وعشرين مليماً) وعزله من وظيفته وإلزامه برد المبلغ المختلس وقدره 5472 ج و726 م (خمسة آلاف وأربعمائة واثنين وسبعين جنيهاً وسبعمائة ستة وعشرين مليماً). فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجنايتي الاختلاس والتزوير في المحررات الرسمية قد شابه قصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه عول في الإدانة على تقرير الخبير المقدم في الدعوى دون أن يناقش اعتراضات الطاعن على هذا التقرير كما أنه قد دانه عن وقائع لم يتناولها التحقيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض إلى تقرير الخبير المقدم فيها بقوله "وورد بتقرير لجنة الفحص المؤرخ 26/ 10/ 1967 الخاص بعمل حساب المتهم......... بصيرفية قصر هور في المدة من أول يناير سنة 1955 لغاية آخر سنة 1965 التفصيلات الكاملة لوقائع الاختلاس والتزوير التي ارتكبها المتهم وكيفية ارتكاب المتهم لكل حالة ولكل مستند على حده - وانتهى التقرير إلى أن المتهم اختلس من الأموال الأميرية مبلغاً جملته 5751 ج و367 م خمسة آلاف وسبعمائة وواحد وخمسين جنيهاً وثلاثمائة وسبعة وستين مليماً وارتكب تزويراً في محررات رسمية هي الاستمارات 7 أموال مقررة وأوراد الأموال الأميرية ويومية المتحصلات والجريدة لإخفاء اختلاسه لمبلغ 4971 ج و706 م أربعة آلاف وتسعمائة وواحد وسبعين جنيهاً وسبعمائة وستة مليمات من المبلغ المختلس سالف الذكر وترى المحكمة الاطمئنان إلى هذا التقرير والأخذ به وجعله جزءاً متمماً لأسباب هذا الحكم" وأشار الحكم ضمن أوجه اعتراض الطاعن على تقرير لجنة الفحص إلى وقوع أخطاء في تقرير اللجنة ثم انتهى إلى الأخذ بما أوضحه هذا التقرير وإلى إدانة الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها وكان استناد الحكم إلى تقرير الخبير دون أن يعني بذكر حاصل الوقائع التي تضمنها من اختلاس وتزوير بل اكتفى بالقول بأنها موضحة تفصيلاً بهذا التقرير في كل مناسبة عرض لها فيها ودون أن يعرض إلى الأسانيد التي أقيم عليها هذا التقرير أو يناقش أوجه الاعتراض التي أثارها الطاعن في خصوص مضمون التقرير المذكور، لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبط منه معتقدة في الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والتقرير برأيها فيما خاض فيه الطاعن في طعنه من خطأ في تطبيق القانون، ومن ثم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه