أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثامن
من أول يوليو 1996 حتى آخر يونيو 1998 - صـ 1538

جلسة 7 فبراير 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ولي الدين جلال وحمدي محمد علي وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

قاعدة رقم (17)
القضية رقم 10 لسنة 18 قضائية "تنازع"

1 - دعوى تنازع الاختصاص السلبي "مناط قبولها"
مناط الفصل في طلب هذا التنازع هو أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وتخلت كلتاهما عن نظرها.
2 - دستور - دعوى تنازع الاختصاص "قضه".
تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص - إيجابياً كان أم سلبياً - إنما يتم على ضوء القواعد التي حدد بها المشرع لكل جهة قضائية تخوم ولايتها بمراعاة حكم المادة 165 من الدستور التي تفوض المشرع في تحديد الهيئات القضائية وقواعد اختصاصها وطرق تشكيلها.
3 - عاملون "شركات قطاع الأعمال العام".
شركات قطاع الأعمال العام تعد من أشخاص القانون الخاص - ارتباطها بالعاملين فيها بعلاقة تعاقدية في نشأتها وانقضائها.
4 - اختصاص "روابط القانون الخاص".
كل نزاع يتصل بروابط القانون الخاص يدخل في اختصاص جهة القضاء العادي - الاستثناء من ذلك لا يكون إلا في حدود ضيقة وبناء على ضرورة تمليها المصلحة العامة.
5 - دعوى تنازع الاختصاص السلبي "حكم: مقتضاه".
مقتضى الحكم الصادر بتعيين الجهة القضائية المختصة هو إسباغ الولاية عليها من جديد لنظر المنازعة - عدم تقيدها بقضائها السابق بعدم اختصاصها بنظرها - ولو كان حكمها قد صار نهائياً.
1 - مناط الفصل في طلب تنازع الاختصاص السلبي - وعلى ما يقضي به البند (ثانياً) من المادة 25 من قانون هذه المحكمة - أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وتخلت كلتاهما عن نظرها، وكانت الجهتان القضائيتان المشار إليهما، قد تسلبا من الفصل فيه؛ فإن تعيين الجهة المختصة من بينهما لنظره، يكون لازماً.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص - إيجابياً كان أم سلبياً - إنما يتم على ضوء القواعد التي حدد بها المشرع لكل جهة أو هيئة قضائية تخوم ولايتها بمراعاة حكم المادة 165 من الدستور التي تفوض المشرع في تحديد الهيئات القضائية، وقواعد اختصاصها، وطرق تشكيلها.
3، 4 - شركات قطاع الأعمال العام تعد من أشخاص القانون الخاص شأنها في ذلك شأن شركات القطاع العام التي تربطها بالعاملين فيها علاقة تعاقدية في نشأتها وانقضائها، ولو تدخل المشرع لتحديد بعض جوانبها بنصوص آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها؛ فإن كل نزاع يتصل بروابط القانون الخاص، إنما يدخل في اختصاص جهة القضاء العادي، ولا يعود الفصل فيه إلى غيرها، إلا استثناء ووفق حدود ضيقة وبناءً على ضرورة تقتضيها المصلحة العامة في أعلى درجاتها.
5 - الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع المعروض عليها يقتضيها إسناد الولاية من جديد إلى محكمة السويس الابتدائية، غير مقيدة في ذلك بصدور قضاء سابق منها بعدم اختصاصها بنظره، ولو كان حكمها قد صار نهائياً.


الإجراءات

بتاريخ 3 سبتمبر سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتحديد جهة القضاء المختصة ولائياً بنظر النزاع.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام ضد الشركة المدعى عليها - شركة النصر للأسمدة والصناعات الكيمائية بالسويس - الدعوى رقم 196 لسنة 1994 مدني كلي السويس طالباً في صحيفتها إلغاء وبطلان القرار رقم 475/ 92 س الصادر عنها في 6/ 12/ 1992 بإنهاء خدمته وبعودته إلى عمله من تاريخ انقطاعه عنه في 29/ 11/ 1992. وقال شرحاً لها أنه كان يعمل بالشركة المدعى عليها في وظيفة ملاحظ كهرباء، وظل بخدمتها إلى أن أصيب في حادث وحصل بسببه على أجازة مرضية، وظل مرضه متصلاً مما دعاه إلى الانقطاع عن العمل، إلا أن المدعى عليها اعتبرته منقطعاً بدون إذن مما حملها على إنهاء خدمته بمقولة غيابه أكثر من عشرة أيام متصلة خلال عام 1992، فأقام دعواه المشار إليها ضدها.
بيد أن محكمة السويس الابتدائية قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري ببور سعيد، تقديراً منها بأن القرار المطعون فيه يعتبر قراراً إدارياً.
وقد قيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري برقم 651 لسنة 4 قضائية ببور سعيد، وظل أمرها متداولاً بجلساتها إلى أن قضت فيها كذلك بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها، وذلك تأسيساً على أن الشركة المدعى عليها من شركات قطاع الأعمال العام، وأن علاقة العاملين بها علاقة تعاقدية تحكمها قواعد القانون الخاص.
وحيث إن جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري كلتيهما، قد انتهيتا إلى الحكم بعدم اختصاصها بنظر نزاع موضوعي يتعلق بما إذا كان يجوز للشركة المدعى عليها إنهاء خدمة العامل لديها بسبب انقطاعه عن العمل بها بغير عذر لأكثر من عشرة أيام متصلة في سنة واحدة، وكان هذا الموضوع الواحد مردداً بين هاتين الجهتين، وكان مناط الفصل في طلب تنازع الاختصاص السلبي - وعلى ما يقضي به البند (ثانياً) من المادة 25 من قانون هذه المحكمة - أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وتخلت كلتاهما عن نظرها، وكانت الجهتان القضائيتان المشار إليهما، قد تسلبتا من الفصل فيه؛ فإن تعيين الجهة المختصة من بينهما لنظره، يكون لازماً.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص - إيجابياً كان أم سلبياً - إنما يتم على ضوء القواعد التي حدد بها المشرع لكل جهة أو هيئة قضائية تخوم ولايتها بمراعاة حكم المادة 165 من الدستور التي تفوض المشرع في تحديد الهيئات القضائية، وقواعد اختصاصها، وطرق تشكيلها.
وحيث إن قانون شركات قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، قد حدد بالفصل الثالث من الباب الثالث منه، القواعد التي نظم بها أوضاع العاملين في الشركات القابضة والشركات التابعة لها، ويندرج تحتها الأسس التي ينبغي مراعاتها في وضع اللوائح المنظمة لشئونهم. ثم حصر بالمادة 45، أسباب انتهاء خدمتهم، جاعلاً من بينها استقالتهم وانتهاء لياقتهم الصحية للخدمة، وأحال في تفصيل هاتين الحالتين، إلى اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وحيث إن رئيس مجلس الوزراء أصدر اللائحة المشار إليها بمقتضى قراره رقم 159/ 1991 التي نص بندها الأول على أن العامل يعتبر مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من عشرة أيام متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه بعذر يقبله رئيس مجلس الإدارة أو العضو المنتدب أو من يفوضه أي منهما حسب الأحوال.
وحيث إن المدعي، كان قد اعتبر مستقيلاً من عمله إعمالاً للبند الثاني من المادة 85 من اللائحة المشار إليها، وكان إنهاء خدمته على هذا النحو لا يتمحض جزاء تأديبياً، بل يعتبر إنهاء لعلاقة يحكمها قانون العمل سواء في وجودها أو زوالها، وكانت شركات قطاع الأعمال العام تعد من أشخاص القانون الخاص شأنها في ذلك شأن شركات القطاع العام التي تربطها بالعاملين فيها علاقة تعاقدية في نشأتها وانقضائها، ولو تدخل المشرع لتحديد بعض جوانبها بنصوص آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها؛ فإن كل نزاع يتصل بروابط القانون الخاص يدخل في اختصاص جهة القضاء العادي، ولا يعود الفصل إلى غيرها، إلا استثناء وفق حدود ضيقة وبناءً على ضرورة تقتضيها المصلحة العامة في أعلى درجاتها.
وحيث إن الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع المعروض عليها، يقتضيها إسناد الولاية من جديد إلى محكمة السويس الابتدائية، غير مقيدة في ذلك بصدور قضاء سابق منها بعدم اختصاصها بنظره، ولو كان حكمها قد صار نهائياً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع الموضوعي.